"هل علّة الأبدان ÙˆØدها هي التي تÙضي بالإنسان إلى الموت؟ وهل يمكن أن تكون العلل النÙسية أشد وطأة على المرء من نظيرتها البدنية إلى الØد الذي يجعلها تÙتك بØياته؟ كي٠يمكن الØياة ÙÙŠ ظل رعب دائم من أياد٠عليا قد تبطش بالضعÙاء إن أرادت وكيÙما شاءت؟ وكي٠تستØيل أبسط المتع الØياتية عندما يشعر الإنسان بالضآلة أمام ذاته وأمام الآخر؟".
تتداÙع هذه الأسئلة إلى الذهن عند قراءة قصة أنطون تشيكو٠"ÙˆÙاة موظÙ" التي كتبها عام 1883 Øينما كان لا يزال طالبا ÙÙŠ الكلية الطبية ÙÙŠ جامعة موسكو، إذ نشرها ÙÙŠ واØدة من المجلات الساخرة تدعى "اسكولكي: الشظايا". قرنان من الزمن مرا على قصة تشيكوÙØŒ إلا أن براعتها ÙÙŠ الإيجاز وبساطتها ÙÙŠ السرد جعلتها قابلة لتأويلات عدة Øتى هذا الوقت، Ùرغم الأسلوب المباشر والعبارات القصيرة، الذي اتسم به تشيكو٠ÙÙŠ الكثير من قصصه، إلا أنها نجØت ÙÙŠ أن تنÙØªØ Ø¹Ù„Ù‰ Ø¢Ùاق متعددة.
ذات مساء رائع تنسج القصة Ø£Øداثها ببطء مشهدي، تعمد Ùيه تشيكو٠أن يجعل القارئ وكأنه يشاهد Øدثًا عابرًا سرعان ما ينجذب إلى تÙاصيله، ومنها إلى البØØ« عن نهايته. يجلس إيÙان، ذلك الموظ٠البسيط، ÙÙŠ الص٠الثاني ÙÙŠ Ø¥Øدى القاعات ليشاهد عرضًا ما، تخرج من Ùمه عطسة Ù…Ùاجأة، على إثرها يكتش٠أنه قد بلل رقبة الجنرال العجوز ÙÙŠ الص٠الأول، ليتملكه القلق الذي جعله ينÙصل شيئًا Ùشيء عن العرض الذي كان يشاهده، ذلك القلق الذي ظل يباغته طوال ليلته، جعله يستشير زوجته Ùيما ينبغي Ùعله ÙتنصØÙ‡ بأن يذهب ويعتذر له.
يتصاعد قلق إيÙان من غضب الجنرال واØتمالية بطشه به، بشكل تتابعي على مدار القصة، التي لم تتجاوز ثلاث صÙØات، إلى أن يصل Øد الرعب الذي يتصاعد ÙÙŠ كل مرة لا يبدي Ùيه الجنرال تÙهمه للأس٠أو قبوله، ذلك الرعب الذي ÙŠÙضي ÙÙŠ نهاية الأمر إلى الموت السريع والمÙاجئ لإيÙان.
يتجلى الأسلوب المباشر والمختزل بشكل ÙˆØ§Ø¶Ø ÙÙŠ المقدمة التي صاغها تشيكو٠ببراعة، ÙÙÙŠ جملتين قصيرتين ذكر أهم عناصر القصة التي ستبنى عليها الأØداث بشكل متتابع، Ùالزمن كان ÙÙŠ Ø¥Øدى الأمسيات التي Øضر Ùيها إيÙان ØŒ شخصية القصة الأساسية، عرضًا ÙÙŠ مكان ما، لتتصاعد نبرة السرد تدريجيًا كاشÙØ© عن مزيد من التÙاصيل التي تجذب القارئ لمعرÙØ© ما ستؤول له ÙÙŠ النهاية تلك الأØداث.
على لسان الراوي العليم تتابع Ø£Øداث القصة، Ùيسرد لنا ذلك الراوي رؤية إيÙان للعالم ونظرته الضيقة التي باتت منØصرة ÙÙŠ مدى رضا الرؤساء والمسؤولين عنه، لينقل لنا Øالة الدونية التي يعيش Ùيها وبها إيÙان، والتي كانت مرآة عاكسة Ù„Øياة طبقة بأكملها كان إيÙان هو صورتها الأوضØØŒ Ùهو "موظ٠لا يقل روعة" Ùˆ شخص مهذب ينظر Øوله ليرى إن كان قد أزعج Ø£Øدًا، وذلك ÙÙŠ مقابل الصÙات التي أبرزها الراوي عن الجنرال العجوز الذي هو "جنرال ولا يستطيع أن ÙŠÙهم" Ùˆ"متغطرس"ØŒ وهو ÙÙŠ أول الأمر لا يتعدى كونه عجوزًا ÙŠØمل قدرًا كبيرًا من الضع٠ورغم ذلك يبث Ùيه كل ذلك الرعب!
وهكذا يعمد تشيكو٠إلى أن يكون الراوي مؤازرًا لإيÙان وطبقته التي طالما عانت من بطش هؤلاء العجائز، من استبداد لطالما هيمن على مجتمعات بأسرها وجعلها لقمة سائغة ÙÙŠ ÙÙ… الأقوى والأكثر Ù†Ùوذا وسلطة، ومن إنسانية تتآكل ÙÙŠ خضم Ù†Ùوذ طبقي Ù…Ùهيمن لا يرى من أبراجه العاجية سوى Ù†Ùسه.
"تمزق شيء ما ÙÙŠ بطن تشرÙياكوÙØŒ ومات".. هكذا تنتهي القصة بموت إيÙان رعبًا من بطش قد يطاله من "غريب" لا يعرÙÙ‡ لكن سلطته وقوته ربما لن تخطأ طريقها إليه يومًا ما وتقذ٠به إلى الهاوية، نهاية صادمة ومÙارقة تØمل الكثير من السوداوية إلا أنها ربما تشكل صدمة لقارئ لم ÙŠÙكر يومًا Ùيما يعنيه أن يكون المرء موظÙًا على هذا القدر من الروعة.
(اقرأ أيضا: "سقوط العالم الإسلامي".. نظرة Øامد عبدالصمد لمستقبل العالم العربي).