المزيد  
واشنطن تؤكد استعدادها لدعم تركيا فيما يخص إدلب
ميلشيا الحشد الشعبي العراقي يرسل مقاتليه إلى خطوط الجبهة في إدلب
عميد كلية الطب بدمشق: أكثر من 150 ألف حالة إصابة بـ "كورونا" في دمشق وحدها
بينهم قتلى من الحرس الثوري.. غارات على مواقع للميليشيات الإيرانية بدير الزور
ميشيل عون: وجود السوريين في لبنان "عبئاً كبيراً" .. ونطلب مساعدة "الهجرة الدولية" لإعادتهم
آلاف العناصر من "داعش" لا يزالون يتحركون بحرية تامة بين سوريا والعراق
مشافي حلب تعاني من نفاد أكياس الجثث بسبب فيروس "كورونا"
وفد المعارضة لـ "أنا برس": تم إلغاء أعمال اللجنة الدستورية بسبب اكتشاف 3 حالات بـ "كورونا"

حركة التشيّع في الساحل السوري

 
   
15:11

http://anapress.net/a/203087065212753
4993
مشاهدة


حركة التشيّع في الساحل السوري

حجم الخط:

تعمل إيران على تعزيز نفوذها في سوريا عبر قناتي المليشيات الموالية وحركات التشيّع، حيث تتماهى حركات التشيّع مع طبيعة النظام الإيراني القائم على ولاية الفقيه، وتعمل على توطيد النفوذ استراتيجيّاً عبر أجيالٍ شيعيّة توالي الفقيه وتأتمر بأمره، وجهود إيران بهذا المجال دؤوبة منذ صعود الولي الفقيه، وقد عملت على الوتر الديني منذ سنوات صعود الخميني الأولى، إذ كانت سوريا من أوائل الدول التي بدأت إيران بالتغلغل داخلها، سنحاول في هذه المادة إلقاء الضوء على هذا النشاط في الساحل السوري منذ بداياته حتّى أيامنا هذه، وسنحاول مقاربة الفرص الإيرانيّة المتاحة لتشييع العلويين واحتماليات نجاحها و العوامل الدافعة بهذا الاتجاه والمثبّطة.

مراكز التشيّع في الساحل السوري:

تأسست أولى مراكز حركة التشيّع في الساحل السوري منذ عام 1981، مع تأسيس جمعية المرتضى التي ترأسها جميل الأسد، وحول هذه الجمعيّة وطبيعة نشاطها، يقول المعارض (ك.ع.)، الذي قضى عدّة سنوات كمعتقل رأي في سجون الأسد الأب وهو من منطقة جبلة وكان شاهداً على نشاطات الجمعيّة: ( أرخت الجمعية كل ثقلها بين عامي 1981 و1983 في حركات التشيّع ، فلم يوفّر جميل الأسد أيّة وسيلة لترغيب العلويين في التشيّع، أو ترهيبهم من العزوف عنه، حيث اتسعت نشاطات الجمعيّة من البعثات للمشايخ إلى قم والدعم المادي، وأيضاً التفضيل في ترشيحات المناصب، كذلك حرق بعض المزارات المقدّسة عند العلويين لترهيبهم وحرمانهم من حقّهم الطبيعي في حريّة الاعتقاد، إلّا أن تحسس حافظ الاسد لخطر انقسامٍ كبيرٍ في الطائفة العلويّة، قد تعقبه حركات مناوئة للسلطة من قبل العلويين بالتزامن مع أحداث الإخوان المسلمين، ما جعل حافظ الأسد يغلق الجمعيّة ويوقف جميع نشاطاتها.

وقام الأسد في عهد ما بعد الجمعية ومن خلال هيئاته الامنية والبعثيّة بحركة معاكسة، يتعمد ترسيخ العلويّة بين العلويين ونبذ التشيّع والشيعة بشكل كبير، وصلت ببعض مشايخ العلويين بمساواة الشيعة بالسنة وغيرهم من الطوائف الاخرى من حيث القرب من العلويين، واعتبار الشيعة أحد أعداء الدين، وعاد المتشيّعون عن تشيّعهم باستثناء أعداد قليلة جدّاً تصيب الندرة، ومنبوذون من محيطهم العلوي بشكل كبير.)

