المزيد  
واشنطن تؤكد استعدادها لدعم تركيا فيما يخص إدلب
ميلشيا الحشد الشعبي العراقي يرسل مقاتليه إلى خطوط الجبهة في إدلب
عميد كلية الطب بدمشق: أكثر من 150 ألف حالة إصابة بـ "كورونا" في دمشق وحدها
بينهم قتلى من الحرس الثوري.. غارات على مواقع للميليشيات الإيرانية بدير الزور
ميشيل عون: وجود السوريين في لبنان "عبئاً كبيراً" .. ونطلب مساعدة "الهجرة الدولية" لإعادتهم
آلاف العناصر من "داعش" لا يزالون يتحركون بحرية تامة بين سوريا والعراق
مشافي حلب تعاني من نفاد أكياس الجثث بسبب فيروس "كورونا"
وفد المعارضة لـ "أنا برس": تم إلغاء أعمال اللجنة الدستورية بسبب اكتشاف 3 حالات بـ "كورونا"

ولادة من رحم الموت

 
   
12:12

http://anapress.net/a/194242271117457
136
مشاهدة


ولادة من رحم الموت

حجم الخط:

كان يوم الجمعة في أحد أسابيع شهر أبريل (نيسان) 2013 يومًا كباقي أيام نهاية الأسبوع المليئة بالأحداث، استيقظ خالد وزجته  يخططون ويضعون برنامجًا ليقضياه في نزهات وزيارات عائلية، حين قرع جرس المنزل إذ برجلين سرقوا أحلامهم.. كانت ملامحهم قاسية ولكن ليست أقسى وأمر من قساوة الأيام التي كانت تنتظرهم بعد ذلك

اقتادني هؤلاء إلى مكان مجهول بواسطة سيارة، بعد أن غطوا رأسي، وعلمت لاحقاً أنهم اقتادوني إلى فرع الأمن السياسي بحلب

خالد (من مواليد محافظة حلب 1983) وهو خبير بصيانة وبرمجة الكمبيوترات، وكان لديه معهد لتعليم صيانة وبرمجة الكمبيوتر. يقول:  اقتادني هؤلاء إلى مكان مجهول بواسطة سيارة، بعد أن غطوا رأسي، وعلمت لاحقاً أنهم اقتادوني إلى فرع الأمن السياسي بحلب، وعند وصولي إلى الفرع بدأ عناصر الفرع باستقبالي بالضرب الشديد والشتائم والسب ولم أعرف لماذا يضربوني وماهي تهمتي.

 تقول رانيا (وهي زوجة خالد): كنت أعتقد بأن غياب زوجي لن يدوم أكثر من ساعات معدودة بعد وعودهم له بالعودة القريبة إلى المنزل حيث اصطحابه لجهة مجهولة دون إخبارها إلى وجهتهم.. كنت حاملًا بالشهر الخامس ولم يكن لدي معيل بعد زوجي..  مرت علي أيام قاسية ومريرة خاصة في ظروف الحرب الصعبة حيث الشتاء القارس وانعدام في الخدمات العامة في تلك الآونة.

ووصف خالد عمليات التعذيب بأنها كانت قاسية جدا، وكانت التعليمات للسجان بأخذ المعلومات من الموقوف بأي طريقة كانت مثل طريقة "بساط الريح" والصعق بالكهرباء، والضرب والتجويع، وأكد خالد أن التهم كانت جاهزة ويجب على المعتقل التوقيع عليها وإلا فما أمامه إلا التعذيب حتى الموت، إذ أن الاعتراف كان يؤخذ بالقوة.

يشرح خالد كيفية انتزاع الاعترافات منه بالقوة، يقول في إحدى المرات أخذوني إلى غرفة المحقق بعد أن اغلقوا عيني، وعند وصولي عند المحقق سألني عن توجهاتي السياسية واتهمني بالتخطيط وتنفيذ التفجير الذي حصل في ساحة سعد الله الجابري بحلب في أكتوبر/ تشرين الأول 2012، فأنكرت ذلك، قال لي المحقق بالحرف الواحد يجب عليك أن تعترف بهذه التهم وإلا سأجعلك تعترف بها بالقوة.

