لهذه الأسباب.. روسيا تجري أكبر مناورات عسكرية لها في البحر المتوسط

مع التصعيد الحادث بين موسكو وواشنطن فيما يخص الملف السوري، تتجه الأنظار إلى البحر الأبيض المتوسط مع قيام روسيا بحشد سفنها الحربية بكثافة في البحر لإجراء مناورات وصفت الأكبر والأوسع منذ التدخل الروسي في سوريا.

وكشفت صحيفة "ديلي تلغراف" البريطانية في تقرير لها اليوم، تتحدث فيه عن قيام روسيا بحشد بوارجها وسفنها الحربية بكثافة في البحر الأبيض المتوسط. وأشار التقرير، إلى أن روسيا تقوم بهذه التحركات العسكرية استعداداً للمشاركة في الهجوم الأخير على موقع المعارضين المسلحين في إدلب شمال سوري.

وأفادت الصحيفة بأن روسيا أرسلت على الأقل 10 بوارج حربية وغواصتين في منطقة الشرق المتوسط، فيما يعد أكبر حشد عسكري بحري للقوات الروسية منذ بدء التدخل العسكري الروسي في سوريا عام 2015. وفق الصحيفة.

يرى الكاتب والصحافي السوري حافظ قرقوط، إن "المناورات التي ستجريها موسكو تأتي على خلفية التصعيد الروسي الأمريكي في الآونة الأخيرة.. ومرتبطة ارتباط مباشر وتأتي ردا على المناورات الضخمة جدا التي سيجريها حلف الأطلسي "الناتو" في شهر تشرين الأول المقبل".

 ويوضح قرقوط، في تصريحات خاصة لـ "أنا برس"، أن المناورات التي تقوم بها موسكو لا تشمل سوريا فقط وإنما تشمل كل منطقة شرق المتوسط وبشكل أخص هي رسالة مباشرة لحلف الأطلسي، مشيرا إلى أن روسيا تستخدم السوريين دروع بشرية للمساومة في أماكن أخرى من العالم.

ويضيف الكاتب السوري، أن روسيا لاتزال تعيش في زمن البلطجة، وكأن موسكو لم تأخذ الدروس والعبر من الاتحاد السوفيتي الذي كان دولة عظمى وكان معه حلف وارسو بمنظومة كبيرة جدا تمتد تقريبا إلى نصف أوروبا، فتفكك الاتحاد السوفيتي وانهارا بسبب الفساد والقمع والديكتاتوريات التي كانت تمارس على الشعب.

300 ألف

ووفق وزارة الدفاع الروسية سيشارك في هذه المناورات حوالي 300 ألف من الجنود، وأكثر من ألف مقاتلة، وأسطولان من الأساطيل البحرية الروسية وحاملات الطائرات.

وبحسب الصحيفة فإن الحشد البحري الروسي لا يهدف فقط إلى دعم قوات الأسد في هجومها على إدلب، من خلال قصف مواقع المعارضة من البحر والجو معا، لكنه يهدف أيضا إلى منع تدخل الولايات المتحدة عسكرياً إذا استخدم الأسد أسلحة كيمياوية في هذا الهجوم.

وفي سياق منفصل أعلن المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية، أريك باخون، أن "البنتاغون" يأمل أن تتصرف السفن الروسية بـ "أمان ومهنية" خلال مناوراتها العسكرية في البحر الأبيض المتوسط في الفترة من 1 وحتى 8 أيلول/سبتمبر المقبل.

هدف عسكري

وبدوره، يقول المحلل والخبير السياسي، إبراهيم قدسي، من الناحية العسكرية فإن توجه روسيا لإقامة هذه المناورات لمدة أسبوع تقريباً يشير إلى وجود هدف عسكري روسي استراتيجي في منطقة المتوسط خصوصاً في قاعدة حميميم وشواطئ تركيا،

ويشير القدسي إلى أن هذا الهدف الاستراتيجي يرتبط بالحملة العسكرية التي تسعى إليها موسكو في إدلب لبسط نفوذها في منطقة المتوسط والتقليل من احتمال شن كل من أمريكا وبريطانيا وفرنسا لضربات عسكرية على النظام السوري كما حدث ذلك سابقاً.

ويتابع: رفع حالة التأهب وجاهزية الأسطول الروسي في حوض المتوسط سيقلل من احتمال مشاركة الدول السابقة في أي هجمات عسكرية على النظام السوري، لأنها قد تخشى حينها من إمكانية التصادم مع روسيا في حوض المتوسط.

ويوضح القدسي أنه وبناء على المعطيات المتوفرة حول إجراء المناورات العسكرية، لم يعرف حتى الآن من هي الدول التي ستشارك روسيا في هذه المناورات، حيث إن كانت ستقوم بها منفردة فهذا يعني أنها ستقوم بهذه التدريبات بالقرب من قاعدة حميميم والشواطئ التركية.

كما ينوه أما إن كانت بالمشاركة مع دول أخرى مثل قبرص واليونان فحينها ستتعدى مهمة الأسطول الروسي شواطئ سوريا لتصل إلى المياه الإقليمية الأوربية وهذا أمر مستبعد، لذلك فإن ما ورد حول أن هذا التدريب العسكري سيكون الأكبر من نوعه في تاريخ روسيا الحديث فإنه لا يتعدى الدعاية الإعلامية.

وبحسب الخبير السياسي، فإن السعي الروسي يرتبط باستراتيجية تعزيز القوة الروسية في البحار، لا سيما بعد اتفاق بحر قزوين الذي تعمد موسكو لإنشاء قاعدة عسكرية جديدة فيه ستكون جاهزة للعمل في 2020، كما قام الأسطول الروسي في شهر يونيو حزيران بنقل ثلاثة طرادات من أسطول بحر قزوين مزودة بصواريخ بعيدة المدى عبر مضيق البوسفور إلى البحر المتوسط. وهذا يشير بشكل أو بآخر إلى وجود توجه روسي بربط نفوذها في البحار الثلاثة بدءاً من قزوين مروراً بالبحر الأسود وصولاً إلى حوض المتوسط.