أحمد طعمة لـ "أنا برس": صقور إدارة ترامب عائدة إلى الملف السوري بقوة

أكد الرئيس السابق للحكومة المؤقتة الدكتور أحمد طعمة أن صقور إدارة ترامب ستعود إلى الملف السوري بقوة، متوقعًا كذلك شدًا وجذبًا كبيرًا بين روسيا وإيران، لاسيما وأنه ليس من مصلحة طهران نجاح محادثات الأستانة أو جنيف أو أن يكون هنالك حلًا سياسيًا في سوريا. ذلك في الوقت الذي رأى فيه أن "الإيرانيين كان لهم دور في كل الإشكالات الأخيرة التي حصلت في تركيا، بما في ذلك ما حصل من إطلاق نار في ليلة رأس السنة".

وأوضح –في حوار خاص مع "أنا برس"- أن  مؤتمر الاستانة قد حقق ما كان مطلوباً منه وهو التمهيد للقاءات جنيف وقد جمع بين المعارضة العسكرية المسلحة والنظام في على طاولة واحدة في جلسة الافتتاح، فمجرد جلوسهم في قاعة واحدة هو بحد ذاته هو كسر لمجموعة من الخطوط الحمراء..وإلى تفاصيل الحوار:

هل انكفأ الدور الأمريكي في الملف السوري لصالح روسيا وسلمت واشطن الملف لروسيا، أم أن صقور إدارة ترمب ستعود إلى الملف السوري بقوة؟

لا أعتقد أن الدور الأمريكي قد انكفأ في الملف السوري لصالح روسيا ولكن لكل دوره، لافروف (وزير الخارجية الروسي) قال: علينا أن لا ننسى الجهود الكبيرة التي تمت بين روسيا وأمريكا في الملف السوري، هذه نقطة. والنقطة الثانية أيضاً أعتقد أن قرار مجلس الأمن الصادر بتاريخ 31 ديسمبر (كانون الأول) 2016 كان واضحاً تماماَ إذ أرجع الأمور إلى نصابها واعتبر الاستانة هي خطوة في طريق الحل السياسي والذي سيتم في جنيف، وركز على بيان جنيف1 والقرار 2254 الصادر من مجلس الأمن. كما أنه أثناء مؤتمر الاستانة قال السفير البريطاني بمنتهى الوضوح  أن الاستانة لا ينبغي أن تكون أكثر من خطوة في طريق الحل، وأساس الحل يكمن في المفاوضات في جنيف.

وهناك نقطة أخرى ينبغي أن نأخذها بعين الاعتبار وهي أن صقور الإدارة الأمريكية سيعودن إلى الملف السوري وبقوة، وما يدلل على ذلك أن تقريرًا صدر الشهر الماضي (وهو تقرير جمهوري ديمقراطي مشترك، واشترك في الإشراف عليه كل من مادلين أولبريت وزير ة الخارجية الامريكية السابقة وكذلك ستيفان هادلي مستشار الأمن القومي في عهد بوش الأبن) تحدث هذا التقرير بوضوح عن الانعزالية التي سارت عليها الإدارة الامريكية في عهد أوباما والخروج التدريجي من الشرق الأوسط التي كانت كارثية، وأنه ينبغي على الولايات الامريكية أن تعود إلى الشرق الأوسط. وأعتقد بأن صقور الإدارة الامريكية سيعودن وبقوة إلى المنطقة وذلك من خلال الملف السوري والعراقي

برأيك، من يمسك بزمام الأمور في سوريا هل إيران أم روسيا؟

أعتقد أنه سوف يحدث شدًا وجذبًا كبيرًا بين روسيا وإيران؛ فروسيا في الآوانة الأخيرة بدأت تخشى فيما لو مضت بخيار غروزني أي تدمير المعارضة السورية المسلحة تدميراً شاملاً في شمال سوريا وجنوبها، أن يحصل بها كما حصل بالولايات المتحدة الأمريكية عندما سحقت نظام صدام حسين في العام 2003 وأخرجت السنة العرب من المعادلة السياسية فجعلت العراق لقمة سائغة وجعلت العراق حديقة خلفية لإيران. الروس لا يريدون أن يرتكبوا نفس الخطأ، وهم يعرفون بأنهم إذا سحقوا المعارضة فالمستفيد الأول في سوريا ستكونن "إيران"؛ لذلك روسيا تريد أن يكون لها علاقات جيدة وإيجابية في الفترة القادمة مع المعارضة السورية عبر الوساطة التركية.

