المزيد  
واشنطن تؤكد استعدادها لدعم تركيا فيما يخص إدلب
ميلشيا الحشد الشعبي العراقي يرسل مقاتليه إلى خطوط الجبهة في إدلب
عميد كلية الطب بدمشق: أكثر من 150 ألف حالة إصابة بـ "كورونا" في دمشق وحدها
بينهم قتلى من الحرس الثوري.. غارات على مواقع للميليشيات الإيرانية بدير الزور
ميشيل عون: وجود السوريين في لبنان "عبئاً كبيراً" .. ونطلب مساعدة "الهجرة الدولية" لإعادتهم
آلاف العناصر من "داعش" لا يزالون يتحركون بحرية تامة بين سوريا والعراق
مشافي حلب تعاني من نفاد أكياس الجثث بسبب فيروس "كورونا"
وفد المعارضة لـ "أنا برس": تم إلغاء أعمال اللجنة الدستورية بسبب اكتشاف 3 حالات بـ "كورونا"

أنا برس.. سوريون يحملون شهادات جامعية ويعملون بجلي الصحون وبالمطاعم ونقل الأثاث في تركيا

 
   
12:16

http://anapress.net/a/221104166000317
343
مشاهدة


أنا برس.. سوريون يحملون شهادات جامعية ويعملون بجلي الصحون وبالمطاعم ونقل الأثاث في تركيا

حجم الخط:

يعتبر السوريون من الخبرات التي لا يستهان بها، خاصة أن نسبة التعليم في سوريا تعتبر مرتفعة بالقياس إلى دول الجوار، وكان للسوريين تواجدهم في هذه الدول من أطباء ومدرسين ومهندسين ومحاضرين جامعيين، ولا توجد إحصائية دقيقة لأعداد الجامعيين السوريين، ولكن وزير التعليم العالي في وزارة نظام الأسد مالك علي كان قد أكد قبل عامين أن عدد الطلاب في منظومة التعليم العالي من جامعات حكومية وخاصة ومعاهد عليا وتقنية بلغ نحو 652 ألف طالب وطالبة، وقدر عدد الخريجين سنويا بحوالي 50 ألفًا.

هذه الإحصائية بعد ثلاثة أعوام من الحرب التي أخرجت كثيرًا من الجامعات السورية عن الخدمة.. واليوم وبعد اندلاع الحرب في سوريا واضطرار هذه الخبرات للجوء إلى دول الجوار، أصبح هناك فائض كبير من هذه الخبرات، ولقد أدى هذا الفائض إلى صعوبة إيجاد فرص عمل بالنسبة لهذه الشريحة.

وتعتبر تركيا من أكثر الدول إيواءً للسوريين الذين فروا من جحيم الحرب، إذ تحتض أكثر من مليونين وثمانمائة ألف لاجئ سوري بحسب الإحصائيات الرسمية للدولة التركية، وبحسب الإحصائية فقد استقبلت مدينة اسطنبول وحدها 394 ألف و 556 لاجئ . فيما تتركز كثافة اللاجئين السوريين في الولايات الجنوبية والجنوبية الغربية مثل (غازي عنتاب –كلس –الريحانية – مرسين وانطاكية).

نسبة ليست بالقليلة من حاملي الشهادات الجامعية والشهادات العليا بكافة اختصاصتها ، اضطرت للدخول إلى تركيا  ولكن هؤلاء الجامعيين من أطباء ومهندسين ومحامين لم يجدوا فرصة عمل تناسب اختصاصهم، ما اضطرهم للعمل في المجالات المهنية البسيطة التي لا تتناسب مع الكفاءات العلمية التي يحملونها.

من المسؤول عن تأمين فرص عمل تناسب اختصاصهم، ولماذا ارتضى هؤلاء العمل بمهن متواضعة رغم شهاداتهم العالية؟ وأين هو القانون الذي يجب أن يوفر فرص عمل لهؤلاء تتناسب وشهاداتهم، مثلهم في ذلك مثل الأتراك؟

 

 جهود لتوفير فرص عمل لحاملي الشهادات العليا من السوريين في تركيا.. ومطالب بتدخل الحكومة التركية دعمًا للسوريين

حالات لا تعد ولا تحصى من حملة الشهادات الجامعية من السوريين تؤكد أن معظم هؤلاء لا يعملون باختصاصاتهم، ليس ذلك فحسب بل إن هؤلاء يعملون بمهن متواضعة لا تؤمن أدنى مستلزمات الحياة  والمؤلم أكثر في هذا الجانب أن أرباب عملهم لا يحملون شهادة إبتدائية على الأقل.

