المزيد  
واشنطن تؤكد استعدادها لدعم تركيا فيما يخص إدلب
ميلشيا الحشد الشعبي العراقي يرسل مقاتليه إلى خطوط الجبهة في إدلب
عميد كلية الطب بدمشق: أكثر من 150 ألف حالة إصابة بـ "كورونا" في دمشق وحدها
بينهم قتلى من الحرس الثوري.. غارات على مواقع للميليشيات الإيرانية بدير الزور
ميشيل عون: وجود السوريين في لبنان "عبئاً كبيراً" .. ونطلب مساعدة "الهجرة الدولية" لإعادتهم
آلاف العناصر من "داعش" لا يزالون يتحركون بحرية تامة بين سوريا والعراق
مشافي حلب تعاني من نفاد أكياس الجثث بسبب فيروس "كورونا"
وفد المعارضة لـ "أنا برس": تم إلغاء أعمال اللجنة الدستورية بسبب اكتشاف 3 حالات بـ "كورونا"

برنارد لويس.. مؤرخ الشرق الأوسط

 
   
11:11

http://anapress.net/a/17742390838503
1077
مشاهدة


برنارد لويس.. مؤرخ الشرق الأوسط
برنارد لويس

حجم الخط:

"مؤرخ الشرق الأوسط"، "بطريرك الاستشراق"، "مهندس تقسيم دول الشرق الأوسط".. ألقاب عدة نالها المؤرخ والمستشرق الراحل برنارد لويس، الذي وافته المنية أمس عن عمر ناهز عام بعد المائة، مخلفًا العديد من الكتب والمقالات الهامة التي كثيرًا ما احتدم الجدل حولها واستعر النقاش بشأن منطقها ومنطلقاتها.

ولد برنارد لويس  في مايو (آيار) 1916م،  لأسرة يهودية من لندن، اهتم بدراسة التاريخ واللغات باكرًا، درس في جامعات باريس ولندن،  وتخرج عام 1936 في كلية الدراسات الشرقية والإفريقية (SOAS) في جامعة لندن متخصصًا في تاريخ الشرق الأدنى والأوسط، وبعد ثلاث سنوات نال درجة الدكتوراة متخصصًا في تاريخ الإسلام.

أتقن لويس العديد من اللغات منها العبرية والعربية والآرامية والفارسية والتركية. وعمل في كلية الدراسات الشرقية عام 1938 كأستاذ مساعد للدراسات الإسلامية، ثم عمل في الاستخبارات البريطانية في الشرق الأوسط خلال فترة الحرب العالمية الثانية، وما بين عامي 1949 و1974 عمل كأستاذ لتاريخ الشرق الأدنى والأوسط في كلية الدراسات الشرقية. كان له مكانة هامة في أوساط الساسة الإسرائيليين والبربطانيين والأمريكيين؛ إذ استقبلته رئيسة الإسرائيلية غولدا مائير، وأولته المخابرات البريطانية اهتماما خاصًا فضلًا عن الاهتمام الأمريكي به وقتما عمل بالتدريس في جامعة برنستون عام 1974.

مواقف جريئة

"كن قاسياً أو أخرج" عبارة اشتهر بها لويس إلى الحد الذي جعل البعض يطلق عليها "مذهب لويس"  وكانت هذه العبارة هي رسالته لأمريكا عام 2001 بشأن الشرق الأوسط، إذ حذر من أن المنطقة بأكملها تغرق في بئر من الكراهية والغضب ما قد يعني أن المفجر الانتحاري قد يكون هو رمز  المنطقة العربية إن لم يكن هناك تدخلًا حاسمًا، ووصفت صحيفة وول ستريت جورنال عبارة لويس بـ "زرع الديمقراطية في دول الشرق الأوسط الفاشلة للتصدي للإرهاب".

من مواقفه الشهيرة أيضًا، إنكاره لمذابح الأرمن التي ارتكبتها الدولة العثمانية خلال الحرب العالمية الأولى

وقال لويس في حديث إذاعي عقب هجمات الحادي عشر من سبتمبر: "لا يمكن أن تكون غنيا وقويا وناجحا ومحبوبا وخاصة من جانب أولئك الذين يفتقدون للقوة والثراء والنجاح لذلك فإن الكراهية شيء بديهي. والسؤال يجب أن يكون هو لماذا لا يحبوننا أو يحترموننا؟"

من مواقفه الشهيرة أيضًا، إنكاره لمذابح الأرمن، التي ارتكبتها الدولة العثمانية خلال الحرب العالمية الأولى، رافضًا أن يطلق عليها "مجزرة" مكتفيًا بوصفها "أعمال مؤسفة أودت بحياة أتراك وأرمن على حد سواء". وهو الموقف الذي حوكم في فرنسا بسببه.

