المزيد  
الموت خارج أسوار الوطن
جهود مكافحة المحتوى الإرهابي عبر الإنترنت (فرص وعقبات)
سامو زين يوجه رسالة لبشار الأسد
أجواء رمضان بين الحاضر والماضي في سوريا
هل تتأثر سوريا بخلافات "التعاون الخليجي" الداخلية؟
قصة سوري فرقته الاتفاقيات عن عائلته
بعد بتر ساقيه صاحب المقولة المشهورة "يا بابا شيلني" يظهر بساقين بديلتين
هذا ما تطلبه المعارضة الإيرانية ضد الأسد وخامنئي

زواج القاصرات السوريات في تركيا.. جانب من معاناة السوريين في بلدان اللجوء

 
   
12:37


زواج القاصرات السوريات في تركيا.. جانب من معاناة السوريين في بلدان اللجوء

لم يخطر ببال الكثير من العائلات السورية التي نزحت من ويلات ووحشية الحرب الدائرة في بلادهم واللجوء إلى تركيا أن يضطروا إلى بيع بناتهم القاصرات لأسباب وتحت مسميات عديدة منها الفقر أو عدم وجود المعيل أو خوف الأسرة من تعرض بناتهن للتحرش أو الاغتصاب أو أن قدر الفتاة في النهاية هو الزواج فما هو المانع أن يكون هذا الزواج مبكرا ØŒ بهذه المبررات والأجوبة  تذرع الأهالي بها لوكالة أنا برس عندما ألتقينا بهم.

في أحد الأحياء الشعبية الواقعة بمدينة غازي عنتاب التركية، حيث تقيم مريم، ذات الأربعة عشر ربيعًا وعلامات البراءة والطفولة مازالت مرسومة على وجهها- تروي لـ "صوت دمشق" معاناتها وتجربة مريرة ستحفر في ذاكراة الطفلة طويلا.

 ÙÙŠ واقع مليء بالمعاناة تضطر بعض الأسر لتزويج بناتها القاصرات

تقول مريم عن تجربتها: نزحت مع أهلي من ريف مدينة حلب بسبب القصف اليومي الذي كان يطال بلدتنا، متوجهين إلى مدينة غازي عنتاب أنا وأمي وأخ يكبرني بسنة وثلاثة أخوة صغار، وكانت رحلة قاسية جدا فنحن لا نملك من المال ما يكفينا  أجرة التنقل.

"عند وصولنا إلى مدينة غازي عنتاب بعد عذاب شاق، ذهبنا إلى مكتب عقاري في منطقة شعبية وكان صاحب المكتب تركي الأصل، علم أننا لا نملك المال الكافي لدفع أجار البيت، فأخذنا إلى مستودع هو عبارة عن محل كبير وقال لنا أسكنوا هنا مؤقتا، علما بأن المستودع  لا يصلح لأن يكون زريبة حيوانات".

وتشير مريم إلى أن "صاحب المكتب العقاري  كان يرتاد إلينا يوميا أكثر من مرة بحجة تأمين حاجتنا اليومية، وفي أحد الأيام عرض على أمي الزواج مني، فقالت لي أمي ما رأيك يا ابنتي، فبدأت أبكي وبكت أمي معي أيضا، ولم يكن أمامي خيار إلا أن أقبل الزواج من رجل عمره 44 عامًا، يبدو أن قدري هكذا كما قالت لي أمي، لأنه لا معيل لدينا".

وبدأت مريم بالبكاء مرة أخرى عندما سألتها عن معاملة زوجها لها فقالت وهي تبكي أن "زواجي  كان كابوسا وجحيما،  كان زوجي يسيء معاملتي وكان يهددني دائما بأنه سيطرد  أهلي من المستودع  ويرميهم في الشارع أن لم أرضخ لطلباته وأن لا أعود لموضوع الطلاق ØŒ فقد كنت مجرد أداة لديه لتفريغ متعته الجنسية ليس أكثر". ÙˆØªØµÙ مريم أنها عاشت مع زوجها التركي لمدة سبعة أشهر، كانت أطول من سبعين عاما.  ÙˆØªÙ‚ول مريم بدأت أطلب منه الطلاق يوميا، فلم أعد أتحمل العيش معه، وحاولت الانتحار أكثر من مرة ولكن كان القدر يتدخل في اللحظات الأخيرة ØŒ وتحت إصراري المتزايد طلقني، وطرد أهلي من المستودع .

