المزيد  
واشنطن تؤكد استعدادها لدعم تركيا فيما يخص إدلب
ميلشيا الحشد الشعبي العراقي يرسل مقاتليه إلى خطوط الجبهة في إدلب
عميد كلية الطب بدمشق: أكثر من 150 ألف حالة إصابة بـ "كورونا" في دمشق وحدها
بينهم قتلى من الحرس الثوري.. غارات على مواقع للميليشيات الإيرانية بدير الزور
ميشيل عون: وجود السوريين في لبنان "عبئاً كبيراً" .. ونطلب مساعدة "الهجرة الدولية" لإعادتهم
آلاف العناصر من "داعش" لا يزالون يتحركون بحرية تامة بين سوريا والعراق
مشافي حلب تعاني من نفاد أكياس الجثث بسبب فيروس "كورونا"
وفد المعارضة لـ "أنا برس": تم إلغاء أعمال اللجنة الدستورية بسبب اكتشاف 3 حالات بـ "كورونا"

بالصور: فنانٌ من بلدنا.. بلال شوربة مُبدع عاندته الظروف

 
   
11:22

http://anapress.net/a/299972927156754
1068
مشاهدة


بالصور: فنانٌ من بلدنا.. بلال شوربة مُبدع عاندته الظروف
جانب من جداريات بلال- أنا برس

حجم الخط:

ربما صادفت على إحدى المجموعات أو الصفحات الفايسبوكية أو أي موقع آخر من مواقع التواصل الاجتماعي، جدارية خاصة من تصميمه، وربما شاركها أحد أصدقائك لإشعال الحماسة في نفوس الثائرين على الأوضاع، دونما أن تعرف أنها من إبداعه الخاص.. هو الفنان السوري بلال شوربة، الشهير بأبي مالك الشامي، الذي اشتهر برسوماته وتدويناته على جدران داريا (الواقعة في ريف دمشق غربَ العاصمة بحوالي ثمانية كيلومترات)، والذي عاندته الظروف بعد ذلك وحالت دون استكمال مشروعه الفني "الثوري".

  جدارياته وتدويناته على الجدران أعطت الحياة لمبانٍ تحولت إلى أنقاض بعد تعرضها للقصف، وأشعلت الحماسة في نفوس الكثيرين، علاوة على أنها قدّمت رسائل عديدة، حتى صارت أشبه بدفتر تدوين حي، لازالت آثاره باقية حتى اللحظة في بعض المناطق، ليشهد على أن "الثورة مرّت من هنا". (اقرأ/ي أيضًا: ما تبقى من جدران سوريا.. دفتر تدوين يقاوم سطوة النظام).

أبو مالك الشامي، من مواليد العام 1994 من مدينة دمشق، وتحديدًا من كفرسوسة، يعود بالذاكرة إلى تلك اللحظة البكر التي انطلقت فيها شرارة "الثورة" ضد النظام في العام 2011، ويقول لـ "أنا برس" إن "الثورة بدأت وأنا في المرحلة الثانوية.. شاركت منذ بدايتها بالمظاهرات وكتابة اللافتات، واضطررت في منتصف العام الدراسي أن أترك المدرسة لأتفرغ للثورة والمظاهرات.. كنت أعتقد بأنها خلال أشهر ستُسقط النظام وتعود الحياة طبيعية مثل تونس ومصر في البداية.. ولأن الوضع العائلي كان مضطربًا بأحداث الثورة فبعض إخوتي كانوا معتقلين والبعض الآخر ملاحق".

عسكرة

"في نهاية العام 2012 بدأت الأحداث في الثورة تميل للتعامل العسكري، وتشكلت مجموعات جيش حر ضد جيش النظام، وبدأت المظاهرات تقف وتندر بسبب التعامل العسكر والقمعي معها.. انتهت المرحلة السلمية في الثورة وانتهى نشاطنا في المظاهرات واللافتات.. اضطررت الخروج من منطقتي التي كنت أسكن بها رفقة أهلي؛ خشية الاعتقال التعسفي من النظام، والتحقت بالمناطق المحررة، مدينة داريا تحديدًا".

 

 

من هذا التحوّل بدأ النشاط الفني لأبي مالك الشامي يتضح، فعلى رغم عسكرة الثورة على هذا النحو الذي تحدث عنه، إلا أن ذلك لم يمنه من دور الفن في التعبير عن الأحداث وبعث رسائل مختلفة.

يروي بلال شوربة تفاصيل ما بعد نزحه إلى داريا هربًا من الاعتقال، وهي المدينة التي شهدت تفجر موهبته، قائلًا: "دخلت لأحمي حالي أولًا ثم لأشارك بالدفاع عن الأهالي الموجودين بالمناطق المحررة، فحملت السلاح في العام 2013 وخلال أشهر تم حصار المنطقة بشكل كامل، ثم بدأت وتيرة المعارك بالتوقف حتى عادت شبه عادية، ولكن في منطقة شبه مدمرة بعيداً عن أهلي ومحاصر كلية.. قبل الثورة كان اهتمامي بالمجال الفني مرتبطًا بالمراحل الدراسية، وقد لاحظ أصدقائي وأهلي ومدرسيني اهتمامي بهذا الجانب، إذ كنت أعطيه وقتًا كبيرًا على حساب باقي المواد الدراسي في المرحلة الإعدادية، ولكن لم أتعلم الفن بشكل أكاديمي أو بشكل خاص عند أحد المدرسين.. كانت عبارة عن رغبة فيها بعض الموهبة والاستمتاع".

