http://anapress.net/a/308962910894681
غابت، أو غُيبت قسراً، أجبرت على الرحيل وترك أحلام طالما رسمتها على جدران منزلها المهدم، أحلامها كانت بضع خطوات تسير بها إلى جانب طفلتها أو طفلها.. هي لم تكن تعلم ما جنس المولود الذي ستضعه.. هذا المولود الذي يتمته الحرب الدائرة في سوريا قبل أن يولد.. لم تكن الوحيدة و إنما حالها كالكثير من النساء اللآتي جمعهم مصير واحد مرغمات على تقبله دونما رجعة.
عندما اندلعت الأحداث الدامية في حي بابا عمرو الحمصي في أكتوبر/ تشرين الاولبدأت حملة جديدة على المدينة، وعلى حي بابا عمرو تحديداً، حيث تعرَّض الحي لقصف عنيف على مدى أسبوع بعدَ أن أصبح معقلاً للجيش الحر في المنطقة، وفي آخر الأمر اجتاحت قوات الأسد الحي بعد انسحاب الجيش الحر منه في نوفمبر/ تشرين الثاني، وهنا بدأت رحلة النزوح لإحدى العائلات الحمصية التي هربت من وطأة القصف لتستقر رحالها في مدينة تلبيسة.
أحضر أحد المقاتلين التابعين للجيش الحر زوجته الحامل إلى أحد المنازل في المدينة وتركها لتواجه مصيرها وحيدة ليعود إلى ساحات القتال في حي بابا عمرو موصياً العائلة التي أودع زوجته لديها بأن الوصّي الوحيد على عائلته في حال عدم عودته هو أخيه الوحيد المقيم في تركيا.
https://www.youtube.com/watch?v=2tzluJwqlhg
أيام قليلة فقط كانت تفصل بين الأم "أمل الخالد" وولادتها لطفلها الأول بعد 12 عامًا من الزواج، وعند دخولها لى غرفة العميات بتاريخ 17 يناير/ كانون الثاني 2013 أوصت إحدى العاملات ضمن النقطة الطبية آنذاك بأن تعتني بمولودها في حال أصابها أي مكروه، إحساس الأم كان هو الغالب على ما تم من أحداث فقد فارقت الأم الحياة أثناء الولادة وسط ذهول كبير من الفريق الطبي الذي استخلص الحياة من الموت ونجح بتوليد طفلة صغيرة خرجت للحياة بدون أم ولا أب وفي ظروف تعتبر الأقسى في تلك المرحلة من عمر الثورة السورية ليتم تسميتها لاحقا بـ "أمل" تيمنًا بوالدتها. وهنا بدأت رحلتها في الحياة مع كفيلتها "أم يوسف" التي تعهدت برعايتها و أطلقت عليها أسم "أمل المشفى" والتي أصبحت أختً وبنتً لجميع الكادر الطبي العامل في النقطة الطبية.
وقال أحد العاملين ضمن المشفى الميداني أحمد الخالد إن الطفلة أمل كان قدومها خير على الواقع الطبي في المدينة إذ تطورت النقطة الطبية إلى مشفى ميداني ومن ثم مشفى المركزي، وأضاف واصفاً الطفلة أمل بأنها تتمتع بروح الدعابة والمرح، وجميع أعضاء المشفى يعتبرونها شيئًا خاصاً بهم ومن واجبهم الاعتناء بها، وأضاف الخالد أن الطفلة تمت كفالتها من قبل عدة أشخاص مؤسسات خيرية على مدار الأربعة أعوام الماضية.
المرأة السورية ليست كمثيلاتها من النساء، فهي تبني يدًا بيد مع الرجل وتقف صفاً واحداً إلى جانبه للتصدي لمصاعب الحياة وخطورتها بمختلف النواحي.. "أم يوسف" لم تكن بالتالي سوى مثال يحتذى به من خلال كفالتها للطفلة أمل على الرغم من سوء أوضاعها المعيشية التي تعاني منها، إلا أنها لم تكن لتقبل بالعروض الكثيرة التي قدمت إليها من أجل التخلي عن أمل المشفى أو كما باتت تعرف بـ "بنت الميداني".
أمل قصة واحدة من آلاف القصص السورية المشابهة التي كتب عليهن أن يكن بلا أم والتي غيب الموت أكثرهن وحال دونهن والاعتناء بأطفالهن.