http://anapress.net/a/197517642126313
في ظل التطورات المتسارعة التي تشهدها مدينة إدلب وريفها مؤخراً عقب الحشود العسكرية التي وجهتها الحكومة التركية نحو الحدود السورية استعداداً لدخول المدينة تنفيذاّ لمخرجات أستانا 6 الذي انعقد في الرابع والخامس عشر من سبتمبر/أيلول الماضي في العاصمة الكزخستانية
يقول المحلل العسكري والاستراتيجي العميد أحمد رحال خلال حوار مع "أنا برس" إن التدخل التركي هو نتيجة التفاهم الذي تم التوصل إليه خلال الزيارة الأخيرة التي قام بها بوتين إلى أنقرة الأسبوع الماضي.
وأشار إلى أن خيارات الشعب السوري باتت تبحث عن أقل الخسائر نتيجة انحسار الموقف الأمريكي الفاعل ونتيجة تراجع المواقف الأوربية وترك الدولة التركية منفردة دون دعم الناتو وأوروبا، ما دفعها للحفاظ قدر الإمكان على مصالحها كدولة تركية ومكتسبات الثورة السورية.
وأوضح الرحال أنه أصبح أمام الشعب السوري خيارين لا ثالث لهما يتمثل الأول بحدوث صدام بين الجيش الحر وتركيا من جهة وهيئة تحرير الشام من جهة أخرى، والتي قد تحظى على دعم لمدة أشهر لتوريط الجانب التركي ما سيوقع مدينة إدلب في آتون حرب داخلية قد تمتد لأشهر.
أما الخيار الثاني وهو الأسوأ ويتمثل في دخول الجانب الروسي وميليشيات حزب الله اللبناني وقوات الأسد الأمر الذي سيضعنا أمام كارثة بشرية في مدينة تؤوي ما يقارب 3 مليون ما بين سكان إدلب والنازحين إليها من مختلف المحافظات السورية، وضمن هذين الإطارين أتى التحرك التركي الذي قمنا بدعمه لأنه أقل الخسائر.
وحول التهديدات التي صدرت عن هيئة تحرير الشام مؤخراً التي تتحدث عن قتال الجيش الحر المدعوم من قبل تركيا وضّح الرحال بأن الهيئة منقسمة إلى تيارين الأول وهو "الدموي" الذي اعتبر التدخل التركي احتلال والجيش الحر كذلك، والثاني هو التيار المعتدل الذي قال بأنه سيسمح بدخول الجيش التركي وانشاء مراكز في الداخل السوري مع رفضه دخول قوات الجيش الحر كونه يعلم مسبقاً بأن قوات الحر ستحمل على عاتقها لاحقاً مسؤولية مطاردة وملاحقة هيئة تحرير الشام في الشمال السوري.
في ذات السياق كشف العميد الرحال عن حضور قادة هيئة تحرير الشام أحد الاجتماعات في مدينة "هاتاي" التركية مع رئيس الأركان التركي وقائد القوى الجوي والبرية، بالإضافة إلى اجتماع أخر مع قيادات الهيئة في "الريحانية" تم الاتفاق خلالها على دخول وفد تركي إلى دارة عزة وجبل الشيخ بركات وقرية سمعان ولاستطلاع المنطقة إضافة لتثبيت أربعة عشر نقطة يهتم الجانب التركي بالتواجد ضمنها كونها تساعد الأتراك بحماية ظهرها لعدم حصول أي اختراق من قبل الميليشيات الكردية، بالتالي تركيا تسعى جاهدة للوصول إلى حل سلمي بعيد عن الصدامات العسكرية مع الأطراف المتواجدة على الأرض.
ونوّه العميد أحمد الرحال بأن إيران لا ترغب بحدوث اتفاق سلس في شمال سوريا ينتهي بتدخل القوات التركية كونها تسعى لإيجاد فرصة لزعزعة الاتفاق الحاصل في المنطقة في إشارة منه إلى التطورات العسكرية الأخيرة الحاصلة في ريف حماه الشرقي على أنه عملية تبادل للمصالح ما بين هيئة تحرير الشام والميليشيات الإيرانية وقوات الأسد.. والتي أعطت الذريعة للطيران الروسي لاستهداف مدينة إدلب من جديد وتفاقم الوضع الذي يضع المنطقة ككل على فوهة بركان، واستشهد الرحال بما حصل أثناء هجوم هيئة تحرير الشام على سهل الغاب بريف حماه حيث قام الطيران الحربي بقصف مواقع تابعة للجيش السوري الحر غير مبالي بمواقع ونقاط الهيئة التي تبنت العمل العسكري آنذاك.
وفيما يخص التصريحات المنسوبة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان حول تقديم الدعم الجوي للجيش السوري الحر من قبل الطيران الروسي قال الرحال إن كان هناك خطأ في الترجمة أو لم يكن فإن هذا الطرح مرفوض بالمطلق، وعلى الرغم من القبول الواسع للتدخل التركي من قبل الجيش الحر على الراضي السورية فلن يقبل بان يكون من دمر معظم الأراضي والمدن السورية وتسبب بتهجير الآلاف هو الحليف أو أن نتعاون معه فروسيا دولة قاتلة تدعم نظام الأسد.
وعن دور الضباط العسكريين المناوئين لحكم الأسد قال الرحال إنه وبسبب الضغوطات التي تم ممارستها على الضباط وإبعادهم عن مركز القرار العسكري الذي كانوا قادرين على إدارته وتحمل مسؤولياتهم ضمنه تسببت بإفساح المجال أمام قيادات عسكرية غير مؤهلة للأسف أصبحت تتبع لولاءات واجندات خارجية كغرف الموك في الأردن والبنتاغون والداعمين في الخارج ضاربين بعرض الحائط ما يصب بشكل رئيسي لمصلحة وأهداف الثورة والشعب السوري بشكل عام.
واختتم حديثه العميد الرحال مؤكدًا أن أردوغان يحكم بلدًا قوامه نحو 90 مليون مواطن ومن الطبيعي أن يبحث عن مصالح تركيا أولاً ومن خلال التقاطعات المشتركة من الممكن أن يفكر بمصالح الثورة السورية، ومنها محاربة البي كي كي التي تعتبرها الأخيرة منظمة إرهابية، وهنا لا يجب أن نلوم تركيا على مواقفها وفي الوقت ذاته لسنا بمحبرين على تبني جميع قراراتها وإنما نختار ما يتناسب مع الثورة السورية فقط ونمتنع بكل احترام عن باقي التصرفات التي لا تأتي بنفع للشعب السوري.