مؤلفات

"أردت عام 1938 أن أصبح مؤرخا لأنني أردت رؤية التاريخ من الجانب الآخر. وبعد عقود طويلة قضيتها في الظل مؤثرا على الأحداث بهدوء وجدت نفسي في السنوات الأخيرة على الجانب الآخر.. في الضوء" هكذا صرح لويس الذي كتب ما يربو 30 كتابًا فضلًا عن الكثير من المقالات والمحاضرات.

من أبرز مؤلفاته: "الخطاب السياسي للإسلام" و"العرب في التاريخ" و"الإسلام في أزمة" و"الإسلام والعلمانية"، اهتم لويس في مؤلفاته بتسليط الضوء على التاريخ الإسلامي فركز في موضوع بحثه لرسالة الدكتوراة على الفرق الإسلامية ثم درس التاريخ العثماني والتركي، وشرع فيما بعد في الكتابة عن العلاقة ما بين الإسلام والغرب والحركات الإسلامية والأصوليات.

"أين يكمن الخطأ؟" هو عنوان كتابه الذي أصدره أحداث 11 أيلول 2001،  والذي يقول في مقدمته: أن جوهر كتابه هو السؤال الذي يطرحه الناس في العالم الإسلامي وخاصة في الشرق الأوسط، بعد احتكاكهم بالغرب، على أنفسهم عن سبب تخلفهم عن الغرب، متسائلين: أين يكمن الخطأ ؟ ويلخص العلاقة بين الطرفين على أنّها حرب مستمرة بين المسلمين والمسيحيين.

حاول لويس من خلال الكتاب تفسير التطور الاقتصادي في الغرب مقابل التخلف في الشرق بقوله: "في الغرب يجني أحدهم المال في السوق لاستخدامه في شراء السلطة أو النفوذ, أما في الشرق فيستغل أحدهم السلطة ويستخدمها لجني المال, لا يوجد فارق أخلاقي بين الاثنين، لكن تأثير كلٍ منهما على الاقتصاد وعلى نظام الحكم مختلف جداً"، وانطلق من خلال فصول الكتاب المتتابعة نحو معرفة الاختلاف في معالجة المسائل العسكرية والاقتصادية ما بين الشرق والغرب، وما بين المجتمعين الإسلامي والغربي.

في عام 2003  أصدر لويس كتاب "أزمة الإسلام"  وفي مقدمته أورد لويس أربع خرائط للعالم الإسلامي هم: عصر الخلفاء منذ ظهور الدعوة وحتى العصر الأموي، ثم الإمبراطورية العثمانية وهي الامتداد الجغرافي للدولة الإسلامية منذ عام 1300 حتى 1683، والخريطة الثالثة هي عصر الإمبريالية والتي تتضمن التقسيمات الاستعمارية للتركة العثمانية ثم أخيرًا مرحلة الشرق الأوسط الحديث. (اقرأ أيضًا: مطاع صفدي.. الثائر المحترف).

يقول لويس في كتابه: " أغلب المسلمين ليسوا أصوليين، وأغلب الأصوليين ليسوا إرهابيين، لكن أغلب إرهابيى اليوم مسلمون"، وفيه اتجه إلى رصد الصراعات في المجتمعات الإسلامية محللًا الأفكار التي ينطلق منها الأصوليون في صراعهم مع الغرب مبينًا أن الأصوليين في  سعي مستمر للتشبث بالشريعة الإسلامية، والصراع ما بين الموالين للغرب والمناهضين له هو ما سيقرر مستقبًا مكانة العالم الإسلامي.

كان للويس العديد من المقالات السياسية الهامة التي ضمت في كتاب له بعنوان "من بابل إلى التراجمة: تفسير الشرق الأوسط "  ومنها مقال يفسر فيه أسباب كراهية العرب والمسلمين لأمريكا بقوله: "لقرون طويلة كان الإسلام هو أعظم الحضارات على وجه الأرض - كان هو الأغنى والأقوى والأكثر إبداعًا في أي حقل مهم من حقول النشاط الإنساني. وكانت الجيوش الإسلامية والمعلمون والتجار يتقدمون صوب كل جبهة في آسيا وإفريقيا, وفي أوربا، حاملين معهم - كما رأوا - الحضارة والدين للبرابرة الكفار المقيمين خارج الحدود الإسلامية، ثم تغير كل شيء، وبدلاً من غزوهم للمسيحيين والهيمنة عليهم، غزتهم القوى المسيحية وهيمنت عليهم. وشعور الإحباط والغضب الذي نجم عن ذلك, تجاه ما رأوا أنه قلب للناموس الطبيعي والإلهي, تنامى عبر قرون عديدة, حتى بلغ الذروة في أيامنا هذه".

