المزيد  
واشنطن تؤكد استعدادها لدعم تركيا فيما يخص إدلب
ميلشيا الحشد الشعبي العراقي يرسل مقاتليه إلى خطوط الجبهة في إدلب
عميد كلية الطب بدمشق: أكثر من 150 ألف حالة إصابة بـ "كورونا" في دمشق وحدها
بينهم قتلى من الحرس الثوري.. غارات على مواقع للميليشيات الإيرانية بدير الزور
ميشيل عون: وجود السوريين في لبنان "عبئاً كبيراً" .. ونطلب مساعدة "الهجرة الدولية" لإعادتهم
آلاف العناصر من "داعش" لا يزالون يتحركون بحرية تامة بين سوريا والعراق
مشافي حلب تعاني من نفاد أكياس الجثث بسبب فيروس "كورونا"
وفد المعارضة لـ "أنا برس": تم إلغاء أعمال اللجنة الدستورية بسبب اكتشاف 3 حالات بـ "كورونا"

وليد المعلم.. دبلوماسية تزييف الحقائق وتجميل وجه النظام (بروفايل)

 
   
12:25

http://anapress.net/a/203608911189347
1261
مشاهدة



حجم الخط:

 المعلم.. أحد رجالات الأسد المخلصين 

وجه ممتلئ بالتفاصيل، شعر أشيب وعينان غائرتان، وجسم متهدل تراخت شحومه، ما إن يراه الرائي حتى يعتقد بأن خلف ذلك الشيب وقارًا، ووراء تلك التفاصيل التي تركتها العقود الثمانية التي أمضاها حكمة واتزانًا وانحيازًا للحق يُحسن به آخرته بينما العمر يمضي، غير أنه كغيره من الكثيرين من رجالات الأنظمة السلطوية المستبدة ينافح عن تلك الأنظمة -التي ترعرع في كنفها- حتى الرمق الأخير من حياته، وإن كلفه ذلك تزييف الحقائق ونشر الأكاذيب واستخدام شتى وسائل القمع، فهو في الأول والأخير جنديًا أو جنرالًا في جيش المستبد الأعظم يأتمر بأمره ويعمل لخدمة نظامه الذي يشكل هو نفسه عنصرًا رئيسيًا فيه.

"وليد المعلم" وزير خارجية النظام السوري، ذلك العجوز الواقف ضمن رجالات النظام المدافعين عن شرعية سقط منذ زمن بعيد. يطل "المعلم" مؤخرًا بتصريح جديد يرتدي فيه الوجه الدبلوماسي الملائكي الذي يخفي به وجهه الأغبر الداعم للاستبداد والطغيان في بلاده، ويطالب السوريين اللاجئين بالعودة إلى بلادهم على أن يؤمن لهم النظام حياتهم ويضمن عدم تعرضهم لملاحقات أمنية واعتقالات. وكأنه -بحسب وصف الإعلامي فيصل القاسم- من أهل الكهف! وكأن المعلم يعيش في عالم آخر، فهو دائم الحديث عن رفض التدخلات الأجنبية في سوريا، بينما العالم كله يتواجد في سوريا تقريبًا!

يُقدم أبو شذى –متحدثًا باسم النظام- نفسه كأب حانٍ يدافع عن اللاجئين ويطلب لهم العودة لبلادهم ويعدهم بتوفير الأمن ومتطلبات الحياة، وهو نفسه ذلك الذي وصف ثورتهم في وجه الاستبداد والظلم بـ "الإرهاب" وهو نفسه أيضًا أحد رجالات ذلك النظام الذي كان سببًا في لجوئهم وهروبهم بعدما فقدوا الكثير في الداخل وتكبدوا خسائر بشرية ومادية هائلة، وترملت الكثيرات على وقائع استبداد النظام وإجرامه وتيتم أطفال.

ترعرع المعلم (صاحب الـ 76 عامًا) في كنف النظام في مسيرة حافلة بالمناصب الرسمية بدأها بالالتحاق بالخارجية السورية وكان ذلك في العام 1964 وعمل في بعثات دبلوماسية في عدد من البلدان من بينها (تنزانيا وإسبانيا وانجلترا والمملكة العربية السعودية) قبل أن يتم اختياره سفيرًا للجمهورية السورية لدى رومانيا (في الفترة من 1975 وحتى 1980)، وتولى بعد ذلك –لمدة أربع سنوات- منصب مدير إدارة التوثيق والترجمة بالخارجية السورية، ليتم بعد ذلك تعيينه في العام 1990 سفيرًا لدى واشنطن.

ظل المعلم (المولود في العام 1941 في دمشق) سفيرًا لسوريا في واشنطن قرابة التسعة أعوام منذ العام 1990 وحتى العام 1999 في فترة شهدت العديد من الملفات الحساسة على رأسها مفاوضات السلام العربية السورية مع إسرائيل، ولفت أداء المعلم الأنظار إليه منذ ذلك الحين، ليتم تعيينه بعد ذلك معاونا لوزير الخارجية (فاروق الشرع آنذاك) في العام 2000، قبل أن يقع الاختيار عليه في العام 2005 ليُسمى نائبًا لوزير الخارجية وأوكلت إليه آنذك ملف العلاقات السورية اللبنانية في فترة كانت عصيبة مليئة بالملفات المتخمة، وقام خلال تلك الفترة بجولات عديدة التقى فيها مسؤولين عرب وأجانب.