"زواج الفتيات القاصرات اللواتي يتم تزويجهن في سن مبكر الاسم العلمي له هو زواج الأطفال" هكذا بدأت حديثها الاخصائية النفسية والاجتماعية أماني سندة لـ "صوت دمشق"ØŒ وتقول: أي عقد زواج يكون أحد  طرفيهتحت السن القانوني المعترف عليه في الدولة التي موجودين فيها ØŒ فهو زواج مبكر .

وتتابع سندة : خلال لقاءنا مع الفتيات القاصرات اللواتي أرغمن على الزواج وهن بأعمار صغيرة ، هناك حالات تقف عاجزا أمامها ، فقد كان لدينا إحدى الحالات طفلة عمرها 11 سنة والمصيبة كانت لديها طفلة عمرها 3 أشهر، فمعظم الحالات التي رأيناها كانت تعاني من موضوع المسؤولية ، كانت تقول إحداهن أنها تحس بضغط المسؤولية عن أسرتها الجديدة وعن أطفال وعن زوج وعن أعباء البيت.

 Ø£Ø®ØµØ§Ø¦ÙŠØ©: حالة الفقر الشديد التي تعاني منها الكثير من الأسر السورية هي الدافع وراء تلك الظاهرة

وعن الطرق الكفيلة التي تجعل الأهل يبتعدون عن زواج بناتهم القاصرات تقول الاخصائية أماني: Ø¨Ø§Ù„نسبة للمجتمع الذي موجود داخل سوريا ومناطق الاشتباكات فالأهالي يرون أن زواج البنات القاصرات هو الحل الأسلم لها، فأول كلمة تقال لك أننا في حالة حرب وظروف غير مستقرة ØŒ فموضوع الشرف والسترة والخوف على البنات القاصرات تجعلهم يلجؤون إلى تزويجهن حتى ولو كن صغار.

وتنوه سندة: إضافة إلى ذلك حالة الفقر الشديد التي تعاني منها أغلبية الاسر السورية وذلك لعدم وجود دخل أو عدم قدرة المعيل على العمل أو....ألخ،  قد نجد حقا في بعض الحالات بأن الحل الوحيد هو زواج البنت القاصر وهو ما يسمى بالتكيف السلبي ØŒ وللأسف له أثار كبيرة وخطيرة . Ø£Ù…ا بالنسبة للسوريين المقيمين بتركيا، فتؤكدسندة أن وضعهم أكثر استقرار قياسا للسوريين الذين هم في الداخل ØŒ فلن نبحث لهم عن مبرر وخاصة إذا كان رب الأسرة مستقر بعمل ØŒ لن نستطيع إلا أن نرفع وعيهم ونوضح لهم مخاطر زواج الأطفال وأثارها الجانية الخطيرة على الطفلة وعلى الأسرة والمجتمع .

وترى أن هناك العديد من الحالات الخطرة التي تتعرض لها القاصرات الحوامل ومنها الوفاة أو تشوهات في الجنين ، وذلك لأن جسم الطفلة القاصرة لا يتحمل الحمل أصلا ، وفي كثير من الأحيان يؤدي إلى وفاة القاصرة .

وتختم الاخصائية النفسية والاجتماعية أماني سندة حديثها: ÙŠØ¬Ø¨ أن تكون هناك توعية للأهل بأن 99% من حالات زواج القاصرات لا تكلل بالنجاح ØŒ إذ أن حالات الطلاق منتشرة بكثرة هنا في تركيا ØŒ فبعد أن تخرج الطفلة القاصرة من بيت أهلها لوحدها ØŒ تعود إليه ومصطحبة معها طفلها وهنا الطامة الكبرى.

الجهل بالحقوق

يقول الحقوقي محمد غياث والمختص بالقانوني التركي: إن المشكلة الكبرى في زواج القاصرات هو ضياع حقوق الزوجة القاصرة ØŒ وخاصة نحن نعلم أن الزوج يلجأ في معظم هذه الحالات  إلى العقد العرفي ولايقوم بتثبت الزواج ØŒ إذ أن القانون التركي يمنع زواج القاصرات .

