نموذج من قلب المعاناة.. أبو محمد بلا منزل يحميه وأولاده قبل الشتاء

في ظل الحرب الدائرة في سوريا منذ ما يقارب الستة أعوام تعرض العديد من الأهالي القاطنيّن في المناطق الخارجة عن سيطرة قوات الأسد إلىالكثير من الضغوط الحياتية اليومية ولعل أبرزها مسألة النزوح واللجوء من مكان لآخر بين الحين والآخر.

ولم يعد يخفى على متابعي الشأن السوري الدمار الكبير الذي حلّ بالبنى التحتية لا سيما المناطق الساخنة والتي تشهد اشتباكات مستمرة ما بين فصائل المعارضة وقوات الأسد بالأسلحة الثقيلة. مدينة تلبيسة الواقعة في ريف حمص الشمالي كانت شاهداً حياّ على آلة الحرب التي لم تترك حياً أو شارعاً أو منزلاً إلا وطاله القصف الجوي والأرضي على حد سواء.

"أبو محمد" في الثلاثين من عمره يعيل أسرة مؤلفة من ستة أشخاص تم استهداف منزله مؤخراً في حي المشجر الجنوبي في المدينة من قبل الطيران الروسي مما تسبب بدماره بشكل شبه كامل، لتبدأ معه قصة النزوح والبحث عن مأوى. تحدث  لـ "أنا برس" قائلاً: حال البقية من سكان المدينة ليس أفضل من حالي فجميعنا سواسية ننتظر الطيران الحربي في كل يوم حتى ينهي إلقاء قنابله على المدينة لنعود بعدها لتفقد أعضاء الأسرة ونحاول إكمال يومنا بشكل اعتيادي. "بحسب تعبيره"

وأضاف: تعرض منزلي على مدار الثلاث سنوات للقصف عدة مرات أولها كان بقذيفتين من راجمة الصواريخ، اخترقتا سقف الطابق العلوي، والثانية قذيفة مدفعية تسببت بتدمير الحائط الفاصل بيني وبين جيراني، ومع ذلك لم أفكر بالخروج منه كون المنزل مؤلف من طابقين وهو آمن نسبياً إذا ما قورن بباقي المنازل المحيطة.

ولكن منذ ما يقارب الشهرين استهدف الطيران الروسي في تمام الساعة الثانية بعد منتصف الليل منزلي بغارة جوية مستخدماً صاروخ من العيار الثقيل تسبب بدمار المنزل بشكل شبه كامل، لم يعد يصلح للسكن على الرغم من محاولاتي العديدة لإصلاح الضرر الناجم عن الاستهداف الأخير.

واستطرد: حاولت مراراً وتكراراً العثور على منزل للآجار في المدينة أو في المناطق القريبة منها ولكن بائت جميع محاولاتي بالفشل فعلى الرغم من الأجور الكبيرة التي يطلبها صاحب المنزل والتي تتراوح ما بين 30 الى 50 الف ل.س إلا أن الطلب يزيد كثيرا والعرض ينخفض.

واختتم أبو محمد حديثه بالقول فصل الشتاء بات على الأبواب ويجب أن يتم تجهيز مكان أخر للسكن لا سيما أن زوجتي وأطفالي غادروا المنزل واتجهوا الى السكن عند أقربائنا في منطقة نائية بسبب حالة الرعب الكبيرة التي تملكتهم بعد الاستهداف الاخير.

على جانب آخر، فإن مدينة تلبيسة يقطنها أكثر من 40 ألف نسمة صامدين في منازلهم على الرغم من القصف الكبير الذي يطال الأحياء السكنية بشكل يومي رافضين وبشدة مغادرة منازلهم التي يتوقعون أن تسقط فوقفهم في أي لحظة في دليل واضح على التمسك بالأرض وعدم الخروج منها مهما كانت النتائج.