المزيد  
واشنطن تؤكد استعدادها لدعم تركيا فيما يخص إدلب
ميلشيا الحشد الشعبي العراقي يرسل مقاتليه إلى خطوط الجبهة في إدلب
عميد كلية الطب بدمشق: أكثر من 150 ألف حالة إصابة بـ "كورونا" في دمشق وحدها
بينهم قتلى من الحرس الثوري.. غارات على مواقع للميليشيات الإيرانية بدير الزور
ميشيل عون: وجود السوريين في لبنان "عبئاً كبيراً" .. ونطلب مساعدة "الهجرة الدولية" لإعادتهم
آلاف العناصر من "داعش" لا يزالون يتحركون بحرية تامة بين سوريا والعراق
مشافي حلب تعاني من نفاد أكياس الجثث بسبب فيروس "كورونا"
وفد المعارضة لـ "أنا برس": تم إلغاء أعمال اللجنة الدستورية بسبب اكتشاف 3 حالات بـ "كورونا"

مصالح أربع تتلاقى في اتفاق المدن الأربع.. ونذر تغيرات ديمغرافية‎

 
   
12:13

http://anapress.net/a/270420488633844
686
مشاهدة


مصالح أربع تتلاقى في اتفاق المدن الأربع.. ونذر تغيرات ديمغرافية‎

حجم الخط:

أماط الاتفاق -الذي تم تأجيل تنفيذه مؤخرًا- والذي جرى بوساطة قطرية بين إيران وأحد فصائل المعارضة السورية المسلحة "جيش الفتح" مؤخرًا، اللثام عن مخاوف واسعة بشأن عجلة التغيرات الديمغرافية التي تشهدها سوريا، والتي يعززها ذلك الاتفاق القاضي بعملية تهجير يتم خلالها تبادل المناطق وفك حصار المدن والبلدات المحاصرة، على أساس مذهبي يُطل من خلاله شبح التقسيم الذي تصبو إليه بعض الأطراف في تعاطيها مع الأزمة السورية، بحيث يتم إجلاء سكان مناطق ذات أغلبية شيعية في محافظة إدلب إلى مناطق مماثلة في ريف دمشق، وأهالي مناطق سنية في ريف دمشق إلى إدلب، لتصير هنالك مناطق سنية خالصة وأخرى شيعية خالصة.

يقضي الاتفاق بإجلاء السكان والمقاتلين من بلدتي كفريا والفوعة (تقعان في ريف محافظة إدلب، وأغلبية سكانهما من الشيعة)، وأيضًا سكان الزبداني ومضايا (مناطق محاصرة من قبل النظام السوري في ريف دمشق). بحيث يتم السماح لأهالي مدينتي الزبداني ومضايا بالخروج منهما مقابل إجلاء سكان كفريا والفوعة. أي أن أهالي (كفريا والفوعة) يذهبوا للزبداني، وأهالي الزبداني إلى إدلب، لتكون هنالك مناطق سنية خالصة وأخرى شيعية خالصة، حسب نص الاتفاق الذي أثار لغطًا ومخاوف واسعة.

 تصبو إيران إلى تعزيز تفجير الصراع السني الشيعي لخدمة مشروعها الإمبراطوري في المنطقة وقد اتخذت من الساحة السورية ملعبًا لتحقيق ما تريد

وبالتالي ينضوى الاتفاق –الذي لعب فيه حزب الله اللبناني دورًا رئيسيًا حسب معلومات خاصة حول كواليس الاتفاق-  على إشارة بالغة الخطورة بشأن التغيرات الديمغرافية في سوريا من خلال عمليات التهجير الأخطر منذ انطلاقة الأزمة السورية في العام 2011 وحتى الآن.. تساؤلات عديدة أثارها الاتفاق، أبرزها طبيعة المصالح التي تجنيها الأطراف الموقعة عليه، وكذا مصلحة الوسيط الممثل في "قطر" من ذلك الأمر.

إيران، وهي طرف رئيسي في الاتفاق الذي تم، معروفة أهدافها من ذلك التهجير المتبادل للأهالي، وهي الأهداف المرتبطة بالطموحات والأحلام الإيرانية في المنطقة، والمرتبطة بـ "المد الشيعي"، إذ تصبو إيران إلى تعزيز تفجير الصراع السني الشيعي لخدمة مشروعها الإمبراطوري في المنطقة، وقد اتخذت من الساحة السورية ملعبًا لتحقيق ما تريد، ومن ثم يُخدِّم مثل ذلك الاتفاق على رؤيتها الخاصة بتقسم مناطقي على أساس مذهبي. كل ذلك يخدم في الأخير المشروع الإيراني التوسعي، إذ تعمل إيران على فرض سيطرتها حتى المتوسط.

كما أن حزب الله اللبناني ينطلق من نفس الأساس المذهبي في دوره الذي لعبه في الاتفاق الذي يرى أنه يحقق مصلحته الخاصة في سوريا وكذا مصلحة إيران.