ويتابع غياث أن أسباب ارتفاع نسبة زواج القاصرات السوريات بشكل ملحوظ هو نتيجة تدهور الوضع الأمني والاقتصادي الغير مستقر في سوريا ØŒ وما يدفع الاسر السورية في دول اللجوء لتزويج بناتهن هو تدني المستوى الأقتصادي وانعدام الدخل تقريبا لشريحة كبيرة من الاسر السورية. ÙˆÙŠØ´ÙŠØ± غياث إلى أن القوانين هنا في تركيا تشدد على موضوع توثيق الزواج ØŒ إذ لايجوز قانونيا ولايوثق أي عقد زواج أن لم تتم الزوجة 18 من عمرها ØŒ وكل زواج خلاف ذلك يعتبر خرقا للقانون ويستوجب المسألة ويترتب عليه العقوبة .

وبالنسبة لمسألة تعدد الزوجات هنا في تركيا الفانون صريح وواضح إذ إن مسألة تعدد الزوجات نفسها غير مقبولة في القانون التركي وكل زواج ثانٍ لا يسجل في البلدية ولا يترتب عليه آثاره القانونية، بل ويترتب عليه جزاء بالسجن حتى 6 أشهر على كل من الزوج التركي والزوجة الثانية، وحتى كاتب العقد العرفي أو الشرعي بينهما أيضا.

ويختم الحقوقي محمد غياث حديثه لأنا برس أتمنى من كل السوريين هنا في تركيا أن يكون لديه إطلاع  على قوانين الزواج وتعدد الزوجات المنتشرة بكثرة هنا للأسف ØŒ والطامة الكبرى أن الاسر السورية لاتعرف مالها وماعليها من حقوق وواجبات بخصوص مسألة الزواج وتعدد الزوجات .

المنظمات الإنسانية ومسؤوليتها

في غياب تام للجهات الرسمية والحكومية المعنية بالرقابة على زواج القاصرات السوريات في تركيا واستغلالهن كان لابد للمنظمات الإنسانية والحقوقية التصدي لهذا الموضوع، لما له من أثار خطيرة على المجتمع بأكمله.

تقول أحلام الميلاجي المديرالتنفيذي في منظمة زنوبيا المختصة بشؤون المرأة السورية: نقوم حاليا بحملة توعية قانونية كبيرة وإقامة ورشات عمل وتدريب للفتيات السوريات في غازي عنتاب ØŒ لتوعية الفتيات وتأهيلهن ØŒ للحد من انتشار ظاهرة زواج القاصرات. ÙˆØªØ´ÙŠØ± الميلاجي إلى أن حملة التوعية التي نقوم بها هي زيارة الأسر السورية في غازي عنتاب،لنشرح لهذه الاسر المخاطرالنفسية والجسدية والقانونية والاجتماعية على الفتاة القاصر في حال زواجها.

وتتابع الميلاجي أتمنى أن يتم تسليط الضوء على حادثة الطفلة السورية في مدينة إسطنبول التي تم تزويجها وعمرها 13 سنة ØŒ ففي ليلة الزفاف أصيبت بنزف حاد وتم نقلها إلى المشفى ØŒ وهناك علم الأطباء أنها متزوجة وعلموا أن عمرها لايتجاوز 14 سنة وبالنسبة للقانون التركي هذا لايعتبر زواج أنما استثمار جنسي ØŒ فتم إلقاء القبض على الزوج وحكم عليه بعشر سنوات حبس. ÙˆØ®ØªÙ…ت أحلام الميلاجي حديثها لأنا برس : لن نستطيع حصد نتائج عملنا فورا ØŒ الموضوع يحتاج فترة زمينة ØŒ ولكن أتمنى أن تتظافر كل الجهود من قبل كل المنظمات سواء المعنية بالمرأة أو الغير معنية بسبب النتائج الخطيرة التي تنعكس على الاسرة السورية والمجتمع بزواج الفتيات القاصرات السوريات