المزيد  
واشنطن تؤكد استعدادها لدعم تركيا فيما يخص إدلب
ميلشيا الحشد الشعبي العراقي يرسل مقاتليه إلى خطوط الجبهة في إدلب
عميد كلية الطب بدمشق: أكثر من 150 ألف حالة إصابة بـ "كورونا" في دمشق وحدها
بينهم قتلى من الحرس الثوري.. غارات على مواقع للميليشيات الإيرانية بدير الزور
ميشيل عون: وجود السوريين في لبنان "عبئاً كبيراً" .. ونطلب مساعدة "الهجرة الدولية" لإعادتهم
آلاف العناصر من "داعش" لا يزالون يتحركون بحرية تامة بين سوريا والعراق
مشافي حلب تعاني من نفاد أكياس الجثث بسبب فيروس "كورونا"
وفد المعارضة لـ "أنا برس": تم إلغاء أعمال اللجنة الدستورية بسبب اكتشاف 3 حالات بـ "كورونا"

مشروع دستور سوريا الذي طرحته روسيا.. بين السلب والإيجاب

 
   
17:14

http://anapress.net/a/12128017062066
477
مشاهدة


مشروع دستور سوريا الذي طرحته روسيا.. بين السلب والإيجاب

حجم الخط:

 

"فهد صابوني" هو محامي وباحث قانوني مختص بالقانون العام والدولي وعضو مجموعة العمل من أجل سوريا 

 

أعد خبراء روس مسودة دستور لسوريا تتكون من 85 مادة طرحت اثناء المفاوضات المقامة في العاصمة أستانة. كانت المسودة مفاجئة لكثير من السوريين الذين لم يتوقعوا هذه الخطوة. المشروع الروسي لدستور سوريا أبقى على النظام الرئاسي مع بعض التعديلات الإيجابية مقارنة بالدستور الحالي. سأذكر بعض النقاط الإيجابية والسلبية من مشروع الدستور استناداً للمسودة التي عرضت في الوسائل الإعلام الروسية وغيرها.

بعض النقاط الإيجابية في مشروع الدستور:

  • إزالة كلمة عربية من اسم الدولة.
  • ازالة المواد المتعلقة بدين رئيس الجمهورية وازالة المادة التي تقول بأن الفقه الإسلامي مصدر رئيسي من مصادر التشريع.
  • اعطاء المزيد من الحقوق للأقليات اللغوية والأثنية أهمها حق استخدام لغتهم في الدوائر الحكومية والمدارس في المناطق التي يشكلون فيها أكثرية.
  • اعطاء صلاحيات أكثر للسلطة التشريعية (جمعية الشعب وجمعية المناطق)
  • أن يكون القانون الدولي والمعاهدات التي تقرها سوريا جزءاً أساسياً من النظام القانوني للدولة.
  • الاعتراف بالملكية الخاصة وحرية النشاط الاقتصادي.

بعض النقاط السلبيّة في مشروع الدستور:

