http://anapress.net/a/260456925801877
25 أيلول 2012، ليست ذكرى بمقدار ما ينبغي أن تكون تذكيراً بالجريمة وبالمجرمين، وتذكيراً بالقصاص وبالعدالة الواجبة، وجلب الجناة ومساءلتهم وعقابهم ومن وراءهم حتى رأس الهرم وكبير المجرمين، جرائمهم باتت أكثر من أن تُحصى، وهذه واحدة من أكثرها بشاعة وفظاعة ووضاعة، عدالة وقصاص، أو ثأر وانتقام رادع وواجب ومشروع.
كل الضحايا من المدنيين العزَّل، نساء وأطفال وشيوخ, وشباب مسالمون بينهم أطباء وممرضون وممرضات، كثير منهم شوهت جثثهم وبالكاد تعرف عليها أهلوهم، ولازالت الصدمة في وجوههم ونفوسهم حتى اليوم.
لم يكن هناك مسلحون، ولم تكن ساحة حرب.. كانت كلها مناطق آمنة وتحت سيطرة العصابات الحاكمة، مئات الضحايا أطلق الرصاص على رؤوسهم وفي عيونهم وأغرقوا في دمائهم، بعضهم تسنى لهم من يدفنهم بصمت وهدوء وفي أقرب مكان حتى لو كان حديقة صغيرة على جنب الشارع، لا وقت للحزن ولا وقت للتفكير فقد شل كل شيء.
وآخرون بالمئات في حي الجورة بقيت جثثهم في الشوارع وفي المنازل وحول الأحياء المنكوبة أياما حتى هدأت سورة المجرمين الغادرين.. وبدأ الأهالي يستكشفون ما حدث ويتعرفون على تفاصيل تلك الجريمة النكراء، شهود عيان وصفوا المشاهد الحزينة ومناظر الضحايا بما يفوق الاحتمال، في الجورة لم يكتفوا لقتل الأبرياء، فكان هناك حرق وتخريب وتدمير للمنازل والمحلات والممتلكات بلا سبب، في حي القصور ارتكبوا جرائمهم بصمت وتحت ستار من الرعب والخوف الرهيب، حتى بكاء الأهالي المفجوعين كان صامتا ومخنوقا، خنقه الخوف وخنقه الحزن الرهيب، ذكريات أليمة يجب أن تتناقلها الأجيال، جيلا بعد جيل.
أحقا حدث ما حدث؟ لا أحد يكاد يصدق وإلى اليوم!
من أي طينة كان أولئك المجرمون، ومن أين جاؤوا بكل هذا الحقد والإجرام، وأي نبتة خبيثة تلك التي أنبتتهم، وما الذي سبق من هؤلاء الأهالي الأبرياء تجاههم حتى يفعلوا بهم كل تلك الأفاعيل.
حتى القصاص، إن حدث, فلن يكون عدالة كافية، وكيف يكون كذلك وهو لن يبلغ أن يعيد الابتسامة لأم ثكلى أو أب مفجوع أو شاب فقد أمه وزوجته وأطفاله وأخواته وإخوته.
ومع كل هذا فهل يفعلون، وهل يفعلها من يدعون حمل لواء العدالة الإنسانية والقانون وحقوق الإنسان، هل يعيدون بعض الأمل في إنسانية واهمة بات سماع حروفها لا يثير سوى السخرية والاشمئزاز.
سأتعجل الإجابة وأقول إنهم لم يفعلوا ولن يفعلوا، فهذا ديدنهم وتلك هي شيمهم وجبلتهم التي جبلوا عليها، فاعتبروا يا أولي الأبصار.