المزيد  
واشنطن تؤكد استعدادها لدعم تركيا فيما يخص إدلب
ميلشيا الحشد الشعبي العراقي يرسل مقاتليه إلى خطوط الجبهة في إدلب
عميد كلية الطب بدمشق: أكثر من 150 ألف حالة إصابة بـ "كورونا" في دمشق وحدها
بينهم قتلى من الحرس الثوري.. غارات على مواقع للميليشيات الإيرانية بدير الزور
ميشيل عون: وجود السوريين في لبنان "عبئاً كبيراً" .. ونطلب مساعدة "الهجرة الدولية" لإعادتهم
آلاف العناصر من "داعش" لا يزالون يتحركون بحرية تامة بين سوريا والعراق
مشافي حلب تعاني من نفاد أكياس الجثث بسبب فيروس "كورونا"
وفد المعارضة لـ "أنا برس": تم إلغاء أعمال اللجنة الدستورية بسبب اكتشاف 3 حالات بـ "كورونا"

"الأمم المتحدة".. فرص وتحديات "تصحيح المسار"

 
   
11:32

http://anapress.net/a/255786635963159
835
مشاهدة


"الأمم المتحدة".. فرص وتحديات "تصحيح المسار"

حجم الخط:

"إن كل المبادئ والأسس التي بنيت على أساسها المنظمة الدولية  قد تم انتهاكها، بما في ذلك مبدأ سيادة الدول على أراضيها.. لقد صرنا مهددون بفوضى عالمية" بهذه الكلمات تصف الوكيل السابق لمنصب الأمين العام للأمم المتحدة السفيرة ميرفت التلاوي واقع منظمة الأمم المتحدة، وهو الواقع الذي تُحمل مسؤولية كاملة إلى "الدول الكبرى".

ومع تسلم الأمين العام الجديد للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس مهامه رسميًا مطلع العام الجاري 2017 خلفًا للأمين العام السابق بان كي مون، فإن الأمل قد حدا الكثير من المتفائلين بأن يفرز تغيير الأسماء أو الأشخاص تغيرًا في السياسات والأداء العام للمنظمة التي تلقى على عاتقها مهام الحفاظ على السلم والأمن الدوليين، والتي كان الفشل حليفها في كثير من الملفات السياسية طيلة السنوات الماضية، عقب أن عجزت عن حلحلة أزمات مختلفة خاصة تلك التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط على وقع المصالح الدولية المتضاربة.

 

 كل المبادئ التي تشكلت على أساسها المنظمة تم اختراقها.. نحن مهددون بـ "فوضى عالمية" والدول الكبرى السبب
 الوكيل السابق للمنظمة

وتتحدث التلاوي حول العديد من المطالب المتعلقة بإلغاء حق النقض "الفيتو" على اعتباره قد شكل عاملًا لتقويض وتحجيم أداء المنظمة الدولية وأسهمت المصالح المتضاربة للدول الكبرى في التلاعب بالمنظمة وسلب دورها واختراق ميثاقها الأساسي نفسه. ذلك في الوقت الذي تنتقد فيه عدم تكافؤ المعايير في تعاطي المنظمة مع الأزمات الدولية، مستشهدة بالحالة التي وصلت إليها الحرب في سوريا، وسط قيام المنظمة باتباع سياسة "الكيل بميكالين" مع الأزمات.

جاء عجز الأمم المتحدة في سوريا واليمن وليبيا وغيرهم كاشفًا عن عمق الأزمة التي يعاني منها التنظيم الذي تتحكم فيه القوى الكبرى صاحبة حق النقض "الفيتو" والتي كانت –في إطار التجاذبات السياسية فيما بينها- لاعبًا رئيسيًا في حالة الضبابية التي تُحيط بكثيرٍ من الأزمات الحالية. وبالتالي فإن المسألة ليست مسألة أشخاص بقدر كونها سياسات وأدوات بحاجة لإعادة النظر؛ لتفعيل دور المنظمة الدولية التي صارت سيادة الدولة تُخترق على مرأى ومسمع منها دون أن تستطيع أن تُحرك ساكنًا بصورة عملية تُغير تلك الأوضاع المنافية للمبادئ الرئيسية التي بنيت على أساسها المنظمة.

