المزيد  
واشنطن تؤكد استعدادها لدعم تركيا فيما يخص إدلب
ميلشيا الحشد الشعبي العراقي يرسل مقاتليه إلى خطوط الجبهة في إدلب
عميد كلية الطب بدمشق: أكثر من 150 ألف حالة إصابة بـ "كورونا" في دمشق وحدها
بينهم قتلى من الحرس الثوري.. غارات على مواقع للميليشيات الإيرانية بدير الزور
ميشيل عون: وجود السوريين في لبنان "عبئاً كبيراً" .. ونطلب مساعدة "الهجرة الدولية" لإعادتهم
آلاف العناصر من "داعش" لا يزالون يتحركون بحرية تامة بين سوريا والعراق
مشافي حلب تعاني من نفاد أكياس الجثث بسبب فيروس "كورونا"
وفد المعارضة لـ "أنا برس": تم إلغاء أعمال اللجنة الدستورية بسبب اكتشاف 3 حالات بـ "كورونا"

كيف تغيرت العادات الغذائية في المناطق المحاصرة داخل سوريا؟

 
   
13:31

http://anapress.net/a/293383840052629
436
مشاهدة


كيف تغيرت العادات الغذائية في المناطق المحاصرة داخل سوريا؟

حجم الخط:

ينتظر عبد الرزاق كما جرت العادة اليومية بالنسبة إليه وباقي إخوته انتهاء والدته من تحضير طعام الغداء الذي لم يعد يميزه عما سبقه أو ما سيليه من أيام الأسبوع شيء، فقد توحّد الطبق الرئيسي لمعظم عائلات المناطق التي تأثرت بالحرب الدائرة في سوريا منذ مطلع العام 2011.

يمضي عبد الرزاق ذو التسعة أعوام معظم أوقاته بعد عودته من المدرسة وهو يجمع ما يحظى به من الأعواد وأكياس النايلون التي تُساعد والدته في إشعال النيران أو ما باتت تعرف بـ "النجرة" التي استبدلها الأهالي باسطوانات الغاز بسبب ارتفاع أسعارها لدرجة لا تستطع 70% من العائلات على اقتناءها في منزلهم، فيعود حاملاً على كتفه الصغير ما يُسعد به قلب أمه التي يُغنيها عن البحث في الشوارع والأزقة الضيقة.

أم عبدو إحدى نساء مدينة تلبيسة بريف حمص الشمالي (صاحبة الثمانية والعشرين عاماً) تقول:  في بادئ الأمر كان من الصعب والمخجل نوعاً ما التأقلم على طهو الطعام على النار "النجرة" لكن شيء فشيء بات الأمر منتشراً في جميع المنازل حتى بدأنا نتفنن بصناعتها وطريقة تشغيلها فمنا من بناها بالطين وآخرون استبدلوها بالمدافئ المهترئة وغيرهم من صنع "التنكة" التي توصل بمروحة تعمل على بطارية لزيادة سرعة اشتعالها. 

حلول كثيرة ابتكرها السوريين ومنها ما يعود بذاكرة كبار السن لأعوام خلتّ من أعمارهم قبل انتشار اسطوانات الغاز، لكن على الرغم من تعدد الوسائل البديلة في المنازل القروية إلا أن الطبق الرئيسي غالباً ما يكون موحداً لدى الجميع الذين اجبروا على التأقلم على نمط غذائي معين بسبب ظروف الحرب والحصار.

https://youtu.be/NUfR4eBm96s

أحمد الأمين أحد سكان حي المشجر الجنوبي يقول كان من المعتاد قبل الثورة السورية أن يكون هناك طبقين مميزين خلال الأسبوع بالحد الأقصى "الاثنين والجمعة" فترى الأهالي يتنافسون بإعداد وجبات الغذاء من المحاشي والكبب وأكلات تشتهر بها مدن الريف كـ "الشاكرية و والكبسة والمقلوبة والفراريج المطبوخة على مناسف الرز" وخلال الأيام المتبقية كانت العائلات تعتمد على طهو الأطعمة التي تعتمد في مكوناتها الرئيسية على الخضار لتوفير بعض المال.

ويردف:  حتى أطعمة الخضار التي كُنا نعتمدها لكلفتها القليلة باتت من الرفاهية في أيامنا هذه للأسف على الرغم من أننا في منطقة ريفية "زراعية" إلا أن انقطاع مياه الري وغوران مياه الآبار والكلفة الكبيرة في استخراجها عبر محركات الديزل، حرمنا منها وبات من يستطيع شراءها هم ثلّة قليلة ممن لديهم القدرة المالية.

يعتمد الكثير من الأهالي بشكل كبير على ما يُقدم لهم من مساعدات إغاثية وغذائية من قبل المنظمات أو شُعب الهلال الأحمر، فترى البرغل و الأرز هو من يتربع على عرش موائد الطعام بشكل يومي مضافاً إليه بعض اللبن في أحسن الأحوال.

 اعتمد الأهالي بشكل كبير على ما يُقدم لهم من مساعدات اغاثية وغذائية

أصحاب الدخل الثابت والعاملين ضمن المنظمات لم تؤثر الحصار والبطالة المفروضة على باقي أهالي الريف بل إنهم ينعمون بجزء من الرفاهية "إن صحّت تسميتها" بحسب ما يقول "غالب منير" أحد العاملين في المجال الإغاثي نظير راتب شهري لا يتجاوز الـ 300$.

