http://anapress.net/a/262221668015070
تسببت الحرب الدائرة في سوريا منذ أوائل العام 2011 في تراجع كبير بالقطاع التعليمي، وحالت الغارات الجوية والقذائف المدفعية دون ذهاب الكثير من الطلاب إلى المدارس لاستكمال تحصيلهم العلمي، فكانت الفئة الأكثر تضرراً هم طلاب المرحلة الابتدائية.
الكثير من الأهالي عزفوا عن إرسال أولادهم إلى المدارس في ريف حمص الشمالي خاصة بعد استهداف الطائرات الحربية للمدارس التعليمة والتي أدت إلى مقتل العشرات من الأطفال.
وكمنوذج لحجم الأزمة والمعاناة، فإن أبو عيدو البستاني (مواطن سوري من ساكني حي الوساطة في ريف حمص الشمالي) أعرب عن مدى حزنه العميق حين قرر عدم إرسال أحد أبنائه الى المدرسة هذا العام بعدما قصفت ثلاثة مدارس في مدن وبلدات الريف.
وتحدث لـ "أنا برس" بشأن خوفه على حياة ابنه البالغ من العمر 11 عامًا والذي من المفترض أن يكون في الصف السادس لهذا العام. موضحًا أن "مجد" كان من المتفوقين في دراسته لاسيما مادة الرياضيات.
"ليس لدي ثقة بما يتم تقديمه من مناهج دراسية في المدارس الميدانية التي تعتمد على اتخاذ المنازل مقراً لها، أولا لعدم وجود كادر تعليمي مختص بتدريس الأطفال إذ أن معظمهم عبارة عن طلاب جامعيين لم يكملوا دراساتهم أو طلاب ثالث ثانوي (بكالوريا) اضطروا للعمل لعدم قدرتهم على الذهاب إلى جامعاتهم".
والدة مجد تحدثت بدورها: "بعد المناظر المؤلمة التي شاهدناها في مدينة إدلب منذ أقل من شهر والتي تسببت طائرات المجرم بوتين "بحسب تعبيرها" بتنا ننتظر على أحر من الجمر عودة الطلاب وننتظرهم على أطراف الشوارع وهذا الأمر قد يطول لسنين لذلك قررنا إيقاف مجد عن الدراسة".
مجد الذي ترك مقاعده الدراسية أصبح حاله كباقي الطلاب الذين افترشوا الطرقات البعيدة عن مركز المدينة وافتتح بسطة صغيرة يعمل من خلالها على بيع المحروقات" بانزين ومازوت" من خلال تعبئتها في عبوات بلاستيكية ويتم بيعها للمارة على الطريق.
تحدث مجد عن رغبته العميقة في عودته للمدرسة. موضحًا أن عمله الحالي لم يكن ليخطر على باله لو أكمل دراسته بشكل طبيعي. وأردف أن زبائنه الآن يفاجئون بسبب سرعة بديهته في الحسابات الرياضية لاسيما أن عملية بيعه للمحروقات تتطلب "آلة حاسبة" هو في غنى عنها بحسب تعبيره من اجل حساب سعر اللتر واللترين وما يتوجب عليه إعادته للشاري وأنه يقوم بذلك من تلقاء نفسه وفي وقت سريع جداً.
الحرب التي دخلت عامها السادس لم يكن الضحايا من قتلوا فقط خلال القصف والمعارك.. وإنما هنالك جيل كامل أضاع دراسته ومستقبله التعليمي خوفا على حياته أو مخافة من مغبة الاعتقال لمن يفكر بإكمال دراسته الجامعية.