بالمناسبة هناك بعض الطروحات التي طرحت في الاستانة، هي أن الروس قد قدموا عددًا من التعهدات للمعارضة العسكرية السورية تتضمن بأنه سيكون لهم مقعداً في جنيف أثناء المفاوضات القادمة، وكما يمكن أن يكون لهم دوراً كبير في تقرير وضع مستقبل سوريا، يعني مثال كأن يكون للقيادة العسكرية مقاعد مهمة في المجلس العسكري السوري المحتمل أن يقام ببداية المرحلة الانتقالية في سوريا.

وهل فعلاً سنشهد خلافا روسيًا إيرانيًا وفق ما نرى من مناورات إيرانية لإفشال مؤتمر الاستانة؟

إيران ليس من مصلحتها أن تنجح الاستانة، وليس من مصلحتها الانتقال باتجاه الحل السياسي لأن ذلك سيؤدي إلى تقليص نفوذها في سوريا. كما ذكرنا آنفاً سيحصل شد وجذب بين طهران وموسكو وسيحاول كل طرف من توسيع رقعة سيطرته، ولكن تقديري أنه في أي حل سياسي في سوريا ستحصل إيران على أقل ما هي حاصلة عليها الآن، وبالتالي فشل مشروعها التوسعي في سوريا والمنطقة بأكملها. وإذا صحت النظرية التي تقول ان هناك ارتباطاً سرياً بين إيران وتنظيم الدولة أو بعض الجماعات المتطرفة والمتشددة فهو يفسر لنا الكثيرر والكثير مما يحدث في سوريا على الأرض، سواء في دير الزور أو الهجوم على مطار التيفور بحمص أو ما يجري الآن في إدلب.

نقاط خلاف كبيرة بين تركيا وإيران، فيما يخص الملف السوري، برأيك كيف يمكن التوصل لنقاط مشتركة بينهما لوضع أسس الحل في سوريا؟

نعم هناك خلافات شديدة جداً بين أنقرة وطهران، إيران تريد سوريا معبراً لها واستكمالاً لهلالها الشيعي، وتريد أن تجعل من سوريا سداً بين تركيا والعالم العربي وهذا مالا تريده تركيا. وبالنسبة لتركيا فإن أكبر خطر حقيقي يهددها الآن هو التمدد الإيراني في المنطقة، وأعتقد أن الإيرانيين كان لهم دور في كل الإشكالات الأخيرة التي حصلت في تركيا، بما في ذلك ما حصل من إطلاق نار في ليلة رأس السنة، وهذا ما ستثبته الأيام القادمة.

تركيا تفاهمت مع روسيا على عدة نقاط بالنسبة لسوريا، وباعتقادي سوف تنسق أيضاً مع الإدارة الأمريكية الجديدة في الفترة القادمة وفي ظل إدارة ترامب، سيكون وضع الإيرانيين أصعب فتركيا تعرف أنه من الصعب التعاون والتنسيق مع إيران، وباعتقادي بأنه لن يحصل أي تفاهم بين تركيا وإيران بما يخص الملف السوري، فالإيرانيين يعتبرون تركيا بلداً غازياً ومحتلاً لسوريا, والمعروف أن ايران ومليشياتها هي المحتلة لسوريا.

هناك تسابق بين الأطراف للوصول إلى مدينة الباب والسيطرة عليها، برأيك هل سينفجر الوضع هناك ما بين النظام وتركيا؟