إدارة المعلم لملف العلاقات السورية الإٍسرائيلية وكذا ملف العلاقات السورية اللبنانية أكسبته شهرة واسعة في الأوساط الدبلوماسية المحلية والإقليمية والدولية، وفي العام 2006 تم تعيينه وزيرًا للخارجية السورية نظرًا لشبكة علاقاته الواسعة مع عدد من الدبلوماسيين والمسؤولين حول العالم خلفًا لفاروق الشرع الذي أصبح نائبًا لرئيس الجمهورية، بعد انشقاق النائب عبد الحليم خدام.

الاستبداد –بحسب ما أورده عبد الرحمن الكواكبي في طبائع الاستبداد-  يقلب الحقائق فى الأذهان، فيسوق الناس إلى اعتقاد أن طالب الحق فاجر، وتارك حقه مُطيع، والمُشتكي المُتظلم مُفسِد، والنبيه المُدقق مُلحد، والخامل المسكين صالح، ويُصبح -كذلك- النُّصْح فضولا، والغيرة عداوة، الشهامة عتوّا، والحميّة حماقة، والرحمة مرضا، كما يعتبر أن النفاق سياسة والتحيل كياسة والدنائة لُطْف والنذالة دماثة.. هكذا عمل المعلم، فمع بداية الأزمة السورية، وكغيره من رجالات نظام الأسد الأوفياء أدى المعلم دوره ببراعة في دعم النظام ومحاولة تزييف الحقائق لصالحه أمام المجتمع الدولي، مستخدمًا أدواته الدبلوماسية المختلفة لتثبيت أركان النظام جنبًا إلى جنب وجنرالات بشار الأسد والميلشيات المتحالفة معه على الأرض. فانطلق المعلم في جولات وزيارات مختلفة للعديد من الدول الأجنبية، وأطلق تعبيره الأشهر مع بداية الأزمة السورية في العام 2011 أن أي تدخل في سوريا هو "إرهاب دولي" وأن "عصابات الشبيحة" هي صنيعة المعارضة، في حملة دبلوماسية قادها ببراعة، وساعده في ذلك الموقف الروسي القوي الداعم لنظام الأسد، وكذا الموقف الصيني.

  محا كل بصماته الدبلوماسية السابقة بإصراره على مساندة النظام وتجميل وجهه 
 دبلوماسي عربي

يقول عنه أحد الدبلوماسيين العرب السابقين -رفض ذكر اسمه- إنه دبلوماسي هادئ وله بصمات مُهمة في الدبلوماسية السورية والعربية لا يمكن إنكارها أو إخفائها لاسيما وأن الدبلوماسية السورية مشهور عنها التميز، غير أنه قد محا كل تاريخه بالنسبة للشعب السوري مع بقائه كداعم للنظام السوري وأحد أجنحته الرئيسية ومتحدث باسمه في المحافل الدولية ومدافعًا عما يرتكب من جرائم ضد الإنسانية في سوريا. مشددًا في السياق ذاته على كون المعلم صاحب خبرة دبلوماسية طويلة أهلته في أن ينجح بصورة ما في دوره خلال السنوات الماضية المنقضية منذ العام 2011 في تجميل وجه الأسد مدعومًا بقوة من الدعم الروسي والصيني الذي اعتبره المعلم أدوات مُهمة تُحقق له مهمته الرئيسية التي هي بلا شك منافية لكل الحقائق، فما يحدث في سوريا لا يحتاج إلى إثبات أنه جرائم حرب ارتكبها النظام.

كما حرص المعلم على التوجه للصحافة العالمية في معرض تعرضه للأحداث في بلاده، وراح يتحدث بلسان النظام الذي يمثله، مدافعًا عن كل "جرائمه" في المحافل الدولية وفي الإعلام الدولي، ويصف الوضع الداخلي على كونه من صنيع المعارضة محاولًا إقناع العالم بشرعية نظام بشار الأسد. كما لعب المعلم –جنبًا إلى جنب وبشار الجعفري (مندوب سوريا في الأمم المتحدة)- دورًا في الدفاع عن النظام وإسقاط تهمة استخدام الأسلحة الكيماوية وأطلق وصفه الشهير أيضًا على تلك الاتهامات التي تلاحق النظام بشأن جريمة استخدام الأسلحة الكيماوية قائلًا "مزحة الأسلحة الكيماوية".

وقف وليد المعلم في مقر الأمم المتحدة في العام 2012 مهاجمًا الولايات المتحدة الامريكية واتهمها بمساعدة الإرهاب والتدخل "السافر" في شؤون سوريا الداخلية، وذلك في معرض دفاع النظام عن نفسه، لما لا وهو يمثل أحد أهم عناصر النظام ورجالاته.  قدم المعلم خلال مسيرته أربعة كتب هي (فلسطين والسلام المسلح 1970، وسوريا في مرحلة الانتداب من العام 1917 وحتى العام 1948، وسوريا من الاستقلال إلى الوحدة من العام 1948 وحتى العام 1958، والعالم والشرق الأوسط في المنظور الأمريكي).