عبر سطور قصصه دومًا يشاهد القارئ الØدث وكأنه ÙŠØدث أمام عينيه بكلّ عنÙوانه وآنيته وصدمته، يعتصر قلبه الØزن والألم، ويعيش مع الأبطال آلامهم وآمالهم إن وجدت ÙÙŠ ظل واقع دام صار Ùيه التÙاؤل شيئًا من البلاهة والغباء، تنتهي القصة لكن لا تتوق٠التساؤلات والمساءلات التي Ø£Øدثتها القصة ÙÙŠ أذهان القراء.
مصطÙÙ‰ تاج الدين موسى، هو ذلك القاص السوري الذي Ø£Ùطلق عليه “كاÙكا سوريا”ØŒ أصدر أربع مجموعات قصصية؛ بعنوان “قبو رطب لثلاثة رسّامين”ØŒ Ùˆ”مزهرية من مجزرة”ØŒ Ùˆ”الخو٠ÙÙŠ منتص٠Øقل واسع″ØŒ وأخيرًا “نص٠ساعة اØتضار”ØŒ ÙˆÙيهم تØضر المأساة السورية التي ألقت بظلالها على Øياة وأÙكار السوريين، ليجسّد ÙÙŠ قصصه أدقّ المشاعر والأÙكار التي صارت جزءًا لا يتجزّأ من Øياة الØرب والترØال.
تخرّج مصطÙÙ‰ تاج الدين الموسى من كلية الإعلام بجامعة دمشق، ÙÙŠ تسعينات القرن العشرين عمل كممثل مسرØÙŠØŒ وترجمت قصصه إلى الإنكليزية والÙرنسية والأسبانية والÙارسية والألمانية، كما نشرت العديد من المقالات عن مجموعاته القصصية ÙÙŠ مختل٠الصØ٠العربية، ونال عددًا من الجوائز على أعماله القصصية كان آخرها جائزة دبي للثقاÙØ© عن Ùرع القصة القصيرة لعام 2015.
ÙÙŠ العالم العربي، هناك العديد من الرواد ÙÙŠ ÙÙ† القصة القصيرة مثل يوس٠إدريس وزكريا تامر وياسين رÙاعية وغيرهم، وبسؤاله عن الجديد الذي جاء به وجاءت به الأجيال الجديدة على مستوى تقنيات وموضوعات وسبل معالجة القصة القصيرة، يجيب الموسى “أيّ قارئ للقصص التي كتبها الجيل الجديد ÙÙŠ السنوات الأخيرة، سو٠ينتبه للتأثر الكبير بالعوالم السينمائية والمسرØية ونوعاً ما، علم النÙس أيضاً”.
وردّا على سؤالنا له، هل تصنّ٠مجموعاتك القصصية ضمن واØدة من مدارس القصة الØديثة؟ ÙŠÙˆØ¶Ù‘Ø Ø§Ù„Ù…ÙˆØ³Ù‰ أن قصص مجموعاته الأربع متنوعة جداً ولا يمكن تصنيÙها كلها ÙÙŠ مدرسة معينة، ÙØ£Øياناً، ÙˆÙÙŠ قصة واØدة، يمكن امتزاج أكثر من مدرسة ببعضها البعض، وأØياناً قد تعلو التأثيرات الأدبية الغربية تارة، وتارة تنخÙض. لكن، لا يمكن لأيّ قصة أن تتشكل بعيداً عن مدارس الÙÙ† القصصي وتأثيرات الأدب العالمي، والمØيط الخاص بالقصة ذاتها، مع ضرورة وجود البصمة الخاصة. لاÙتًا إلى أن أكثر قصصه التي لاقت انتشاراً هي تلك التي تصن٠تØت اسم “الكوميديا السوداء”.
وعن العناصر التقليدية ÙÙŠ القصة، وعما إذا كانت على Ù†Ùس القدر من الأهمية ÙÙŠ الوقت الراهن، يقول الموسى “بالنسبة إليّ Ùأنا مع المØاÙظة على العناصر التقليدية العامة لأيّ ÙÙ† أدبي، وأيّ تغيير يجب أن يكون ضمن هذا الإطار العام، من الداخل.. لا تØطيم هذا الإطار والذهاب بالقصة القصيرة (مثلاً) إلى خاطرة أو مقال ذاتي، يمكن لأيّ شخص أن يكتبهما دون موهبة أو ثقاÙØ©ØŒ أيضًا التطبيق الØرÙÙŠ والمتطر٠للعناصر التقليدية لأيّ ÙÙ† أدبي يشلّه، ويبقيه عاجزاً عن مواكبة الØساسية البشرية وتطورها. التوازن المتكئ على المعرÙØ© والرؤية هنا ينقذ صاØب أيّ نص أدبي من التخبط”.
