http://anapress.net/a/568352197758422
خرج من منزله يقصد طلب الرزق لأبنائه كما جرت العادة خلال أعوام الثورة والحصار التي أمضاها "محمد يونس واوية" داخل مدينة دوما التي لم يغادرها وبقي هو وأطفاله يصارعون غارات الطائرات الروسية وقذائف المدفعية التي تنهال عليهم بشكل يومي من قبل قوات الأسد وحليفه الروسي، دون أية بارقة أمل تريحهم مما يعانونه بشكل شبه يومي.
بعض الحلوى والبسكويت وعبوات صغيرة ملأها بالمحروقات لبيعها في محله المتهدم الكائن في سوق مدينة دوما هي كل ما كانت تحتويه بسطته الصغيرة التي افترشها على الرصيف المقابل لدكانه، وببساطة الشعب المحاصر في غوطة دمشق جلس على كرسيّه ينتظر بيع بضاعته ليعود بثمن رغيف الخبز لأسرته التي لم يكن يعلم أنه لن يراها بعد يومه هذا.
في صباح يوم الثلاثاء التاسع من يناير/كانون الثاني الجاري بقي "محمد واوية" جالساً على كرسيّه وسط الدمار الكبير الذي خلّفته إحدى قذائف المدفعية التي أرسلتها قوات الأسد لسوق الخضرة، حتى أنه لم يقم بتعديل جلسته، وغير آبه بالضجيج الكبير الذي بدا حوله من صوت سيارات الاسعاف، وهدير الطائرات في سماء مدينة دوما، وكان هنالك بقايا من بسطته التي تناثرت هنا وهناك لم يلتفت أحد إليها من المارة؛ لأن هول المشهد الذي بات عليه "محمد" كان أشد و أكبر من أن يلتفتوا إلى ما سواه، فعندما كان ينتظر قدوم الزبائن لبيع ما لديه فوجئ بإحدى الشظايا المتطايرة من القذيفة التي سقطت بقربه، والتي أسفرت عن فصل رأسه عن جسده بالكامل.
لم يكن محمد من العسكريين ولم يخرج إلى جبهات القتال.. كان مدنياً بامتياز أجبرته ظروف الحصار وعدم وجود أشغال في مدينة دوما للجوء إلى فتح بسطته الصغيرة في سوق الخضرة ليكفي عائلته مغبّة السؤال عند المنظمات الإغاثية، ولكن كل ذلك لم يشفع له من الاستهداف الذي تسبب بدمار عائلته التي باتت بلا معيل.
ويحسب ما أفاد مراسل "أنا برس" في غوطة دمشق فإن المشهد الحادث هو الثاني من نوعه في الغوطة الشرقية فقد سبقه ذات المشهد وصورة تكاد طبق الأصل لما جرى في العام 2016 وفي مدينة دوما أيضاً بذات السوق الذي تتعمد قوات الأسد استهدافه مع كل عملية تصعيد عسكري على المنطقة.
وتجدر الإشارة إلى أن معظم مدن وبلدات الغوطة الشرقية تشهد تصعيداً عسكرياً من قبل قوات الأسد والميليشيات لموالية لها منذ منتصف ديسمبر/كانون الأول من العام 2017 الماضي على الرغم من دخولها ضمن مناطق خفض الأعمال العسكرية، وتسببت صباح اليوم القذائف التي طالت أطراف مدينة دوما بحدوث سبعة حالات اختناق بغاز الكلور معظمهم من النساء.
وبحسب ما أفادة مديرية الصحة التابعة للحكومة السورية المؤقتة فقد تم معالجة المصابين بحالات الاختناق في مشفى ريف دمشق التخصصي، وظهر عليهم اضطراب تنفسي بسيط وزلة تنفسية وهياج بسيط دون تبقض حدقي، أصوات الصدر ضمن الطبيعة عدا سيدة تم تدبير معالجتها لوقت أطول بالإرذاذ و الاكسجين.
محمد يونس مع ابنته
صورة لمحمد مقطوع الرأس