المزيد  
واشنطن تؤكد استعدادها لدعم تركيا فيما يخص إدلب
ميلشيا الحشد الشعبي العراقي يرسل مقاتليه إلى خطوط الجبهة في إدلب
عميد كلية الطب بدمشق: أكثر من 150 ألف حالة إصابة بـ "كورونا" في دمشق وحدها
بينهم قتلى من الحرس الثوري.. غارات على مواقع للميليشيات الإيرانية بدير الزور
ميشيل عون: وجود السوريين في لبنان "عبئاً كبيراً" .. ونطلب مساعدة "الهجرة الدولية" لإعادتهم
آلاف العناصر من "داعش" لا يزالون يتحركون بحرية تامة بين سوريا والعراق
مشافي حلب تعاني من نفاد أكياس الجثث بسبب فيروس "كورونا"
وفد المعارضة لـ "أنا برس": تم إلغاء أعمال اللجنة الدستورية بسبب اكتشاف 3 حالات بـ "كورونا"

هل يمكن تكريم بناة أوطان في حضرة من هدم وشرد وطنًا؟

 
   
22:00

http://anapress.net/a/280459966956966
641
مشاهدة



حجم الخط:

خيبة أمل كبرى وحسرة جديدة تضاف إلى فجائع الشعب السوري من قبل مثقفين عرب شاركوا على مدار اليومين الماضيين في تقديم اعتراف ضمني بشرعية نظام الأسد، بحضورهم الاجتماع الدوري للمكتب الدائم للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب في دمشق، بمشاركة 15 دولة عربية ضمت العديد من الباحثين والكتاب والشعراء العرب.

في سوريا التي لم تجف دماء شعبها، يذهب المثقفون في ضيافة الأسد؛ لمناقشة "ثقافة التنوير وتحديات المستقبل" ، ويلتقطون صورًا بينما يتسلمون جوائزهم وهم في موقف تدينه العروبة والإنسانية ويدينه الضمير الحي للمثقف الحقيقي الذي يأبى أن يجالس من سفك دماء أبنائه أو حتى أن يتواجد في حضرته.   

سبع سنوات عجاف عاشها السوريون منذ أن انطلقت شرارة ثورتهم تزامنًا مع ثورات "الربيع العربي". دماء سفكت وأرواح أريقت ونظرات أطفال لا زالت تستجدي عطف الناظرين وتتوسل بحياة حرة آمنة وتسأل بعتاب "هل يصير دمي بين عينيك ماء؟ أتنسى ردائي الملطخ.. تلبس فوق دمائي ثيابا مطرزة بالقصب؟" لكن كل تلك الاعتبارات لم تكن ذات قيمة لاتحاد كتاب آثر أن يجالس من شرد وقتل وهدم وطن ببنيه، كانت الكفة الراجحة في حسابات هؤلاء لصالح ما أطلقوا عليه "وحدة التراب السوري ومقاومة محاولات تفتيت الدولة الوطنية" حسبما قال حبيب الصايغ الأمين العام للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب.

في كلمته أثناء الافتتاح، قال الشاعر الإماراتي حبيب الصايغ (الأمين العام للاتحاد العام للأدباء والكتّاب العرب): أهداف النظام الأساسي للاتحاد العام، حيث التواصل الثقافي العربي أولوية، وحيث استضافة المكتب الدائم حق أصيل متداول بين الاتحادات المنتمية إلى الاتحاد العام. ذلك سياق اجتماعنا هنا بعيداً من أي تأويل. لكن الحكاية لا تنتهي عند هذا الحد، فحضور الاتحاد العام اليوم في دمشق هو رسالة تضامن مع الكاتب أو المثقف السوري، ومع المواطن السوري، ودعوة موجهةٌ إلى المبدع العربي السوري المهم في قلوبنا وفي الواقع نحو تحقيق اللقاء الضروري مع محيطه العربي، فلا بعد أو عزلة وليس إلا الحوار المطوّق بالحب والأمل والعمل، فسورية الفكرة والوطن، سورية الدولة، سورية هي الأهم بما لا يقاس. سورية هي الأعز والأغلى وهي تمثّل للعرب جميعاً رمز عروبتهم، ولذلك فإن أمنها واستقرارها عنوان ثقة وطمأنينة لكل عربي على تباعد الديار".

أثار ذلك الاجتماع حفيظة عددًا من المثقفين العرب الذين أصدروا بيانًا يدينون فيه اجتماع الكتاب العرب في ضيافة الأسد. جاء في البيان الذي حمل توقيع ما يزيد عن 150 من الكتاب العرب: "نحن الكتّاب والمثقّفون العرب الموقّعون على هذا البيان، ندين بشدّة اجتماع المكتب الدائم للاتّحاد العامّ للأدباء والكتّاب العرب فى دمشق، والهيئات القطريّة المشاركة فيه، لما يمثّله ذلك من تواطؤ مرفوض مع النظام الأسدى المجرم الّذى لم يتوقّف، منذ سبع سنوات، عن سفك دم أهلنا الأبرياء فى سوريّة وتخريب العمران ودفع الوطن السورى بكل عنف وهمجيّة إلى الهاوية، شأنه فى ذلك شأن فصائل الإرهاب الدينى والطائفى وأدواته المشبوهة.

