المزيد  
واشنطن تؤكد استعدادها لدعم تركيا فيما يخص إدلب
ميلشيا الحشد الشعبي العراقي يرسل مقاتليه إلى خطوط الجبهة في إدلب
عميد كلية الطب بدمشق: أكثر من 150 ألف حالة إصابة بـ "كورونا" في دمشق وحدها
بينهم قتلى من الحرس الثوري.. غارات على مواقع للميليشيات الإيرانية بدير الزور
ميشيل عون: وجود السوريين في لبنان "عبئاً كبيراً" .. ونطلب مساعدة "الهجرة الدولية" لإعادتهم
آلاف العناصر من "داعش" لا يزالون يتحركون بحرية تامة بين سوريا والعراق
مشافي حلب تعاني من نفاد أكياس الجثث بسبب فيروس "كورونا"
وفد المعارضة لـ "أنا برس": تم إلغاء أعمال اللجنة الدستورية بسبب اكتشاف 3 حالات بـ "كورونا"

معاناة فتاة سورية بين دمشق واسطنبول

 
   
15:14

http://anapress.net/a/11650780677532
854
مشاهدة


معاناة فتاة سورية بين دمشق واسطنبول
سيدات سوريا.. بحر معاناة لا ينضب- أرشيفية

حجم الخط:

"حبيت شارك العالم حكاية أسبوعين من حياتي بعد ما صار عمري 21 سنة.. أنا نور من سوريا، تحديدًا من الشام، ساكنة بضواحي دمشق، أروي لكم أسبوعين فقط حتى ما يطول الكلام وتحس حالك مالل من القراءة، وتشوف بنات سوريا العز شو عم يصير فيهم بهي الأيام".

استهلت "نور" حكايتها التي روتها لـ "أنا برس" بتلك الكلمات، وهي قصة من الكثير من القصص التي تعكس واقع المرأة السورية في زمن الحرب، وتحديها للمصاعب كافة.

"وصلت في 24 يوليو (تموز) الماضي العام إلى تركيا، التقيت بخطيبي الذي سيكون خلال أيام قليلة زوجي، صحيح إنها نتيجة مفرحة يمكنني وصفها كشجرة الصبار التي تحمل ثمار لذيذة لكن جذعها مليء بالأشواك.. خطيبي حسام عمره 26 سنة، وصلت لعنده بعد معاناة طويلة وحواجز وأفرع مخابرات وعساكر كانوا بلا مبدأ كل همهم المصاري".

وتردف نور: "قررت الخروج من الشام والتوجه برحلة طويلة إلى تركيا (مكان الاستقرار).. بعد البحث عن طريقة للخروج بطريقة سليمة دون التعرض للوقاحة يلي بيحملوها العساكر يلي موجودين على الحواجز.. أول يوم ضبيت غراضي وجهزت نفسي وخرجت لكراجات الباصات المتوجه من دمشق إلى حلب، قطعت بشكل نظامي وقلي الشفير -يلي ما بعرف اذا هو ضابط بالجيش أم فعلا شفير باص- إذا بدك ما حدا يحكي معك شيء لان أنتي من مواليد الغوطة الشرقية فيكي تدفعي زيادة 100 ألف و تكوني مرتاحة.. شاورت أمي يلي كانت جاي تودعني وقررنا ندفع حتى أضمن الوصول بالسلامة.. دفعت المبلغ وودعتني أمي وأجا وقت الرحلة.. وصلنا لمدخل دمشق يلي فيه حاجز للأمن العسكري يلي هوة أساسا ما لازم يحكي معنا كمدنيين لكن للأسف كان طلب الضابط والعساكر, أنو ينزل كل العالم من الباص ويوقفوا على الحاجز بنات وشباب ونساء كبار ورجال دون أي تمييز". (اقرأ/ي أيضًأ: أمُ خالد.. فقدت معظم أفراد عائلتها وتتمسك بأمل وحيد!).

"طبخونا على نار هادية" في فرع الأمن العسكري.. ما بعرف ليش.. بصمت على إقرار إنه لا أحاول الخروج من دمشق!

"أخذ الهويات من الكل، وبعد ما يقارب 30 دقيقة خبر الكل يطلع على الباص إلا 6 أشخاص أنا كنت وحدة منهم، طبعًا ما خايفة أبدا لأن بعرف نفسي وبعرف إني انسانه بحب السلام وما بعمري عملت أي شي يزعج أي إنسان أو حكومة بالعالم، بس للأسف وقت صار الموضوع إنو العالم لاح تطلع الباص وأنا بدي أبقى مع أشخاص ما بعرفهم ومع عساكر ما بيعرفوا الرحمة صار قلبي ينبض بسرعة لدرجة إني ما قادرة اتكلم حتى مع نفسي ولا حتى فكر بشكل إيجابي".

وتستكمل: "طلعت العالم على الباص وحملونا بسرفيس وأخذونا على فرع الأمن العسكري ودخلونا، وما بنعرف السبب الحقيقي أو أي جواب لكلمة لماذا.. ما هي إلا دقائق ودخلنا لمكتب ضابط وبدأت الأسئلة.. الضابط ما طلع برا الطريق كتير بالكلام لكن شكله بيكفي ليعطيك حقنه من الرعب تمنعك من إدخال حب الحياة لقلبك.. أسئلته كانت كتيرة أهمها انتي وين رايحة وليش ومنين جاي وبكل جواب ما يصدق هي غير الاتهامات والأسئلة الموجهة بشكل حاقد ما ينم إلا على غباء السائل".

على نار هادئة!

