المزيد  
الموت خارج أسوار الوطن
جهود مكافحة المحتوى الإرهابي عبر الإنترنت (فرص وعقبات)
سامو زين يوجه رسالة لبشار الأسد
أجواء رمضان بين الحاضر والماضي في سوريا
هل تتأثر سوريا بخلافات "التعاون الخليجي" الداخلية؟
قصة سوري فرقته الاتفاقيات عن عائلته
بعد بتر ساقيه صاحب المقولة المشهورة "يا بابا شيلني" يظهر بساقين بديلتين
هذا ما تطلبه المعارضة الإيرانية ضد الأسد وخامنئي

السوريون يتغلبون على الأزمات بحلول خاصة

 
   
11:50


السوريون يتغلبون على الأزمات بحلول خاصة

خمس سنوات من الحرب، والحياة مستمرة رغم المعوقات وظروف القتل والتهجير والتدمير، ولكنّ إصرار الأهالي على العيش، دفعهم لابتكار وسائل جديدة بعد انقطاعها بسبب ظروف الحرب كالكهرباء والمحروقات وغيرها من وسائل العيش الأساسية بعد تدمير ممنهج للمرافق الحيوية.

ويعدّ قطاع التعليم من أهم القطاعات التي لا يمكن التخلي عنها، كونها حجر أساس في استمرار بناء أجيال جديدة قادرة على مواجهة التحديات، وتكون منارة لأجيال قادمة، ورغم حملات القصف التي استهدفت عشرات المدارس في ريف إدلب، ناهيك عن استهداف جامعة إدلب، إلا أنّ القائمين على التعليم بذلوا ولايزالون يبذلون الجهود للحفاظ على التعليم.

ويذكر "محمود الخطيب" 43 عاماً، مسؤول إحدى معاهد تحفيظ القرآن: "لجأ نظام الأسد إلى تدمير المدارس وقصفها حتى أثناء دوام الطلاب فيها، ففي منطقتنا خمس مدارس، واحدة دمرت بشكل كامل، واثنتين دمرت أجزاء منهما، ولم يتبقّ سوى اثنتين قابلتين للتعليم، ورغم ذلك نواصل التعليم لبناء جيل جديد يكمل طريق شعبنا في الحرية والخلاص من هذا النظام".

  "الحاجة أم الاختراع".. شعار طبقه السوريون ببدائل للخدمات المنعدمة بالداخل 

ويضيف: "دمار المدارس لم يثننا عن إكمال مسيرتنا في بناء الأجيال، فبعد توقفنا لأشهر عن المدارس، واستمرار استهدافها، أوجدنا طرقاً بديلة كان أهمها حلقات تحفيظ القرآن الكريم، وتعليم الأطفال مبادئ القراءة والكتابة، وفنون اللغة العربية، وغيرها، حيث قمنا بإعداد أماكن خاصة كالأقبية في المباني حفاظاً على أرواح الطلاب، ناهيك عن تقسيم الدوام إلى فترات كي نخفف قدر الإمكان من الأضرار في حال استهداف المكان الذي ندرس به".

وبين بأنّ أهالي البلد لم يقصروا في تأمين المصاريف للمدرسين والطلاب تزامناً مع ارتفاع وتيرة الفقر، حيث لاتوجد رواتب ثابتة للمدرسين ولكن يتم مساعدتهم قدر الإمكان.

التعليم

ويشيد "الخطيب" بتعاون الأهالي عموماً من خلال إصرارهم على إرسال أبنائهم للأماكن المخصصة للتعليم، مبرزاً بعض الحالات الأخرى التي يمنع خلالها الأهالي إرسال أبنائهم خوفاً عليهم من القصف، ولكن بنفس الوقت أجدوا طرقاً بديلة أخرى من خلال التدريس في منزل إحدى المدرسات أو أحد المعلمين السابقين، لتعليم أطفال الحيّ، وأحياناً ضمن العائلة الواحدة.

ويلفت إلى أنّ هذا الأمر يتفاوت بين منطقة وأخرى، فمعظم المناطق أوجدت هذه الطرق البديلة، كون اخيارات بديلة، أو حل قريب لانتهاء الحرب، في حين يسعى القائمون لتطبيق هذه الأفكار على باقي المناطق وخاصة تلك التي كانت تعاني أصلاً من مشاكل التعليم حتى قبل الثورة السورية كالمناطق الصحراوية النائية.

المحروقات

كما تعد المحروقات من أهم وسائل العيش حاليا في زمن الحرب السورية، فالنظام السوري الذي يعدّ مصدراً رئيسياً للمحروقات ذات الجودة العالية يعاني من قلة المحروقات في مناطق سيطرته كونه يعتمد على الاستيراد من الخارج بعد خسارته معظم الحقول النفطية في مناطق دير الزور والرقة وريف حمص وغيرها، لذلك لجأ الأهالي إلى إيجاد طرق بديلة لتكرير النفط لاستخدامه في المناطق المحررة.

