المزيد  
واشنطن تؤكد استعدادها لدعم تركيا فيما يخص إدلب
ميلشيا الحشد الشعبي العراقي يرسل مقاتليه إلى خطوط الجبهة في إدلب
عميد كلية الطب بدمشق: أكثر من 150 ألف حالة إصابة بـ "كورونا" في دمشق وحدها
بينهم قتلى من الحرس الثوري.. غارات على مواقع للميليشيات الإيرانية بدير الزور
ميشيل عون: وجود السوريين في لبنان "عبئاً كبيراً" .. ونطلب مساعدة "الهجرة الدولية" لإعادتهم
آلاف العناصر من "داعش" لا يزالون يتحركون بحرية تامة بين سوريا والعراق
مشافي حلب تعاني من نفاد أكياس الجثث بسبب فيروس "كورونا"
وفد المعارضة لـ "أنا برس": تم إلغاء أعمال اللجنة الدستورية بسبب اكتشاف 3 حالات بـ "كورونا"

شيخ الشباب... عامر سبيعي

 
   
12:26

http://anapress.net/a/19752181284128
748
مشاهدة


شيخ الشباب... عامر سبيعي

حجم الخط:

شكّل الفن عبر العصور قيمة إنسانية عظيمة في ذهن المتفرج والمستمع، ولقد كان حضور الدراما السورية خلال السنوات الماضية لافتاً في الساحة الفنية، وجسّد الفنان السوري أدواراً تاريخية واجتماعية عالجت قضايا هامة ودقيقة، ركّزت في بعضها على الأخطاء الاجتماعية والسياسية بطريقة ناقدة وساخرة، كان مسلسل "مرايا" واحداً من أبرز تلك الأعمال، و"عامر سبيعي" واحدٌ من أبطال هذا العمل.

الفنان السوري اتّخذ مواقف متباينة من الحراك السلمي في سوريا في ربيع العام 2011، على أنّ الشارع واجه نظرة الفنانين السوريين، باستغرابٍ بحسب الكثيرين ممن التقت بهم "أنا برس".

يقول "مصطفى" 40 عاماً من ريف دمشق لـ"أنا برس": ’’من خلال مشاهدتنا للمسلسلات السورية كنّا نتوقع مشاركة أكبر وأبرز من الفنانين السوريين، الّذين كانوا يجسّدون بأدوارهم نقداً للفساد السياسي والاقتصادي والاجتماعي، عايشوه ولمسوه، إلّا أنّهم، وعلى سبيل المثال "دريد لحام" كانوا على غير ما نتوقع’’.

"سوزان" من ريف دمشق تقول لـ"أنا برس": ’’لم يتجاوز عدد الفنانين الذين ارتبط اسمهم بالحراك السلمي الثوري إلّا القليل، البعض منهم اكتفى بالصمت والرمادية، قلّةً من اختاروا الموقف الواضح المؤيد للثورة، وأما البقية فأعتقد أنّ الناس استهجنت مواقفهم المتناقضة مع أدوارهم التي كانوا يؤدونها أمام "الكاميرا"، والتي فضحت سلوكيات مسؤولي النظام السوري والفساد المستشري منذ ما يزيد عن 30 عاماً، دون أن يسألوا أنفسهم.. لماذا لم يستجب النظام جدياً لمطالب التغيير عبر الرسائل الفنية قبل الثورة، حتى وصلنا لما نحن عليه اليوم؟’’.

مؤخراً في الـ18 من شهر تشرين الأول الجاري، توفي الفنان "عامر رفيق سبيعي" الذي جسد أدواراً هامة، لعلّنا نذكر منها في سياق حديثنا المسلسل الناقد "مرايا"، والذي يرى فيه الشارع السوري من أوائل الأعمال الفنية، التي تناولت قضايا الفساد الحكومي في لوحاته الفنية، ويعتبره البعض مؤشراً على مصداقية الفنان، وعدم تناقضه مع ما قدمه فنياً أمام الجمهور.

