المزيد  
واشنطن تؤكد استعدادها لدعم تركيا فيما يخص إدلب
ميلشيا الحشد الشعبي العراقي يرسل مقاتليه إلى خطوط الجبهة في إدلب
عميد كلية الطب بدمشق: أكثر من 150 ألف حالة إصابة بـ "كورونا" في دمشق وحدها
بينهم قتلى من الحرس الثوري.. غارات على مواقع للميليشيات الإيرانية بدير الزور
ميشيل عون: وجود السوريين في لبنان "عبئاً كبيراً" .. ونطلب مساعدة "الهجرة الدولية" لإعادتهم
آلاف العناصر من "داعش" لا يزالون يتحركون بحرية تامة بين سوريا والعراق
مشافي حلب تعاني من نفاد أكياس الجثث بسبب فيروس "كورونا"
وفد المعارضة لـ "أنا برس": تم إلغاء أعمال اللجنة الدستورية بسبب اكتشاف 3 حالات بـ "كورونا"

ابتسام شاكوش: لن يسد الطريق أمام شعب يُصِر على الحياة بكرامة وحرية

 
   
10:00

http://anapress.net/a/239566905539212
1884
مشاهدة


ابتسام شاكوش: لن يسد الطريق أمام شعب يُصِر على الحياة بكرامة وحرية

حجم الخط:

"ليست كمن ألِفتُ من الشخصيات الثورية المتكررة، إنها امرأة نموذج، تستحق أن يتوقف المرء أمامها مليا، يدرس شخصيتها، ويغوص في حنايا النفس التي تحملها، والمواقف التي تصدر عنها. تعرفت إليها من خلال اتحاد كتاب سوريا الأحرار، جريئة واضحة حرة أبية، لها مواقف الرجال، وإنسانية النساء، تحمل أنفة ترفض التبعية العمياء، وتأبى الانسياق غير المدروس، عاشت الثورة السورية بنفسها وحسها وعاطفتها وكلماتها وحروفها، وفي كل قصة من قصصها. لم تتكسب من اسمها وشهرتها- وقد كان ذلك قريب المنال- رغم حاجتها وضائقتها، فآثرت – كعادة الأدباء والشعراء- أن تلجأ إلى المخيمات؛ لتكون قريبة من الناس البسطاء المكلومين، والمجروحين والمسكونين بالألم والحزن والمآسي".

تلك الكلمات كتبها عبد السميع الأحمد رئيس اتحاد كتاب سوريا الأحرار عن الروائية والقاصة السورية ابتسام شاكوش،  تلك الأديبة التي حملت هموم وطنها على عاتقها، لم تستسلم ولم تنسحب لكنها قررت أن يكون لها دورًا إيجابيًا يضيء ولو شعاع من النور في ظلام الأزمة السورية.

تقطن شاكوش في مخيم "جيلان بينار" الذي أقامت فيه أول مركز ثقافي في مخيم لجوء، واستطاعت من خلاله أن تقيم الكثير من المشاريع التثقيفية والتعليمية بأقل الإمكانيات، وسط غياب الدعم المادي والمعنوي سوى من عدد قليل من المثقفين، وعن مشروعها تقول شاكوش " جئت الى هذا المخيم منذ ثلاث سنوات، وجدت فيه عطشا شديدا للعلم والتعلم، والوسائل المتاحة غير كافية، فكرت بإقامة مركز ثقافي يجمع الجهود والمواهب ويروي بعض هذا الظمأ للثقافة الحرة بعيدا عن أي تسييس أو رقابة سوى رقابة الضمير، نحن نعيش الآن في فسحة من الحرية نادرا ما تتكرر، يجب أن نستغلها استغلالا إيجابيا حتى لا تنقلب وبالا علينا".

طرحت الفكرة على الكثير من الأصدقاء، الكل أبدى إعجابه بالفكرة ولكن، لم يتشجع أحد لتمويلها، الكل فضل العمل بالاغاثة والمواد الإغاثية، لم أضعف ولم أيأس، حملت فكرتي وانطلقت أبحث عن مجال لإنزالها إلى الأرض حيث تصير واقعا، عدة جهات وعدت بالتمويل ثم تراجعت.

