المزيد  
واشنطن تؤكد استعدادها لدعم تركيا فيما يخص إدلب
ميلشيا الحشد الشعبي العراقي يرسل مقاتليه إلى خطوط الجبهة في إدلب
عميد كلية الطب بدمشق: أكثر من 150 ألف حالة إصابة بـ "كورونا" في دمشق وحدها
بينهم قتلى من الحرس الثوري.. غارات على مواقع للميليشيات الإيرانية بدير الزور
ميشيل عون: وجود السوريين في لبنان "عبئاً كبيراً" .. ونطلب مساعدة "الهجرة الدولية" لإعادتهم
آلاف العناصر من "داعش" لا يزالون يتحركون بحرية تامة بين سوريا والعراق
مشافي حلب تعاني من نفاد أكياس الجثث بسبب فيروس "كورونا"
وفد المعارضة لـ "أنا برس": تم إلغاء أعمال اللجنة الدستورية بسبب اكتشاف 3 حالات بـ "كورونا"

9 سنوات من "الثورة".. شاهدة على خزي المجتمع الدولي

 
   
11:34

http://anapress.net/a/187542307831666
687
مشاهدة


9 سنوات من "الثورة".. شاهدة على خزي المجتمع الدولي

حجم الخط:

تسع سنوات مرّت على انطلاقة الشرارة الأولى لـ "الثورة السورية"، وما أسفرت عنه من تبعات دراماتيكية مُستمرة أفضت إلى الوضع الراهن؛ إذ تحوّلت سوريا إلى ساحة حرب دوليّة بين أطراف مُتعددة، والخاسر الوحيد في ذلك هو الشعب السوري الذي دفع الملايين من أبنائه ضريبة ذلك، ما بين قتلى ومصابين ومهجرين ونازحين ولاجئين.

"حرية وبس"، كان هذا الشعار هو الشرارة التي قادت في الأخير إلى هذا المسار المغاير تماماً، بعد أن تحوّلت الشعارات السياسية التي رفعها المتظاهرون السلميون بداية الأزمة إلى رايات سوداء وحروب بالوكالة أفضت إلى بحار من الدماء، ومقتل هذا العدد المرعب من المدنيين (22498 مدنياً قتلوا في سوريا خلال تسع سنوات، طبقاً لإحصاءات الشبكة السورية لحقوق الإنسان)، فضلاً عن هذا العدد المرعب من المصابين وبعضهم بإعاقات دائمة. 

كما أفضى في الأخير إلى ترك ملايين الناس لمنازهم كنازحين؛ للهروب من شبح الموت الذي يلاحقهم. فطبقاً لإحصاءات مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان فإن عدد النازحين الداخلين في سوريا يتجاوز 6.5 مليون نازح، فضلاً عن أكثر من 5.6 مليون لاجئ سوري حول العالم يعانون ظروفاً وأوضاعاً شديدة الصعوبة في كثير من البلدان. 

بداية الأمل

البداية كانت في شهر مارس من العام 2011، مع اعتقال النظام 15 فتى سورياً؛ بسبب كتابة شعارات مناهضة لرئيس النظام بشار الأسد ونظامه على الجدران بمحافظة درعا (جنوب سوريا)، ليخرج بعدها المئات بشكل عفوي في مظاهرات (سليمة)؛ تصدح أصواتهم فيها بالمطالبةِ بـ "الحرية"، هاتفين (حرية وبس)، (بدنا كرامة وحرية، ما بدنا ليرة سورية)، وشعارات أخرى مختلفة شكلت الشرارة الأولى لخروج الملايين بعد ذلك. 

سريعاً ما تمددت التظاهرات لتشمل مختلف المحافظات السورية،وقد ظنّ الناسُ آنذاك أن سوريا تسير على خطى كل من تونس ومصر، وأن رياح ما سُمي بـ "الربيع العربي" ستهب هناك، وتمت المقارنة بين خطابات رئيس النظام بشار الأسد ونظيره المصري حسني مبارك (الذي تنحى في 11 فبراير 2011) وكان أغلب الظن أن الأسد في آخر أيامه بالسلطة، لكنّ شيئاً من ذلك لم يحدث. 

واصل المتظاهرون فعالياتهم السلمية، حتى جاء التطور الدراماتيكي الأول -والذي فتح الباب أمام عسكرة ما سمي بالثورة- وذلك في شهر يوليو من العام ذاته، عندما تأسس ما يسمى بـ "الجيش السوري الحر" من قبل مجموعة من الضباط المنشقين عن الجيش العربي السوري. ومُنذ ذلك التاريخ، بدأت معاركٌ عنيفةٌ نجح من خلالها مقاتلو المعارضة في السيطرة على مناطق مهمة آنذاك، خصوصاً في حمص (وسط سوريا) وحلب (شمال سوريا). 

