المزيد  
واشنطن تؤكد استعدادها لدعم تركيا فيما يخص إدلب
ميلشيا الحشد الشعبي العراقي يرسل مقاتليه إلى خطوط الجبهة في إدلب
عميد كلية الطب بدمشق: أكثر من 150 ألف حالة إصابة بـ "كورونا" في دمشق وحدها
بينهم قتلى من الحرس الثوري.. غارات على مواقع للميليشيات الإيرانية بدير الزور
ميشيل عون: وجود السوريين في لبنان "عبئاً كبيراً" .. ونطلب مساعدة "الهجرة الدولية" لإعادتهم
آلاف العناصر من "داعش" لا يزالون يتحركون بحرية تامة بين سوريا والعراق
مشافي حلب تعاني من نفاد أكياس الجثث بسبب فيروس "كورونا"
وفد المعارضة لـ "أنا برس": تم إلغاء أعمال اللجنة الدستورية بسبب اكتشاف 3 حالات بـ "كورونا"

منظمات سورية معارضة.. من الدعم المسيّس إلى الفساد المالي والإداري

 
   
13:29

http://anapress.net/a/201833396254427
447
مشاهدة


منظمات سورية معارضة.. من الدعم المسيّس إلى الفساد المالي والإداري
تمويل المنظمات.. جدل لا ينتهي (أرشيفية)

حجم الخط:

يفتح "إبراهيم" بريده الإلكتروني أكثر من مرّة في اليوم؛ علّه يرى ردّاً على عشرات "الإيميلات" التي أرسلها خلال الأشهر الستّة الماضية لعددٍ من المنظّمات السوريّة، طالبا فيها الحصول على فرصة عمل.

"أنا من محافظة ريف دمشق حاصل على الدكتوراه في الاقتصاد ولدي خبرة 15 عاماً في الإدارة ومستعدّ لأيّ عمل وبأيّ راتب يكفي إعالة أسرتي"، هذا ملخّص ما قاله الدكتور إبراهيم الذي التقيناه في أحد المقاهي الشعبيّة في مدينة غازي عنتاب التركيّة.

في مكان آخر يعتلي شاب سوري لا يتجاوز عمره الـ 25 عاماً كرسي مدير الموارد البشريّة، الشاب يحمل شهادة المعهد المتوسط للمحاسبة لكن ما يميزه عن الدكتور إبراهيم هو خروجه المبكّر إلى تركيا، واتّباعه عدد من الدورات تتراوح مدّة كلّ منها من سبعة إلى 15 يومًا، ربّما كانت كافية لتأهيله بمنصب يتيح له تقييم خبرات الدكتور إبراهيم واتّخاذ قرار رفضه.  (اقرأ/ي أيضًا: أرباب عمل سوريون يستعبدون موظفيهم).

مقارنات

هذه واحدة من الكثير من المقارنات التي تحدث يوميّاً في أروقة المنظّمات السوريّة في تركيا أو في الداخل السوري، حتى صار أمرًا طبيعيًا أن ترى خريّجًا جامعيّاً ذو خبرة تمتدّ لأكثر من عشر سنوات، يعمل كمدخل بيانات، بينما يدير قسم البرامج من لا يحمل أية شهادة أو خبرة إلا من الدورات ذات الثلاثة أيام، التي يدرّب فيها نشطاء كانوا قد تدرّبوا أصلا في دورات سابقة لذات المنظّمة في كثير من الأحيان. (اقرأ/ي أيضًا: سوريون يحملون شهادات جامعية ويعملون بجلي الصحون وبالمطاعم ونقل الأثاث في تركيا).

يقول راكان، وهو موظّف في منظّمة سوريّة بمدينة غازي عنتاب التركيّة (أخفي اسمه الحقيقي بناء على طلبه خوفا من الفصل)، إنّ "حجم الفساد المستشري في بعض المنظّمات لا يقلّ عن الفساد في دولة الأسد؛ فالمشاريع التي تنفّذها المنظّمات كلّها مموّلة من جهات دوليّة أو منظّمات تابعة لجهات دوليّة، وعلى الرغم من الرقابة الماليّة ووجود (أوديت) وهو مدقق مالي ترسله الجهات الداعمة لتدقيق الحسابات، إلا أنّ الفساد لا ينتهي" على حد تعبيره.

