المزيد  
واشنطن تؤكد استعدادها لدعم تركيا فيما يخص إدلب
ميلشيا الحشد الشعبي العراقي يرسل مقاتليه إلى خطوط الجبهة في إدلب
عميد كلية الطب بدمشق: أكثر من 150 ألف حالة إصابة بـ "كورونا" في دمشق وحدها
بينهم قتلى من الحرس الثوري.. غارات على مواقع للميليشيات الإيرانية بدير الزور
ميشيل عون: وجود السوريين في لبنان "عبئاً كبيراً" .. ونطلب مساعدة "الهجرة الدولية" لإعادتهم
آلاف العناصر من "داعش" لا يزالون يتحركون بحرية تامة بين سوريا والعراق
مشافي حلب تعاني من نفاد أكياس الجثث بسبب فيروس "كورونا"
وفد المعارضة لـ "أنا برس": تم إلغاء أعمال اللجنة الدستورية بسبب اكتشاف 3 حالات بـ "كورونا"

سيدات سوريات.. وقائع من قلب الجروح وآمال جديدة يصنعنها

 
   
10:37

http://anapress.net/a/308223308514470
775
مشاهدة


 سيدات سوريات.. وقائع من قلب الجروح وآمال جديدة يصنعنها

حجم الخط:

"ليلة مأساوية تلك التي أصيب خلالها زوجي بشظية أخلت بنشاطه الحركي أثناء تأدية واجبه الإنساني في إحدى المشافي الميدانية بريف إدلب جراء استهدافها بصاروخ فارغي، لأنه بات طبيا لا دواء له"..

كلمات تخرج من فم أم عمار (35 عاما)  بحرقة قلب جارحة بعد أن  ذاقت الأمرين وهي تحاول التوفيق بين عملها في المنزل وخارجه في المدرسة إذ أنها مربية أجيال تمنح القوة والعلم لتلاميذها والحنان والإصرار لأطفالها بآن واحد رغم مصاعب الحياة عليها.

 

لم تترك الحرب أي امرأة من دون قلب مجروح يبكي فقدان أحد أسنادها

تالا (17 عاما) ابنة أم عمار تقول "أرى بأمي رمزا القوة فهي تحملت والدي بعد أن أصبح مقعداً في المنزل مما جعله عرضة للانتكاسات النفسية التي بدورها عرضت أمي للعنف النفسي من قبله لإحساسه بالعجز على أنه غير قادر على تأدية واجبه كأب أمامنا".

وبحسب إحصائية منظمة الأمم المتحدة عام 2014 أنه أكثر من نصف المجتمع السوري تعيله النساء.

تتابع أم عمار وتلاميح الشقاء مرسومة على وجهها بعد أن باتت تصارع واقعها المرير: "لم أشعر بثقل الحياة على كاهلي إلا بعد أن سلبتني الحياة عامود منزلي وأردته ميتا متأثراً بأمراضه".

باتت أم عمار تضاعف عملها حتى تقوى على الحياة وتكبّر أطفالها، وعملت حتى بعد دوام مدرستها كمصففة شعر وهو ما يستغرق منها النهار كاملاً.

دفعت المرأة السورية ثمن الحرية لشعب بأكمله من خلال قيامها بكافة الأدوار إلى جانب الرجال للنهوض بسوريا وأفرادها فمنهن الإعلامية وأخرى طبيبة، وثالثة بالإغاثة وغيرها الكثير من الأعمال.

"تحاول أمي بشتى الطرق ألا تشعرنا بالنقصان بعد ما حدث لأبينا وصارت سندنا الوحيد في هذه الدنيا، لذلك هي قدوتي ومضرب مثلي بأنها قدمت ولازالت تقدم أمورا لايستطيع تحملها الرجال"، هو رأي ابنها عمار، ورأي مجتمع كامل يرى فيها قدوة لنساء كثر مضحيات.

أم صغيرة

 

تتشابه المعاناة بالنسبة لنساء سوريا، لكن ميساء، 20 عاماً، من إدلب، لا تشبه الكثيرات إذ تحولت إلى "أم صغيرة" بمجرد أن فقدت الأم صاحبة القلب الأحن.

سلبت الحرب من ميساء مستقبلها الذي رسمته بخطى ثابتة، وسلبت أيضاً منها والدتها فيما أصيب والدها الستيني، إصابة جعلته مقعداً، وتركوا لها ثلاث أطفال أصغرهم في الصف الرابع، وأختين على أبواب شهادتي الإعدادية والثانوية.