موهبة

ويتابع: "بعد الثورة أصبحت أرغب في استثمار هذه الموهبة لخدمة أفكار الثورة، فكنت أثناء كتابة اللافتات أضيف بعض الرسومات البسيطة التي توصل بعض المعاني والرسائل، ثم حين تمت محاصرتي وبعد عودة الحياة شبه طبيعية (في داريا) دون معارك وقصف، أصبحت أرغب في شغل وقتي داخل الحصار في هذا الأمر، فأصبحت أرسم بعض الرسومات الثورية على بعض الجدران في مكان سكني وعلى دفاتري.. وفي العام 2014 تعرفت إلى مجد معضمان، وهو إعلامي من داريا استشهد في العام 2016، شاهد بعض رسوماتي ونالت إعجابه، فطلب مني أن أساعده بالرسم على جدران المدينة مقابل تقديم جميع المساعدة في إتمام الأمر، فكان هو صاحب الفكرة الأولية للمشروع، ثم بدأنا ببلورة الفكرة والعمل على تنفيذها".

 

 

"اخترنا الجدران المدمرة لأن تكون هي لوحات الرسومات للفت الانتباه إليها ولخلق بعض من الجمال في المدينة من قبح الدمار.. كانت المواضيع التي نرسمها تدور في محور الثورة عن مبادئها وأهدافها وعن الشعب ومعاناته وعن تعامل النظام وإجرامه.. بدأنا بمعدات بسيطة وأولية وما ساعدنا هو توفرها داخل الحصار بالبداية.. كنا بعد اتفاقنا على الفكرة أرسم نموذجًا مصغرًا ثم نختار جدارًا مناسبًا نقوم بتنظيفه من ثم أبدأ بالرسم بالفحم كمرحلة أولية اتأكد من أبعاد الرسمة وصحتها، ثم نقوم بتحديده بالأسود وتنظيف الجدار من بقايا الفحم، وبعدها نبدأ بالتلوين حتى ننتهي..  ننهي العمل بأخذ عدد من الصور من أكثر من زاوية لنختار أفضلها ونقوم بنشرها عبر السوشيال ميديا".

30 جدارية

ويستطرد بلال قائلًا: "رسمنا ما يقارب 30 جدارية في داريا، وتم عمل العديد من التقارير الصحافية المحلية والعالمية عنها، واستطعنا بفضل الله إيصال رسائل عديدة من خلال الرسومات وتوضيح صورة مهمة عن حقيقة الثورة للذين لا يصلهم إلا ما يعرض في الإعلام الغربي الذي يرى الثورة من منظور داعش والإرهاب فقط.. بالإضافة إلى أنها (الرسومات) جعلت من داريا نموذجًا عمليًا وحقيقًا كمدينة عاشت الحرية على رغم ما عانت منه من حرب وحصار وأصبحت أيقونة في الثورة السورية".

"كانت تجرب الرسم على الجدران في داريا هي الأولى لي في هذا المضمار، وكانت تحديًا حقيقيًا بيني وبين نفسي أن استطع الرسم باسم الثورة بشكل يليق بها، فإن لم استطع التعلم بشكل أكاديمي لصغر سني قبلها ولعدم وجود معلمين ورسامين داخل حصار داريا إلا أنها جعلت بداخلي دافع قوي للعمل والاستمرار.. استفدت كثيرًا من التواصل مع الفنانين الأحرار خارج داريا، وقدموا العديد من النصائح والمعلومات القيمة التي ساعدتني بتجنب الأخطاء وتطوير أساليب العمل والرسم".

 

 

لكن الرياح تأتي بما لا تشتهي السفن، ذلك أن التحديات كانت أكبر من مواصلة هذا المشروع الفني المُهم، وهو ما يؤكده بلال بقوله –في معرض حواره مع "أنا برس"- "بعد خروجي من داريا كنت أرغب بشدة في الاستمرار في هذا المشروع لكن لم تكن البيئة مناسبة للأسف.. كنت أظن أني ساجد الكثير من الكوادر المساعدة في هذا المضمار، لكن التدخل العسكري للفصائل في هذه المناطق بالإضافة إلى التوتر الأمني وعدم الاستقرار جعل من الأمر عوائق كبيرة وصعوبات في طريق الاستمرار، فحتى الآن مازلت أحاول إيجاد فرص للعمل بشكل مميز يناسب ويليق بالثورة السورية.. وحاليا أقوم بالتعلم وتطوير مهاراتي الشخصية حتى أكون مستعدًا في حال اتيحت الفرصة لي كما اتيحت لي في داريا".

**رفض أبو مالك مشاركة صورته، مبررًا ذلك بأنه الآن في إدلب (شمال سوريأ) بينما أهله لازالوا في سوريا، ومن ثم هو يبتعد عن مشاركة ونشر المعلومات الشخصية كاملة بسبب الوضع الأمني.

 

*الصور هي نماذج للجداريات التي رسمها بلال شوربة، وأرسل نماذجًا منها لـ "أنا برس". 

 




كلمات مفتاحية