اجتماع دمشق ليس سوى تعبير مؤسف عن هزيمة الكاتب العربى وجبنه وزيف وعيه وارتهانه وتخلّيه عن دوره الرسالى فى نقد أنظمة القمع، والانتصار لشعوب أمّته المقهورة وقضاياها العادلة

"إنّ اجتماع دمشق ليس سوى تعبير مؤسف عن هزيمة الكاتب العربى وجبنه وزيف وعيه وارتهانه وتخلّيه عن دوره الرسالى فى نقد أنظمة القمع، والانتصار لشعوب أمّته المقهورة وقضاياها العادلة؛ وإنّ تعامى المجتمعين فى دمشق عمّا يعنيه اجتماعهم من تأييد للقاتل، وتخلٍّ عن الضحايا، لهو أمر مؤسف يندى له جبين الأحرار ذوى الضمائر الحيّة. تنويه: هذا بيان مستقلّ، لا يمثّل أى جهة سياسيّة، ولا يعبّر سوى عن رأى الموقّعين عليه، الّذين لا يسمحون بتجيير موقفهم لصالح أى دولةٍ أو تنظيمٍ أو هيئة سياسيّة".

وأفاد بيان لرابطة الكتاب السوريين، بأن "اجتماع الاتحاد العام للكتاب والأدباء العرب في حضن نظام بشار الأسد يمثل لحظة عار كبيرة في تاريخ الثقافة العربية.. يصعب توصيف هذا الاجتماع وتحليل عناصره لأنه تكثيف هائل للخزي والمهانة والفظاظة والركاكة الفكرية في أشخاص يفترض أن يكونوا محصنين أو معادين لهذه الصفات، وفي منظمات وروابط واتحادات يفترض أن تمثل الثقافة العربية وليس أنظمة الطغيان.

وأضاف البيان: على المثقفين العرب أن يتساءلوا بعد هذا الاجتماع: كيف وصلنا إلى هذا النقطة المخيفة؟ كيف تستطيع الأيديولوجيات الشمولية التي قادت البلدان العربية إلى دمار فظيع أن تغشي قلوب أصحابها بهذا الشكل؟ ثم كيف تستطيع دول يتبارى الكتاب من أصحاب هذه الأيديولوجيات في اعتبارها "متخلفة" و "رجعية"، أن تكون هي الجسر الذي تعبر من خلاله هذه الاتحادات والروابط الأدبية إلى أكثر الأنظمة العربية شراسة وقمعاً واحتقاراً ليس للكتاب فحسب بل للبشر والطبيعة أيضاً. ما هي الكذبة الكبرى التي تجمع بين هؤلاء الخصوم الأيديولوجيين، ملكيين وجمهوريين، وتقليديين و "حداثيين"، لتقود خطاهم إلى نظام الأسد الوريث؟

"يثير هذا الاجتماع خجلنا، كتاباً وأدباء وسوريين ومواطنين في العالم العربي، ويدفعنا إلى مناشدة المثقفين والكتاب والأدباء العرب اعتبار بياننا هذا مفتوحاً للتوقيع لإدانة هذا الاجتماع البائس والتعبير بكل الأشكال الممكنة عن رفضه. العار لمن يستهينون بدماء الشعب السوري. العار لمن يبيضون صفحة الطاغية. العار لسماسرة العلاقة الشائهة بين الأنظمة المستبدة والكتاب".

من جانبه، أعلن الكاتب السوري إسلام أبو شكير، المنسق الإعلامي في اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، استقالته من منصبه في الاتحاد معتبرًا هذا الاجتماع في دمشق بمثابة "طعنة في الظهر تعرضت لها قضية بلدي، ومن وسطٍ يُفترض فيه أنه الأكثر حساسية تجاه الجرائم المتصلة بالحرية والحقّ في العيش الكريم بعيداً عن أنظمة الاستبداد والقهر والإفقار وكمّ الأفواه".

وقال أبو شكير في بيان نشره على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك: لم يكن مشهداً جميلاً ذلك الذي ظهر فيه المشاركون في هذه الاجتماعات، وخلف ظهورهم صورة قاتل مريض تسبب في دمار بلده، ويكاد يتسبب بدمار المنطقة كلها بعد أن أشاع فيها الفوضى، وجعلها مفتوحة لقطعان الإرهابيين والمرتزقة والطائفيين والمغامرين الحالمين بامبراطوريات يقيمونها على أنقاض الشعوب الأخرى..