تشكلت المنظمة العامة للأمم المتحدة في العام 1945 واتخذت على عاتقها مُهمة المحافظة على السلم والأمن الدوليين، وتضمن ميثاقها –الذي تم التوقيع عليه في السادس والعشرين من يونيو/ حزيران 1945 وأصبح نافذًا بحلول الأول من أكتوبر/ تشرين الأول من العام ذاته- تسعة عشر فصلًا تُحدد آليات عمل المنظمة الدولية أهمها فيما يتعلق بدور المنظمة في حل المنازعات سلميًا وفيما يتخذ من أعمال في حالات تهديد السلم والإخلال به ووقوع العدوان وتدابير حفظ الأمن في الفترات الانتقالية، وكذا التعاون الاقتصادي والاجتماعي وضوابط تأسيس المنظمات الإقليمية، فضلًا عن الأجهزة التابعة للأمم المتحدة وآليات عملها، وعلى رأسها مجلس الأمن والمجلس الاقتصادي والاجتماعي.

ومنذ تأسيسها عقب الحرب العالمية الثانية لعبت المنظمة دورًا رئيسًا في مأسسة الجهود الدولية الرامية للحفاظ على الأمن والسلم الدوليين وكذا مبادئ حقوق الإنسان التي تُعتبر أحد أهم دوافع تشكيل المنظمة. وعلى مدى أكثر من سبعين عامًا تباين أداء المنظمة ما بين إخفاقات ونجاحات. ولا يخفى نجاح المنظمة الدولية في حل وتسوية نزاعات عديدة منذ تأسيسها من بينها -على سبيل المثال لا الحصر- الدور الذي لعبته في حرب إيران والعراق (حرب الخليج الأولى) التي نشبت في سبتمبر/ أيلول 1980، وكذلك دورها في الحرب السوفيتية في أفغانستان وهو الدور الذي أدى لانسحاب القوات السوفيتية من أفغانستان بشكل كامل في العام 1989، وكذا دورها في كوسوفو ورواندا.

 وأيضًا دورها في إنهاء الحرب الأهلية السلفادورية عقب رعايتها في الفترة بين العام 1990 وحتى 16 يناير/ كانون الثاني 1992 لمفاوضات السلام التي انتهت بإنهاء الصراع. وكان للمنظمة الدولية دورًا في منع نشوب العديد من النزاعات، إضافة لدورها البارز في نشر ثقافة حقوق الإنسان والدفاع عنها وأيضًا تعزيز أسس الديمقراطية حول العالم وتقديم المساعدات الإنسانية للاجئين ودورها الإغاثي. فيما زاحمت تلك النجاحات إخفاقات عديدة في ضوء تضارب المصالح الدولية، وتبزغ هنا القضية الفلسطينية وكذا الأزمة السورية كنموذجين شاهدين على إخفاق المنظمة الدولية.

 

جاء عجز المنظمة في كل من سوريا اليمن وليبيا وغيرهم كاشفًا عن عمق الأزمة التي تعاني منها 

وانطلاقًا من الوضع العالمي الراهن وفي ضوء ما يشهده النظام العالمي من ارتباك وكذا ما تشهده منطقة الشرق الأوسط من صراعات كاشفة للمصالح الدولية المتضاربة التي أفشلت مهمة المنظمة في التعاطي مع تلك الأزمات، صارت الأمم المتحدة في أوج مرحلة شيخوختها، لاسيما مع فشل التنظيم في الدفاع عن مبادئه الرئيسية في الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين ومبادئ حقوق الإنسان، إذ صارت تلك المبادئ تتآكل شيئًا فشيء في ظل تلك التجاوزات. فالأزمة السورية –على سبيل المثال- والتي تدخل عامها السابع بُعيد أسابيع وما تشهده من جرائم حرب وانتهاكات تعصف بكل مبادئ الميثاق العام للأمم المتحدة، كانت كاشفة إلى حدٍ كبير لخواء المنظمة من حلولٍ قادرة على حلحلة الأزمة في ضوء تضارب المصالح الدولية وتحول الساحة السورية لملعب لتصفية الحسابات والمصالح.