 "عامر سبيعي"، يعتبره الشارع السوري ودمشق خاصةً كونه أحد أبنائها، من القلّة الفنية التي اتفقت مع مطالبهم، وبحسب "م.ع" مدرس من ريف دمشق، فإن: ’’الفنان ينبغي أن يمثّل صوت ونظرة الشارع، لا أن يمثل رؤية الأنظمة، فكيف به إذا كان على علمٍ وتعايش مع فسادها، ولأنّ "عامر سبيعي" الابن الأكبر لفنان الشعب "رفيق سبيعي"، أعتقد أنّ موقفه المؤيد للثورة هو الصواب، واللّقب الذي حصل عليه والده على ما له من مكانة في قلوب مشاهديه، إلا أنّها اليوم يجب أن تعطى لابنه الفقيد "عامر" كونه الأقرب منه إلى الشعب’’.

اخترت الحديث عن هذا الفنان من دمشق عبر "أنا برس"، لما يعنيه هذا الترابط بين الفنان وهذه المدينة، ولما تمثل العلاقة بين رؤيته ورؤية معظم الشارع الدمشقي عموماً وتتفق معه، ونذكر أنه عانى ظروفاً ماديةً صعبة في فترة إقامته في "القاهرة"، إضافةً لمعاناته مع أسرته، التي عرّضته لضغوطات كثيرة ترمي إلى تغيير مواقفه، إبّان اتخاذه موقفه المناصر للحراك الشعبي في سوريا، وبحسب تصريحاتٍ سابقة له عبر وسائل الإعلام.

الناشط الإعلامي "وسام الدمشقي" يقول لـ"أنا برس": ’’ليس الفقيد "عامر سبيعي" الوحيد الذي تعرض لمضايقات، أدت به لمغادرة سوريا، وكما تعلم فإن معظم الفنانين السوريين الذين تبنوا الاتجاه الثوري تعرضوا للمقاطعة على المستوى الشخصي، من قبل زملائهم في المهنة من كتاب ومخرجين وممثلين، والهجوم اللاذع عليهم على المحطات الفضائية والإعلام، إضافةً للمقاطعة من قبل شركات الإنتاج الفني، وهذا العامل الأخير شكل لديهم تعسراً مادياً، مثل حال الفنان "عامر سبيعي"، وبالطبع هناك استثناءات’’.

ويضيف الناشط "أبو محمد" من ريف دمشق: ’’ترجم الفنان "عامر سبيعي" تعاطفه وانحيازه للثورة عملياً، وقدّم عدداً من الأغاني السياسية، كان من أبرزها "حسن زميرة"، "يا ويل يا ويل"، "دبحوا الولد"، "صار بدها حل"، ولعلي أنقل تعليقاً للراحل تحدث فيه عن بداية اتخاذه الموقف المعارض في لقاءٍ صحفي، وهي كلمات تدل برأيي على عمق فهم الفنان السوري الحقيقي لما يحصل أمام عينه، وقراءته للواقع بدقة، وكلماته تعبر عن ذلك، فهو يقول: "أنا بدأت ثورتي عندما قدمت استقالتي من المسرح العسكري التابع للإدارة السياسية فرع الإعلام في سنة 1984، هنا كان خياري بالابتعاد عن الدولة وكل ما يتعلق بها، وبقيت إلى أن اشتعلت هذه الثورة المباركة، فأيدتها ولكن من خلف الستار حرصاً من بطش النظام، فأنا أعتبر نفسي منشقاً عن هذه الدولة منذ ثلاثين سنة تقريباً، وعندما خرجت من البلد منذ ثلاثة أشهر فقط أعلنت انشقاقي’’.

رحل "عامر سبيعي" ابن دمشق، وأُسجل هنا أن محبيه من الشباب كانوا يتمنون أن يمشوا لوداعه الأخير، نظراً لحبهم له بحسب من التقينا بهم، ويعتقدون أنّ في وفاته أيضاً رسالة لزملائه، فما هي تلك الرسالة، وهل وصلت؟ سؤالٌ برسم الإجابة من "الفنانين".

وتبقى رسالة الفن ماضيةً في تدوينها للتاريخ، في حياة الفنانين المخلصين وبعد وفاتهم.