وفي شهر مارس من العام 2012 (بعد عام كامل من انطلاقة الأزمة نجح خلالها ما عرف باسم الجيش الحر من تحقيق بعض النجاحات في السيطرة على مساحات كبيرة من الأراضي السوري) استعادت قوات النظام معقل المعارضة الرئيسي في حمص، قبل أن تنجح فصائل المعارضة في شهر يوليو 2012 في السيطرة على مناطق واسعة في ضواحي العاصمة السورية دمشق (أهمها غوطة دمشق الشرقية). وكانت المحصلة النهائية آنذاك لتلك المواجهات هي تقلص نسبة المناطق الواقعة تحت سيطرة النظام السوري إلى أدنى مستوياتها. 

التدخلات الخارجية

حتى بدأت التدخلات الخارجية، بداية من التدخل الإيراني الداعم للحكومة السورية بمستشارين عسكريين ووبالدعم الاقتصادي وكذلك دعم حزب الله اللبناني، فضلاً عن دعم خارجي للمعارضة التي صارت بعد ذلك متعددة الولاءات (ما بين معارضة مدعومة من دول عربية (خليجية) بعينها، مثل قطر، ومعارضة مدعومة من تركيا، وأخرى من الولايات المتحدة.. وغير ذلك). 

في شهر أبريل من العام 2013، شهدت الأزمة تطوراً بدخول حزب الله اللبناني طرفاً في الحرب، ثم تطوراً دراماتيكياً في العام التالي بإعلان تنظيم داعش ما سُمي بـ "دولة الخلافة" في سوريا والعراق، وسيطرته على مناطق شاسعة داخل سوريا التي اتخذ من "الرقة" عاصمة له فيها، وقبل أن يتم تشكيلُ التحالفِ الدولي ضد داعش الذي ألحق بداعش خسائر قاصمة أفضت في النهاية إلى تحجيمه بشكل تام، قبل إعلان هزميته في آخر جيب له في سوريا (في قرية الباغوز، التابعة لمحافظة دير الزور، شرق سوريا) في مارس 2019. 

تحولات دراماتيكية مفصلية واحدة تلو الأخرى شهدها الملف السوري. لكن التحوّل الفارق كان في سبتمبر من العام 2015، مع بدء التدخل العسكري الروسي المباشر في سوريا بطلب من رئيس النظام بشار الأسد.

النظام الذي لم يكن يسيطر إلا على ما يزيد قليلاً عن 20 بالمئة من الأراضي السورية قبل التدخل الروسي، نجحت -بمساندة الروس- في استعادة السيطرة على أكثر من 70 بالمئة من إجمالي الأراضي السورية، ثم السيطرة على معظم الأراضي السورية وحصر المعارضة في الشمال، وتحديداً في إدلب، باستثناء منطقة الإدارة الذاتية التابعة للأكراد أيضاً. 

واحدة من التحوّلات الفارقة كذلك، جاءت في شهر أغسطس من العام 2016، عندما أعلنت تركيا عن تدخلها في الأزمة السورية بشكل مباشر، عبر عملية عسكرية أطلقت عليها اسم "درع الفرات"، قالت إن الهدف منها هو مواجهة تنظيم داعش، ثم ما لبث وتكشفت النوايا التركيّة الهادفة للحصول على جزء من "الكعكة السورية" المتنازع عليها. 

وفي شهر يناير من العام 2018، أطلقت تركيا عملية "غصن الزيتون"، وشنت هجوماً غير مسبوق في شمال سوريا ضد وحدات حماية الشعب الكردية في "عفرين"، ونجحت في السيطرة على المنطقة ذات الغالبية الكردية، ما أسفر عن مقتل وإصابة ونزوح عشرات الآلاف. 

وفي شهر أكتوبر من العام 2019، جاء قرار الانسحاب الأميركي من شمال سوريا، لتشن بعدها تركيا رفقة مقاتلين سوريين موالين لها عملية سميت بـ "نبع السلام"، تمكنت بموجبها أنقرة من السيطرة على المنطقة الواقعة بين رأس العين وتل أبيض. 

المسار السياسي 

ولم تفلح جهود الحل السياسي في التوصل إلى تسوية سياسية في سوريا، على رغم القرارات الأممية وأهمها بيان جنيف الذي وافق عليه مجلس الأمن بتاريخ 30يونيو 2016 والقرارات الدولية ذات الصلة، وأهمها القرار 2254/2015.. حتى اجتماعات سوتشي والأستانة والتي حظيت بمظلة دولية لم تفلح في تحقيق الاختراقات المأمولة للحل السياسي. 

تمكن النظام السوري من أن يفرض سيطرته على كامل الأراضي (باستثناء مناطق الإدارة الذاتية، ومناطق المعارضة في إدلب) وتخوض حالياً معاركاً في الشمال ضد آخر مناطق سيطرة المعارضة، بينما الأخيرة مدعومة من تركيا تقاوم وتتوعد باستعادة السيطرة، كما نجحت الجهود الدولية في تقليم أظافر الإرهاب والرايات السوداء في الداخل السوري.. فهل يفضي ذلك المشهد إلى حلٍ عسكري نهائي؟ أم أن المطامع وتضارب المصالم المختلفة يفضي إلى مزيدٍ من التأزيم؟