المزيد  
واشنطن تؤكد استعدادها لدعم تركيا فيما يخص إدلب
ميلشيا الحشد الشعبي العراقي يرسل مقاتليه إلى خطوط الجبهة في إدلب
عميد كلية الطب بدمشق: أكثر من 150 ألف حالة إصابة بـ "كورونا" في دمشق وحدها
بينهم قتلى من الحرس الثوري.. غارات على مواقع للميليشيات الإيرانية بدير الزور
ميشيل عون: وجود السوريين في لبنان "عبئاً كبيراً" .. ونطلب مساعدة "الهجرة الدولية" لإعادتهم
آلاف العناصر من "داعش" لا يزالون يتحركون بحرية تامة بين سوريا والعراق
مشافي حلب تعاني من نفاد أكياس الجثث بسبب فيروس "كورونا"
وفد المعارضة لـ "أنا برس": تم إلغاء أعمال اللجنة الدستورية بسبب اكتشاف 3 حالات بـ "كورونا"

مملكة "أوغاريت" السوريّة.. مهد الأبجدية الأولى

 
   
13:10

http://anapress.net/a/289537185317253
3694
مشاهدة


مملكة "أوغاريت" السوريّة.. مهد الأبجدية الأولى
مدخل إلى قصر أوغاريت الملكي- أرشيفية

حجم الخط:

في العام 1928 اصطدم محراث فلاح يدعى "محمود ملا" بحجارة ضخمة، تبيّن لاحقًا أنها سقف لمدفن أرضي، بدأ بعد تلك الواقعة أعمال التنقيب الأثري والكشف في منطقة "رأس شمرا"، على يد عالم الآثار الفرنسي كلود فريدريك،  ليتم من خلال هذه الواقعة البسيطة اكتشاف مملكة "أوغاريت"، تلك المملكة الأثريّة القديمة التي قدّمت الأبجدية الأولى للبشرية.

 تقع مملكة "أوغاريت" في منطقة "رأس شمرا" التابعة لمحافظة اللاذقية على مسافة 12 كم شمالًا. كانت أوغاريت القديمة ضامة لعدد كبير من الممالك والمدن الصغيرة مثل "ابن هاني"، "سوكاس"، "سيانو"، "التويني"، وغيرهم.  وتحتل أوغاريت أهمية خاصة في آثار سوريا نظرًا لأنها قدمت أول أبجدية مكتوبة في التاريخ، وهي الأبجدية الأوغاريتية، التي تقترب من الأبجدية العربيّة. 

أسس الكنعانيون هذه المملكة في العصر البرونزي الحديث، حيث بيّنت الحفريّات أن أوغاريت هي الطبقة الأثرية الخامسة التي بنيت في الطبقة الأولى؛ إذ تعاقبت على الموقع خمس طبقات أثرية تنتمي لأشهر الممالك السورية القديمة.  وتم اكتشاف آثار خمس حضارات، ترجع الأولى إلى عاد 1600-1200 ق.م، والثانية إلى 2100-1600 ق.م، والثالثة في النصف الثاني من الألف الرابع وحتى 2100، والرابعة إلى النصف الأول من الألف الخماس والرابع قبل الميلاد، أما الخامسة والسفلى فتعود إلى العهد الحجري النيوليثي.

تتميز أوغاريت بموقعها الحيوي المطل على البحر المتوسط، ما مكنها من إقامة علاقات تجارية مع بحر إيجة، وقال أحد المؤرخين عنها  " أوغاريت كانت قوة سياسية بحرية منافسة لميسيناي ومنذرة للشركات الكبرى الفينيقية من صور وصيدا". 

تمثال أغاريتي

وتلفت الدراسات التاريخية إلى ازدهار العديد من الصناعات فيها مثل صناعة الأسلحة والفضة، فضلًا عن زراعة العنب والزيتون. وكان الملك في أوغاريت القديمة هو الحاكم والكاهم والسيد وقائد الجيش ويليه في المكانة النبلاء والكهنة ثم الموظفون والتجار والصناع. 

اكتشف في المدينة قصرا ملكيا بمساحة عشرة آلاف متر مربع، ولوحة الأبجدية التي عثر عليها على رقم طيني في ترتيب أقرب لترتيب الحروف الهجائية العربية، كما إنها تضم حروفًا ساكنة وأخرى متحركة، وكانت هذه الأبجدية قد اكتشفت في عهد نيقمادو الثاني الذي تزوج من أميرة مصرية تدعى "شاريلي".  

يقول العالم الفرنسي أندريه كاكو عن هذه الأبجدية: "إن الأبجدية الأوغاريتية، كما هو الحال في الفينيقي والآرامي والعبري والعربي، لهجةٌ تابعة للغات السامية "، كما يقول العالم السوفيتي شيفمان عنها: "تنتسب اللغة الأوغاريتية، من حيث التصنيف العام المعترف به إلى الفئة الكنعانية الأمورية من مجموعة اللغات السامية الشمالية الغربية".  

كانت الأبجدية الأوغاريتية من أوائل الكتابات المعتمدة على أشكال مبسطة، واستخدمت في تسجيل أساطير التقاليد المحلية، وكتابة النصوص عن الحياة اليومية كوثائق خاصة والعقود التجارية ومخطوطات الطقوس الدينيية.  وتم اعتمادها منذ القرن الثالث عشر أو الرابع عشر قبل المبلادـ واكتشف من الأبجدية 600 كلمة، كما تم اكتشاف رقم طيني في أوغاريت يحوي قطعة موسيقية تعود إلى القرن الرابع عشر قبل الميلاد.

وقد قال العالم جورج بيروت أمام الأكاديمية الفرنسية في 17شباط عام 1950م: "لا شك أننا لن نعرف أبداً اسم مخترع الأبجدية، ولكننا نعرف الآن أنه فينيقي أو بشكل أعم سوري، ويمكننا القول أن شعباً أنجز مثل هذه المعجزة يستحق عرفاننا بالجميل، وله الحق بمكان متميز في تاريخ العالم".

أما الباحث الأثري د. علي أبو عساف فقال: "نلاحظ أن معظم العلماء المهتمين بدراسة اللغات الشرقية قللوا من استشهادهم بمفردات اللغة العربية وقواعدها حين يدرسون نصاً أوغاريتياً أو آرامياً، إن اللغة التي نتحدث عنها ليست سوى المرحلة النهائية التي تطورت إليها لغات بلادنا القديمة، التي وصلت إلينا بالخط المسماري أو بالأحرف الأبجدية، فهي إذا وريثة تلك اللهجات بكل ما في هذه الكلمة من معنى".

تعرضت أوغاريت لدمار واسع قضى على المدينة، ويرجح أن يكون السبب كامنًا في لزلزال شامل أسهم في تدميرها، فيما يرجح آخرون تعرضها لغزو تسبب في تدميرها، وتعد أوغاريت من المزارات السياحية الهامة في سوريا، والتي أدت ظروف الحرب إلى تعرضها للإهمال والتهميش.