أهم مراكز التشيع في الساحل السوري حالياً:

1ـ جامعة الرسول الأعظم :

يقع مبنى الجامعة في مشروع شريتح في مدينة اللاذقيّة، افتتحت الجامعة عام 2006, وفيها ثلاث فروع : الأدب  العربي, الدراسات القانونيّة, وعلوم الشريعة.

وفي لقاءٍ معه أكّد لنا (ط. ح.) أحد طلّاب الجامعة أنّ عدد الطلاب الموجودين حالياً في الجامعة، نحو خمسة آلاف طالب وطالبة، ولا يلتزم خريجو الجامعة بأي واجب ديني أو قانوني بعد التخرّج، بالمقابل قد توفّر الجامعة فرصة عمل لمن يقدرون أنّه ملتزم معهم بعقائد ولاية الفقيه، أي يقوم بنشاطات دعويّة ويلتزم شخصيّا بالتشيّع الإثني عشري.

2ــ مسجد الرسول الأعظم

 يقع بالقرب من الجامعة، حيث تتم ممارسة جميع الطقوس الدينيّة الشيعيّة، كما أنّ هناك حوافز ومساعدات لكل من يلتزم بالحضور في المسجد لتأدية الشعائر الدينيّة، يذكر بأنّ أعداد الوافدين للجامع لم تتجاوز الألف شخص في ذروة توزيع المساعدات التي تعقب الصلاة، ويلاحظ ازدياد الأعداد بشكل طردي مع ازدياد المساعدات، كما قالت لنا (أم أيهم) ربّة الأسرة الفقيرة في حي شريتح، وحول الدوافع القائمة خلف هؤلاء الوافدين للجامع أجابت (أم أيهم)  "مصلحة وفقر، ولا أحد مقتنع بكل هذا الهراء"...

3- مراكز الدفاع الوطني:

تأسست مع بداية العام 2013، وخاض عدد كبير من عناصرها دورات تدريبيّة في إيران، تخلل هذه الدورات، تدريبات على السلاح، ودورات عقائديّة، يقول أحد العناصر الذين ذهبوا لإيران:   كان "المرشد الثوري الإيراني" يقوم بإلقاء محاضرات تشريعيّة شيعيّة بشكل يومي على المقاتلين، كما كانت تفرض علينا الصلاة في المساجد خلف إمام شيعي، وكان هؤلاء المرشدون يستغربون كثيراً من كوننا "إسلام" ولا نصلّي، وكان بعضهم في كثير من الأحيان ينعتنا نحن العلويون بالكفرة، إذ أننا نتهرّب من الدروس والصلاة قدر الإمكان ولم نشعر يوماً أن الأمر يعنينا.

4- مدارس شيعيّة وحسينيّات:

انتشرت هذه الظاهرة في ضواحي اللاذقيّة، حيث انضم بضع مئات من الطلبة للتعليم في هذه المدارس، وذلك للتخلّص من العبء المادي المكلف للدراسة، وللحصول على امتيازات في المساعدات، لكنّها ماتزال في إطار ضيّق وبالرغم من الظروف المواتية لانتشار مثل هذه المدارس والإقبال عليها، إلّا أنّ أعداداً قليلة بالكاد تلتحق، رغم المغريات التي تقدّمها إيران للطلبة وذويهم.

