http://anapress.net/a/255117747427975
عندما قامت الثورة السورية لم يقف الجيش على الحياد بل كان أداة للنظام في قتل الشعب وهو الذي يدعم ويمول هذا الجيش من خلال ضرائب تسمى زوراً وبهتاناً مجهود حربي يتم سرقتها من قبل رأس النظام وأعوانه، وازداد قتل الجيش لهذا الشعب وهو المفترض به أن يحميه.
وإن بحثنا عن السبب نجد أنه قد تم بناؤه لحماية الرئيس وحاشيته وليس للدفاع عن الوطن ومكتسبات الوطن ويحمي الشعب والحدود، لذلك وجدنا انشقاقات كثيرة من الجيش وبمختلف الرتب والاختصاصات لكن بقي الجيش بهيكليته مدافعاً عن الهرم متناسياً القاعدة.
ومن خلال هذا المنطلق وفي أثناء الثورة السورية حاول الكثير من الضباط القياديين تشكيل جيش وطني موحد يسعون به لقيادة الحراك العسكري ضد مرتزقة النظام وميليشياته والمليشيات المتحالفة معه من إيران والعراق ولبنان وتم وضع دراسات متعددة ونقاشات موسعة لتشكيل هذا الجيش وتحديد مصادر تمويله وعتاده لكن ضاعت تلك الجهود هباءاً منثوراً لا لشيء سيء في المبادرين أو لطريقة عملهم أو المنضمون لهذا الجيش.
لكن كانت هناك إرادة دولية بإفشاله وبقاء الشرذمة الفصائلية تلك الشرذمة التي تحولت لفصائلية إيديولوجية مقيتة تتلقى دعمها من خلال أجندات معينة ويتوقف هذا الدعم وفقاً لحالة الداعم وموقفه والضغوط عليه، فتبدأ تلك الفصائل بالتراجع والانحناء أمام الداعم والممول.
وخسر الثوار مناطق عدة بعد حصولهم عليها فعاد أهل الاختصاص لطرح الفكرة من جديد وبأسلوب أخر وألية أخرى واستبعاد من هو ضد الحل السياسي واعتبار الجيش الوطني هو المخلص والأمل المنشود لكن. توقفت الفكرة وعرقلت لأسباب عديدة أهمها ما هي وظيفة هذا الجيش؟
هل هو جيش قتالي؟ أم جيش نخبوي؟ أم حرس حدود؟ أم.. أم.. ما هو تسليحه؟ وما هي مصادر تلك الأسلحة؟ هل هو عقائدي؟ أم وظيفي؟ كل هذه الأسئلة كانت غير مطروحة للعلن ولا للمبادرين في تشكيل الجيش الوطني، فهناك أوامر دولية وهناك مصالح عالمية تحدد إجابات تلك الأسئلة وتتنازع فيما بينها.
فالجيش السوري لم يتم الاستفادة منه جيداً إلا على الشعب، فتسليحه ضعيف أو لنقل في أدنى حدوده وتعداده كبير لكن الطيران الاسرائيلي يسرح ويمرح في الأجواء السورية فقد جاوز تعداد هذا الجيش 450 ألف عنصر بكل اختصاصاته ولم يخض هذا الجيش تجارب حربية فعلية من عام 1974 إلى الآن فما الفائدة منه إذاً؟ مصادر التسليح معظمها روسية مع استثناءات كورية وصينية بحدودها الدنيا وبأسلحة مر عليها سنوات طويلة من الإنتاج.
من الواضح الآن وبعد التدخل الإسرائيلي في المعادلة السورية وما يحصل من تسريبات عن نية إسرائيل مقايضة الأسد ببقائه مقابل الخروج الإيراني سيكون هناك مطلب أساسي من الأسد حتى يتم هذا الأمر وهذا المطلب سعت إليه إسرائيل طويلاً ولمحت له أمريكا حديثاً ألا وهو السيطرة الإسرائيلية على هضبة الجولان وإبرام اتفاق سلام سوري إسرائيلي يكون ملزم للطرفين وبصيغة دولية وبالتالي أياً كان الشخص القادم لحكم سورية أو قيادة المرحلة لن يكون في موقف حرج.
وفي حال تم هذا الاتفاق عندها لن يكون للجيش أي مهمة خارجية وسيتم تقليص عدده للحدود الدنيا لأنه لم تعد هناك حالة حرب مع أي دولة حدودية وستكون مهمة هذا الجيش كحرس حدود ومهمات محدودة وسيكون وظيفياً غير عقائدي عندها لا يهم مصدر تسليحه وكذلك سيتم ضبط نوعية التسليح.
هذه النقطة التي لم يتم بحثها لا دستورياً ولا حتى نخبوياً بل يتم تجاهلها، كذلك لم يتم بحث إصرار اسرائيل على بقاء الأسد وهي التي تتشدق بالديمقراطية وحرية الشعوب وتعرض في برامج قنواتها ما يفعله الأسد بالشعب السوري.
بالخلاصة هم يريدون سورية المستقبل منزوعة الأظافر بنزع قوة جيشها وتثبيط عزيمته عقائدياً. فعن أي جيش يتحدثون؟
*الآراء الواردة في المقالات تعبر عن رأي صاحبها