http://anapress.net/a/332028603357989
ظروف الحرب وانعدام جميع وسائل الحياة في سوريا أجبرت السوريين على التأقلم مع الحياة الجديدة بتطور أحداثها وتغيير المجريات على الأرض، حيث لم تمنعهم انعدام الخدمات وتدني ومستوى الحياة عن المواصلة والاستمرار، ولكن بأساليب بديلة جعلت من مقولة "الحاجة أم الاختراع" حكراً على الشعب السوري لأنه أثبت أنه كفؤ لاختراع وابتكار ما يساعد عجلة الحياة في الاستمرار.
وتعد مشكلة الغاز والبحث عن وسائل بديلة للطهي من أهم المشاكل التي حاول المدنيون البحث خلالها عن وسائل تغنيهم عن أسطوانة الغاز التي باتت أشبه بالحلم لدى البعض لغلاء أسعارها ولعدم توفرها وتواجدها في أغلب الأحيان، حيث تعد مناطق سيطرة النظام المصدر الوحيد لأسطوانة الغاز التي يتم استقدامها إلى المناطق الخارجة عن سيطرته وليست متوفرة في أغلب الأحيان، إضافة إلى ارتفاع أسعارها في مناطق النظام نفسها بعد سيطرة تنظيم الدولة "داعش" على معظم آبار النفط وتدني حصّة النظام من المحروقات التي شهدت هي الأخرى ارتفاعاً في أسعارها.
فقد تعددت وسائل السوريين في انتاج الطاقة البديلة عن الغاز، منهم من استخرجها من روث الحيوانات عبر تطبيق التجربة العلمية المعروفة التي تفضي بعد تخمر الروث إلى انتاج غاز الميثان النظامي وكانت تجربة ناجحة تم تعميمها على معظم الشمال السوري، إضافة إلى وسائل جديدة يتم ابتكارها باستمرار كاستخراج الغاز من مادة البنزين نفسها وهي تجربة جديدة وحديثة الانتشار في الشمال السوري وفي ريف ادلب تحديداً الذي يعد أول من عمل على ابتكارها.
يقول علي مصطفى (مدني من ريف ادلب) عن التجربة الجديدة وآلية عملها فيقول: "أنا أعمل ميكانيكياً للدراجات النارية وخطرت الفكرة في ذهني وأحببت أن أجربها وكانت ناجحة جداً، حيث ينبغي الاشارة بداية إلى أن الغاز الذي يتم انتاجه من مادة البنزين هو ليس بالأمر الغريب لأن البنزين والغاز كلاهما من المحروقات وكانا ممتزجين ببعضهما قبل التكرير كما أن عمليات التكرير البدائية حالياً لا يمكنها فصل المواد عن بعضها بشكل صحيح فيبقى البنزين يحافظ على كميات ليست بقليلة من الغاز الذي نستغله نحن بهذه الطرقة".
يضيف علي: "بداية نقوم بجلب قارورة زجاجية تحوي على فوهة محكمة الإغلاق ونثقب الفوهة ثقبين ندخل في كل منهما أنبوب أحدهما إلى أسفل القارورة والآخر يبقى مرتفعاً فوق مستوى البنزين، الأنبوب المرتفع يتم وصله على جهاز الغاز والأنبوب الذي في الأسفل يتم وصله على جرة أوكسجين هوائي مهمتها تزويد القارورة بالهواء، فعند فتح جرة الهواء ومروره إلى القارورة يصبح البنزين يتحرك على مبدأ عمل "الأركيلة" ما يؤدي إلى تكاثف مادة الغاز إلى الأعلى ومرورها من الأنبوب الآخر إلى جهاز الغاز الذي يشتعل بصورة نظامية لا تفترق عن غاز الأسطوانات، وتجدر الإشارة إلى أن اللتر الواحد من البزين يقوم على تشغيل جهاز الغاز مدة 10 ساعات متواصلة، ولدى شحّه ونفاذ مادة الغاز منه نستطيع استخدامه لمحركات السيارات والدراجات حتى أن هذا البنزين يصبح أكثر نقاوة لأنها تحلل بشكل جيد".
لا تتوقف بهم الحياة ها هنا، فدائماً يسعون إلى الابتكار والبحث عن البديل وان فشلت تجربة لابد أن تنجح أخرى، ليس للغاز فحسب وإنما لجميع وسائل الحياة التي أجبرتهم على العودة إلى البدائل التراثية التي قاموا على إجراء تعديلات عليها مكنتهم من التأقلم معها وتأهليها للاستخدام والبعد عن الشعور بالعجز.