http://anapress.net/a/133582305799698
لا يخفى على أحد حجم المآسي الكبيرة التي تعرض لها المجتمع السوري طوال فترة الحرب الدائرة في سوريا، سواء من حيث التهجير أو البطالة أو صعوبة الوضع الإنساني وفقدان الخدمات الصحية، وغلاء المعيشة بشكل كبير، وغيرها الكثير.
وبالطبع فإن الأسرة السورية تأثرت بشكل كبير بظروف الحرب التي فرضت عليها، حيث أدت الظروف المعيشية الصعبة التي تواجه ولا تزال تواجه الأسر السورية إلى دمار خلية المجتمع وتعزيز الطلاق الذي سجل أرقاما مضاعفة في حال مقارنته مع أعوام ما قبل الأزمة. (اقرأ أيضًا: الطلاق الروحي.. جفاف وصحراء الحياة الزوجية).
أكد القاضي الشرعي الأول محمود المعراوي، أمس الأربعاء ازدياد حالات الطلاق في سوريا، حسب الإحصائيات الموجودة لدى المحكمة الشرعية في دمشق، مقارنة بين سنوات الحرب وما قبلها. وأضاف في تصريحات لصحيفة تشرين الناطقة باسم نظام الأسد، بأنه في عام 2010 بلغ عدد عقود الزواج 21 ألف عقد، شمل جميع أنواع عقود الزواج (إداري، تثبيت، دعاوى)، قابلها في العام نفسه 5318 حالة طلاق، حيث سجّلت المحكمة الشرعية في دمشق 7423 حالة طلاق في العام 2016 مقابل 5318 في العام 2010، أي بزيادة قدرها 30 في المئة.
ورأى المعراوي، أن الحرب أفرزت أسباباً جديدة للطلاق إضافة للأسباب المعروفة، كالاختيار الخاطئ أو وجود مصلحة معينة للزوج، أما عن الأسباب الجديدة فكان أهمها الهجرة، حيث يرغب أحد الزوجين بالهجرة بينما يرفضها الطرف الآخر. (اقرأ أيضًا: طلاق الإنترنت يثير الجدل في الأوساط المجتمعية في الداخل السوري).
ويعود ارتفاع نسبة الطلاق أيضاً، بحسب المعراوي، إلى أسباب اقتصادية وعدم إمكانية تأمين مسكن مستقل، إذ تضطر العائلة إلى تقاسم المسكن أو الانتقال للسكن مع الأهل، فضلاً عن عدم قدرة الزوج على إعالة زوجته بعد الأزمة التي أفقدت الكثيرين أعمالهم. ويضاف إلى ذلك، بحسب قوله، تأثير الهجرة السلبي على العائلات. ويوضح: نشبت خلافات بين الزوجين بسبب رغبة أحدهما بالسفر ورفض الآخر خوفاً من مخاطر السفر أو عدم الرغبة بالابتعاد عن الأهل.
وفي سياق آخر تطرق المعراوي إلى لجوء بعض الآباء لتسجيل أسماء بناتهن لدى المحكمة الشرعية، بحيث لا يتم الزواج إلا بوجود الولي شخصياً، حيث شدد القاضي الشرعي في هذا الإطار، على أن قبول مثل هذا الإجراء من قبل الآباء ليس تعنتاً من المحكمة أو حجراً على الفتاة أو الحد من حريتها وأحلامها بالزواج، بل هو مجرد إجراء وقائي متخذ من قبل الآباء نتيجة الخوف على بناتهن من الضياع، والاستغلال بأساليب غير مشروعة .
وفي السياق نفسه، زادت حالات الطلاق بشكل ملحوظ منذ اندلاع الأزمة السورية في جميع المحافظات، وبحسب المحامي محمد غياث، فقد تنوعت أسباب الطلاق وظهرت أسباب جديدة لم تكن موجودة قبل الأزمة، منها الخلافات الكبيرة نتيجة كون أحد الزوجين معارضاً أو موالياً وتحدث عن حالات كبيرة تم تسجيلها نتيجة هذه الخلافات، مشيراً إلى أن معظم الطلقات تحدث بسبب غياب الزوج. (اقرأ أيضًا: زواج القاصرات.. خطأ لا تغفره سنوات من الندم).
ويشرح المحامي محمد غياث في تصريحات لـ "أنا برس" إلى أن المادة 109 من قانون الأحوال الشخصية تجيز التفريق للغيبة. وبموجب ذلك "يحق للزوجة أن تحصل على طلاقها بعد أن تثبت غياب زوجها لمدة تزيد على السنة بشكل قانوني"، ويؤكد غياث أن غياب الزوج في الحرب السورية هي أكثر الأسباب التي أدت لرفع نسب الطلاق في سوريا.
ولا شك أن الحرب أفرزت مشاكل عديدة في الأسرة السورية وأثر بشكل سلبي وكبير على بنية المجتمع برمته، وكثرة حالات الطلاق في ظل الظروف الحالية ولّد العديد من الظواهر التي لم تكن موجودة قبل الأزمة.