يقول  م.أ (45 عامًا، محام اضطر إلى اللجوء إلى تركيا بعدما كان من أهم المسجلين في فرع نقابة حلب): حاولت كثيراً ومنذ وصولي إلى غازي عنتاب أن أجد فرصة عمل تتناسب مع اختصاصي، ولكنني صُدمت بالأمر الواقع، إذ لا توجد أي فرصة عمل للمحامين هنا في تركيا، أمر اضطرني للبحث عن فرصة عمل في مجال آخر.. لا يمكنني أن أقبل مساعدة من أحد أو نظرة شفقة من أحد، وأحمد الله أن لدي خبرة للعمل في المطاعم، ولقد ساعدني هذا الأمر على وجود فرصة عمل في المطاعم التي افتتحها السوريون في غازي عنتاب.

ويتابع: ساعات العمل شاقة وطويلة، ورغم أنني أعمل بصفة "شيف" إلا أن الدخل الشهري الذي يؤمنه هذا العمل لي لا يتعدى الـ 500 دولار، ولكنني أعتبر نفسي محظوظاً، قياساً بزملائي من المحامين الذين لم يحالفهم الحظ في الحصول على فرصة عمل مهما كانت

ويضيف: أنا كسوري أواجه الحياة مهما كانت صعبة، وأحمل من عزة النفس وكرامتها ما يمنعني أن نكون عالة على أحد، ولكنني في الوقت ذاته أعتبر أن الحكومة التركية مقصرة بحقنا كمحامين تحديداً، فعملنا في هذا المجال لن يؤثر على المحامين الأتراك بشكل خاص، ولا على فرص العمل التركية عموماً فهناك مئات آلاف السوريين، ومن المفترض أن يكون محاموهم من السوريين.

أما ع.ج (يحمل إجازة في التجارة والاقتصاد وماجستير في الإدارة المالية) فيقول: جئت إلى تركيا وتحديداً مدينة غازي عنتاب في منتصف عام 2014 لأجد نفسي أعمل في مجال المطاعم (بجلي الصحون) لأنه الخيار الوحيد أمامي لكي أعيل أسرتي المؤلفة من زجتي، وأطفالي الأربعة، ووالدتي .

ويستطرد: أرسلت معلوماتي الشخصية (الـ CV) إلى أكثر من 15 منظمة في تركيا ضمن اختصاصي، ولكن للأسف لم تراسلني أي منظمة حتى الآن ، فيبدو أن التزكية و(الواسطة ) لها دورها حتى بعد الثورة.

 

 الأزمة ذاتها ليست في تركيا فقط لكن في كل مكان يتواجد فيه السوريون.. لم يستسلموا لشبح البطالة واختلقوا فرص عمل لأنفسهم

ويتابع: أيقنت أنني لن أجد أي عملا ضمن اختصاصي العلمي، وهب أنني وجدت، فسيكون براتب زهيد جداً لا يكفي بدل آجار البيت، لذا اجتهدت في عملي وواظبت عليه (جلي الصحون) ، حتى تم ترفيعي إلى مساعد (كرسون) وتم ترفيع راتبي أيضاً ، وفي الفترة الأخيرة أصبحت كرسون.

ويختم حديثه قائلًا: أفنيت ثلاثة عقود من عمري حتى حصلت على الماجستير في الإدارة المالية والاقتصاد، سنتان ونصف في تركيا، وأنا أعمل بعيداً عن اختصاصي ، وللعلم لي أصدقاء كثيرون يعانون نفس معاناتي.

وفي السياق، يوضح ر.م (شاب ثلاثيني اضطر للجوء إلى تركيا بسبب الأوضاع في سوريا، دخل الشاب إلى مدينة غازي عنتاب التركية قبل ثلاثة أعوام وأفنى ستة أشهر من عمره وهو يبحث عن فرصة عمل ضمن اختصاصه كونه يحمل شهادة في الحقوق، ولكن دون جدوى) أنه "بعد أن فقدت الأمل ذهبت إلى منطقة (يونالضا) أي (المنطقة الصناعية) وجلست قبالة الإطفائية حيث يجلس العمال السوريون منتظرين من يأتيهم ليطلب منهم نقل أثاثه أو نقل حمولة من مواد البناء.

ويتابع: هي مهنة شاقة ومتعبة و المتوسط اليومي لا يتجاوز "30" ليرة تركية أي ما يعادل عشرة دولارات، وأكثر الأيام تمر علي دون أن يأتي أي زبون لأعود إلى بيتي بخفي حنين.. ما يؤلمني هو وجود بعض حملة الشهادات العليا ضمن هؤلاء العمال وما يؤلمني أكثر هو أنني أتساوى هنا بمن لايعرف القراءة والكتابة، في حين أن بعض هؤلاء الذين يملكون شهادة ابتدائية فقط يعملون في بعض المنظمات، وبعض الجمعيات الأهلية من خلال المعارف والمعية.

