المزيد  
واشنطن تؤكد استعدادها لدعم تركيا فيما يخص إدلب
ميلشيا الحشد الشعبي العراقي يرسل مقاتليه إلى خطوط الجبهة في إدلب
عميد كلية الطب بدمشق: أكثر من 150 ألف حالة إصابة بـ "كورونا" في دمشق وحدها
بينهم قتلى من الحرس الثوري.. غارات على مواقع للميليشيات الإيرانية بدير الزور
ميشيل عون: وجود السوريين في لبنان "عبئاً كبيراً" .. ونطلب مساعدة "الهجرة الدولية" لإعادتهم
آلاف العناصر من "داعش" لا يزالون يتحركون بحرية تامة بين سوريا والعراق
مشافي حلب تعاني من نفاد أكياس الجثث بسبب فيروس "كورونا"
وفد المعارضة لـ "أنا برس": تم إلغاء أعمال اللجنة الدستورية بسبب اكتشاف 3 حالات بـ "كورونا"

أنا برس.. سوريات كادحات في تركيا (تحقيق)

 
   
12:37

http://anapress.net/a/174073028367374
1076
مشاهدة


أنا برس.. سوريات كادحات في تركيا (تحقيق)

حجم الخط:

تعترف تركيا وعلى لسان كبار مسؤوليها أن السوريين الذين دخلوا أراضيها بصفة لاجئين لم يكونوا عبئاً عليها بل على العكس، فلقد انخرطوا في سوق العمل وأسهموا في إنعاش الاقتصاد التركي، ولأن المرأة السورية كانت تلعب دورها منذ زمن بعيد في الوقوف جنباً إلى جنب مع الرجل لتعينه على صعوبات الحياة، كان لها أيضاً دورها البارز في ظروف اللجوء الصعبة في تركيا، وأصبحت المرأة تحمل مسؤوليات كبيرة خارج المنزل لتكون عوناً للرجل في تأمين أقل مقومات الحياة لمنزلها في ظل الظروف الصعبة، من خلال انخراطها في سوق العمل، إضافة إلى تحد ضخم يتجسد في المحافظة على زرع القيم الأخلاقية والتعليمية لدى أطفالها، والمحافظة على هذه القيم التربوية، وخصوصاً أن البيئة المحيطة بهم أصبحت تختلف كلياً عن بيئتهم السابقة في سوريا.

أرقام السوريين المقيمين في تركيا لست بالقليلة فعدد السوريين الذين دخلوا إلى تركيا منذ بداية احتجاجات 2011 فاق المليونين وثمانمئة ألف لاجئ سوري بحسب الإحصائيات الرسمية للدولة التركية، وبحسب الإحصائية فقد استقبلت مدينة اسطنبول وحدها 394 الف و 556 لاجئ .

 فيما تتركز كثافة اللاجئين السوريين في الولايات الجنوبية والجنوبية الغربية مثل (غازي عنتاب –كلس –الريحانية – مرسين وانطاكية).

ومن خلال لقائنا مع شريحة من النساء السوريات في مدينة غازي عنتاب التركية تبين لنا أن أكثر هؤلاء النساء يعملن في السوق التركية في عدة مجالات ليتمكنّ من مساعدة أزواجهن على صعوبات الحياة، أما العزباوات منهن فيعملن أيضاً كي يكن عوناً لأهاليهن، كما التقينا عدداً من النساء اللاتي فقدن أزواجهن وأهاليهن بسبب الحرب لتصبح الواحدة منهن المعيل الوحيد لعدد من الأطفال الذين يتمتهم الحرب.

