http://anapress.net/a/271936972230262
ستة أعوام وما تزال رياح الحرب في سوريا تعصف بالأهالي وخاصة في تلك المناطق الخارجة عن سيطرة قوات الأسد من خلال تركيز آلة الحرب والدمار على مدن بذلت ما بوسعها للتخلص من ظلم ديكتاتور عاث في البلد خراباً، لكن لم يكن أكثر المتشائمين يتوقع أن تصل الحال الى ما هو عليه الآن.
لم يستثن القصف والاستهداف المتكرر على تلك المناطق أي قطاع كان بدءًا من القطاع الخدمي والإغاثي ووصولاً إلى القطاع الطبي.
ولعل قصة المسعف عبد المجيد واكية أحد كوادر المشفى الميداني في مدينة تلبيسة وأحد الممرضين بداخله شاهدة على مدى الإجرام الذي لحق بهذه المهنة الإنسانية التي ساعدت وتساعد الجميع دون الرجوع أو النظر الى خلفياته الدينية أو المذهبية أو حتى الفصائلية.
وقال "أحمد الخالد" وهو صديق مقرب للمسعف "عبد المجيد" و الإعلامي داخل مشفى المدينة، عن عبد المجيد: هو من مواليد العام 1986 وخضع لعدة دورات تمريض ودخل كمتطوع في فريق الإسعاف.
وأضاف: عبد المجيد شارك منذ بداية الأحداث السورية في الحراك السلمي من خلال المظاهرات و الخروج في وقفات ممن أجل إيصال صوته إلى المجتمع الدولي ليشرح لهم بأسلوبه الخاص ما يعانيه الأهالي من قتل وتشريد، صوته الذي كانت إحدى القذائف كفيلة بإخماده بعد أن استهدفت سيارة الاسعاف التي كان عادة ما يخرج بها بعد أن تستهدف مدينته من أجل إسعاف الجرحى المصابين.
بتاريخ 16 يناير/ كانون الثاني الجاري تم استهداف مدينة تلبيسة من قبل الطيران الحربي الأمر الذي أودى بحياة ثمانية من المدنيين وإصابة العشرات، الذين تم نقلهم الى المشفى الميداني لتلقي العلاج وماهي سوى لحظات حتى بدأت القذائف المدفعية تستهدف الأحياء السكنية، وبدأت على إثرها نداءات الاستغاثة من قبل الأهالي لينتقل "عبد المجيد" من صالة المشفى المكتظة بالمصابين الى سيارة الاسعاف لنقل من تم استهدافهم بتلك الأحياء.
https://youtu.be/5jfa2TNpZjk
لم يعلم عبد المجيد أو كما هو متعارف عليه " أبو ميسرة" بأن هذه المحاولة الأخيرة له لإسعاف الأهالي إذ تم استهداف سيارة الإسعاف بإحدى القذائف المتفجرة والتي تسببت بإصابته والكادر الطبي معه بشكل مباشر.
https://youtu.be/Iq-Kqt09LcE
تم نقل عبد المجيد إلى غرفة العمليات لتلقي العلاج لكن إصابته كانت أكبر من تتحمل الوصول، جميع أصدقائه اصيبوا بالذهول لأنه ما لبث أن فارقهم لمدة 10 دقائق حتى عاد محمولاً اليهم جثة هامدة.
https://youtu.be/iCEPruP9yrk
عبد المجيد كان قد أعلن خطبته في الأول من يناير/ كانون الثاني الجاري ترك ورائه حزناً في قلب ذويه، لم ينتظر أن يزفه رفاقه وأقاربه الى عروسه، بل أثر الموت في سبيل قضية هو مؤمن بمبادئها ومؤمن بأن النصر سيكون حليفاً لشعب تكالبت عليه دول العالم ولم ينصفوا حرية ناشدها.
الجدير بالذكر بأن القطاع الطبي في معظم الأراضي السورية الخارجة عن سيطرة الأسد يتعرض لانتهاكات مستمرة من خلال استهداف التجمعات الطبية واعتبارها هدفاً مشروعاً لقوات الأسد وحلفائه وكان قد تعرض مشفى القدس في حلب ومشفى الزعفرانة في حمص ومشفى تل دو في الحولة لقصف بالطيران الحربي سبب بمقتل الطاقم الطبي بداخلها و أخرجها عن الخدمة بشكل تام.