"طبخونا على نار هادية"، بذلك التعبير تصف نور ما تعرضت إليه في فرع الأمن العسكري، وتردف: " بس ليش ما بعرف! بعد ساعتين ونصف تمامًا قرر الضابط إنه يخلينا نبصم على تعهد إنه آخر مرة بنفكر فيها نطلع من الشام لحلب، أكيد أنا بصمت وابتسامتي المصطنعة على وجهي يلي بتعبر عن قبولي بكل قرارات الضابط.. كانت الساعة الثانية بعد منتصف الليل تمامًا وقت بصمت وقرر الضابط إخراجنا من الفرع  وإجبارنا على العودة إلى المنزل".

"أنا كفتاة لحالي ما بعرف لا أرجع ولا إلي أقرباء بمكان قريب من الفرع شو ممكن أعمل بنفسي صراحة ما عرفت؟ قررت أمشي حتى فجأة اجا سرفيس كمان ما بعرف منين جايب ركاب مسافرين متجه لداخل دمشق، اتصلت بأهلي وخبرتهم بكل شي صار وأخبرت خطيبي يلي كان على نار بعدما انقطع التواصل وأنا بالفرع لمدة ساعتين". (اقرأ/ي أيضًا: حلم امرأة كتبه الظلام.. فقدت عينها لكنها لم تفقد الأمل).

وتواصل نور حديثها قائلة: "رجعت على البيت ارتحت خمسة أيام وقررت رغم كل شيء إني بدي حاول مرة تانية لحقق هدف واحد بحياتي وأقدر استقر كأي إنسانه مع زوجي المستقبلي.. طبعا لحنا كتبنا كتاب نظامي بالمحكمة وثبتنا زواجنا لكن عم أحسب اني لساتني مخطوبة كوننا لم نعلن هذا الأمر حسب العادات والتقاليد".

"خطيبي وأهلي حاولوا كتير يلاقوا طريقة إني أوصل فيها بدون ما حدا يوقفني وينزعج إنو أنا من مواليد الغوطة الشرقية، لكن للأسف كانت التكاليف مرتفعة يعني أقل شي كانت التكلفة تصل إلى 600 دولار وهذا الشيء غير ممكن أبدا كوننا من عائلة متواضعة ما بتملك إلا القليل".

قررت نور من جديد المحاولة، لكن تلك المرّة اصطحبت أختها معها، وتمكنا من عبور الحاجز بسلاسة.. "اعتقدت بنفسي إني انتهيت من مرحلة الخطر وأصبحت على أطلال السلام حسب تفكيري البريء كفتاة لم أر من حياتي إلا الألم والمعاناة".

حاجز مختلف

لكن شيئًا من ذلك لم يحدث، إذ فجأة "بيطلعلنا حاجز عامل دولة لحالة وإدارة وقوانين وتصرفات مستقلة تمامًا.. هذا الحاجز كان لئيم وحقير وفتشنا وفتش كل شيء معنا، والكارثة لما شاف المصاري يلي أنا أخذتهم مصروف إلي وأكتر رجعة لأختي على دمشق، بدأ التحقيق مع إنه المبلغ ما كبير كان حوالي 85 ألف ليرة..تحقيق من جديد بأسلوب إجرامي لفتيات بريئات بقصد سلب المال منهم".

 آخر شي قلناله بشكل صريح أديش بدك من المصاري لتتركنا نمشي مع الباص؟! جوابه كان للاسف جاهز وطلب 50 ألف ليرة سورية

"ما قبل يتركنا حتى آخر شي قلناله بشكل صريح أديش بدك من المصاري لتتركنا نمشي مع الباص؟! جوابه كان للاسف جاهز وطلب 50 ألف ليرة سورية بكل وقاحة وقال خيارين فقط إما العودة للخلف أو خمسين ألف ليرة تنطح ليرة.. قررت أدفع المصاري وأكمل مع إنه هدول مقطوعين عن صحة أهلي وخطيبي، لكن تعودنا نضحي كتير لنوصل للهدف".

وصلت نور بعد ذلك إلى حلب، وبعد ثلاثة أيام ومحاولات معقدة لتجاوز حاجز النظام والوصول إلى مناطق المعارضة السورية التي من خلالها يمكنها قطع الطريق إلى تركيا "مع كل الأسف بطريقة غير شرعية عن طريق التهريب من الجبال والمهربين يلي عم ياخذوا مئات الدولارات حتى يهربوك بين الوديان والجبال ويمكن تموت وتنقتل متل ما صار مع غيري كتير وربما تتعرض للأذى والاعتداء"، كان الخيار واضحًا "دخلت مناطق المعارضة وكلي خوف من شيء ممكن يواجهني ما ما بين حسابه لكن الحمد لله انقضى المشوار بقضية التعب على الطرقات فقط حتى وصلت إلى إدلب لبيت المهرب يلي بدو يطالعني وكانت زوجته بالانتظار وكان عندهم ثلاث بنات غيري من مناطق مختلفة بدهم بقطعة تهريب إلى تركيا". (اقرأ/ي أيضًا: بيان.. مسيرة امرأة سورية مليئة بالتحديات).

وبعد انتظار أربعة أيام ببيت المهرب "أيام ألم وقهر وخوف وكل يوم يخبرنا جهزوا حالكم ويرجع يخبرنا تأجلت الطلعة لأنو الطريق خطر وفي شرطة على الطريق لبينما يروحوا" وصلت تركيا، ووصلت إلى الريحيانية وانتظرت خطيبي "حتى اجى لعندي من اسطنبول".

أسبوعين ذاقت فيهم فتاة سورية لم تتم عقدها الثالث بعد معاناة كبيرة على الحواجز والطرقات وطريق التهريب، واقعة تتكرر كثيرًا، وتعكس جانبًا مما تتعرض لها الفتيات السوريات بشكل خاص من معاناة واسعة في زمن الحرب.