http://anapress.net/a/32600367292111
"طفران يارب، منين بدي جيب حق الطبخة والله مابعرف يا ناس"، هذه ليست عبارة يردّدها متسوّل على أبواب المساجد، وليست أيضا لاستدرار عطف أحد، بل هي صرخة انطلقت من رحم المعاناة التي يعيشها السوريون كلّ يوم.
أحد المهجّرين قسريّاً من الغوطة الشرقيّة إلى الشمال السوري، لخّص معاناته في الجملة السابقة من خلال حالة كتبها على تطبيق واتساب، وهو ذاته الذي توفّى ابنه قبل أيّام، بسبب عجزه عن معالجته في المشافي الخاصّة.
هذا الرجل ليس الشخص الوحيد، أو الحالة الخاصّة في الشمال السوري، بل هو صوت الأغلبيّة الذين طالتهم المعاناة التي فرضها عليهم رأس النظام السوري "بشار الأسد" بعد إيغاله في القتل والتهجير (بحسب نشطاء حقوقيون في المنطقة).
بائع السجائر المتجوّل "أبو خالد" يقول لـ "أنا برس"، إنّه يعمل من الصباح وحتّى ساعة متأخّرة من الليل، إلا أنّ كل ما يجنيه لا يكاد يسدّ أجرة المنزل المرتفعة، فكيف يستطيع إطعام أطفاله الخمسة ووالده ووالته وزوجته، مستطرداً "الوضع صعب، وفي كثير من الأحيان أنفجر بالبكاء عندما لا أجد ثمن رغيف الخبز، هل تدرك ما أقول؟ عل تعرف معنى قهر الرجال؟"
بينما يقول "أحمد أبو الفوز" وهو أحد العاملين في الشأن الإنساني شمال سوريا، إنّ الأوضاع الإنسانيّة في الشمال السوري تحتاج لجهود كبيرة، جهود دول بكاملها حتّى نستطيع تغطيتها بالكامل، فالمنظّمات لا تستطيع تغطية كامل الاحتياجات، فالريف الشمالي تضاعفت أعداد قاطنيه إلى حد الانفجار.
ويعلّل لـ "أنا برس" سبب التضخّم السكّاني بعمليّات التهجير القسريّة التي فرضها "الأسد" على المدنيين في أغلب المحافظات السوريّة، فكلّ عمليّة تهجير تتسبّب بالمزيد من الكوارث الإنسانيّة، فضلاً عن ضغط أكبر على المنظّمات العاملة بهذا الشأن.
يرنّ الهاتف وما من مجيب، يرن الهاتف ثمّ يعطي مشغولا، وبعد عدّة محاولات، لا يجيبنا أي من العاملين في المنظّمات الإغاثيّة، ليبقى السؤال المعلّق برسم تلك المنظّمات، كم من شخص مثل هذا سيفقد فلذة كبده بسبب ضيق ذات اليد وغلاء أجور المستشفيات الخاصّة؟ وكم من أبي خالد سيبقى يبكي قهراً على أطفاله الجياع؟ من سيرحم هؤلاء ومن المسؤول عن ذلك؟