أما بالنسبة إلى العوامل الÙنية التي من الممكن أن تتØكم ÙÙŠ طول القصة أو قصرها يلÙت الموسى إلى أن القصة عندما تهجم على خيال صاØبها، تÙرض عليه Øجمها، ولكن ÙÙŠ الوقت ذاته ربما ÙŠÙرض ذلك طبيعة الÙكرة أو شخصيات القصة أو غيره.
وعن مدى تأثره ÙÙŠ كتاباته القصصية بالÙكرة ما بعد الØداثية “النص المÙتوؔ، يقول “لا أظن أن أغلب قصصي يمكن تسميتها ‘نصا Ù…ÙتوØا’ وإنما هي من الناØية الÙنية قصص قصيرة، مع أنني كتبت Ø£Øياناً نصوصاً Ù…ÙتوØØ©ØŒ وطبعاً ثمة Øداثة ما تطلّ من بين هذه القصص، ومع تراكم التجارب الØياتية وتنوعها، والقراءات وتكاثر الكتابات، صارت قصصي تستÙيد أكثر من المناخات المسرØيّة والسينمائية، ومن علم النÙس Ø£Øياناً، وبعض الاتجاهات الÙلسÙية”.
القصة القصيرة أقرب الÙنون إلى الشعر، ÙˆÙيما يتعلق بأهمية التخييل والشعرية ÙÙŠ القصة ÙˆØجم اهتمامه بها ÙÙŠ قصصه، يقول الموسى “كلّ الÙنون الأدبية تتأثر ببعضها، مما ÙŠØاÙظ على مرونتها ÙˆØيويتها، لكن الإسرا٠باللغة الشعرية على Øساب الÙكرة ومعالجتها يأخذ القصة إلى مجرّد خاطرة، أتكئ ÙÙŠ قصصي عموماً على مشهد شاعري، يترك أثراً لدى القارئ أكثر من أيّ لغة.. وأØياناً أنجؔ.
وبسؤاله، إلى أيّ مدى ألقت تجاربك المسرØية بظلالها على قصصك ÙÙŠ ظل التداخل الراهن بين الÙنون؟ ÙŠÙˆØ¶Ù‘Ø Ø§Ù„Ù…ÙˆØ³Ù‰ “بالنسبة إليّ، تلك المسرØيات التي عملت Ùيها كممثل أثناء الدراسة الإعدادية والثانوية، لا يمكن أن نصÙها بالتجربة، التجربة شيء أهم وأعمق، لكنها تركت أثرها عليّ وعلى كل أصدقاء تلك المرØلة، خصوصاً Ø§Ù„Ù…Ø³Ø±Ø Ø§Ù„Ø¹Ø¨Ø«ÙŠ الوجودي، لتقاطعه مع طبيعة Øياتنا النÙسية، كنا ولا نزال أبناء جيل مضطرب، عاش سنوات الطÙولة والمراهقة ضمن تقوقع سياسي ديني اجتماعي، ثمّ Ùجأة مع رØيل الأسد الأب انÙØªØ§Ø Ù…ØªØ³Ø§Ø±Ø¹ على العالم، Ùضائيات إنترنت هوات٠نقالة.. إلخ. وصولاً إلى الØرب ÙÙŠ سوريا”.
يظهر ÙÙŠ أكثر من قصة ميله Ù†ØÙˆ التشكيك ÙÙŠ المقدسات سواء الدينية أو الاجتماعية أو غيرها، وبسؤاله هل هي Ù…Øاولة للتغلب على الرقيب الداخلي عندك؟ أم هي ضرورة Ùرضها الواقع الدامي ومن ثم القصة؟ يجيب الموسى “أعتقد أن الرقيب الداخلي متواضع جداً، يمكن التغلب عليه بسهولة، طبعاً، الوضع الدامي وتعاظم اليأس وللشÙاء من الأمل والتÙاؤل وبقية أنواع المخدرات، صارت كتاباتنا جريئة أكثر مما كانت عليه سابقاً”.
ويضي٠“من غير المعقول أن نقرأ لكاتب ما، مجموعة نصوص لا يتجرأ Øتى ÙÙŠ كلمتين أن يشكك ÙÙŠ مقدسات تم توارث تقديسها دونما تدقيق، Ùقط لأنها واق من رصاص الØياة.. على الكاتب بوصÙÙ‡ أميراً تائهاً أن يشكك ÙÙŠ كل شيء، Øتى ÙÙŠ وجوده”.