تقول ميساء "نيران كثيرة حاصرتني، الحرب أولها وثانيها نار العمل خارج منزلي وثالها وهو الأصعب وهو مواجهة العادات والتقاليد البالية ونظرات الناس الغامضة بعد معاناة فقد الأم، خاصة أن مدينتي إدلب معروف عن أهلها أنهم محافظين وعقولهم صعبة لتفهم أمور وتطورات الحياة الحديثة إلا أنني لم أعهد الاستسلام للحياة كحال معظم النساء السوريات " والجدير بالذكر أن عدد شهداء سوريا من النساء فاق 19 ألفا بأسباب عديدة على أيدي نظام الأسد ( القصف، الاعتقال، التعذيب)".

تتابع بحرقة وألم والحزن ملامحه مرسومة على واجهها "مشهد أمي والدماء تغطي وجنتيها وشفافها وهي تلفظ وصيتها الأخيرة لي عقب إصابتها بشظية قذيفة بأن أكون السند الأكبر وبمثابتها لأخوتي الأصغر مني باعتباري بت أكبرهم عمراً لا يغيب من ذاكرتي".

تركت ميساء جامعتها، لترعى أخوتها، وتكون – كما تقول – بمثابة أم لهم في الوقت الذي لم تعد الأم موجودة بحنانها وعطفها.

تختم ميساء والدموع قد غطت عينيها وهي تحتضن اخوتها كالأم الحنون قائلة:" صحيح أني أعمل لساعات طويلة متعبة كسكرتيرة في عيادة طبية، إلى أن الذي يعزّيني هو رؤية أخي وأخواتي وهم بسعادة وتميز متألق دائما بدراستهم، وجامعتي أصبحت الآن قادرة على إتمامها لأنني أمنت عليهم وأضحى الأمل بربنا والتفاؤل بالقادم هو صديق دربي الأمثل".

بيداء

ثم لم تترك الحرب أي امرأة من دون قلب مجروح يبكي فقدان أحد أسنادها، فـ"بيداء" 28 عاماً، من إدلب تردد وتقول "في مقتبل عمري وببداية مرحلة شبابي الزمنية بسن العشرين ترملت عقب استشهاد زوجي إثر استهدافه برصاصة قناص أثناء رباطه على جبهات القتال بريف إدلب قبل خروجها عن سيطرة النظام".

تردف بيداء وقلبها ملوع على فرقة من جمعتها الحياة به وسلبته منها في غفلة "طوال فترة جلوسي في العدة بعد استشهاده وأنا أفكر كيف سأربي أطفالي من غير أن أحتاج أحد، فبعدما قررت أختي أن تعينني بإرسال مبلغ من النقود كل شهر، أيضا عكر صفوة حياتهما حقد بشار الأسد عقب اعتقاله لزوجها واضطرارها للسير بمشقات الحياة وتأدية واجبها أمام أربعة بنات بعمر الزهور وثلاثة أطفال صغار، وعائلتي مغتربة عن سوريا منذ زمن بعيد".

وتردف بيداء"من ثم اتفقنا أنا وأختي الكبيرة بعد خروجي من فترة العدة أن نعمل بمهنة الخياطة وحياكة الصوف ونعد أغطية من المخرز مزينة بدقة عالية بما أننا على درارية بأمور تلك المهنة لكي لا نقصر بحق أطفالنا أو نشعرهم بأن شيئ ينقصهم".

وتتابع بيداء محاولة رسم درب التفاؤل أمام طفليها قائلة "رغم تعبي المستمر وإصابة عيناي بضعف كبير وعطب في أعصاب يدي  نتيجة ساعات عملي الطويلة في المنزل وخارجه في الورشة، لأن أختي مهمتها التسويق وهذا يزيح جزء من تعبها، إلا أنني راضية بقدري خاصة أني أرى البسمة على وجه أطفالي وهذا ينسيني همي قليلاً".

تختم نهى أخت بيداء بقولها "سنتين ونصف كانتا بالنسبة لي سنوات عديدة خلال اعتقال زوجي قضيناها أنا وأطفالي بكل صمود بوجه كافة المصاعب التي اعترضتنا، إلا أن ربنا كافئنا بالفرج وأعاد السعادة لمنزلنا بعد أن خرج زوجي من المعتقل مما جعل حالتنا المادية أيسر جراء عودته لعمله وتركت مهنتي مع أختي وبتنا نرسل مبلغا نقديا يساعد أختي  التي أيضا أراح ربنا بالها وانتقم من قاتل زوجها بعدما أكرم جيش الفتح بتحرير محافظة إدلب بالكامل، وصارت تزاول عملها بمرونة أكبر وتحسن حالها نسبيا عقب آخذها دور الأب والأم بالنسبة لأطفالها، والحمدلله على كل حال".