المزيد  
الموت خارج أسوار الوطن
جهود مكافحة المحتوى الإرهابي عبر الإنترنت (فرص وعقبات)
سامو زين يوجه رسالة لبشار الأسد
أجواء رمضان بين الحاضر والماضي في سوريا
هل تتأثر سوريا بخلافات "التعاون الخليجي" الداخلية؟
قصة سوري فرقته الاتفاقيات عن عائلته
بعد بتر ساقيه صاحب المقولة المشهورة "يا بابا شيلني" يظهر بساقين بديلتين
هذا ما تطلبه المعارضة الإيرانية ضد الأسد وخامنئي

زواج القاصرات.. ظاهرة تتفاقم من رحم الأزمة

 
   
11:42


زواج القاصرات.. ظاهرة تتفاقم من رحم الأزمة

"قام أهلي بتزويجي في سن الخامسة عشر بعد أن جلست معي أمي وقالت لي يجب عليكِ أن تقبلي بالزواج ستكونين مسرورة وستتبدل حياتك، أنت ترين وضعنا المعيشي فإنه لا يحتمل، ستتخلصين بالزواج من كل مشاكل الحياة"، إلا أن هذه المشاكل تضاعفت بعد أن طلقني زوجي عقب ثلاثة أشهر من زواجنا.

بدأت سارة تسرد قصتها مع زوجها وطريقة تزويجها له في سن الخامسة عشر، وهي تريد أن توصل رسالة للعالم أجمع تحذّره من مغبّة زواج القاصرات والتداعيات التي ستنجم عن هذه الزيجات فتقول: "زوجوني أهلي وأنا طفلة لا أعي شيئاً بعد، والسبب هو الفقر والخوف والحرب التي غيّرت مجريات الحياة، فنحن من ريف حماة نزحنا إلى مخيمات أطمة الحدودية هرباَ من الحرب، أهلي فقراء وأبي قرر زواجي من شخص يعمل مقاتلاً لدى أحد الفصائل العسكرية المعارضة، ليخلص من نفقتي، لكنّي لن أسامحه على ذلك، فقد قضى عليّ ودمر حياتي كلها، أنا في سن الخامسة عشر أتزوج رجلاً بسن الأربعين، لم استطع أن أفهمه هل كان غريب الأطوار لا يحسن المعاملة أم أنّي أنا من كنت لا أعي ولا أقدّر وأحتاج لمن يرشدني ويتفهّمني، يأتي إلى البيت يريد أن يأكل ويلبس وأنا لا أعرف الطبخ ولا التعامل معه كزوج، كلما دخل المنزل كان يضربني، أذهب إلى أهلي الذين يعيدونني إليه على الفور، كرهته وكرهت الحياة معه وفكرت بالهرب أكثر من مرة لولا أن ملّني هو الآخر وطلقني بعد ثلاثة أشهر من الزواج فقط".

تتابع سارة حديثها بعد أن قبلت بسرد قصتها كي لا تتكرر تجربتها مع غيرها: "عمري الآن ثمانية عشر عاماً مطلقة لن يقبل أحد بالزواج مني بسبب جهل أهلي الذي دمّر حياتي، فقد قمت بعد طلاقي بمتابعة دراستي وحصلت على الشهادة الثانوية وأنا الآن أعمل مدرسة في إحدى حلقات العلم في المخيّم أحس بأنني وجدت نفسي بهذا العمل، ونضجت بشكل كبير خلال هذه الفترة، فكلما تذكرت فترة زواجي تلك أحسّ أنها حلم، ولا أريد أن تتكرر قصتي مع غيري".

ليست زيجة الفتيات بسنٍّ مبكرة الوحيدة التي انتشرت خلال سنوات الحرب في سوريا وإنما تجدر الإشارة إلى زواج الشباب في سنٍّ مبكرة أيضاً لم يكن من الأمور المحمودة هي الأخرى، فعدد كبير من الشباب اتجه إلى الزواج ولم يبلغ الثامنة عشر من عمره بعد، والسبب في ذلك توقف الدراسة بشكل شبه كامل واتجاه معظم المراهقين إلى الانضمام للفصائل العسكرية التي تقدم لهم مرتباً شهرياً جعلهم أول ما يفكرون به هو الزواج، غير مدركين المسؤولية الكبيرة التي تكمن خلف هذا القرار الذي من شأنه أن يغيّر الحياة، وغالباً ما تنتهي هذه التجارب بالفشل، فشاب في سن الثامنة عشر يتزوج بفتاة في سن الخامسة عشر، كلاهما يحتاج للتوجيه والرعاية كونهم في سن المراهقة التي تعد من أكثر الفترات التي يحتاج فيها الشاب أو الفتاة للرعاية والتوجيه بسبب الطيش والتسرع وعدم القدرة على تحكيم العقل في الأمور الحياتية، ما يدفع إلى خلافات مستمرة تنتهي بالطلاق الذي يدمّر حياة الفتاة ويجعل منها عالةً على المجتمع.

زواج القاصرات مشكلة عمّت وانتشرت بشكل كبير خلال سنوات الحرب لا سيما في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، ليس عن رضى وقناعة من قبل الأهل وانما فُرضت عليهم بسبب الظروف المعيشية القاسية، فالفقر والتشرد والنزوح من مكان إلى مكان دفع الأب إلى القبول بتزويج ابنته لأول طالب لها رغم صغر سنها كي يتخلّص من مصروفها وهمها، بسبب عدم الاستقرار والخوف الدائم، ولكنها قرارات كثيراً ما يكون الفشل نتيجتها فتتضاعف المأساة وتكبر.