المزيد  
واشنطن تؤكد استعدادها لدعم تركيا فيما يخص إدلب
ميلشيا الحشد الشعبي العراقي يرسل مقاتليه إلى خطوط الجبهة في إدلب
عميد كلية الطب بدمشق: أكثر من 150 ألف حالة إصابة بـ "كورونا" في دمشق وحدها
بينهم قتلى من الحرس الثوري.. غارات على مواقع للميليشيات الإيرانية بدير الزور
ميشيل عون: وجود السوريين في لبنان "عبئاً كبيراً" .. ونطلب مساعدة "الهجرة الدولية" لإعادتهم
آلاف العناصر من "داعش" لا يزالون يتحركون بحرية تامة بين سوريا والعراق
مشافي حلب تعاني من نفاد أكياس الجثث بسبب فيروس "كورونا"
وفد المعارضة لـ "أنا برس": تم إلغاء أعمال اللجنة الدستورية بسبب اكتشاف 3 حالات بـ "كورونا"

الثورة السورية: المآلات والآفاق

 
   
11:28

http://anapress.net/a/115504628073049
41
مشاهدة



حجم الخط:

جاءت الاحتجاجات الشعبية في المدن والقرى السورية بداية من مارس/ آذار 2011  لتعبر عن طموحات مشروعة للشعب السوري التواق للحرية من قبضة نظام أمني ظالم وفاسد وكانت الثورة سلمية ووطنية بامتياز لم ترفع شعارات طائفية أو دينية او إقاصائية أو تعصبية بل عكست إرادة السوريين في نيل الحرية والكرامة للوصول إلى دولة مدنية تحترم فيها حقوق المواطنين ويسود فيها القانون، دولة لكل السوريين وليست لعائلة أو فئة معينة.

النظام وضع خطة جهنمية لأسلمة الثورة وعسكرتها وقد ساعده في ذلك حلفاؤه. وبدون شك فإن وحشية النظام واستخدامه لكل أساليب القمع والقتل والإبادة كانت سببا أساسيا لحمل السلاح للدفاع عن الشعب والثورة. ويجب أن نعترف بأن أطرافًا في المعارضة سرّعت أسلمة الثورة وحتى عسكرتها ظنا منها أن الانتصار قريب كما حصل في ليبيا.

وجاء الائتلاف ليعمق الفشل والتراجع في وضع المعارضة وقوى الثورة؛ لأن قرار تأسيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة كان خارجيًا ومفروضًا على المعارضة وقوى الثورة وقد شهد العالم ممارسات وأداءً هزيلًا للائتلاف وخاصة في الصراعات على المناصب واستخدام المال السياسي الذي يتنافى مع اخلاق الثورة.الثورة كانت عفوية وشعبية ولم تتمكن من خلق قيادة ثورية لها وفي نفس الوقت فشلت هياكل المعارضة الأساسية  مثل المجلس الوطني السوري التي وضع الشعب آماله عليها لقيادة ودعم الثورة، ولكنه سرعان ما بين عجزه نتيجة عوامل كثيرة منها عدم استقلالية القرار الوطني والتبعية لدول وقوى خارجية وكذلك خلل في بنية المجلس وهيمنة القوى الإسلامية عليه.

الموقف الأمريكي كان مربكا ووعود الإدارة الامريكية كانت كاذبة ولكنهم صدقوا في شيء واحد وهو انهم لا يريدون التدخل عسكريا

يجدر الذكر بأن الموقف الأمريكي كان مربكا ووعود الإدارة الأمريكية كانت كاذبة، ولكنهم صدقوا في شيء واحد وهو أنهم لا يريدون التدخل عسكريا، وقد توهمت قيادات المعارضة بالدعم الأمريكي الذي لم نره حتى اليوم ولن نره أبدًا. 