إيجابيات وسلبيات

فما هي إيجابيات وسلبيات عمل المرآة خارج بيتها وخصوصاً أنها تُعتبر غريبة ولا سند لها في بلاد اللجوء؟ (ر- م)  متزوجة ولديها أربعة أولاد، اضطرت للانخراط في سوق العمل داخل تركيا، بعد نزوحها وعائلتها من سوريا. وتقول: جئنا إلى تركيا وانصدمنا بالواقع المرير ، وليس من السهولة بمكان أن نجد عملاً في تركيا ، فأصبح زوجي يبحث عن عمل له ، وبعد عناء طويل ومرور شهر تقريباً، استطاع زوجي أن يجد عمل في مغسلة للسيارات بأجر قليل جداً .

السيدات السوريات ضربن أروع الأمثلة في الكد والعمل

وتتابع: ما يتقاضاه زوجي من عمله لم يكن كافياً لدفع أجار البيت، وفواتير الماء والكهرباء فمرتبه الشهري لا يتجاوز /700/ ليرة تركيا، لذا قررت أن أعمل بأي عمل لكي أكون عوناً له في تلبية مصاريف الحياة الكثيرة هنا في تركيا، علماً أنني لم أعمل بحياتي أي عمل، لأن أحوالنا في سوريا كانت ولله الحمد جيدة نوعاً ما، وكانت مسؤوليتي في سورية تنحصر في رعاية البيت والأطفال .

"بحثت عن عمل، ولكن للأسف لم أجد" تقول (ر.م)، مردفة: استمرت معاناتي أكثر من شهرين وأنا أبحث، وفي إحدى المرات عُرض علي أن أعمل خادمة في إحدى البيوت، وبعد أخذ ورد لم أجد نفسي إلا وأنا أعمل خادمة،  وبقيت أعمل لمدة 3 شهور ، ثم توقفت عن العمل لظروف تخص أصحاب البيت ، لتبدأ معاناتي من جديد بالبحث عن عمل آخر، واضطررت أن أعمل بدلالة البيوت " أي تقوم بإرشاد من يريد منزلاً للإجار" مع العلم أن هذه المهنة ، هي مهنة للرجال، ولكن لم أجد غيرها أمامي .

وتستطرد: مهنة "الدلالة" كانت تدر علي مبالغ جيدة، وأصبحت أمورنا المادية أفضل نوعا ما، ولكن كما يُقال (المنحوس ... منحوس ) فلقد توقف عملي أيضاً في هذا المجال.أمر اضطرني للبحثت عن عمل من جديد، وفي هذه المرة وحسب علاقاتي التي كسبتها ، حصلت على عمل في "بوفيه" في شركة تجارية و براتب 500 ليرة تركية.

وتختم حديثها: من أهم سلبيات عمل المرأة، وخاصة هنا في تركيا وبسبب ساعات العمل الطويلة، هو إهمال واضح في تربية الأولاد والبيت والزوج ، فقد كان زوجي غير راض بأن أعمل، ولكن ظروف المعيشة كانت تجبره على الرضوخ للواقع المرير .

لا خيارات

أما (ن.ح) ثلاثينة متزوجة ولها ثلاثة أطفال لم تجد أمامها خياراً سوى الهروب إلى تركيا بعدما طلبت حكومة الأسد زوجها لخدمة الإحتياط في صفوف جيش النظام، تقول: ليس لنا أحد في تركيا، ولكنني قلت لزوجي دعنا نهرب إلى تركيا وأنا مستعدة للعيش في العراء وأفضل أن آكل التراب على أن تقاتل في صفوف من يقتل شعبه، وكان ذلك.

وتضيف: تمكن زوجي من العمل كمدرس في المدارس التركية المخصصة للسوريين بعد شهر من، وصولنا ولكن مرتبه لم يكن كافياً إلا لبدل آجار البيت الذي نعيش به، أمر اضطرني للتدريس أنا أيضاً في هذه المدارس لأعين زوجي على متاعب الحياة ومستلزماتها.. أرى نفسي محظوظة وزجي لأننا نحمل شهادات جامعية مكنتنا من الحصول على وظيفة التدريس التي تعتبر مهنة الأنبياء، ولكنني أدفع ضريبة عملي خارج المنزل بصراحة، وأشعر أن أطفالنا يدفعون الثمن فنحن لا نملك الوقت للجلوس معهم كثيراً، وخصوصاً أن أولادي حرموا من أخوالهم وأعمامهم وأقاربهم وليس لنا أي أقرباء هنا في تركيا