وأثبتت تلك الأزمات التي يموج بها الشرق الأوسط عجز المنظمة في مرحلة الشيخوخة عن إيجاد بصيص من النور بنهاية الأنفاق المظلمة المتعلقة بتلك الأزمات، رغم الجهود المبذولة والبيانات والاجتماعات التي فشلت في منع تجاوزات جسيمة قد ارتكبت بالمخالفة للميثاق العام للمنظمة على مرأى ومسمع من الدول الكبرى التي استخدمت بعضها حق النقض "الفيتو" كآلية لتقويض قرارات أممية، فروسيا –على سبيل المثال- استخدمت حق الفيتو ست مرات منذ بدء الأزمة السورية؛ لعرقلة قرارات بشأن سوريا في مجلس الأمن (الأول في أكتوبر/تشرين الأول 2011 لتعطيل مشروع بشأن فرض عقوبات على نظام بشار الأسد، والثاني في فبراير/شباط 2012 لتعطيل مشروع قرار يحمل الأسد مسؤولية إراقة الدماء في سوريا، والثالث في يوليو/تموز 2012 لتعطيل فرض عقوبات على الأسد، والرابع في مايو/آيار 2014 لتعطيل إحالة الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية للتحقيق في جرائم حرب، والخامس في أكتوبر/تشرين الأول 2016 لوقف مشروع إطلاق النار في حلب، والسادس في ديسمبر/ كانون الأول بشأن تعطيل هدنة إنسانية في حلب).

وكذلك الحال فيما يتعلق بالقرارات الأممية الصادرة ضد إسرائيل والتي استخدمت فيها الولايات المتحدة حق النقض كذلك، وغيرها من الوقائع الأخرى التي تجعل حق النقض مقوضًا وعاملًا معيقًا في سبيل إعادة الحيوية والنشاط للمنظمة الشائخة المُنحرفة عن أهدافها الرئيسية، إذ صارت الأدراج مصير الكثير من قرارات الأمم المتحدة دون أن تجد تلك القرارات الوسيلة للتنفيذ والتطبيق العملي، وباتت تعبيرات القلق والاستهجان والاستنكار هي المرادف لدور الأمم المتحدة في مخيلة الكثيرين عقب فشلها عمليًا في التعاطي مع الأزمات واقتصارها على كتابة التقارير والدور الإنساني والإغاثي على أقصى تقدير، بينما النزاعات مستمرة تضل طريق الحل في ظل المصالح الدولية المختلفة.

ومن بين أسباب عجز المنظمة في تفعيل قراراتها هو افتقاد الآلية التي تراقب من خلالها الأهداف المحددة وكذا الأدوات الملزمة لتحقيق الاستراتيجيات المختلفة، فالأهداف الإنمائية للألفية التي حددتها الدول الأعضاء في المنظمة في سبتمبر/ أيلول 2000 وتكونت من ثمانية أهداف رئيسية ملزمة للدول الأعضاء بالمنظمة حول مكافحة الفقر والجوع والأمراض والتمييز ضد المرأة، وهي الأهداف التي كانت تصبو الدول الأعضاء لتحقيقها بحلول العام 2015، لم يُحقق الكثير فيها وظلت تلك الأهداف نفسها جزءًا رئيسًا من أهداف "التنمية المستدامة 2030" التي أعلنتها الأمم المتحدة مؤخرًا، وتتناولت تلك الاستراتيجية أيضًا الفقر والتعليم والصحة وغيرها من الأهداف ذاتها التي تناولها إعلان الألفية.

موضوع ذا صلة

وتبزغ هنا العديد من المقترحات والأدوات الهادفة لتفعيل دور الأمم المتحدة بشكل أكبر بما يعزز دورها الذي تشكلت من أجله قبل أكثر من سبعين عامًا، فباب الإصلاح وتدارك الانحرافات لم يوصد بعد -رغم عظم الأزمات والكلفة الإنسانية الباهظة لاستمراريتها- تتطلب تلك الأدوات إعادة النظر في بنود الميثاق الرئيسية، انطلاقًا من المتغيرات الدولية والمتغيرات الحادثة أيضًا في موازين القوى على الصعيد الدولي، لاسيما فيما يتعلق بمحددات دور مجلس الأمن الدولي التابع لمنظمة الأمم المتحدة وآليات اتخاذ القرار وضرورة إيجاد تعديلات لصيغة استخدام حق النقض "الفيتو" بسبب سيطرة الدولة دائمة العضوية التي تتمتع بحق النقض التي تتحكم في مسار قرارات الأمم المتحدة.

ومن بين تلك الأدوات المقترحة بصورة دائمة في أوساط السياسة الدولية هو ما يتعلق بزيادة عدد الدول الأعضاء في مجلس الأمن، فضلًا عن تمثيل القارات غير الممثلة فيه، ومنها قارة إفريقيا، وألا يكون حق النقض لصالح الخمس دول الكبار فقط، من منطلق اعتبار أن ذلك يعد تضييق وتحجيم للميثاق الأساسي للأمم المتحدة. فيما يذهب البعض إلى كون زيادة عدد الأعضاء لن تكون مجدية وأن الحل الجذري يكون في "إلغاء" حق النقض بصورة نهائية، وعدم تمكين دول معدودة من السيطرة على مجريات القرارات الدولية للمنظمة. إضافة إلى تفعيل أدوات وآليات المراقبة السليمة لتطبيق الاتفاقيات التي انضمت إليها الدول المختلفة.