اتضح بعد مرور ست سنوات أن الأمريكان سلموا الملف السوري لروسيا؛ لكي يجعلوها تتورط في المستنقع السوري علمًا بأن روسيا اتخذت موقفًا استراتيجيًا لدعم النظام الأسدي واعتبرته قضيتها  نتيجة أسباب كثيرة لا مجال لذكرها ولكن أهمها أهداف جيوسياسية لتحقيق مكاسب في الجبهة الأوكرانية وفي ملفات ساخنة أخرى مع الغرب. بصراحة روسيا أرادت استخدام الورقة السورية لتحقيق مصالحها القومية ولكنها أخطأت كثيرًا باختيار الجانب الخطأ من التاريخ بدعم نظام مجرم فاسد. والموقف الأوروبي كان ضعيفًا لدرجة لا تصدق؛ لأنه وقع تماما تحت إملاءات الموقف الأمريكي.

ويتضح أن هناك خطة دولية لتقسيم سوريا بدءًا من توزيع مناطق النفوذ بين الأمريكان بدعهم لقوات الحماية الشعبية (صالح مسلم) المتحالفة مع النظام وكذلك روسيا التي تدعم النظام وتركيا التي تدعم الجيش السوري الحر. ويستغرب المراقب لماذا كل هذه الحشود في شمال سوريا وكان مصير سوريا والمنطقة يحدد عند أبواب منبج.  طبعا من أحداث عام 2016 هو استمرار التدخل العسكري الروسي والدور السيء الذي لعبته في تثبيت نظام الأسد المجرم. وسقوط حلب بيد الميليشيات الطائفية في أواخر 2016 شكل تحولا استراتيجيا في موازين القوى ولكن سقوط حلب كان صفقة بين تركيا وروسيا.

تناقضات وخلاف روسي إيراني برز في عدة مواقف سواء في حلب ام في سقوط تدمر  بيد داعش أو في أماكن أخرى

روسيا صرحت بموقفها بعد حلب بأنها تريد الهدنة ووقف إطلاق النار، واتضح أن روسيا لم تعد تريد الحرب الواسعة فهي ليست في مصلحتها لا ماديا ولا معنويا، وكان الإصرار الروسي الحثيث على تحقيق اختراق في العملية السياسية لجني ثمار تدخلها العسكري واحتلالها لاجزاء من سوريا ومن هنا اعترفت روسيا بالفصائل المسلحة والتقت معها في انقرة في ديسمبر 2016 التي كانت تتهمها سابقا بانها ارهابية  وعقدت استانا وجمعت ممثلي الفصائل الثورية مقابل وفد النظام الاسدي وكان واضحا انها إرادة روسية لان ايران والنظام لا يريدان أي حل سياسي ولا هدنة بل يريدان الحسم العسكري.

وشهد العام 2016 أحداثًا كبيرة جدًا، أهمها إعادة العلاقات بين روسيا وتركيا وانعكاساتها على الملف السوري. بنفس الوقت  وصول ترامب إلى الرئاسة في أمريكا حدث كبير جدًا، ولكننا لم نكتشف بعد موقه الحقيقي من سوريا. سوى أننا عرفنا أن الإدارة الامريكية الجديدة تعتبر إيران اكبر راعية للارهاب وهذا يدعم موقف المعارضة السورية. وأيضا شهدنا تناقضات وخلافًا روسيًا إيرانيًا برز في عدة مواقف سواء في حلب ام في سقوط تدمر  بيد داعش ام في أماكن أخرى.

يبقى المشهد السوري غير محدد المعالم ولكننا كقوى وطنية وثورية علينا تجميع قوانا وبلورة تيار وطني حقيقي مستقل في قراراته الوطنية ويخاطب العالم بلغة عصرية بعيدة عن التعصب او التطرف.

الثورة خسرت الكثير من مواقعها ولكنها مستمرة لأنها حفرت في وجدان السوريين ولن يتراجع الشعب السوري عن مطالبته وكفاحه من أجل حريته وكرامته بينما الطغاة سيرحلون والغزاة سيرحلون والغلاة سيرحلون. لن تذهب هدرًا دماء مئات الألوف من السوريين الأبرياء وسينال القتلة عقابهم.