ويذكر "فاروق جمعة" وهو تاجر محروقات، بأنّ كمية المحروقات متوفرة بكثرة في المناطق الشرقية من سوريا، ولكن العائق الأكبر هو الطريق نحو المناطق المحررة بإدلب، فالخطورة دائمة، وكثيراً ماتعرضت قوافل المحروقات للقصف وبالتالي فقد أرواحهم.

ويضيف: سابقاً كانت معظم الشاحنات تجلب النفط غير المكرر، ونقوم بتكريره بطرق بدائية أوجدناها بسبب عدم وجود تقنيات حديثة، ثم طورناها للفتلرة عبر الكهرباء، مايجعل جودة المواد أفضل خاصة أن المازوت أو البنزين ذي الجودة السيئة يؤثر سلباً على السيارات والمولدات؛ مايتسبب بإعطابها.

ويوضح أنه في الفترة الحالية كثرت في المناطق الشرقية محطات التكرير، وبالتالي أصبح المازوت أكثر جودة بسبب ازدياد خبرة العاملين في مجال تكرير النفط الخام، حيث بات يصلنا جاهزاً للاستهلاك.

كما يشير إلى أنّ انقطاع الطريق من المناطق الشرقية إلى المناطق المحررة في إدلب وحلب وغيرها بسبب المعارك الدائرة، دفع التجار إلى إيجاد حل بديل من خلال تخزين كميات كبيرة من المحروقات تستخدم لدى انقطاع الطريق، حيث ترتفع الأسعار قليلاً، ولكن وجودها بأسعار أغلى أفضل بكثير من انقطاعها.

وأبرز ما ميز السوريون الآن هو الطرق البديلة، فحاجة الناس سبب رئيسي للابتكار فالكهرباء بعد انقطاعها أوجد القائمون لها حلاً من خلال المولدات، وكذلك شبكات الطرق من خلال إصلاح الطرقات وغيرها من الطرق التي ساهمت في استمرار العيش رغم سنون الحرب الخمس.

الانترنت التركي والفضائي

وفي السياق، أصبح الانترنت أو ما يعرف بالشبكة العنكبوتية ضرورة في كل منزل من منازل مدينة القامشلي أقصى شمال شرق سوريا، بل من أساسيات الحياة ولا يمكن الاستغناء عنها ولا العيش بدونها.

بدايات الأزمة السورية أقدم الحكومة السورية على قطع شبكة الانترنت السوري في مدينة القامشلي ومحافظة الحسكة، بحجة أن التنظيمات المسلحة قامت بتخريب الشبكة الضوئية بين المحافظة ودمشق.

وباعتبار أن مدينة القامشلي مدينة حدودية تقع مباشرة على الحدود التركية المحاذية لمدينة نصيبين التركية، اعتمدت سكان المدينة على الانترنت التركي لاقضاء حاجاتهم وتكون الانترنت التركي بديل عن الانترنت السوري، أضافة إلى استخدام أجهزة الانترنت الفضائي.

ويقول الناشط السياسي من القامشلي شيار علي لـ " أنا برس "، أجهزة الانترنت الفضائي والتركي أعبت النقص الذي خلفه الانترنت السوري، وأنه خلال بدايات الثورة السورية اعتمدنا على الفضائي والتركي لتغطية البث المباشر للمظاهرات ونشر الصور والمقاطع على شبكات التواصل الاجتماعي إلى جانب التواصل والتنسيق مع شباب الثورة في وريا كاملة.

وأضاف: أنه لولا الفضائي والتركي خاصة لكانت هنالك تغطية ضعيفة جداً من مظاهرات ونقل معانات سكان القامشلي ومحافظة الحسكة إلى العالم عبر الأعلام، كون النظام تقصد في قطع الانترنت السوري.

من جهتها، قالت الناشطة جيهان عمر لـ "أنا برس" مشكلة انقطاع الانترنت السوري في القامشلي تم حله بشكل سريع وذلك بالاعتماد على الفضائي والتركي، مضيفاً أن الانترنت أصبحت من الأولويات في كل منزل كون معظم السوريين أصبحوا نازحين في عدة دول وأصبح الانترنت صلة التواصل بين جميع الأهل والمعارف ولهذا لا يمكن الاستغناء عنه.