ÙÙŠ ظل الظرو٠التي تمر بها سوريا، والتي يهتم ضيÙنا بالكتابة عنها بأشكال متعددة، قد تستدعي قصصه الاستغراق ÙÙŠ المشهدية الوصÙية، وعن ضرورة وضع ضوابط تمنع الانجرا٠وراء ذلك، يشير الموسى إلى أن النص القصصي الناجØØŒ هو الذي (غالباً) يكون متوازن العناصر، وثمّة تناغم ما، غير مرئي بين عناصره، مع مرور الوقت وتكاثر القصص، هنالك ضوابط ما (ناعمة وليست غليظة) يتكئ عليها صاØب القصة دون انتباه، سببها تراكم الخبرة.
اشتغل بعض كتّاب القصة الØديثة على القصّ التراثي والتاريخي وصياغته بأسلوب جديد، وعن مدى اهتمامه بذلك يقول الموسى “ثمة قصص قليلة كتبتها مستلهماً الØكايات العالمية، مثل سندريلا والساØرة ذات المكنسة.. وعموماً، قصصي بعيدة عن القص التراثي والتاريخي، وابنة مرØلتها، لكن يمكن مستقبلاً أن أكتب قصصاً قريبة من هذا النوع، لا يمكن أن أضع شروطاً مسبقة على خيالي، وأكتب بØرية قدر المستطاع″.
كتب الموسى ÙÙŠ القصة القصيرة جدا، وبسؤاله عن مستقبل هذا الÙÙ† المستØدث، خاصة وأن الكثيرين يرونه مجرد تمهيد لكتابة قصة قصيرة كاملة وأنه شكل Ùني لم يكتمل نضجه بعد، يقول الموسى “أغلب قصص مجموعتي القصصية الثانية ‘مزهرية من مجزرة’ هي قصص قصيرة جداً، وهذا النوع القصصي له رواده وكتّابه ونقاده، وأظن أنه مناسب جداً لعصر السرعة الذي نعيشه، Øاضره جيد، وأعتقد أن مستقبله لن يختل٠عن Øاضره، وعلى كاتب هذا النوع من القصص أن يجيد الأنواع القصصية الأخرى، ضمن تجربة لها خصوصيتها”.
ÙˆÙيما يتعلق بكتابة الرواية، ومدى تÙكيره ÙÙŠ كتابة هذا الÙÙ† الطاغي ÙÙŠ الوقت الراهن، يؤكد الموسى أنه Ùكر ÙÙŠ كتابتها، ولديه مسودّة رواية قصيرة كتبها منذ سنوات، مستدركًا “لكن كتابة الرواية أعتقد أنها تØتاج لظرو٠Øياتية جيدة نوعاً ما، واستقرار على المدى الطويل، طبيعة Øياتنا كنازØين لا تسمØØŒ رغم هذا هنالك من Ùعلها ونجØØŒ أنتظر الوقت المناسب مستقبلاً وقد أكتب رواية”. ÙˆÙيما يتعلق بمستقبل القصة القصيرة ÙÙŠ ظل تراجعها الراهن نتيجة هيمنة السرد الروائي ينوّه الموسى بأن القصة القصيرة وبقية الÙنون الأدبية وغيرها لم تتراجع أمام الرواية، إنما الرواية تقدمت كثيراً، ولا يمكن لأيّ ÙÙ† أدبي أن يلغي Ùناً أو Ùنوناً أدبية أخرى.
وعن الهواجس التي تØرك قلمه، يقول الموسى “هواجس عديدة، تتكاثر باستمرار، Øول الØياة وأسئلتها، ولا أعتقد أنني انتظر أيّ شيء من الكتابة”. أما Ùيما يتعلق بطقوسه ÙÙŠ الكتابة، وعمّا إذا كانت تتطلب منه تقمّص Øالات وجدانية ما ليخرجها على الورق بصدق Øقيقي، ÙŠÙˆØ¶Ø Ø§Ù„Ù…ÙˆØ³Ù‰ “ليست لديّ طقوس ØرÙية، لكن Ø£Øب الكتابة ÙÙŠ غرÙتي بين أشيائي الخاصة بي، قد أضع مجموعة Ø£Ùكار أو مسودة لقصة ÙÙŠ المقهى، الØاÙلة، الØديقة.. الخ، لكن الشكل النهائي للقصة يكون ÙÙŠ غرÙتي، عالمي الخاص”.