قررت افتتاح المركز بلا تمويل من أحد، أعلنت عبر صفحتي على فيسبوك عن افتتاح المركز وطلبت من أصدقائي دعمي بالكتب لصالح المكتبة، بدأت الكتب بالوصول الينا، اجتمعت مع أعداد متتالية من سكان المخيم، الكل مرحب بالعمل ومستعد للتعاون، وهكذا.. صار لدينا مركز ثقافي بجهود ذاتية وبكتب جاءت تبرعا من الأصدقاء، وكلنا يعمل بلا أجر ولا مكافأة من أحد.

ابتسام شاكوش، روائية وقاصة من اللاذقية في سوريا، عملت في مجال التعليم ثم موظفة  في دائرة الشؤون المدنية، وهي عضو اتحاد الكتاب العرب، وعضو في رابطة الأدب الإسلامي العالمية، وعضو في اتحاد الكتاب السوريين الأحرار، ومن مؤلفاتها في مجال القصة القصيرة "إشراقة أمل"، "الخروج من المجال المغناطيسي"، "بعض من تخيلنا"، "الشمس في كفي"، "الحلم الأزرق"، "انتظرني حتى أكبر"، وفي مجال الرواية "الوجه المكسور"،  "يا حرام"، "ما زلت أبحث عن أبي"، "قشرة البيضة".. عن نشاطاتها وأعمالها الأدبية كان لنا معها الحوار التالي:

قدت فكرة إنشاء أول مركز ثقافي في مخيم لجوء "جيلان بيار" وسط عزوف من الكثيرين عن المشاركة في مثل هذه الأنشطة التثقيفية والتعليمية، هل من الممكن أن تعرضي لنا أبرز إنجازاته والعقبات التي واجهتكم وطرق تغلبكم عليها؟

فكرة المركز الثقافي صار عمرها أكثر من سنتين، كانت فكرة، تداولتها مع الأساتذة المقيمين في المخيم، وبعد غربلة كثيرة ثبت معي الأساتذة:  سامر كنجو – شعبان كنجو – منور الناجي والسيدة هيام عقيل، وكلهم أدباء يفهمون الأدب والتعليم على أنه رسالة انسانية، وليس برجا عاجيا يعتزل فيه الكاتب الحياة والمجتمع، وهكذا انطلقنا، بدأنا بأمسيات أدبية، يقدم فيها شباب من المخيم قصائدهم وقصصهم، أمسياتنا ما زالت مستمرة، ثم توسع عملنا فافتتحنا دورة لتعليم الأخلاق للأطفال تابعها ألف ومائتا طفل وطفلة، أتبعناها بدورة في العروض، تابعها عشرات من الشباب والشابات، ثم دورات تقوية في المواد الأساسية لطلاب الشهادات (رياضيات– لغة عربية– فيزياء- كيمياء) ثم دورة في الكتابة الأدبية والأجناس الأدبية ماتزال قائمة، ومشروعنا الأهم وهو موجه للأطفال الذين هم خارج المدارس، أعمارهم 10 – 16 سنة، لا يعرفون القراءة والكتابة، عملنا لهم دورة مكثفة علمناهم فيها القراءة والكتابة والرياضيات والأخلاق، ثم ألحقناهم بالمدارس النظامية، بصفوف تناسب أعمارهم وتحصيلهم العلمي، تخرجت من عندنا دفعتان، وبين أيدينا الآن الدفعة الثالثة.

أما المعوقات فأهمها أن مركزنا غير مدعوم ماليا من أية جهة، أو جمعية، مازلنا نعمل تطوعا ، ايمانا بما نعمل، كما نعاني من حاجتنا لصالات تستوعب نشاطاتنا، الآن نستعير صالة المعهد الشرعي بعد انتهاء الدوام فيها.

منذ قيام الثورة السورية وأنتِ في حالة ترحال مستمرة، انتهت باستقرارك في مخيم اللجوء الحالي، ما السبب وراء اختيارك الاستقرار في هذه المحطة؟ وما أبرز الصعوبات التي واجهتك طوال تلك الرحلة الشاقة؟

نعم بعد جولة في مصر والأردن ولبنان والسعودية بحثًا عن عمل أخدم فيه أكبر شريحة من الشعب، وجدت سكان المخيمات هم الأكثر احتياجا لعملنا، فقررت الاستقرار في هذا المخيم، لأنه الأبعد عن مناطق الدعم، والأكثر إهمالا من  الجهات الإعلامية والمنظمات، فلا يزوره سوى المخلصين الذين يضعون مساعدة الشعب هدفا أساسيا لهم، الصعوبات تتركز في طبيعة الحياة في الخيمة، وبعد المخيم عن الطرق العامة والمدن، أقرب مدينة صغيرة اليه تبعد (20) كيلومتر طريقها ترابي زراعي، جرى تعبيد جزء منه حديثا.