بينما تدافع هيئة تحرير الشام، وهي الطرف الثاني في الاتفاق الذي تم برعاية قطرية، عن موقفها الذي عارضته فصائل معارضة أخرى وحذرت من تداعياته على ديمغرافية سوريا. وتقول الهيئة إن عدد المهجرين من المناطق الموالية للنظام سوف يكون أكبر من مناطق المعارضة، وأن ذلك لا يؤدي إلى تغير ديمغرافي، وعدَّ الداعية عبد الله المحيسني، وهو قيادي في هيئة تحرير الشام عدد الذين يغادرون مضايا والزبداني بأنه "لن يتجاوز ألفي شخص".

كما تعتقد الهيئة بأن الاتفاق يعالج شقًا إنسانيًا مهمًا، وهو فك الحصار عن المدن والبلدان المحاصرة تدريجيًا، وكذا السماح بإدخال الطعام والشراب والمستلزمات الصحية والطبية للأهالي في المدن المحاصرة، مع الإفراج عن نحو 1500 معتقل في سجون النظام السوري وجزء كبير منهم من النساء. ومن ثم رأت الهيئة أنه من المصلحة الموافقة على ذلك الاتفاق.

غير أن اللافت للنظر هو الدور الذي قامت به الدوحة من خلال وساطتها في إتمام ذلك الاتفاق الذي تأجل تنفيذه، والذي أعلنت العديد من فصائل المعارضة السياسية تبرؤها منه ورفضها لما يفرزه من تداعيات تغير ديمغرافية سوريا والتورط في عملية تهجير قسري. وبالتالي: لماذا تحرص قطر على ذلك الدور رغم إدراكها بأن الاتفاق سوف يثير جدلًا هي في غنى عنه بين مؤيدين ورافضين؟

تسعى الدوحة إلى حلحلة أزمة المختطفين القطريين في العراق على يد إحدى الجماعات الشيعية (المرتبطة بإيران) منذ العام 2015 والذين من بينهم أفراد من الأسرة الحاكمة، ومن ثم فهي تحاول أن تؤمن حلًا عمليًا لإنهاء تلك الأزمة التي لازمت السلطات القطرية ودخلت في مفاوضات واسعة من أجلها مع العديد من الأطراف غلبت السرية على كثير من تفاصيلها حتى الآن.

 تسعى الدوحة إلى حلحلة أزمة المختطفين القطريين في العراق على يد إحدى الجماعات الشيعية (المرتبطة بإيران) منذ العام 2015

واقعة الاختطاف تمت في العام 2015، إذ قام مجهولون باختطاف 26 قطريًا من مخيم صيد في منطقة صحراوية تقع في جنوبي العراق كانوا قد وصلوا تلك المنطقة الموجود بالقرب من الحدود مع السعودية بشكل شرعي، ومنذ ذلك الحين بدأت اتصالات قطرية عراقية من أجل تحرير المختطفين حتى تبين للدوحة أن ذلك الملف عصي على بغداد؛ فبدأت في توسيط لبنان، بحكم أن المعلومات التي تم تسريبها تزعم بعلاقة الخاطفين الوطيدة بإيران وحزب الله اللبناني، كذلك توسيط الكويت على اعتبار كونها طرف موثق فيه من قبل باقي الأطراف، وهي الوساطة الثنائية التي أسفرت عن الإفراج عن أحد المختطفين (من أسرة آل ثاني الحاكمة في قطر) ومعه مرافقه الباكستاني قبل عام.

وعزت تقارير إعلامية في حينها على لسان مصادر استخباراتية أن مفاوضات أجريت بين السلطات القطرية والخاطفين من إحدى الجماعات الشيعية المرتبطة بإيران وهي ميلشيا "أبو الفضل العباسي"، اشتُرط خلال تلك المفاوضات ألا يتم تسريب معلومات حول مسار المفاوضات ومطالب الخاطفين. ووجدت قطر في رعاية ذلك الاتفاق ضالتها في إطار سعيها لتحقيق مكاسب خاصة تتمثل في انفراجة في ملف المختطفين القطريين على يد ميلشيات عراقية مرتبطة بإيران.

أطراف أربعة (إيران وحزب الله وقطر وهيئة فتح الشام) رأوا جميعهم في تهجير الأهالي من المدن الأربعة (كفريا والفوعة، والزبداني ومضايا) يحقق مصالحهم مشتركين. وسط تحذيرات من مغبة التداعيات السلبية لتهجير الأهالي التي تزكي عمليات التغيرات الديمغرافية التي تشهدها سوريا وتُمهد الطريق لشبح التقسيم المؤرق، إذ شهدت سوريا العديد من التغيرات على صعيد ديمغرافيتها ليست مرتبطة فقط بالبعد المذهبي أو الطائفي بل أدت الأزمة إلى تغيرات اجتماعية عاصفة في ضوء ما يعاني منه الأهالي من ظروف قاسية دفعت لتهتكات بالنسيج الاجتماعي السوري وتغيرات جذرية من منطلق التدمير الذي شهدته البلد على كافة الأصعدة.

التطورات على الصعيد الميداني والتي تأتي في خطٍ متوازٍ مع تحركات في الملف السياسي ينظر إليه الكثيرون على كونها تُنذر بانسداد أفق كبير في الأزمة السورية التي دخلت عامها السابع بينما يواصل عداد الضحايا إحصائه اليومي لسقوط قتلى هنا وجرحى هناك ومهجرين ونازحين وظروف إنسانية صعبة.