المزيد  
الموت خارج أسوار الوطن
جهود مكافحة المحتوى الإرهابي عبر الإنترنت (فرص وعقبات)
سامو زين يوجه رسالة لبشار الأسد
أجواء رمضان بين الحاضر والماضي في سوريا
هل تتأثر سوريا بخلافات "التعاون الخليجي" الداخلية؟
قصة سوري فرقته الاتفاقيات عن عائلته
بعد بتر ساقيه صاحب المقولة المشهورة "يا بابا شيلني" يظهر بساقين بديلتين
هذا ما تطلبه المعارضة الإيرانية ضد الأسد وخامنئي

يوميات عابر في حلب (الحلقة الثانية).. ليلة في حارات المدينة

 
   
08:33


يوميات عابر في حلب (الحلقة الثانية).. ليلة في حارات المدينة

البارحة قررنا نحن ومجموعة من الشباب أن نأكل ليلا، فنزلنا في السيارة.. حلب معتمة إلا بالشوارع الداخلية التي فيها كثافة سكانية وأسواق.

المهم وصل طريقنا عرضًا لحلب القديمة، أوقفنا السيارة ونزلنا لحارة من حاراتها، وجدنا دكان سمانة، بها شاب عمره حوالي 19 عامًا، اسمه محمد هو ووالده، فسلمنا عليهم وسألناهم عن حالهم، وهل توجد مقهى في المنطقة؟، طبعا كان سؤالنا مزاحًا؛ لأن هذه الأحياء "مرصودة" من النظام، فهي قريبة من القلعة خط النظام.

جاوب الشاب: "عرفت شو طلبكون تعو معي".. مشينا خلفه وإذ به يدخلنا بين حارات ضيقة، يوجد بأعلاها "شراشف" لحجب رؤية القناص، وكان كل بضعة خطوات يطلب منا الانتقال للجانب اليمين أو اليسار من الحارة للابتعاد عن القناص.

وصلنا لمقهى افتتحه شاب ابن الحارة، وهو مقهى بمكان قديم تعلوه أقواس حجر عمرها آلاف السنين، الشباب كلهم جالسين، أولاد حارات حلب القديمة سلمنا عليهم، وعرفناهم أننا من دمشق، وكم تشبه حلب دمشق بحاراتها.

الشباب كانوا متحفظين في البداية "طبيعي" ولكنهم سرعان ما صارحونا بواقع الأمر، وكان ذلك بلهجة وأسلوب سكان المدن، يلمحون دون إفصاح على خبايا الأمور، وكم أن الوضع الطارئ على المدينة، هو غريب عليها ولا يعجبهم، طبعا يقصدون النصرة وشبيهاتها.

أكملنا طريقنا في الحارات، وشرح لنا مضيفنا أن كل المنازل القديمة مغلقة، ومفتاحها بمكتب هو في أول الحارة، يمنع أحد من دخول الحارة، بدون معرفة.

البيوت ممنوعة من السكن إلا للمعارف، أو من قبل بعض قليل من أصحابها الذين لم يسافروا، دكاكين قليلة متبقية تبيع سلع بسيطة، بعض الخضار، كل الناس ودودين، أولاد حارة كما يقال.

محمد يعشق حارات حلب وهذا واضح من شغفه بشرح كل شيء حصل ويحصل، وكل بيت يشرح لنا لمن، مررنا من أمام منزل حمام خيري المطرب الحلبي وغيره من أسماء حلب المعروفة، وصلنا لخط الجبهة كما يسموه الخط واحد، مجموعة شباب طيبة سلمنا عليها وفرحوا بنا كوننا من الشام ونحن هنا في حاراتهم العريقة... حلب القديمة عظيمة وشعبها أعظم.

عدنا قبل منتصف الليل، ومررنا على محل أكل يبيع فقط توشكا ومارينا، تحدانا أن نكون قد تناولنا مثلها في حياتنا، انتظرناه ريثما ينتهي من تحضيرها خارج محله، فشاهدنا على الجانب الآخر محل يبيع ألبسة عسكرية، قطعنا الشارع، وشاهدنا واجهته فإذ بصاحب المحل يسلم علينا، صاحب المحل رجل أربعيني ملتحٍ من غير شارب، دردشنا معه بتحفظ، لكنه سرعان ما استذكر معنا بداية الثورة وكيف انخرط بها، ودخلنا بموضوع التدين وإذ به يقول إن كثيرًا من المجموعات ليست أهل لتستمر فالغلو لن يكون له مجال بالبقاء، والسلعة الرائجة اليوم هي ادعاء التدين.. تناولنا التوشكا في البيت، وكانت فعلا من ألذ ما تناولناه.