بعد الثورة حدث ما يشبه الطوفان السردي وتبارت العديد من الأقلام في كتابة الحدث، في الوقت الذي يرفض فيه البعض مثل تلك الكتابات كون الحدث لم يختمر بعد، إلى أي الفريقين تنتمين؟ وما رأيك في الأعمال الروائية التي نُشرت خلال تلك الفترة؟

بعد الثورة تكاثرت المواقع الرقمية ومواقع التواصل الاجتماعي، وصار الجميع يكتبون، أما الأدب فله شأن آخر، صحيح أن الوضع السوري عموما مازال غامضا، والحدث لم يختمر، لكني لا أتوقف عن الكتابة، أترك النهايات مفتوحة للاحتمالات، أنجزت رواية ومجموعة قصصية.

هل فكرت في كتابة عمل عما عاصرتيه بعد الثورة، خاصة وأن لك تجربة في روايتك"قشرة البيضة" التي تناولت فيها الفساد الإداري والسياسي الذي أدى لتفجر الثورة السورية؟

نعم فكرت وأنجزت، كل أعمالي تأتي من الواقع، روايتي "وقع الخطى" ترجمت إلى اللغة التركية وطبعت في أستانبول  باللغتين معًا، وكتبت مجموعة قصصية بعنوان "حكايات الخيام"، والآن بين يدي رواية بعنوان "كراكوزيات" وهي مجموعة قصصية تربوية للأطفال مصورة وملونة، ومجموعة قصص للأطفال بعنوان "صرت كبيرًا" كلها عن مرحلة ما بعد بداية الثورة.

قم ب الجهات التي تنمح الجوائز لها إطارها الفكري الخاص.. ومعيار نيل الجوائر هو تطابق العمل الأدبي مع الخط الفكري للجهة المانحة

الرواية السورية حاضرة بقوة في الجوائز العربية الهامة مثل البوكر، هل تعتبرين ذلك مؤشرًا على نجاحها وتميزها؟ أم أن الجوائز لا يمكن أن تكون معيارًا للحكم؟

غالبا الجهات التي تمنح الجوائز لها خط فكري خاص بها، ونيل الجوائز هو تطابق العمل الأدبي مع الخط الفكري للجهة المانحة، الرواية الفائزة بالجوائز ليست في كل الأحوال هي الأفضل.

في هذا الإطار، حصلت على عدد من الجوائز الأدبية، منها جائزة المزرعة عن روايتك "الوجه المكسور"،  أود أن أسألك عما يثار بشأن الجوائز، هل تضيف للعمل الأدبي أم أنها قد تساهم في تصدر أعمال قد لا تكون الأفضل في المشهد الأدبي والثقافي؟

جائزة المزرعة عن رواية الوجه المكسور كانت هي جائزتي الأولى في الرواية، وليست أبرزها، والوجه المكسور هي روايتي الأولى التي كتبت، الجائزة غالبا تعطي شهرة للعمل الفائز، ولكاتبه.

حصلت على عدد آخر من الجوائز في مجال الرواية منها جائزة دار الفكر عن رواية "يا حرام"، وجائزة موقع لها الإلكتروني في السعودية عن رواية "اليتيمان"، وفي مجال القصة القصيرة حصدت جوائز مثل جائزة البتاني، وجائزة الاتحاد النسائي، وجائزة فرع اللاذقية لاتحاد الكتاب العرب.

كتبت في فن القصة القصيرة جدا، وهو فن يعتبره البعض ليس له جدوى أو مستقبل، هل توافقين على ذلك؟ وما رأيك في الكتابات الراهنة في هذا الحقل؟

القصة القصيرة جدا مازالت تثير الجدل بين النقاد، هي شرارة، ومضة فلاش تضيء جزءا من المشهد وتترك لخيال المتلقي إكمال الباقي، أنا لم أصدر مجموعة قصص قصيرة جدا، بل ضمنتها في مجموعاتي القصصية، هذا النوع من القص يصلح للمنابر، وفي سوريا كثيرة جدا المنابر التي ألقيت من عليها قصصي، بعض الكتابات تشبه النكتة، وبعضها حكمة، ولكل من كتابها وجهة نظره فيما يكتب.

