http://anapress.net/a/110657109735497
تدفع المرأة السورية فاتورة باهظة لأهوال الحرب، واضطرت الكثيرات لأن يعيلن أسرهن بعد فقدان عائلها.. كما بزغت الحاجة ماسة إلى تدريبهن من أجل مواجهة صعاب الحياة ومشاقها في ظل ظروف الحرب الراهنة.
"لم أعد عبئاً.. أصبحت سنداً" شعار رفعه مركز مزايا للتدريب والتأهيل النسائي في ريف ادلب، عندما افتتح في أواخر العام 2013 لهذا السبب بإمكانيات بسيطة إلى أن حقق سرعة في الانتشار والنجاح وأصبح له اسم عريق ورمز للتوعية النسائية والتأهيل في عدد من المجالات العملية التي كانت فاعلة بشكل ملحوظ.
يقول مدير فرع مركز مزايا في بلدة معرة حرمة بريف ادلب الجنوبي عبد الرحمن الإسماعيل: لقد تم افتتاح المركز في الأول من سبتمبر/ أيلول من العام 2013 في مدينة كفرنبل بجهود وتمويل شخصي من السيدة غالية الرحال المديرة العامة للمركز، وبعد ثلاثة أشهر تم استجلاب دعم مادي مكّنها من توسيع المشروع وتوفير جميع احتياجاته، وفتح أفرع للمركز في كل من مدينة معرة النعمان وبلدة معرة حرمة وقرى جبالا وإحسم.
تمكن المركز من استيعاب عدد من المجالات التي تخص تعليم وتأهيل وتوعية المرأة في المناطق المحررة، ففي مجال التعليم يقوم المركز بعقد دورات تعليمية للنساء في مجال "محو الأمية وتجويد القرآن وتعلّم اللغة الانكليزية وتقنيات الحاسوب"، أما في مجال التأهيل والمهارات العميلة فيختص المركز بتدريبهن على "الخياطة، والنسيج، والخرز، والتمريض والإسعافات الأولية، وتزيين الشعر".
تستمر هذه الدورات المتتالية مدة شهرين تكون الفتاة أو المرأة حققت خلالهما ما تريد من المهنة التي قصدتها وأتقنتها بشكل جيد، نقوم بدورنا بمنحهن شهادات معترف عليها في الداخل السوري وفي تركيا إذا ما أرادت الفتاة ممارسة العمل وفق المهنة التي تعلمتها".
تقول مروة (23 عاماً) من مدينة كفرنبودة ونازحة في بلدة معرة حرمة: "لقد خضعت لدورة في التمريض في مركز مزايا لمدة شهرين متتالين تعلمت خلالها مهارات التمريض المطلوبة وكنت ناجحة فيها لأنني تعلمتها عن حب ورغبة، وبعد منحي شهادة نظامية من المركز تمكنت من التقديم على عدد من المنظمات وتم قبولي في مشفى الرحمة الجراحي بوظيفة ممرضة وأنا حالياً أعمل به ومسرورة جداً لأنني حققت ذاتي وأحسست بأنني فاعلة في المجتمع ولست عبئاً على أحد".
عدد كبير من المراكز المشابهة تم افتتاحها في الشمال السوري لم يقتصر فيه التأهيل والنهوض بالمرأة على مركز مزايا فحسب، وإنما كثرت في الآونة الأخيرة المراكز التي اتجهت إلى هذا المجال بسبب الحالة السيئة التي باتت تعاني منها النساء دون الرجال في المجتمع الشرقي الذي ازداد وضعه سوءاً بتغيير الأحداث، ولكون عدد كبير من هذه النساء يعانين من حالة نفسية سيئة وحالية مادية معدمة بفقد أزواجهن أو أولادهن خلال الحرب وأصبحن بلا معيل أو سند لتكون أمثال هذه المراكز الفجر الذي أشع منه النور مبشراً بحياة أفضل بالنسبة لهن.
من بين هذه المراكز مركز "النساء الآن" الذي تم افتتاحه في مدينة معرة النعان في بداية العام 2014 ويهتم المركز بالدرجة الأولى بالدعم النفسي للأطفال والفتيات من سن الثلاثة أعوام حتى الثامنة عشر، بالإضافة إلى الاستشارات والدعم النفسي للنساء في عيادة خاصة بالمركز نفسه، كما يختص المركز أيضاً في مجال التدريب والتأهيل في عدة مجالات أهمها استراتيجيات التعليم الحديث وادارة المشاريع التنموية والإدارة المالية إضافة إلى الزراعات المنزلية التي تساعد هذه النساء في تحقيق الاكتفاء الذاتي بسبب ظروف الحرب والغلاء الكبير.
مراكز أخرى عديدة لا يتسع الحديث عنها كمركز "بارقة أمل" في مدينة ادلب والذي يختص بدعم وتأهيل نساء الشهداء والمعتقلين، ومنظمة ”النساء الآن من أجل التنمية” التي تنشط في الغوطة الشرقية منذ بداية العام 2012 ومهمتها تأهيل المرأة وجعلها فاعلةً في الحياة العملية هي الأخرى، وغير هذه المراكز كثير على اتساع رقعة البلاد، بعد أن باتت الحاجة ملحّة لها في ظلّ غياب تام للتعليم والتوعية الذي أسفر عن انتشار العديد من العادات السيئة التي أدت إلى انحطاط المجتمع بجميع المقاييس كانتشار زواج القاصرات والأخطاء التي تقوم بها النساء.