 الفرص الإيرانيّة في تشيّع العلويين:

  1.  العامل السياسي: 

في هذا الخصوص التقينا الناشط السياسي (م.أ.) حيث قال: ( تمتلك السلطة القائمة دوماً القدرة على فرض تسهيلات وتوفير أدوات دافعة باتجاه تشجيع التشيّع من أهمها إعطاء الحريّة الكاملة لإيران بتقديم المساعدات وفق شروطها وأولوياتها، وأيضاً إذاعة الإشاعة عبر أدواتها البعثيّة والأمنيّة، وتجنيد رجال الدين العلويين ذوو الخلفيّة الأمنيّة أو العسكريّة لإحداث تغييرات في الطقوس الدينيّة العلويّة، كل ماسبق عملت عليه إيران وبقوّة في فترة النفوذ الِإيراني أي قبل العام 2015/ إلّا أنّ التدخل الروسي الذي جاء لينقذ حلفاءه الإيرانيين وسلطة الأسد، لا يناسبه البقاء في الساحل السوري تحت رحمة "حليفه" الإيراني، بل يفضّل العكس، لذا بدأت سلطة الأسد التي باتت تابعةً للروس، بسحب الأدوات التي تستخدمها إيران لتشييع العلويين واحدة تلوى الأخرى، وأبقت على مؤسساتها العينيّة في مدينة اللاذقيّة، لقناعتها بضعف تأثيرها على المزاج العلوي العام الذي يشعر الآن بأنّ الروسي هو المنقذ لا الإيراني).

  1. العامل الديني (الديانة العلويّة): 

 يعتبر الكثير من الباحثين التاريخيين أن العلويين من أفرع الشيعة، ويؤكد باحثون تاريخيّون هذا الأمر، إلّا انّ هذا لا يعني قرباً دينيّاً بين الشيعة والعلويين، وفي هذا الخصوص يقول (ع.ك.) ناشط ومثقف من البيئة العلويّة، (المذهبين متباعدين بشكلٍ كبير بدءاً من الطقوس الدينيّة( الاعياد الفرائض الدينيّة) وانتهاءً بالشرائع الدينيّة التي تحكم الحياة( الزواج ، المرأة، الخمور، المشروع الديني السياسي) ،  ففي حين يبدو المذهب الشيعي كمذهب موازٍ للمذهب السني في أحد أشكاله المتشددة، يتمحور الدين العلوي حول التأمل والحالات الصوفيّة والإبتعاد عن مسائل تشريع الحياة اليوميّة، وفي حين يعتبر الشيعة العلويّون غلاة، يعتبر العلويّون الشيعة أشد أعدائهم لانّهم يدعّون حب علي بغير سبيل).

ويضيف (حاول رجال دين علويين في بعض الفترات التقرّب من المذهب الشيعي، وإقامة عيد عاشوراء مع الشيعة، ونشر الدعوات لحسن نصرالله في المناسبات الدينيّة، إضافة لمحاولاتٍ منهم تسريب بعض الطقوس الدينيّة الخاصة بالشيعة للطقوس العلويّة، إلّا أنهم تعرضوا في الآونة الأخيرة لهجوم مضاد من قبل رجال دين علويين، يدافعون عن الأصالة في الدين التي لا يجب أن تتغيّر، وبالمجمل فإن هذه المظاهر اختفت بشكل كبير في الوقت الحالي).

خلاصة:

السعي الإيراني نحو خلق حركة تشيّع واسعة في الساحل السوري لن يتوقف، وسيحاول الإيرانيّون انتهاز الفرص لنشر التشيّع بين العلويين وباقي مكونات الساحل السوري، وبالرغم من ازديادٍ ملحوظ لنشاطاتهم بهذا الخصوص بعد الثورة السوريّة، إلّا أنّها لم تستطع لحد الآن خلق حركة تشيّع ترتقي لمستوى ظاهرة اجتماعيّة، ولا ينفي هذا خطورة ما يعملون عليه الآن خصوصاً تلك المدراس التي تُعني بالنشأة والشباب والتي قد تخلق شريحة من المتشيّعين ليكونوا عوناً للإيرانيين في مشاريعهم القادمة، وهذا ما يحيلنا لمهام أساسيّة على قوى المعارضة العمل عليها، ومن أهمها الخطاب التطميني للعلويين والعمل على خلق حلول اقتصاديّة حقيقيّة، وعمل النخبة السياسيّة والثقافيّة على فضح هذه المشاريع ومآربها الرجعيّة والسياسيّة.

 



كلمات مفتاحية