http://anapress.net/a/319431183852166
الاتفاق الروسي التركي الأخير حول إدلب أسهم في وقف عمليات عسكرية كان يتم التخطيط إليها من قبل نظام بشار الأسد، وشكّل ذلك الاتفاق فرصة لأهالي المدينة لالتقاط الأنفاس وهدأ من روعهم ومخاوفهم حول تداعيات وآثار مختلفة لتلك العمليات غير معروفة النتائج تحديدًا، كادت تلقي بمصائر غامضة حول مستقبلهم ومستقبل سوريا بصفة عامة.
لكنّ توقف المعركة لا يعني أنها قد خرجت من حسابات نظام بشار الأسد؛ ذلك أن رأس النظام كان قد أعلن مؤخرًا العزم على "عودة إدلب إلى كنف الدولة السورية"، ووصف الاتفاق الروسي التركي بكونه "إجراء مؤقت"، بما يعني أن المعركة مؤجلة إلى حين، وهو ما يدركه أهالي إدلب منذ الوهلة الأولى، ومن ثم رفضوا الحصول على "استراحة محارب". (اقرأ/ي أيضًا: الأسد يتحدث عن إدلب.. ويُهدد).
ناشط من داخل إدلب الخضراء رصد لـ "أنا برس" كواليس الاستعدادات الداخلية في مدينة إدلب لتلك المعركة المؤجلة، وسط حالة من الترقب الحذر السائدة في أوساط الأهالي. تشمل تلك الاستعدادات حفر الخنادق وتصنيع الكمامات وأقنعة الوقاية من الكيماوي، وكذا تأهيل المشافي والمراكز الطبية.
"من المعلوم لدى معظم الوسط النخبوي في مدينة إدلب أن المعركة تم تأجيلها، لكن لم يتم حسمها.. وجود التطمينات من الضامن التركي بشكل دائم يعطي بعض الطمأنينة للمدنيين سكان إدلب، وهذا ما يبدو جليًا في عودة الحراك المدني السلمي في المظاهرات والوقفات الاحتجاجية والفعاليات الثقافية بشكل عام"، بحسب الناشط أبو يمان، الذي استطرد قائلًا: "إذا ما ذهبنا إلى الفئة العسكرية، فلم يختلف الوضع عن ما قبل تأجيل الحملة؛ ذلك أن التجهيز للمعركة القادمة لا يزال موجوداً".
ويشدد أبو يمان في حديثه مع "أنا برس" على أنه "ما قبل إعلان وقف معركة إدلب كان المدنيين في حالة من الخوف.. كانت هناك موجات نزوح كبيرة من خطوط التماس، كما تم إخلاء بعض القرى التي تحاذي خط النار.. لكن اليوم ما نراه أن المدنيين عادوا ليسكنوا تلك القرى من جديد". (اقرأ/ي أيضًا: الأسد يعتبر اتفاق إدلب إجراء "مؤقت".. ومحللين: تصريحاته تسويق للرأي العام).
وحول موقف الأهالي من الفصائل العسكرية، قال إن "وضع إدلب ليس كوضع بقية المدن السورية؛ ذلك أن إدلب حاليًا والشمال السوري بشكل عام يضم مزيجًا من ثوار سوريا من كل المحافظات والبقع التي رفضت المصالحة مع النظام أو مع روسيا، لذلك غالب السكان تجدهم على وفاق تام مع الفصائل التي باتت اليوم تعتمد على حاضنتها الشعبية الرافضة لوصول قوات النظام إلى محافظة إدلب أو شمال حلب على حد سواء".
"التعويل اليوم ليس فقط محصورًا على الفصائل، لكن الكثير من المدنيين تراهم على خطوط التماس جنبًا إلى جنب مع العسكريين يسهمون في أعمال الحفر والتعزيز لخطوط النار؛ ذلك على اعتبار أن أحد أهم أدوات الدفاع عن المناطق المختلفة هي حفر الخنادق التي تساعد في التنقل أو حركة المسعفين في الأماكن القريبة على خط النار، للوقاية من رشقات الرصاص أو لحماية الفصائل أثناء الاشتباك".
أما فيما يخص الصعيد المدني، فالجميع –بحسب أبو يمان- ينظرون إلى المعركة كمعركة طويلة الأمد لا يمكن الاعتماد فيها على طرف دولي، إنما الاعتماد الأساسي على سواعد السكان، فترى فيهم من يصنع الكمامات ومن يصنع أقنعة الكيماوي أو يسهم في تأهيل المشافي.
ويختتم حديثه بالتأكيد على أن أهالي إدلب يدركون أن "المعركة إن فرضت ستكون معركة طويلة من الاستنزاف لقوات النظام حسب طبيعة الأرض ونوعية السكان الموجودين في إدلب، خاصة أن الفصائل العسكرية تأخذ بعين الاعتبار الحذر من الجميع سواء من الأصدقاء أو النظام وحلفائه للدفاع عن آخر معاقل المعارضة في البلاد".