ويختم  قائلًا: ينبغي على الحكومة التركية أن تنظر في أمر حملة الشهادات الجامعية والعليا من السوريين أو أن تدعنا نهاجر لأوربا، ولا أعلم لماذا تتشدق الحكومة التركية بأنها ترغب في الاستفادة من الخبرات السورية، ولا تريد لهذه الخبرات أن تترك أراضيها؟ أما فيما يخص الحكومة المؤقتة فأنا أعلم أن القائمين عليها مجرد أجساد بلا أرواح، ولا يقدمون ولا يؤخرون.

من المسؤول؟

بالتواصل مع عدد من أعضاء الائتلاف الوطني والحكومة السورية المؤقتة، للوقوف أكثر حول ما قدمه الائتلاف أو الحكومة لهذه الشريحة التي سلكت طرقاً بعيدة عن اختصاصاتها العلمية لتأمين قوت يومها، يؤكد بعض أعضاء الائتلاف أنه لم يستطع الائتلاف حتى الآن تقديم أي خطوة جادة لتحسين أوضاع حاملي الشهادات الجامعية الذين انخرطوا في مهن لاتليق بهم .

ويعبر عضو الائتلاف الوطني السابق مهند عيسى عن أسفه إذ لا توجد جهة رسمية حتى الآن تبنت تأمين فرص عمل لحاملي الشهادات الجامعية والعليا بما يتلاءم مع طبيعة عملهم واختصاصهم.  ويؤكد العيسى أنه "من المؤسف أن تترك هذه الشريحة من اللاجئين السوريين  دون رعاية واهتمام من قبل الائتلاف والحكومة المؤقتة، مما اضطر البعض للهجرة إلى أوروبا هرباً من الواقع الأليم الذي اصطدموا فيه هنا في تركيا ، أما البعض الآخر فلقد اضطر للعمل بمهن لا تمت بصلة إلى اختصاصهم العلمي لتأمين معيشة أسرهم".

منظمات المجتمع المدني

وبالتوجه إلى الربطة السورية لحقوق اللاجئين المعنية بحماية الأكاديميين السوريين الذين لم تسمح لهم ظروفهم بالحصول على عمل يليق بهم .يقول المسؤول القانوني عن مكتب الرابطة في تركيا مضر حماد الأسعد: أخذت الرابطة السورية لحقوق اللاجئين بعد فشل الائتلاف والحكومة المؤقتة على عاتقها الاهتمام ورعاية الأكاديميين وحملة الشهادات الجامعية، بعد أن تم إبعادهم عن اختصاصاتهم .

ويوضح الأسعد أن الرابطة راسلت الكثير من المنظمات الدولية ومنها الإتحاد الأوربي ومجلس التعاون الخليجي ، وقدمنا لهم مشاريع من أجل رعاية وتأمين فرص عمل مناسبة للأكاديميين.. فعلاً وافقت بعض الجهات على تمويل مشروع خاص برفع سوية الأكاديميين الذين يعملون بأعمال لاتليق بهم ، وسيقام قريباً مؤتمر للأكاديمين السوريين لتوظيف أكبر قدر ممكن من حاملي الشهادات في الفترة القادمة .

ويؤكد الأسعد أن هناك مشروعا لتوظيف الأطباء في المشافي ، وسيتم افتتاح مكاتب قانونية وإدارية سيكون مهمتها إدارة شؤون اللاجئين السوريين قانونياً وإدارياً في كل دول الجوار.

ويعتبر الأسعد أن هذه الخطوة الناجحة ستحدُّ من هجرة الأكاديميين وأصحاب الشهادات إلى أوروبا والأمريكيتين، والذي يُعتبر خسارة كبيرة لنا كسوريين .

وختم الأسعد حديثه قائلًا: تلقينا وعودًا قاطعة من بعض الجهات الدولية ، وقريباً سنرى هذا المشروع قائماً ، وحالياً طلبنا من خلال مواقع التواصل الاجتماعي من كل الأكاديميين وأصحاب الشهادات العليا أن يراسلنا من أجل حصرهم وتقديم المشروع للجهات الداعمة .

وتبقى هذه المشكلة من أهم مشاكل السوريين في تركيا لما لها ارتداد من الشعور ببخس الحق لدى الكفاءات العلمية، حيث ترى شريحة كبيرة من هذه الكفاءات أن العلة كامنة في هشاشة الائتلاف وحكومته المؤقتة التي لم تضغط على الحكومة التركية لكي تسن قوانيناً تنصف هذه الشريحة، في وقت رآى فيه الكثير من حاملي الشهادات السورية أن انتظار الداعمين ومشاريعهم لن يسمن ولن يغني من جوع، فحل المشكلة برأيهم هو بيد الحكومة التركية.