حلول مشاكل الاتصالات

وفي درعا على سبيل المثال، أكثر من خمسة أعوام مرت على قطع النظام السوري لكل وسائل الاتصالات عن درعا، في محاولة بدأها منذ انطلقت شرارة الثورة فيها لمنع وصول الصورة الحقيقية للأحداث هناك للعالم، ليتجه أهالي درعا ويوفرون خدمات بديلة استطاعوا من خلالها الاستغناء بشكل شبه كامل عن وسائل الاتصال السوري، ليثبت العقل السوري مجدداً أن الحاجة أم الاختراع، ولن يقف عائق بوجه من يفكّر بحل مشكلة.

وعن البدائل التي وفرها أهل درعا تحدثت "أنا برس" مع شرائح مختلفة من المجتمع السوري، حيث نقل الاهالي هناك الطرق البديلة التي وفروها في مجال الاتصالات.

جلال المنصور، 25 عاماً مواطن من ريف درعا يقول: بعد انقطاع الاتصالات تماماً منذ بدء الثورة السورية، اضطررنا لاستعمال شبكات دول الجوار، حيث كنا نقطع مسافات طويلة للاقتراب من الحدود من أجل اجراء مكالمة ضرورية ما.

ويضيف: وفي بعض المدن والقرى القريبة من مناطق سيطرة النظام، كانت الشبكات السورية تصل بشكل ضعيف قادمة من تلك المناطق، أما الاتصالات الأرضية فهي معدومة تماماً منذ أكثر من خمس أعوام عن المناطق المحررة.

ويؤكد المنصور أن النظام الصوري حاول قطع الاتصالات لمنع او الحد من محاولت الناشطين في بداية الثورة نقل الصورة الحقيقية للأحداث الجارية بدرعا، لكن قرب درعا من الحدود واعتماد الناشطين على وسائل بديلة أفشلت خطة النظام تماماً.

من جانبه، يشرح الخبير في ذلك الصدد المهندس قاسم محمد يشرح لنا طريقة استقبال أهالي درعا اليوم لشبكات الانترنت من دول الجوار والاستغناء عن الشبكات السورية بشكل شبه كامل ويقول: حول أهل درعا أطباق اللواقط التلفزيونية لمستقبل إشارة للأنترنت، حيث يوجه الطبق باتجاه دول دول الجوار بشكل أفقي ويوضع جهاز (usb moudem) الخاص للانترنت في محور الطبق وفيه خط الانترنت الخاص بشبكات دول الجوار.

ويسترد: غالباً وفي الكثير من المناطق تكون شبكات الانترنت من دول الجوار ضعيفة نوعاً ما مقارنة بسرعة الاتصال داخل تلك الدول، إلا انها تفي بالغرض مع أهالي درعا المقطوعين من تلك (النعمة).

ويشير المهندس قاسم إلى ان شركات دول الجوار تلك عمدت خلال السنوات الأخيرة على إضعاف شبكاتها الواصلة إلى أكثر من عشرين كيلو متر في عمق الداخل السوري، على عكس ما كان متوقع ومرتقب من اهالي درعا، اللذين طالبوا تلك الشركات زيادة قوت شبكاتها لاعتمادها كبديل دائم داخل المناطق المحررة.

وفي السياق يتحدث عبود الحوراني، 23 عاماً من ريف درعا، عن انتشار ضاهرة الانترنت المتنقل في الشوارع مقاهي الانترنت، حيث يقول: ادى ضعف الشبكات من دول الجوار وانعدام الشبكات السورية إلى التوجه إلى البدائل المتوفرة وهي مقاهي الانترنت، حيث يعمد صاحب المقهى إلى نقل موجات اتصال عبر لواقط بث وأخرى للاستقبال من مناطق فيها اتصالات لدول الجورا إلى مناطق لا تصلها، وهناك يتم نشر أيضاً لواقط بث واستقبال أخرى في الشوارع والاماكن العالية، ليصبح مقهى الانترنت بمثابة شكرة اتصالات مصغرة.

ويشير الحوراني إلى ان بعض المناطق بدرعا والتي تعذر نقل الإشارة إليها اعتمدت على اجهزة الانترنت الفضائي رغم ارتفاع أسعارها، إلا أن تبقى البديل الوحيد المتوفر هناك.

ويؤكد الحوراني إلى ان الأهالي بدرعا نجحوا بنسبة تزيد عن التسعين بالمئة بالاستغناء عن شبكات الاتصالات السورية بعد نشر البدائل المتوفرة والاعتماد عليها كلياً في وسائل الاتصال هناك.

وبالطرق التي تحدث عنها الأهالي تمكنوا من حل مشكلة الاتصالات في درعا، في الوقت الذي تنعم فيه الدول الغربية والعربية بسرعات انترنت أضعاف مضاعفة مما هي عليه في الاتصالات السورية، ما يزال السوريين يلتقطون إشارة الانترنت عبر أطباق المستقبل الفضائي.