المزيد  
واشنطن تؤكد استعدادها لدعم تركيا فيما يخص إدلب
ميلشيا الحشد الشعبي العراقي يرسل مقاتليه إلى خطوط الجبهة في إدلب
عميد كلية الطب بدمشق: أكثر من 150 ألف حالة إصابة بـ "كورونا" في دمشق وحدها
بينهم قتلى من الحرس الثوري.. غارات على مواقع للميليشيات الإيرانية بدير الزور
ميشيل عون: وجود السوريين في لبنان "عبئاً كبيراً" .. ونطلب مساعدة "الهجرة الدولية" لإعادتهم
آلاف العناصر من "داعش" لا يزالون يتحركون بحرية تامة بين سوريا والعراق
مشافي حلب تعاني من نفاد أكياس الجثث بسبب فيروس "كورونا"
وفد المعارضة لـ "أنا برس": تم إلغاء أعمال اللجنة الدستورية بسبب اكتشاف 3 حالات بـ "كورونا"

من التدريس للإعلام للطب.. رحلة شاب سوري من الغوطة للشمال إلى تركيا

 
   
12:11

http://anapress.net/a/453777939343396
304
مشاهدة


من التدريس للإعلام للطب.. رحلة شاب سوري من الغوطة للشمال إلى تركيا
حاتم- أنا برس

حجم الخط:

"بدأت حياتي بعد أن صُبِغَت بأحلام والدي لأدرس وأتابع مسيرتي التعليمية، ساعدتني عائلتي وقدمت لي كل ما يمكن حتى النجاح.. في العام 2013 حصلت على الشهادة الثانوية بدرجات عالية جداً في ظل الثورة السورية، حلمي الشخصي كان هندسة العمارة أو طب الأسنان ولم استطع الحصول عليه بسبب تخلفي عن الخدمة العسكرية ووجودي بمنطقة المعارضة وأراضي الثورة التي حرم الأسد أهلها من الدخول والخروج منها".

حاتم الحبيش 25 عاماً من أهالي الغوطة الشرقية، يعيش في بلدة حزرما مع عائلته، وهو ناشط إعلامي ومدرس ابتدائي، عاش سنواته الأخيرة في الغوطة الشرقية المحاصرة قرب العاصمة دمشق، لم يتخل عن أحلامه وتابع مسيرته الدراسية وحقق المزيد من النجاح وقدم ما لديه من علم لأبناء الغوطة؛ سعياً منه لبناء جيل صاعد متعلم رغم القصف والحرب، ووثق جرائم الأسد بأنواعها بكاميرته وكلماته التي نقلها للعالم وتجاربه التي مرت معه أثناء وجوده في الغوطة وحتى بعد تهجيره منها إلى الشمال السوري وصولاً إلى الدولة المجاورة تركيا.

حاتم يقول: "عندما وجدت نفسي محاطاً بمتاعب ومشاق الحياة وأمام خيارات الظلم والقهر المفروضة من الأسد وحلفائه، حاولت أن أحصل على أوراقي الثبوتية التي خسرتها فيما سبق، وبعد محاولات شديدة وصلتني شهادة الثانوية التي تثبت تحصيلي العلمي.. عملت في الغوطة في ظل الحصار وانضممت لصفوف الثورة السورية ورأيت نفسي أحمل واجباً مهنياً من خلال الإعلام لنقل معاناة الأطفال والمدنيين عموماً ليراها العالم ويعلم مدى وحقيقة الظلم الحاصل في قطعة جغرافية تتسرب منها الدماء والآهات".

حاتم الذي جمع بين مهنتي التدريس والإعلام، لم يقف طموحه عند ذلك الحد، فقد أبدى حرصاً شديداً على تعلم المزيد من المجالات الأخرى
 

حاتم الذي جمع بين مهنتي التدريس والإعلام، لم يقف طموحه عند ذلك الحد، فقد أبدى حرصاً شديداً على تعلم المزيد من المجالات الأخرى، أي منها يخدم قضيته الرئيسية، وهي "قضية الثورة".

