المزيد  
الموت خارج أسوار الوطن
جهود مكافحة المحتوى الإرهابي عبر الإنترنت (فرص وعقبات)
سامو زين يوجه رسالة لبشار الأسد
أجواء رمضان بين الحاضر والماضي في سوريا
هل تتأثر سوريا بخلافات "التعاون الخليجي" الداخلية؟
قصة سوري فرقته الاتفاقيات عن عائلته
بعد بتر ساقيه صاحب المقولة المشهورة "يا بابا شيلني" يظهر بساقين بديلتين
هذا ما تطلبه المعارضة الإيرانية ضد الأسد وخامنئي

"أم علي" قصة سيدة سورية جسّدت ألوان المعاناة كلّها وتصرّ على البقاء

 
   
11:55


"أم علي" قصة سيدة سورية جسّدت ألوان المعاناة كلّها وتصرّ على البقاء

"هل ستتجسّد معاناة السوريين جميعاً خلال أعوام الحرب كلها في شخصي أنا، لو لم أكن جبلاً لما تحمّلت كل المصائب التي حلّت بي، هل هناك شيء أكثر من الموت؟، حتى الموت أتمناه ولا يدركني لأرتاح، لأنه السبيل الوحيد لراحتي"..

بكلماتها العفوية المتزامنة مع دموع حرقة ذرفتها على خديها الّذينِ أنهكتهما قسوة الأيام وعِظم المصائب التي حلّت بها، بدأ مروة ابنة الثلاثين ربيعاً تروي لنا قصتها الفريدة من نوعها، والتي تحمل من المآسي ما يفطر القلب.

مروة "أم علي" سيدة من مدينة حلب نزحت إلى ريف حلب الشمالي مخيم باب السلامة مع بداية الاحداث في حلب بعد استشهاد زوجها وإصابة اخوتها بقصف قوات النظام حيث لم يبقى لها معيل فقررت التوجه إلى مخيمات اللجوء للحصول على قوت اليوم لا أكثر مع أطفالها الثلاثة، وبعد أن وصلت المخيم بدأت في العمل مع منظمة "ميدكل" في تنظيف الحمامات لكي تقوم بالصرف على اطفالها وعلاج اخوتها، وبعد فترة من الزمن مات اخوتها بسبب قلة العلاج وعدم إدخالهم إلى تركيا فبقيت وحيدةً مع ثلاثة أطفال بعد أن مات الزوج والأخوة واحداً تلوَ الآخر.

وبسبب ضيق السبل وقسوة الحياة عليها بعد أن بقيت وحيدة تزوجت رجلاً من مدينة اعزاز والذين عاش معها فترة بسيطة قبل أن يقرر الهجرة إلى المانيا لكي يعمل ويرسل لهم المال، إلا أنه هو الآخر مات غرقاً في البحر، ليصلها خبر موت أختها بقصف طائرات النظام على مدينة حلب التي تركت لها طفلة يتيمة أيضاً بدأت هي في تربيتها وبعد فترة صغيرة استشهد زوج اختها في مدينة اعزاز بانفجار مفخخة، وتم فصلها من العمل بسبب توقف دعم المنظمة، لتترك لها الأيام أربعة أيتام بين جدران خيمة قماشية بلا معيل يسألهم ماذا تحتاجون ".

تقول أم علي: "زوجان وثلاثة أخوة وزوج أختي ومجموعة من الأيتام الذين ينتظرون كل يوم من يسألهم ماذا تحتاجون، حتى وظيفة تنظيف الحمامات التي لم أتخيّل يوماً أن أعمل بها تم فصلي منها، طبعاً تحدّثت عن الأمور العامة والمصائب الكبرى ولم أدخل في تفصيلات حياة الذلّ والتشرّد وغصات الأيتام وفقد الحياة بكل أشكالها وتجرّع مآسيها فقط، هل حصل مع أحد من البشر ما حصل معي؟، هل بعد كلّ هذا لا أتمنى الموت، حتى الموت أتمناه وأتوقف عن أمنيتي لخوفي على هؤلاء الأيتام الذين لم يبقى لهم معيل إلا أنا بعد الله". (اقرأ أيضًا: رصاصة قناص قلبت حياته.. من ثائر مدافع إلى طارق للأبواب يطلب علاجًا دون جدوى).

لعل المنصت لقصة أم علي هذه يرى فيها العجب لكمّ المصائب والويلات التي تعرضت لها هذه المرأة – الموت والتهجير والذل واليتم وقسوة الحياة – كلها تجسّدت في قصة انسان واحد، لكن من يزور مخيّم الأرامل على الحدود السورية التركية سواء في تجمّع أطمة بريف ادلب أو باب السلامة في ريف حلب، يرى أنّ قصة أم علي غيض من فيض لا ينضب، حيث يقطن هناك الآلاف ممن يحملون في جعبهم قصصاً أفرزتها سنوات قلائل من الحرب تدمع العينين ولكن معظمها يبقى حبيس صدورهم بعدما رأوا التخاذل وعدم الجدوى من سرد قصصهم التي لن تكون إلا حبراً على ورق كما نسردها نحن هنا دون يتأثر لمعاناتهم ويهب لمساعدتهم أشخاصاً كانوا أو دول.