النظام السوري يريد أن يسبق الأتراك إلى دخول الباب وربما يتواطأ تنظيم الدولة في مدينة الباب مع النظام السوري بحيث يمكنه من دخول منطقة الباب قبل أن تستطيع تركيا أن تحرر الباب بأكملها. هذا التسابق أمر واضح، وأن يصطدم النظام مع الأتراك هذا احتمال وارد جداً ولكن أعتقد في ظل التفاهمات الروسية التركية الحالية، ستسعى موسكو للضغط على النظام من أجل عدم الوصول إلى نقطة الصدام، ولكن بالمقابل باعتقادي بأن إيران ستحرض النظام على أن تصطدم مع تركيا، واعتقد أن الخطوات التركية هي خطوات حالياً حذرةة ومحسوبة بدقة ولا تريد أن تصل إلى نقطة الاصطدام مع النظام وتتحول إلى حرب مباشرة والوصول إلى نتائج لا تحمد عقبها. لكن المعركة تسير ببطيء شديد وبهدوء ولكن بتقديري أنها ستصل إلى نتائجها خلال الشهر المقبل.

تزايد الحديث مؤخراً عن الطرح المتعلق بدخول مجموعات مسلحة تحت مسمى جيش كردستان سوريا إلى الشمال السوري.. كيف تقرأ ذلك، وما هي أبر التداعيات المتوقعة؟

هذا الموضوع مطروح وهناك من يقول بأن قوات كردية تابعة للرئيس البارزاني ستدخل لشمال سوريا والتي يسمونها بكردستان سوريا، والبعض يتخوف من تصادم هذه القوات مع حزب الاتحاد الديمقراطي الـ" ب ي د" ويحتلون مواقعها  في حال دخولها للشمال السوري. بتقديري الخاص أن القوات السورية الكردية المنضوية تحت لواء البيشمركة في العراق، هي قوات تخضع تحت سيطرة البيشمركة كاملاً ولايمكن للبارزاني أن يفرط بها، لأنه يستخدمها في محاربة بها تنظيم الدولة في العراق ولن يسمح بأن ينتقلوا إلى سوريا. وفضلاً عن ذلك بتقديري بأن الأمريكيين لهم علاقات ممتازة بكل الفصائل الكردية سواء الموجودة في العراق أو الموجودة في شمال شرق سوريا ولن تسمح الولايات المتحدة أن يصطدم الفريقان، فالولايات المتحدة تريد تحقيق فكرة غاية في الأهمية والخطورة وهي مسألة الفيدرالية وتريد أن تكون لها علاقات جيدة مع فيدرالية الأكراد في العراق ومع فيدرالية الأكراد في شمال شرق سوريا وتريد تهدئة الأمور فيما بين الأطراف وأن ترتبط كل الأطراف بها مباشرة.

موضوع ذا صلة

ما يحدث في دير الزور من تطورات برأيك هو خدمة لمن؟ وهل تتوقع سيطرة تنظيم الدولة على دير الزور؟

أعتقد أن هذا الموضوع يجب أن يدرس بدقة، وبتقديراتي الشخصية أنه في الفترات التي تحصل فيها خلافات حتى ولو كانت بسيطة بين النظام السوري وإيران حول مجموعة من النقاط، أو إذا أرادت إيران شيء من النظام أو من الروس فأنها تضغط على النظام في مواقع متعددة من خلال تنظيم الدولة والتي لا أشك على الإطلاق في ارتباط قيادات التنظيم ارتباطاً مباشراً مع إيران ويتحركون وفق سياسة إيران، لاحظنا أن تنظيم الدولة صعد من هجومه على دير الزور في المرحلة التي كان النظام ينسق مع الروس للتجهيز لمؤتمر الاستانة، وكان الإيرانيون يريدون من النظام المساهمة في إفشال الاستانة.. الآن وبعد نجاح مؤتمر الاستانة، بتقديري أن هذه الوسيلة من الضغط لن تستمر وربما سيتوقف هجوم تنظيم الدولة التي شنها على دير الزور، وبتقديري أن النظام قد فهم الرسالة، وربما أعطى النظام للإيرانيين بعض التعهدات فيما يتعلق بسير عمليات التفاوض مستقبلاً.

الإيرانيون لا يريدون أي عملية سياسية في سوريا، وهم يسعون لتخريبها، ويعتقدون أن أي عملية سياسية في سوريا ستقلص نفوذهم في سوريا وبالتالي فشل مشروعهم، وسيحصلون على أقل مما حاصلون عليه حتى الآن.