توقعاته

في كتابه "مستقبل الشرق الأوسط" وضع لويس عددًا من التوقعات التي تحقق الكثير منها خصوصًا إيان ثورات الربيع العربي، منها تنبؤاته بأن "الدول العربية هي الأكثر تعرضا لخطر التفكك وإنها ليست الوحيدة، فالاتجاه نحو التفكك سيزداد بتشجيع من الشعور الإثني والشعور الطائفي المتناميين، وقد تسربت الفكرة المغرية بحق تقرير المصير الى عدد من الاقليات الاثنية التي لم تعد تكتفي بوضعها السابق" وهو ما تشهده دول عربية حاليًا.

توقع لويس أيضًا أن يتزايد النفوذ الأميركي بشكل كبير فيما سيتضاءل الدور الروسي في الشرق الأوسط، وهو ما سيقابله صعود في نظريات تآمرية ضد إسرائيل والغرب بشكل عام. هذا التوقع بخروج روسيا من دائرة التأثير هو واحد من التوقعات غير الصائبة التي أطلقها لويس والتي شهدت السنوات التالية لصدور كتابه تحقق عكسي لها. (اقرأ أيضًا: "من النهضة إلى الردة".. تحليل جورج طرابيشي لأزمات الثقافة العربية).

من جهة أخرى، توقع لويس أن تشهد منطقة الشرق الأوسط حروبًا حول قضيتي النفط والماء، خصوصًا مع قرب انتهاء المخزون النفطي الإيراني الذي قد يدفع إيران لمحاولة السيطرة على مصادر الحقول النفطية، أيضًا توقعاته بشأن حدوث الكثير من الاضطرابات في المنطقة بسبب المياة العذبة لكنه توقع أيضًا إمكانية حدوث تسويات عادلة.

في مقابلة له بعد عامين من قيام الثورات العربية، توقع لويس أن تقدم الانتخابات العادلة في الدول العربية فرصًا كبيرة لصعود تيارات الإسلام السياسي، بسبب تغلغلهم الكبير في مجتمعاتهم، وهو ما تحقق بالفعل في أكثر من دولة عربية في أول انتخابات عقب الثورات.

توقع لويس إمكانية أن تساعد عوامل ثلاثة في تحويل الشرق الأوسط هي تركيا، اسرائيل، والنساء، يقول لويس: "لو سمح للنساء أن يلعبن دورا أساسيا في إدخال الشرق الأوسط في عصر جديد من التطور المادي والتقدم العلمي والتحرر الاجتماعي السياسي فمن بين جميع سكان الشرق الأوسط تملك النساء أكبر مصلحة في التحرر الاجتماعي والسياسي".

 

قيل عنه

في  مقالات نقدية تحدث الدكتور عبد اللطيف الطيباوي عن مغالطات منهج لويس بقوله: "درّس التاريخ الإسلامي طيلة حياته إلا أنه نادراً ما يحرر نفسه من تعصبه اليهودي إذا ما تعامل مع الماضي. وعندما يغامر بالكتابة في الموضوعات السياسية المعاصرة المثيرة للجدل-وهو غالباً ما يفعل ذلك- فإنه يظهر لنا بوضوح أنه صهيوني متحمس، كما بيّن عددًا من المغالطات المنهجية لديه ومنها عدم التوثيق في الأمور المهمة، ادعاء معرفة لغات أجنبية لا يعرفها، استخدام أسلوب الشك والتعمية.

في كتابه "الاستشراق" قال إدوار سعيد عن برنارد لويس: "أن تبحث عن حكم عادل وواع وصحيح فيما كتبه لويس حول الإسلام معناه أن تبحث بلا جدوى. إنه يفضل أسلوب الاقتراح والغمز والتلميح"، وقوله أيضًا: " جوهر الايديولوجيا التي يؤمن بها لويس في موضوع الإسلام هو أن الأخير لن يتغيّر أبداً وأن كل مقاربة سياسية أو تاريخية أو جامعية للمسلمين يجب أن تمرّ وتنتهي بحقيقة أنّ المسلمين هم مسلمون".