ولكن هذا النوع من الإصلاح (إلغاء حق النقض) لم يطرح جديا في أي وقت، لأن العالم افتقد دولا تملك شجاعة الخروج من عباءة التبعية، وتستطيع مواجهة الدول الخمس صاحبة "الفيتو"، عبر السعي إلى بناء تكتل واسع في الجمعية العامة ليتسنى طرح قضية الإصلاح فيها تحت بند "الاتحاد من أجل السلام" لفرض إرادة دولية قوية، أدى غيابها إلى الوضع المؤلم الذي انتهت إليه المنظمة الدولية، وفق تأكيدات الخبير السياسي د.وحيد عبد المجيد.

 

 إلغاء حق النقض "الفيتو" وتعديل النظام الأساسي للمنظمة أبرز الأدوات لتصحيح المسار

ورغم اخفاقات المنظمة وما يواجهها من انتقادات فإن الدول تبدو حريصة على البقاء في هذه المنظمة الأم التي لازالت تتمتع بقبول دولي خاصة في ظل نجاحاتها على الصعيد "الإنساني" وكذا الثقافي والاجتماعي بعيدًا عن الإخفاقات السياسية الأخرى، الأمر الذي يعزز من فرص قيامها بتعديل المسار، وهي الفرص التي يمكن أن تتأتى من خلال تشكيل الدول لمجموعات وكيانات ضغط داخل المنظمة من أجل الدفع بطلب تعديل الميثاق الرئيسي، والأمر يتطلب موافقة ثلثي أعضاء الجمعية العامة وتصديق ثلثا أعضاء "الأمم المتحدة" ومن بينهم جميع أعضاء مجلس الأمن الدائمين. وبحسب الميثاق، يجوز عقد مؤتمر عام من أعضاء "الأمم المتحدة" لإعادة النظر في الميثاق العام للأمم المتحدة في الزمان والمكان اللذين تحددهما الجمعية العامة بأغلبية ثلثي أعضائها وبموافقة تسعة ما من أعضاء مجلس الأمن, ويكون لكل عضو في "الأمم المتحدة" صوت واحد في المؤتمر.

وفي هذا الإطار، يصف سفير مصر السابق بالأمم المتحدة وواشنطن السفير جلال الرشيدي، إلى إن منظمة الأمم المتحدة بأنها منظمة عجوز أصابتها الشيخوخة، ومعالجة ذلك الأمر يتطلب إجراء تعديل الميثاق الأساسي الذي يتضمن 19 بندًا رئيسيًا"، مشددًا على أن المنظمة يجب أن تشهد تحديثًا شاملًا لواقعها الراهن طبقًا للمتغيرات الدولية والمتغيرات الحادثة أيضًا في موازين القوى على الصعيد الدولي. ويوضح أن الأمم المتحدة لم تتخذ إجراءات عملية ناجحة إزاء أزمات منطقة الشرق الأوسط، وظلّت قراراتها في سوريا والعراق واليمن وغيرهم مُجرد قرارات لا تُنفّذ إلا في حالات قليلة جدًا؛ بالتالي لم يصبح للمنظمة قيمة حقيقية بهذه القرارات المتكررة التي تضلّ طريق التنفيذ، وذلك بسبب سيطرة الدولة دائمة العضوية التي تتمتع بحق النقض التي تتحكم في مسار قرارات الأمم المتحدة.

كما يلفت إلى عددٍ من المقترحات من أجل تطوير أداء الأمم المتحدة من بينها المقترحات المصرية التي سبق وتم تقديمها في فترات سابقة والمتعلقة بزيادة عدد الدوال الأعضاء في مجلس الأمن، فضلًا عن تمثيل القارات غير الممثلة فيه، ومنها قارة إفريقيا، وألا يكون حق النقض لصالح الخمس دول الكبار فقط. وشدد على ضرورة ظهور تكتلات من الدول النامية كنوعٍ من الشراكة لتقديم رؤى ومقترحات مشتركة لتطوير الأمم المتحدة وميثاقها، والمناداة بزيادة عدد الدول الأعضاء في المجلس.