"عملي في الصحافة الإعلام حفزني من جديد على الدراسة والتعلم من جديد للحصول على شهادات أعلى، رغم إثبات وجودي في المنظمات العاملة في المشاريع، وشاركت بدورات أسس إدارة مشاريع والإدارة المالية.. وعندما افتتح مختصون فرعاً لجامعة حلب في الغوطة الشرقية تابعة لائتلاف قوى الثورة السورية، سارعت بالتسجيل بها ودخلت فرع طب الأسنان بناءً على الدرجات الحاصل عليها مسبقاً، لكن بسبب ظروفي المادية الصعبة لم استطع الدوام في السنة التي سجلت بها بشكل مباشر، وإنما أجلت دخولي إليها للسنة المقبلة، وتابعت فعلياً فيما بعد وتجاوزت السنة الأولى وأنا أخط بيدي طريق مستقبلي وحلمي في ظل ثورة الكرامة والحرية".

ويضيف: فيما بعد توترت الأوضاع في المنطقة، وزاد التصعيد الجوي والعسكري عليها، ودمرت الطائرات البنى التحتية للمدارس والكليات والجامعات المستحدثة ومعظم الأبنية السكنية، وصولاً لمرحلة التهجير التي كنا خلالها في مرحلة الدوام في الجامعة، ما أدى لتوقف وتعطل الدوام بالكامل فرضت علينا الحملة العسكرية من الأسد وحلفائه التهجير من الغوطة إلى الشمال السوري تاركين أحلامنا وأملاكنا والكثير من أهالينا وأقاربنا منهم الأحياء ومنهم الشهداء الذين قتلتهم نيران وحمم الصواريخ والقذائف.

يصف حاتم لدى حديثه مع "أنا برس" لحظة وصوله إلى الشمال السوري بـ "الصدمة"، ويقول إن العذاب والقهر في كل تفاصيل الحياة الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية، حتى فرص العمل كانت شبه معدومة، عدا عن الحياة والعادات والتقاليد التي لم نستطع التأقلم معها، كانت المنطقة مفتوحة للعالم لكن في مجال دراستي فاجأتني المعلومات التي حصلت عليها بعدم الاعتراف بالجامعة التي كنت أدرس بها، فكان قراري كالكثير من الشباب بالانتقال إلى تركيا للحصول على فرصة تعليمية أخرى. (اقرأ/ي أيضاً: حكاية سلاح حولته أيادٍ بشرية من آلة للقتل إلى رسالة حب وسلام).

"أما عن تركيا فلن أحدثكم عن صعوبة الطريق وآلامه وعن القهر الذي يلاقيه من يرغب بدخول تركيا فلن يستطيع اللسان وصف المعاناة، وصلت إلى تركيا وأنا في حالة من العدم من الناحية الاقتصادية، لم أسقط ولم أسمح للواقع بقتلي.. بل فور وصولي دخلت معهد تعليم اللغة التركية والذي يعطي شهادة التومر المعترف عليها في تركيا، في ذات الوقت خلال دراستي عملت للحصول على بعض المال لأتمكن من الاستمرار في حياتي ولكن التعب فرض علي التوقف عن التعليم والاستمرار في العمل".

كان لدى حاتم صديق عزيز لكلامه وقعٌ مؤثر على قلبه، يعطيه الأمل كلما وجد نفسه في كابوس الظلام، يساعده على تمكين أساساته التعليمية كلما كادت أن تنهار.. "أبو ياسر" شاب يفوقه علماً وعمراً كان بجانبه كالأخ يحفزه على الاستمرار في التحصيل العلمي، وخصوصاً عندما ينظر حاتم حوله ويجد أصدقائه الذين كانوا معه وصلوا لمراحل تعليمية متقدمة.

ويذكر حاتم خلال حديثه أنه طالما كان يعود بذكرياته إلى طلابه في المدرسة داخل الغوطة المحاصرة عندما قصفتهم الطائرات الحربية، وفقد مجموعة من الطلاب حياتهم وأصيب آخرون، فكان له من تلك المواقف عبرة للإصرار على الاستمرار في التحصيل العلمي والنجاح أكثر وأكثر.

"ثورتي في عامها الثامن أفتخر بها وأناضل من أجلها، ففيها المظلومون وفيها المقهورون، ويملؤها السلام ويتخللها حقد الأسد وحلفائه على أبناء الشعب السوري الذين طالبوا بحريتهم وكرامتهم، ووجدوا أنفسهم ضحية مطالب صغيرة محقة لينتقلوا من الظلام إلى النور، وعلمي وأهدافي لا تختلف أهميتها عن أهمية نقل معاناة المظلومين حتى بالكلمة المعنوية، رغم عدم وجودي بينهم الآن لكني أعلم مدى آلامهم وأحزانهم التي واجهتهم ووقفوا أمامها كالجبال الشاهقة لا يضرها بعض السيول التي تسير أمامها".