المزيد  
واشنطن تؤكد استعدادها لدعم تركيا فيما يخص إدلب
ميلشيا الحشد الشعبي العراقي يرسل مقاتليه إلى خطوط الجبهة في إدلب
عميد كلية الطب بدمشق: أكثر من 150 ألف حالة إصابة بـ "كورونا" في دمشق وحدها
بينهم قتلى من الحرس الثوري.. غارات على مواقع للميليشيات الإيرانية بدير الزور
ميشيل عون: وجود السوريين في لبنان "عبئاً كبيراً" .. ونطلب مساعدة "الهجرة الدولية" لإعادتهم
آلاف العناصر من "داعش" لا يزالون يتحركون بحرية تامة بين سوريا والعراق
مشافي حلب تعاني من نفاد أكياس الجثث بسبب فيروس "كورونا"
وفد المعارضة لـ "أنا برس": تم إلغاء أعمال اللجنة الدستورية بسبب اكتشاف 3 حالات بـ "كورونا"

الصيف ضيعت اللبن (مقال)

 
   
11:37

http://anapress.net/a/280578321603538
952
مشاهدة


الصيف ضيعت اللبن (مقال)
الخطيب- أرشيفية

حجم الخط:

على مر العصور لم يشهد التاريخ معاناة شعب كما يعاني الشعب السوري اليوم، حتى الشعب الفلسطيني رغم احتلال أرضه من عصابات صهيوHمريكية لم يعش ما يعيشه الشعب السوري من ظلم وخذلان له من قبل الدول الأخرى.

الشعب السوري عندما قام بثورته كان يطمح لإزالة الظلم والاضطهاد الذي عاشه لعشرات السنوات من قبل نظام فاشي مستبد. ولقد كانت مبادئ جنيف 2012 والتي أقرها المجتمع الدولي طوق النجاة للشعب السوري للعيش في دولة مدنية ديمقراطية تؤمن بالمواطنة الحقيقية لجميع مكوناته.. ولكن هذا الحلم بدأ بالتبدد مع وقوف الدول الكبرى موقف المتفرج بعد استخدام النظام للسلاح الكيماوي عام 2013 وسقوط ضحايا أبرياء. ومما زاد معاناة السوريين تشرذمهم وتسلق اللصوص لثورتهم الذين ارتهنوا للدولار ولأجندات الدول الفاعلة في المنطقة حتى استحقت الثورة القول المأثور الصيف ضيعت اللبن.

فلا الدول التي ادعت صداقتها ودعمها للشعب السوري في ثورته صدقت بادعائها ـلم تدعمه سوى بالتصريح وزيادة الشحن وإراقة الدماء- ولا الذين تسلقوها وادعوا تمثيلها كانوا صادقين؛ فقد آثروا أنفسهم على الجميع وعلى حساب دماء الشهداء.. ولم يحاولوا التوحد والالتفاف حول أهداف الشعب، وكان جل همهم ارضاء الدول التي اغرتهم واغرقتهم بالأموال والامثلة لا تعد ولا تحصى.

 ولكأن الشعب السوري الذي قدم مليون شهيد وتم تهجير الملايين في أصقاع الدنيا وفي الداخل لم تكن مشكلتهم وثورتهم ضد النظام إلا الدستور وإنجاز دستور جديد!
 

إن وجود الفصائل المتطرفة والتي تحمل أفكاراً جهادية جعل الدول تنفر وتتهرب من الوقوف جانب الثورة وبدأ التراجع في المواقف جليا بدءا من التراجع بدعم مبادئ جنيف وإفساح المجال لروسيا لتمييع المواقف الدولية من خلال تدخلها وإيجاد طرق بديلة لجنيف تمخض عنها لقاءات سوتشي والاستانة.

حتى المبعوث الدولي دي مستورا لعب دوراً إيجابياً لصالح النظام عندما قزم الثورة من خلال ما سماه بـ "السلال الأربع" والتي انتهت في عهد غير بيدرسون المبعوث الدولي إلى مشكلة وحيدة وهي إنجاز دستور جديد، ولكأن الشعب السوري الذي قدم مليون شهيد وتم تهجير الملايين في أصقاع الدنيا وفي الداخل لم تكن مشكلتهم وثورتهم ضد النظام إلا الدستور وإنجاز دستور جديد!

 لقد استغرقت عملية تشكيل لجنة دستورية قرابة عامين وتمت بتوافقات لا يرقى أعضاؤها لمستوى كتابة نظام داخلي لجمعية خيرية،/فهل يفلحون؟ ومن ثم ما لضمانات لإنجاح مهمتهم وماهي المدة الزمنية لذلك وماهي المبررات؟

كان يفترض على من ادعوا تمثيلهم للثورة أو قوى المعارضة عدم الرضوخ لتشكيل اللجنة الدستورية إلا بعد الحصول على ضمانات دولية موثقة بإنجاز دستور ديمقراطي بضمان تطبيقه وتطبيق ما يتم إقراره وكان عليهم الاصرار على وقف كامل لإطلاق النار وإطلاق سراح جميع المعتقلين من أقبية فروع مخابرات النظام.

 ولكن -كما ذكرت في المقدمة- ارتهانهم للدول وللدولار جعلهم آداة طيعة في أيدي داعميهم مع تمنعهم ظاهريا أحيانا لكسب التأييد الشعبي.. حتى الآن اللجنة الدستورية لم يبدأ عملها بشكل عملي وليس لها أجندة وجدول أعمال في ظل محاولة للنظام من عدم الاعتراف بمخرجاتها ومحاولة التنصل مما يسمى دستورا لا يمثل السيادة الوطنية المزعومة المفقودة. (اقرأ/ي أيضاً: مجزرة مخيم قاح وغيرها.. ما الفائدة من استمرار المعارضة بالتفاوض مع نظام الأسد؟).

النظام لم يتوقف يوماً عن استهداف المدنيين في المدن الخارجة عن سيطرته وليست المجزرة التي ارتكبها في مخيم قاح أخر مجازره في ظل الصمت الدولي ولا سيما صمت الدول الضامنة لوقف إطلاق النار لأنها هي حقيقة ضامنة لمصالحها وآمنها بالدرجة الاولى بعيدا عن مصالح الشعب السوري.. ومازال من يدعون تمثيلهم للشعب وثورته يمنون أنفسهم بإرضاء الدول ولية نعمهم والسباحة في حوض سمك صغير إرضاء لنفوسهم المريضة والدنيئة.

إن مجزرة قاح وسقوط الشهداء المدنيين اعتقد أنها يجب أن تكون نقطة فصل في وقف أي تفاوض مع النظام أو دول الاستانة ووقف اجتماعات اللجنة الدستورية حتى يتوقف النظام وميليشياته عن استهداف أي نقطة خارج سيطرته لأنه يعتمد مع روسيا سياسة الخطوة خطوة وبالتالي وضع الثورة ومن يمثلها خارج المعادلة وخارج قوسين فهو أصلا مازال لا يعترف بوجود قوى معارضة بل يعتبرهم مأجورين لدول كما هي الحقيقة.

إنها النهاية المؤلمة للشعب السوري وعلى جميع متصدري الثورة والمعارضة الاعتراف بفشلهم وعليهم الرحيل "كلهم يعني كلهم" وترك الشعب يقرر بنفسه من يمثله لتحقيق هدفه.. عاشت الثورة السورية اليتيمة.

*الآراء الواردة بالمقالات تعبر عن رأي أصحابها، وليس بالضرورة رأي المؤسسة