 لم يكن مشهداً جميلاً ذلك الذي ظهر فيه المشاركون في هذه الاجتماعات، وخلف ظهورهم صورة قاتل مريض تسبب في دمار بلده

وتابع: لقد اتصلت بالشاعر حبيب الصايغ الأمين العام للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب عشية سفره إلى دمشق، وبدا لي مستاء من ردود الأفعال الغاضبة التي بدأت تظهر في بعض وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، مؤكداً أن ثمة سوء فهم لما يحدث، ومبرراً الموقف كله بأن الاجتماعات دورية، وقد كان من المفترض أن تنعقد في دمشق منذ وقت طويل، ولكن تم تأجيل ذلك بضغط منه هو شخصياً إلى جانب أطراف أخرى. واستشهد باجتماعات دبي ثم الجزائر، حيث كان كل منهما بديلاً عن دمشق في الأصل، ما يثبت أنه سعى قدر استطاعته لإبعاد دمشق.. ثم أضاف أنه لم ينجح هذه المرة، وأن النظام السوري تمكن من إقناع الأغلبية بعدم الموافقة على التأجيل أكثر من ذلك..

ثم سألني: هل تعرف عني أنني مع بشار الأسد؟.. وأجبته: لا.. لكنني اقترحت عليه لتأكيد هذا الموقف أن يسافر إلى دمشق بمفرده، ودون أن يصطحب معه وفداً من الإمارات، فقد يساعد ذلك في إيصال رسالة يفهم منها أن حبيب الصايغ متحفظ على المشاركة، لكن موقعه يفرضها عليه بحكم أكثرية الأصوات داخل الاتحاد.. غير أن حسابات الأمين العام كانت مختلفة كما يبدو، وكان أن ذهب بوفد كامل فأشعر النظام بأنه منتصر، وأنه فرض على الجميع أن يعترفوا به، ويزوروه في عقر داره..

يستطرد شكير في بيانه: شخصياً - وأقولها بكل أمانة - لا أشك في أن الأمين العام ليس من أنصار هذا النظام.. لكنني أستنكر بشدة حساباته الضيقة التي قادته إلى هذا المأزق، حيث بدا ضعيفاً أمام بعض الإرادات المشبوهة، فاستسلم لها، وأتاح لها أن تتاجر بحضوره وحضور الوفد المرافق له، كما هي عادتها في المتاجرة بكل شيء.. بما في ذلك فلسطين، والعروبة، والمقاومة، وسواها مما سيسمعه يتردد كثيراً أثناء إقامته في دمشق.

يبقى الثابت لديّ أن هذه الخطوة لا تعبر عن ضمير الكاتب الإماراتي إطلاقاً، ودليلي على ذلك وسائل إعلام إماراتية بدأت تنقل تصريحات لمثقفين إماراتيين يدينون فيها ما جرى، ويؤكدون أنه لا يعبر عنهم، ولا عن الإمارات.. وبالنسبة لي فإن نبل هؤلاء يحتّم عليّ أن أحييهم، وأتضامن معهم، وأن أستنكر الخطوة التي جرت.. ولكي أعفي نفسي من أي حرج فإنني أعلن اعتذاري عن الاستمرار في مهمتي منسّقاً إعلامياً في اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، كما عن جميع المهام الأخرى. وإعلاني لهذا الاعتذار هنا، لا بطريق رسمي، يأتي ليكون ملزماً لي بعد أن كنت قد تقدّمت به أكثر من مرة وعلى خلفية مواقف إشكالية مشابهة، وكان يتمّ طيّه دائماً بمبادرة من حبيب الصايغ نفسه لأسباب لها علاقة بفروسيته ونبله.. صفتان أشهد له بهما على المستوى الشخصي، وإن كنت أتحفظ بشدّة على طريقته الخاصة في إدارة شؤون الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، والتي قامت على حسابات مغلوطة لشديد الأسف اضطر معها للخضوع إلى قوى داخل الاتحاد يعرف هو قبل غيره مقدار زيفها وانتهازيتها وتصنّعها وخيانتها لقيم الحرية والجمال والسلام التي تدّعيها.. مؤكّداً قبل ذلك كلّه وبعده تمسكي واعتزازي بصداقته.. وراجياً لمن يليني في تولّي مهامّي كل التوفيق..

 

اقرأ أيضًا:

فنان مصري أثار الجدل.. أعلن تعاطفه مع السوريين ثم زار النظام في عقر داره!

بالفيديو.. فنانة مصرية تمدح نظام الأسد: "كل مشاهد القتل التي تنشر عن سوريا مفبركة"

 "المثقفون العرب والتراث".. قراءة جورج طرابيشي الاستثنائية




معرض الصور