وتختم حديثها: أشعر بالحزن كثيراً على أطفالي فنظام الأسد أجرم بحق جيل بأكمله، فحتى الأطفال الذين نجوا من جرائم الأسد مثل أطفالي، يعانون من الوحدة ويشعرون دائماً بالحزن وقلما أرى الابتسامة على وجوههم، بسبب غيابي الطويل عنهم.

آنسات كادحات

ليست المتزوجات فقط هن من اضطررن لدخول سوق العمل في تركيا، فهناك نساء يعملن في تركيا ليتمكن من إعالة أهلهم. (ف.ك) 37 عاماً، تقول: اضطرت للعمل في تركيا لتعين والديها العجوزين المقيمين في مناطق سيطرة النظام في حلب.. وبعدما أمّنت لي صديقتي المقيمة في تركيا فرصة عمل لي قبل سنتين في غازي عنتاب ذهبت لأسكن في منزلها، ولله الحمد أنا أعمل الآن بواقع دوامين في اليوم لأتمكن من مساعدة أمي وأبي الذين قررا ألا يتركا مدينة حلب

 وتتابع: أنا سعيدة في العمل كمدبرة في مدرسة سورية خاصة، وأعتني الآن بنظافة المدرسة وأشعر أنني أقدم رسالة من خلال عملي في المدرسة من حيث عنايتي بنظافتها، وأتقاضى 1200 ليرة تركية شهرياً تمكنني من سد حاجتي وحاجة أهلي في سوريا، وتقيني وتقي أهلي من الحاجة للأخرين.

وتردف: أحمد الله أنني أعمل مع السوريين فهم يرأفون بحالي أكثر من نظرائهم الأتراك، فلي صديقات كثر يعملن مع الأتراك ويتعرضن للاستغلال من خلال ساعات العمل الطويلة وبمردود مادي متواضع جداً.

مشكلات

مشاكل عدة تعترض لها المرأة بشكل عام أثناء عملها خارج المنزل. الأخصائية الاجتماعية أماني سندة تفند هذه المشكلات وتقول: إن من أهم المشكلات التي تواجه المرأة في هذا المجال، هو اختلاف الأدوار فثقافتنا كسوريين هي أن دور المرأة ينحصر في تربية الأطفال والعناية بالمنزل، فيما يكون الزوج مسؤولاً عن الأعمال خارج المنزل لتأمين احتياجات الأسرة، ولكن عدم توافر فرص عمل مناسبة للزوج خارج المنزل تكفيه لسد احتياجات أسرته، دفع المرأة للخوض في سوق العمل أيضاً لتعين زوجها، ما جعلها تحمل عبئاً آخر لتحمل بذلك دور الرجل إضافة إلى دورها الأساسي داخل المنزل.

وتتابع: ليست هذه المشكلة الوحيدة التي تواجه المرأة السورية فهناك مشكلة اللغة أيضاً، حيث تتعرض المرأة لمواقف لا تفهمها ولا تدري كيف ستتصرف إزاء هذه المواقف، مما يعرضها للحرج، ناهيك عن الاستغلال الذي تتعرض له المرأة السورية من خلال العمل لساعات طويلة وبأجور بخسة

وتضيف: ساعات العمل الطويلة هذه حرمت المرأة من ساعات الراحة، وحرمتها أيضاً من حياتها الخاصة ثقافياً، واجتماعياً، وهذا ما يسمى "الاحتراق الوظيفي" الذي يجعل المرأة دائماً في حالة توتر وتعب واكتئاب، ناهيك عن أن معظم النساء السوريات هنا في تركيا يفتقدن لأهاليهن وأقاربهن الذين لا يزالون في سوريا أو يعيشون في أماكن أخرى كأوربا أو الدول العربية، ما يجعل المرأة العاملة في سوريا تفتقد للدعم الاجتماعي والنفسي، ناهيك عن غياب العلاقات الاجتماعية مع المجتمع التركي بسبب حاجز اللغة.