كيف قرأت نتائج الأستانة؟

بتقديري بأن مؤتمر الاستانة قد حقق ما كان مطلوباً منه وهو التمهيد للقاءات جنيف وقد جمع بين المعارضة العسكرية المسلحة والنظام في على طاولة واحدة في جلسة الافتتاح، فمجرد جلوسهم في قاعة واحدة هو بحد ذاته هو كسر لمجموعة من الخطوط الحمراء، وبتقديري أن مؤتمر الاستانة كان الهدف الأساسي منه هو أن يشكل خطوة وأن يثبت وقف إطلاق النار وأن يكون ممهداً للعملية السياسية بعدها..   ويجب الرجوع للوثيقة التي صدرت في موسكو بتاريخ 20-12-2016، حيث ورد في البند السابع منه حيث يقول هذا البند أن الوزراء الثلاثة ينظرون بترحاب كبير إلى دعوة الرئيس الكازاخستاني إلى لقاءات في الاستانة تمهد للحل السياسي في سوريا،  وهذه الجملة من الأهمية بمكان حيث بتقديري أن هذا الذي تحقق بالاستانة يتمنى الروس أن يضعوا فيها جذور الحل السياسي في سوريا كما يراها الروس قبل الذهاب لجنيف، ولكن اعتقد أن الغرب أكدوا للروس أن الاستانة لها حدود ولا يجوز أن يتجاوز الروس تلك الحدود، وقد تم ذلك فعلاً.

برأيك، إلى أين ذاهبة الأمور وفق المعطيات والمستجدات الراهنة؟

بتقديري أن الأمور من الناحية النظرية سوف تسير رويداً رويداً نحو مؤتمر جنيف 4 والذي سينطلق في شهر شباط على الأغلب.. وفي جنيف 4 سوف توضع الخطوة الثانية والتي يأمل الروس أن تكون أساسيات الحل فيها من خلال قرارات مجلس الأمن 2254 والذي يتحدث عن حكم تمثيلي لا طائفي وليس كما طرح جنيف1 تشكيل جسم انتقالي كامل الصلاحيات بالتوافق مع الطرفين وسيكون هذا الجسم ديمقراطي. الروس سيسعون باتجاه القرار 2254 لكن هل المجتمع الدولي وفريق دي مستورا سوف يسيرون معه بهذا الاتجاه، أناا شخصياً استبعد ذلك إذ أن الأمور عندما تذهب إلى مجلس الأمن ومفاوضات جنيف لن تستطيع روسيا أن يكون تأثيرها حاسماً.

 تخوفاتي في المرحلة القادمة وهو ما تتمناه إيران أن تقوم جبهة فتح الشام (النصرة سابقاً) بالاستيلاء على كامل الشمال السوري وهي جادة في ضرب كل الفصائل التي ذهبت إلى الاستانة لكي تحرج تركيا ولكي تفشل العملية السياسية في سوريا، لأن فتح الشام تعتبر أن أي عملية سياسية في سوريا سيكون على حسابها وأنها ستصبح مستهدفة في الفترة القادمة وخصوصاً بطائرات بدون طيار التي تستهدف حالياً وبدقة عالية جداً قيادات من فتح الشام.

بتقديري إذا استطاعت جبهة فتح الشام أن تسحق فصائل الجيش الحر في الشمال السوري (ريف ادلب وريف حلب الغربي) فسوف تقدم خدمة جليلة لإيران والنظام، وعندئذ سيقول النظام نحن نجلس على طاولة المفاوضات مع مجموعات غير موجودة على الإطلاق، وأنه لا توجد إلا مجموعات إرهابية كجبهة النصرة وتنظيم الدولة.

بتقديري أيضًا أن الأتراك يجب أن يأخذوا هذا بعين الاعتبار وأن لا يسمحوا لأحد أن يفشل جهودهم من أجل إنقاذ المعارضة السورية وتثبيت مواقعها في مستقبل سوريا. في الحقيقة يجب أن نعترف أننا نمر في الأيام الثلاثة الأخيرة بأزمة خطيرة، أزمة قد تودي بكل الجهود السابقة التي حصلت خلال الفترة الماضية بسبب تصرفات جبهة فتح الشام وسلوكها، إذ أنها تتسبب في المزيد من الإشكالات والصعوبات للشعب السوري  .