 بعد التعذيب.. اعترفت بأنني أنزلت صورة بشار الأسد من المعهد، ولكنني لم أعترف بأي دور بتفجير ساحة سعد الله الجابري

ويتابع خالد: بعد التعذيب اليومي ولمدة شهرين متواصلين تعرضت فيها لأقسى وأشد أنواع التعذيب وبعد أن تم كسر بعض أضلاعي في القفص الصدري، وبعد التعرض لكل أنواع الضرب والشتم والسب، اعترفت بأنني أنزلت صورة بشار الأسد من المعهد، ولكنني لم أعترف بأي دور بتفجير ساحة سعد الله الجابري.  

تم تحويلي لأكثر من فرع أمني في حلب من ثم إلى عدة فروع أمنية في دمشق وذقت فيها أيضاً كل أنواع التعذيب والضرب، وفي كل مرة كنت أظن أنه سيتم تصفيتي، وبعد سنتين ونصف تم إحالة أوراقي إلى المحامي العام بدمشق وظنت أنه سيتم إعدامي في هذه المرة، أول كلمة قالها لي اذهب إلى أهلك، لم أكن أصدق كلماته، قال لي ألست مشتاق لأهلك... اذهب، في تلك اللحظة انتابني شعور بانفصام بشخصيتي ...

ويشير خالد إلى أنه تعرض لأقسى أنواع التعذيب في معتقلات وسجون نظام الأسد، وأنّه كان شاهداً على العديد من الفظاعات التي تمت في المعتقل من موت زملائه أمامه من شدة التعذيب الذي تعرضوا له ومنهم من فارق الحياة من الإهمال الصحي لهم.

تقول زوجته: مضت الأيام والشهور وأنا لم أيأس من معرفة أخباره، ومرت عدة شهور حتى استطعت أن أعرف ان زوجي مازال على قيد الحياة من خلال رسالة شفهية رسلها لي زوجي مع أحد المعتقلين المطلق سراحهم، فحوا الرسالة كلمتين فقط (انا لسا عايش) تجد د الامل من جديد لدي وعرفت أنه كان معتقل بفرع الامن السياسي بحلب بتهم واهية حيث كان أعظمها استبدال صورة بشار الأسد في المعهد الذي كان يدرس فيه.

تتابع رانيا: أوضاعي الاقتصادية تدهورت بشكل كامل، اضطررت لترك حلب، لأسافر إلى تركيا عند خالي، أفرج عنه بعد سنتان ونصف جسده النحيل جدا والهزيل اختصر لنا كل ما عاناه من تعذيب واضطهاد وآلم، فهو ذو بنية جسدية قوية أصبح يعاني من اضطرابات نفسية ترافقه بكل وقت، حيث كان يرفض ان يرى باباً مغلقاً ونور ساطع، ناهيك عن الكوابيس التي ترافقه في كل ليلة وللصراخ الهيستيري الذي يرافقها.

خالد ليس المعتقل الوحيد الذي تم تعذيبه في سجون النظام، وإن كتب له عمر جديد بخروجه منها، إذ أن الكثير من المعتقلين من فارق الحياة داحل هذه المعتقلات بسبب التعذيب والضرب والجوع.

 حسب سجلات النظام هناك أكثر من 200 ألف سجين.. بينما تقديرات تشير إلى زيادة العدد لأكثر من نصف مليون سجين

وبدوره يقول الناشط الحقوقي عماد الراغب لـ "أنا برس": حسب سجلات النظام هناك أكثر من 200 ألف سجين أما في الحقيقة فهو أكثر من نصف مليون سجين وكل يوم يقوم نظام الأسد بتعذيب وتشبيح المساجين وطبعا الكل يجب أن يعترف بالقوة عن تهم لم يسمع بها مطلقاً، والنظام يقوم بإخراج قسم من المساجين ويستبدلهم بمساجين جدد وهكذا للترهيب، ومع ذلك هناك ضباط يأخذون المال من أهل السجين لكي يضعوا اسمه على لائحة الخروج من المعتقل وهذا الامر يعرفه كل السوريين.

ويوضح الراغب أن الأمم المتحدة تحاول حالياً جمع أكبر قدر ممكن من الانتهاكات في سوريا بما يخص ملف المعتقلين وجمع أكبر قدر من الشهادات حول حقيقة الجرائم التي تتم على يد عناصر الأمن السوري للمعتقلين في سوريا.