ما المنبع الذي تستقين منه شخوص أعمالك الروائية؟ وهل ثمة تغير فيه بعد الثورة عن ذي قبل؟ وإلى أى مدى أثرت أجواء الثورة والأزمة السورية في كتاباتك الأدبية؟

المجتمع من حولي هو منبع شخوص أعمالي، أما ما تغير في أسلوبي، صار يميل إلى الواقعية بعيدا عن الرمزية التي كنا ننتهجها اتقاء الخطر، وكل أعمالي بعد "قشرة  البيضة" تتحدث عن الثورة، بأسبابها وما آلت اليه، وعن المخيم وما يجري فيه من بؤس الحياة وانفراجات الأمل.

ما تقييمك للحركة النقدية للأدب في العالم العربي؟ وما السبيل نحو النهوض بها؟

الحركة النقدية في العالم العربي لا تسر صديقا ولا عدوا، قليلة هي الدراسات النقدية الجادة، وما تبقى يخضع لاعتبارات شخصية، فترينها مغرقة في المديح حينا، ممسكة بعصا الاحباط والقدح والتحطيم حينا آخر، النهوض بالحركة النقدية يكون باتباع الأساليب العلمية بعيدا عن العلاقات الشخصية، والشخصنة.

 الحركة النقدية لا تسر صديقًا ولا عدوًا.. قليلة هي الدراسات النقدية الجادة

ما أبرز القراءات التي أثرت في تكوينك الأدبي؟ وهل ثمة أعمال تحرصين على إعادة قراءتها من آن لآخر؟

قراءاتي لم تكن منتظمة، ولا منهجية، كنت أقرأ كل ما يقع تحت يدي من كتب، في شتى مجالات الفكر والأدب، وأستمع الى الراديو التي كانت في السبعينات والثمانينات مصدرا ممتازا للثقافة، أما عن الأعمال التي أعيد قراءتها، فأكاد أقول لا شيء،  في الحقيقة، كثير من الأعمال أشتهي إعادة قراءتها، ولكن ليس الأمر باليسير، وخاصة بعدما تركنا مكتباتنا وكتبنا وهاجرنا، ليس سوى القرآن الكريم أعيد قراءته.

ما رؤيتك للوضع الراهن في سوريا؟ وهل تعتقدين بجدوى المفاوضات في الخروج من الأزمة السورية أم أن الأزمة وصلت لطريق مسدود؟

الوضع الراهن في سورية عجز السياسيون عن توقع نهايته، أعتقد أن الكلمة الأخيرة ستكون لمن هم على الأرض، ولن يسد الطريق أبدا على شعب يصر على الحياة بكرامة وحرية.

في روايتك "الوجه المسكور" تناولت ما تعانيه المرأة من ضغط متواصل سواء من الأسرة أو المجتمع ككل، هل يمكن تصنيف هذا العمل تحت مظلة "الأدب النسوي"، وما رأيك في القول إن المرأة تكتب عن المرأة بشكل أكثر صدقًا من الرجل؟

في تلك الرواية وفي سواها، أنا لا أرى المرأة كائنا ضعيفا مظلوما في مجتمع ذكوري، الظلم الاجتماعي واقع على المرأة والرجل على حد سواء، في رواية "الوجه المكسور" ألم يكن أحمد مظلوما؟ بلى، وقع عليه ظلم أشد مما وقع على نعمة، ومن الظالم؟ في الحالتين الظالمون نساء، الأدب النسوي هو الأدب المكرس للمشاعر الأنثوية، فقط، المرأة المتعبة بأنوثتها أو السعيدة بها، لا أعتقد أن أيا من أعمالي يصنف تحت مظلة الأدب النسوي.

وكيف يمكن النظر لحال الثقافة في ظل تلك الأوضاع المتردية التي تعاني منها سوريا؟

معظم الجهود الثورية منصبة على الإغاثة( مواد غذائية، ملابس، خيام) والعسكرة، قليل من الجهات أو الأشخاص الذين يهتمون بالثقافة في هذه المرحلة، من أجل هذا كان مشروعنا، أول مركز ثقافي داخل مخيم، ولهذا السبب أيضا نفتقر للداعمين، ليس سوى بعض الأصدقاء يقدمون لنا من جيوبهم مشكورين،  بعض الهدايا، أذكر الدكتور توفيق العبيد، أهدى لمركزنا جهاز لابتوب وطابعة وجهاز بروجيكتور، ثم أهدى مجهرا لمدارس المخيم، التي تفتقر لكل وسائل الإيضاح.