أشار إلى أنه يحاول قدر المستطاع ألا يحرم عائلته المكونة من سبعة أفراد من بعض الأطعمة التي اعتادوا عليها قبل الأحداث السورية. مردفًا: نعتمد على وجبة "دسمة" يوم الجمعة الذي يجتمع خلاله من أفراد الأسرة كاملة، إذ من غير الممكن أن يكرر هذا اليوم في الأسبوع مرتين، وإلا سنكون في مأزق قبل نهاية الشهر، في اشارة منه إلى ارتفاع الكلفة المالية لإعداد طبق مميز.

في سياق متصل يتحدث أبو بسام أحد أصحاب محلات بيع اللحوم: لا أبالغ إن قلت بأن هناك من ينتظر من الأهالي على باب المحل ليأخذ العظام بعد انتهائي من عملية الذبح، لعدم قدرتهم على شراء اللحم، فسعر الكيلو يصل إلى 3500ل،س وفي أحسن الأحوال من يجد عمل فإن أجره اليومي لا يمكّنه من شراء نصف كيلو أو حتى أوقية من اللحم، ناهيك عن انتشار عادة الطبخ لدى النساء بالدهن الحيواني بدلاً من السمن النباتي لأنه أقل سعراً منها، وعلى الرغم من ذلك فإن من يريد شرائه يرسل أطفاله بـ 200 أو 300ليرة في أفضل أحوالهم.

وأضاف أبو بسام: بات من المعروف لدي من يقتات على اللحم ومن لم يدخل إلى منزله أوقية منه منذ أشهر على الأقل، وقد تسبب الفقر وعدم القدرة الشرائية للأهالي بإغلاق الكثير من المحلات المخصصة لبيع اللحم في المدينة، موضحاً أن اتماد من أصرّ على مزاولة مهنته باتت تقتصر على الشخصيات الغنية و أصحاب الرواتب الثابتة، وميسوري الحال من أبناء المدينة.

وبالانتقال إلى مدن وبلدات الغوطة الشرقية أفادت مصادر محلية بتدهور الواقع الغذائي في المنطقة التي تتعرض لحصار من قبل قوات الأسد بشكل كبير ما تسبب في عدد من المرات بحدوث وفيات لدى الأطفال حديثي الولادة نظراً لسوء التغذية المترتب على المدنيين بفعل حصار الأسد للمنطقة.

 لم يتم إدخال المساعدات الإنسانية لغوطة دمشق  منذ ثلاثة أشهر على الرغم من وقوعها على "مرمى حجر" من العاصمة السورية

فترى انتشار الأطفال بين حاويات القمامة باحثين عما يقتاتون به من طعام في صورة يندى لها جبين الانسانية، إذ لم يتم إدخال المساعدات الإنسانية لغوطة دمشق  منذ ثلاثة أشهر على الرغم من وقوعها على "مرمى حجر" من العاصمة السورية، والتي كانت تعتبر في سابق الزمان إحدى أكبر الموردين للخيرات من أراضيها لعموم المحافظات في الداخل السوري، ليكون جزاء أهلها برفضهم قبول نظام الأسد في الحكم هو حصارهم بالحديد والنار.

الكبة الدمشقية ولحوم الجمل والمندي والشاورما فضلاً عن الحلويات التي اعتاد أهالي الغوطة الشرقية على شرائها بالأرطال بات من الحلم مجرد رؤيتها في شوارع المدينة، لينتظروا على اثرها دخول حبات الأرز وبعض البرغل والمعلبات لتكون ذروة ما يأملون بالحصول عليه.

شهود عيان من داخل الغوطة أكدوا أن الأمر تجاوز فقدان الأغذية حيث وصل الأمر ببعضهم لحرمان أفراد اسرهم من وجبات رئيسية بمعدل من يفطر لا يحصل على الغداء وممن يتغدى لا يحصل على العشاء.

عمران أبو سلوم مراسل "أنا برس" في الغوطة أكد على أن شريحة واسعة من المدنيين لا يملكون القدرة المالية لشراء الأرز والبرغل الذي تجاوز سعر الكيلو الواحد ضمن المناطق المحاصرة الـ 3000ل.س أي ما يعادل 6$ ما دفعهم للاعتماد على ما يستطيع انتاجه المزارعين في أراضيهم من خضار كالزهرة والسبانخ والملفوف الذي يصل سعر الكيلو منها لما يتعدى الـ 600ل.س في حين لا يتجاوز سعرها خارج المنطقة الـ 30 ل.س للكيلو الواحد.

وتجدر الإشارة إلى أن منظمات إنسانية دولية وعلى رأسها برنامج الأغذية التابع للأمم المتحدة ودول أوربية طالبوا خلال أعوام الثورة السورية بضرورة العمل على تحييد المدنيين من مواقع القتال وأن تعمل الدول ذات النفوذ العسكري في سوريا للضغط على نظام الاسد من أجل السماح بالوصول السريع للمواد الغذائية للمناطق المحاصرة الأمر الذي لم يتمّ تحقيقه حتى الأن وسط انتظار الأهالي المحاصرين في المناطق الخارجة عن سيطرة الأسد لأي بارقة أمل تلوح في الأفق من شأنها إنهاء معاناتهم اليومية التي باتت تلقي بظلالها على رغيف الخبز.




معرض الصور