  • المشروع الروسي لدستور سوريا ابقى على النظام الرئاسي مع صلاحيات واسعة للرئيس واعتبره بأنه "الضامن لاستقلال الوطن وحماية وحدته وسلامة اراضيه" وهو أيضاً الساهر على "احترام الدستور والسير المنتظم للسلطات العامة وحماية اسس النظام الدستوري وسيادة الدولة" كما انه الوسيط بين سلطات الدولة وكذلك بين الدولة والمجتمع كما هو منصوص في المادة 55. من الأنسب لدولة مثل سوريا لديها تاريخ مع الحكم الفردي والمطلق تقليص صلاحية منصب رئيس الجمهورية وجعل صلاحيته التنفيذية موزعة بين منصب رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ومجلس الوزراء، وألا يكون لرئيس الجمهورية الحق في تشكيل او حل مجلس الوزراء الا بطلب من مجلس الشعب وألا يكون له اي دور في سن القوانين باستثناء التصديق عليها. هذا النظام يسمى في علم السياسة بالنظام البرلماني وهو كان مطبق (نوعا ما) في سوريا قبل وبعد الاستقلال باستثناء الفترات التي حكم فيها العسكر، فكان العسكر دائما يفضلون النظام الرئاسي لأنه يكرس السلطات بيد شخص واحد -رئيس الدولة-والذي بالعادة يكون هو الرجل القوي داخل القوات المسلحة.
  •  الصياغة ركيكة للمواد بالإضافة الى غياب التنظيم. نجد في نفس المادة مثلاً (المادة رقم 6) تتحدث عن التنوع الإيديولوجي وعن مساواة الجمعيات وعن الأمن وحقوق الأقليات والإرهاب وشروط هلامية لإنشاء الأحزاب السياسية! كثير من المواد على هذا الشكل.
  • هناك نقص وخلل في المواد المتعلقة بالحقوق والحريات. تم استخدام نفس الأسلوب القديم لدى الدول السلطوية في تقييد بعض الحقوق والحريات "وفقاً للقانون". فتصبح أغلب الحريات المنصوص عليها: حرية التجمع، حرية التنظيم، حرية التنقل، حرية الإعلام والصحافة متروكة لما يحدده القانون. فإذا قررت السلطة السياسية أن تعرف تلك الحقوق والحريات تعريفاً تعسفياً فلن تستطيع السلطة القضائية اعتبار ذلك مخالفاً للدستور لأن الدستور يعطي السلطة السياسية الحق في تعريف وتحديد تلك الحقوق والحريات من خلال القانون.
  • البند الثاني من المادة 49 والتي تقول "لا يجوز إعادة انتخاب نفس الشخص لمنصب رئيس الجمهورية الا لولاية واحدة تالية" هي نسخة طبق الأصل من الدستور الروسي والتي فسرت بأن لبوتين الحق في تولي رئاسة روسيا لولايتين ومن ثم التخلي عن رئاسة الدولة (عُين بعدها رئيسا للوزراء في حين أنه بقي الحاكم الفعلي) ليتولى ميد فيديف رئاسة الدولة لولاية واحدة وبعدها يتخلى عن السلطة لصالح بوتين ليأتي مرة اخرى!
  • إعطاء رئيس الجمهورية الحق في إعلان الاستفتاء العام حول اي موضوع يراه هام, وتعد نتيجة الاستفتاء إلزامية ولا يحق للمحكمة الدستورية أن تنظر في دستورية القوانين المطروحة على الاستفتاء الشعبي حتى لو كانت مخالفة لنص صريح في الدستور! يعني ذلك أن للرئيس أن يضرب بعرض الحائط اي شيء لا يعجبه وما عليه الا ان يطرحه للاستفتاء العام.
  • تحصين الحكومة من حجب الثقة بها اثناء حالة الطوارئ.
  • عدم تحديد فترة حالة الطوارئ وتركها مفتوحة لينظمها "القانون". عدم تحديد الصلاحيات المتغيرة اثناء تلك الفترة. ماذا لو حصل تعارض بينها وبين مواد اخرى في الدستور؟
  • أن يكونوا القضاة منتخبين كل 4 سنوات قابلة للتجديد من قبل جمعية المناطق مما يجعل قراتهم متأثرة بتوجهات الجمعية، ضد فكرة أن يكونوا القضاة متخبطين وخاصة لفترة قصيرة مما يجعل قراراتهم عرضة للتأثيرات السياسية. هل تتوقع أن يعترض القضاة على قانون وافقت عليه الجمعية في وقت سيتم طرح تجديد إنتخابهم بعد فترة قصيرة؟
  • المادة 80 المتعلقة بألية تغيير الدستور غير واضحة. هل يجوز لرئيس الجمهورية أن يرفض التوقيع على تعديل الدستور؟
  • المادة 82 المتعلقة بسريان احكام الدستور الخاصة بمدة ولاية رئيس الجمهورية، فإنها ستسري عليه بعد إنتهاء مدته الحالية اي في عام 2021, وبعدها له الحق في أن يترشح لفترتين كل فترة 7 سنوات, اي يستمر حكمه حتى عام 2035!

 

الأهم هو تقليص صلاحيات رئيس الجمهورية وتحويل النظام من نظام رئاسي الى نظام برلماني

يبقى المشروع الروسي غير ملزم ولكنه خطوة أفضل من الدستور المعمول به حاليا في سوريا، وهناك بعض الأفكار والأطروحات الإيجابية من الممكن الاستفادة منها. ولكن على القوى الوطنية أيضاً أن تطرح رؤيتها الدستورية الواضحة للمرحلة المقبلة. الموضوع الأهم هو تقليص صلاحيات رئيس الجمهورية وتحويل النظام من نظام رئاسي الى نظام برلماني تكون فيه صلاحيات رئيس الجمهورية محدودة ودوره فخري كما هو الحال في الجمهوريات البرلمانية (المانيا، سويسرا، الهند، اسرائيل، النمسا الخ). هذه المسألة هي ضرب عصفورين بحجر لأنها في أسوأ الحالات، لو بقي الأسد، فلن يكون له صلاحيات فعلية يستطيع من خلالها تحصين نفسه، وفي حال رحل الأسد فسنضمن مستقبلاً خالي من بشار أسد جديد.