ويستطرد “يعتقد البعض أن الكاتب يتقمص شخصياته عندما يسكبها على الأوراق، لست٠مؤمناً بهذه الÙكرة أبداً، ولطالما استغربت٠من كتّاب كانوا يذهبون إلى أمكنة بعيدة ليطّلعوا على بيئة ما تشبه بيئة بطل نصّهم، تبدو لي الÙكرة كوميدية جداً ولم ترق لي”. ويشير الموسى إلى أن كلّ أبطال قصصه من يمينهم إلى يسارهم، ومن نبيلهم Øتى وغدهم، هم هو. مضيÙًا “الواØد منا (سيكلوجياً) له ÙÙŠ Øياته الاجتماعية شخصية Ù…Øددة، تÙرضها التربية والبيئة وغيره، لكن داخله ثمة شخصيات متعددة ومتناقضة، كل شخصية لها قصتها الخاصة بها، وكاتب كل هذه القصص هو مجرّد خشبة مسرØØŒ ÙÙŠ وقت ما تتقدم شخصية ما من شخصياته داخله ليكتب قصتها، ثمّ تتنØÙ‰ لأعماقه لتطÙÙˆ شخصية أخرى مع قصتها، هنالك من ÙŠØاول أن يبدو عاشقاً أو ثائراً أو.. أو.. الخ، ÙÙŠ كل نصوصه، أظن أنه لم يدخل إلى أعماقه ولم يراقب Øياته بØيادية أبداً، أو أنه يق٠أمام المرآة طويلاً متخذاً وضعية ما، ثم يأخذ هذه الوضعية ÙÙŠ خياله مشواراً قسرياً Ù†ØÙˆ أقرب نص أدبي”.
ويلÙت الموسى إلى أن ثمة روايات كتبت عن التعساء والمسØوقين، أبدعها كتاب من طبقة أرستقراطية، المهم عدم الاستسلام لشخصية ما، ترضي صاØبها وتروق له كثيراً. Ùهنالك قصص نكتبها Ø£Øياناً بثقاÙتنا العالية، ضمن أدوات وتقنيات تطورت ÙÙŠ عقولنا خلال زمن طويل، والصناعة الماهرة Ùيها تقل وتزيد، ونصل إلى قصة جميلة تعبّر عن رأي أو قناعة أو انتماء أو ÙلسÙØ© خاصة. وهنالك قصص أخرى، نكتبها لأنها Øياتنا، أو هي جزء منها، النوع الثاني، عادة، عندما أقارن بين قصصي بØيادية، يكون الأجمل.
وبسؤاله عمّا إذا كان يؤمن بالأدوار الملصقة دومًا بالكتابة ودور الكاتب ÙÙŠ Øراسة القيم وتعزيز الوعي وغيره، يقول الموسى “أعر٠كتّاباً عاشوا ÙÙŠ Øانات Ùاجرة بين العاهرات، منهم من عمل بتجارة الرقيق مثلاً، ومنهم من انØاز إلى طاغية، وخلقوا إبداعاً مهماً، ØÙظه لهم التاريخ”.
ويضي٠“هذه الأدوار هي ليست مهمة الكاتب، ولو تبناها قليلاً أو كثيراً، مهمته الأساسية أن يكتش٠نÙسه، ÙˆØياته وهويته الداخلية بوصÙÙ‡ Ùرداً غريباً ونوعاً بشرياً نادراً، على صعيد التÙكير والمشاعر، ضمن خياله المتØرر. تلك الأدوار، هي من مهمات المصلØين، المعلمين، قادة الرأي، الثوار، والسياسيين.. الخ. مع أنه -أي الكاتب- ÙÙŠ Ù„Øظة ما، قد يكون كلّ ما سبق”.
ويتابع “لا بد من وعي جريء، مثلاً، عندما تتكاثر السعادة بوصÙها وهماً، لا بد أن نصرخ ÙÙŠ نص٠أدبي شجاع بوجه السعداء: يا أغبياء، اصمتوا.. جئنا من اللاشيء وذاهبون إلى اللاشيء.. وكلّ هذه الØضارة هي تمظهر أساسي Ù„Øرب تاÙهة ضد الÙراغ واللاشيء، توقÙوا عن السعادة. يا أغبياء، توقÙوا عن وضع Øبة الكستناء Ùوق المدÙأة ÙÙŠ الليالي الشتوية الداÙئة، هذه ليست قصتنا الØقيقية”.
بالتعاون مع العرب اللندنية.