وتختم الاخصائية الاجتماعي أماني سندة: هنالك نوع خطير من الاستغلال الذي تعرضت له بعض السيدات أثناء العمل وهو الاستغلال الجنسي والتحرش من قبل رب العمل، و إن أردنا أن نستنتج من هو الذي يدفع الثمن سنقول المرأة السورية والأطفال الذين حرموا من حنان أمهم وتربيتها ودعمها لهم بسبب غيابها عنهم لساعات طويلة، وعودتها إليهم متعبة ومكتئبة.

جهود

وبدورها، فإن المديرة التنفيذية في جمعية زنوبيا التي تعنى بحقوق ورعاية شؤون المرأة السورية في تركيا أحلام الميلاجي تقول: للأسف في غياب الجهات الرسمية المعنية بشؤون المرأة  السورية في تركيا وعملها ، كان لابد أن تتصدى المنظمات والجمعيات لهذه المهمة.. وعملنا في جمعية زنوبيا يتضمن عدة ملفات وأهمها هو ملف التشغيل للمرأة السورية في عمل يناسبها ويليق بها

 وتوضح السيدة أحلام : العمل على الرعاية والاهتمام بالمرأة السورية في تركيا  بدأ منذ سنتين من خلال مجموعات صغيرة في منبر الشام في بلبل زادة  واتحاد المرأة السورية ، ولكن عملنا في جمعية زنوبيا بدأ منذ 3 أشهر فقط .. كل النساء اللواتي تم توظيفهن في مكاتب الحكومة المؤقتة كمدبرات ومهتمات بشؤون النظافة ،هن أرامل وتم توظيفهم من قبل المجموعات التي حدثتكم عنها، علماً أنه تم تأمين العمل للكثير من السيدات في روضات تعليمية وأعمال أخرى تليق بهم.

وتضيف: الآن نحن بجمعية زنوبيا سننطلق بمشروع كبير لأول مرة في تركيا من هذا النوع، و اسم المشروع زنوبيا دوت كووم ، وسيقوم المشروع بجمع أكبر داتا للنساء اللواتي تبحثن عن عمل، وسيقوم بإحصاء الأرقام الحقيقية للوقوف بدقة عند هذه الأرقام ، لأنه لا توجد إحصائية للسيدات السوريات  العاملات وغير العاملات في تركيا .

وتضيف: حاليا توجد 30 أسرة منضمة إلى جمعية زنوبيا ، حيث تم توظيف 3 سيدات في أعمال مناسبة ، صحيح أنه رقم صغير ولكنني أعتبره انجازاً بالنسبة لبداية جمعية زنوبيا، لأنها غيرت حياة 3 عائلات .

وتختم أحلام: أريد من خلالكم أن أوجه دعوة لكل المنظمات السورية المختصة برعاية شؤون السوريين في تركيا، وأناشد الأخوة التجار والصناعيين السوريين في تركيا ، أن يمدوا يد العون للأسر السورية، فهناك 150 منظمة مسجلة ، عدا المنظمات الغير مسجلة، فلو أن كل منظمة من هذه المنظمات أو تاجر واحد من التجار وغيرهم قام برعاية وتكفل أسرتين أو ثلاث أسر، من خلال توظيف السيدات أو كفالة الأطفال من ناحية الدراسة أو ما إلى ذلك، لكنا حللنا مشاكل الأسر السورية في تركيا. وبهذا العمل نكون قد فعلنا التواصل بين المنظمات والأسر السورية ،فالكثير من المنظمات بعيدة جداً للأسف عن التواصل مع الأسر السورية .لذلك أتمنى أن يصل صوتنا إلى كل من يهمه أمر الأسر السورية في تركيا.