ويشرح راكان لـ "أنا برس" بعض التجاوزات الماليّة والإداريّة التي كان شاهدًا عليها، فيقول: "إنّ بعض الموظّفين لا تتجاوز رواتبهم 400 دولار لكن يوقعوا على رواتب قد تصل إلى 1000 دولار، ولا أحد يستطيع الرفض خوفًا من فقدان الوظيفة، كما أنّ الكثير من أصحاب المنظّمات يتحكّم فيها كادر لهم صلة قرابة ببعضهم البعض لضمان عدم إفشاء الأسرار الماليّة أو الإداريّة"، وذلك وفق شهادته بحكم اطلاعه على كثيرٍ من التفاصيل داخل مؤسسته.

فساد

موظّف آخر في منظّمة أخرى -رفض ذكر اسمه خشية فقدات وظيفته- يقول إنّ المنظّمة التي يعمل لديها تلقّت دعماً لمشروع زراعة "حقول البطاطا" في الداخل السوري، وعلى رغم أهميّة المشروع إلا أنّ "مدير المشروع الذي تمّ تعيينه يحمل شهادة جامعيّة باختصاص الآثار والمتاحف، ونائب مدير المشروع معلّم صف، لكنّهما من أقارب زوجة مدير المنظّمة"، على حد قوله.

 حجم الفساد المستشري في بعض المنظّمات لا يقلّ عن الفساد في دولة الأسد
 راكان

"ولم يتوقّف الأمر عند الفساد الإداري، بل تجاوزه إلى الفساد المالي؛ إذ تقوم إدارة المشروع بتحويل الدولار إلى الليرة السوريّة في الداخل السوري لدى أحد الصرّافين المقرّبين من مدير المشروع، ويتم تسعير الليرة السوريّة بأقل من السعر الحقيقي، بمعنى إذا كان الدولار ب 450 ليرة سوريّة فإنّ الفواتير تكون بـ 400 وأمّا الفرق فهو ما يذهب للحساب الخاص بمدير المنظّمة"، وفق شهادته بناءً على اطلاعه على تفاصيل عديدة داخل تلك المؤسسة.

وأمّا فيما يتعلّق بمعايير التوظيف فيتّفق عدد من موظفي المنظّمات التي تم التواصل معهم، أنّ "المعايير وإن كانت معلنة، لكن لا يتم التوظيف في النهاية إلّا لمن كان مجهّزا للوظيفة، فالأمور كيفيّة لدى مجلس الإدارة، وهذا ما يجري في أغلب منظّمات المجتمع المدني والمنظّمات التنمويّة". وتتكرر الكثير من الشهادات المماثلة في حديث بعض موظفي بعض المنظمات السورية المعارضة.

"أنا برس" تواصلت مع عدد من المنظمات للحديث عن الوضع المالي وكشوفات الرواتب وحجم الإنفاق، فيما جاء الرفض قطعيًا بعدم الكشف عن سلّم الرواتب أو حجم الإنفاق السنوي، وهذا الرفض تعدّى حدود المنظّمات ليصل للمؤسّسات السياسيّة ومنها الائتلاف الوطني، الذي رفض الإفصاح أيضًا والرد على سؤال "أنا برس".

ومنذ عدّة أشهر تواصلت "أنا برس" مع إحدى المنظمات الشهيرة، طالبين منهم سلّم الرواتب وحجم الإنفاق السنوي -من باب الشفافيّة- وكان جوابهم إنّ هذا الأمر يحتاج لقرار مجلس الإدارة، ولم يتمّ اتّخاذ القرار حتى الآن، منظّمات أخرى كان الرفض قطعيّا.

تساؤلات

وتبقى الأسئلة التي تحتاج لإجابة، إلى متى ستبقى تلك المنظّمات والمؤسّسات تعمل في الغرف المظلمة؟ وإلى متى ستبقى الشفافيّة معدومة في تلك المنظّمات؟ وإلى متى سيبقى أصحاب الخبرات مثل الدكتور إبراهيم خارج حسابات تلك المنظّمات؟

والسؤال الأهم، من أين تتلقى المنظّمات في تركيا دعمها؟ لاسيما أنّ الدعم في غالبه لأهداف سياسيّة أو استخباراتيّة، والداعم هو المتحكّم الأوّل والأخير بتوجيه الدفّة.




كلمات مفتاحية