نذر شتاء قاسٍ يزيد معاناة ساكني مخيم دير بلوط

تشهد المخيمات السورية أوضاعاً صعبة منذ اليوم الأول لإنشائها في الشمال السوري، بينما تزداد المعاناة لتصبح كارثة حقيقة مع قدوم فصل الشتاء وهطول الأمطار على الخيم وساكنيها.

واليوم، ضربت عاصفة مطرية شديدة مصحوبة برياح ورعد وبرق مخيم دير بلوط بريف عفرين، تسببت في اقتلاع عدة خيم وفيضان أخرى بمياه الأمطار حيث اقتصرت الأضرار على الماديات.

وبحسب الناشط رامي السيد، فإن "أهالي مخيم دير بلوط يخشون من حدوث كارثة لا سمح الله إذا تصاعدت حدة العاصفة أو استمرت لساعات عدة، إذ يضم المخيم مئات العائلات من جنوب دمشق يعيشون أول شتاء في مخيمات الشمال السوري في وادٍ قريب من ضفاف نهر عفرين في ناحية جندريس بريف حلب الشمالي".

تنوعت الجنسيات على الأرض الواحدة، فالمهجرين من فلسطين لأعوام والذين عاشوا جل حياتهم رفقة أهلهم السوريين في منطقة مخيم اليرموك في دمشق؛ الآن يشاطروهم المعاناة في الشمال في مخيم دير بلوط بريف عفرين.

وصلت الوفود الأخيرة من دمشق من مخيم اليرموك في أول أيام الشهر الخامس من العام 2018 بعد عملية تهجير قسري فرضها النظام السوري على الأهالي والمعارضة داخل مخيم اليرموك قرب دمشق. (اقرأ/ي أيضًا: 20 مليون دولار لـ 69.5 ألف عائلة سورية لمواجهة "الشتاء").

الناشط الإغاثي خالد المدني قال لـ "أنا برس": في حال استمرار الأوضاع في المخيمات السورية في الشمال على وضعها الحالي دون تدخل المنظمات العالمية واتخاذ التدابير اللازمة، سيؤدي ذلك لوقوع كوارث قد تودي بحياة القاطنين في الخيم.

لاجئة فلسطينية تدعى فاطمة أم محمد، وهي أم لخمسة أبناء، أوضحت لـ "أنا برس"، أن الوضع سيء جدًا أكثر ما يتصور أي إنسان "ظروفنا صعبة ومأساوية؛ فهذه الأماكن للأسف لم يتم إنشاؤها ليعيش فيها البشر وهي في حالتها هذه من غرق في المياه ولا تدفئة ولا كهرباء، فكيف لنا أن نعيش بها".

اما على الصعيد التعليمي، فقد عملت إدارة المخيم على تقديم أكثر ما يمكنهم من خدمات لاستقطاب الطلاب وإدخالهم إلى المدارس لاستكمال التعليم، وهناك خيمة كبيرة يتم تدريس ما يقارب 300 طالب وطالبة في مدرسة المخيم الخاصة.

سمير المبيض (أستاذ صف ابتدائي في ريف عفرين) قال لـ "أنا برس" إنه من أهم العوائق التي تواجه التعليم هي صعوبة التنقل من المخيم إلى مناطق أخرى للوصول إلى مدارس حكومية لأسباب عديدة على رأسها وقوع المخيم في وادٍ منحدر له مخاطر عديدة تزداد بشكل كبير في أوقات الشتاء والبرد والرياح.

وأضاف أن المياه تغرق الخيم بشكل مباشر عند هطول الأمطار والصرف الصحي يختلط في كثير من الأحيان بمياه خارجية، ما يؤدي إلى انتشار الأمراض والأوبئة والجراثيم بين الأطفال والأهالي عموماً. (اقرأ/ي أيضًا: حالة وفاة جديدة في مخيم الركبان.. والوضع "خارج السيطرة").

وبحسب مجموعة العمل من أجل فلسطيني سوريا، فإن أكثر من 325 عائلة فلسطينية مهجرة إلى دير بلوط تواجه أشد أنواع المعاناة في الوقت الحالي.

وأضافت مجموعة العمل، في تقرير حديث لها، أن "العوائل تشكوا من تدهور في أوضاعها المعيشية في ظل غياب كامل لأي دور إغاثي لوكالة الأونروا (unrwa) والسلطة والفصائل الفلسطينية والجهات الإنسانية والحقوقية عنهم،  وعدم تحمل مسؤولياتهم اتجاههم في تأمين الحماية والمساعدة المادية والإغاثية لهم".

وفي تقارير سابقة رصدت "أنا برس" حالة التدهور التي تطال المخيمات عند هطول الأمطار أو تساقط الثلوج، بينما لا تتوفر التدفئة في الخيم، ومشاكل عدم توافر المواد الغذائية وعدم قدرة الأهالي على تحمل الفقر والألم بوقت واحد، يضاف إلى ذلك صعوبة التأقلم بالنسبة للمهجرين حديثا بعد خسارتهم  منازلهم وصعوبة إدخال الأطفال لاستكمال تعليهم في المراحل التي وصلوا إليها.