المزيد  
واشنطن تؤكد استعدادها لدعم تركيا فيما يخص إدلب
ميلشيا الحشد الشعبي العراقي يرسل مقاتليه إلى خطوط الجبهة في إدلب
عميد كلية الطب بدمشق: أكثر من 150 ألف حالة إصابة بـ "كورونا" في دمشق وحدها
بينهم قتلى من الحرس الثوري.. غارات على مواقع للميليشيات الإيرانية بدير الزور
ميشيل عون: وجود السوريين في لبنان "عبئاً كبيراً" .. ونطلب مساعدة "الهجرة الدولية" لإعادتهم
آلاف العناصر من "داعش" لا يزالون يتحركون بحرية تامة بين سوريا والعراق
مشافي حلب تعاني من نفاد أكياس الجثث بسبب فيروس "كورونا"
وفد المعارضة لـ "أنا برس": تم إلغاء أعمال اللجنة الدستورية بسبب اكتشاف 3 حالات بـ "كورونا"

مي سكاف.. روح الثورة السورية

 
   
17:27

http://anapress.net/a/248977360487670
602
مشاهدة


مي سكاف.. روح الثورة السورية
مي سكاف- أرشيفية

حجم الخط:

"لن أفقد الأمل.. لن أفقد الأمل.. إنها سوريا العظيمة وليست سوريا الأسد" .. كانت هذه هي الكلمات الأخيرة التي كتبتها الممثلة والناشطة السورية مي سكاف، التي وافتها المنية اليوم الاثنين في منزلها بباريس، عن عمر يناهز 49 عامًا بعد رحلة عامرة بالإبداع الفني والشموخ والمواقف الحاسمة والبطولية إلى جانب حق الشعب السوري في الحياة بكرامة وإنسانية وحقه في إسقاط الحكم الديكتاتوري الذي عانى منه لعقود ولا يزال يعاني.

تداولت الأخبار أسباب الوفاة المفاجئة لسكاف على أنها نتيجة لنوبة قلبية، إلا أن دوائر مقربة من سكاف شككت في أنها جاءت بصورة طبيعية، وينتظر حسم نتائج التحقيق حول أسباب الوفاة لمعرفة السبب الحقيقي وراء وفاة سكاف المفاجئة، والتي وصفتها صديقتها وقريبتها الكاتبة ديمة ونوس بأنها "رحلت في ظروف غامضة"، فيما يتم التلميح من بعض الدوائر المقربة إلى إمكانية أن تكون وفاة سكاف قد جاءت نتيجة لاغتيالها من قبل بعض العناصر التابعة للنظام السوري.

مي سكاف، الممثلة السورية، تعد أحد أبرز الوجوه المعارضة للنظام السوري والمؤيدة لثورة شعبها في نضاله ضد الديكتاتورية التي عصفت بوطنها سوريا وشعبها الذي باتت تتقاذفه ظروف الحرب، كانت لآخر نفس لها تعلن إيمانها بثورة سوريا العظيمة وحقه في حياة كريمة تتجاوز تلك الحياة التي عاشتها في ظل حكم الأسد الظالم والقاتل والمشرد لأهلها.

عانت سكاف طيلة حياتها جراء مواقفها المناهضة للنظام السوري والمؤيدة للثورة، تم اعتقالها مرتين، وعاشت في العاصمة الفرنسية منذ عام 2013 كلاجئة ناشطة في التوعية بحق الشعب السوري وحياة اللاجئين السوريين في أوروبا. لم تتوان سكاف عن مناصرة المعارضة السورية وحق الشعب السوري في الدفاع عن ثورته.

الفكرة لا تموت

في حوارها مع "أنا برس"، والذي أُجري قبل شهرين، كانت سكاف تؤكد على إيمانها الذي لا يتزعزع بالثورة السورية، قالت: "بقي من الثورة الشهداء والفكرة، والفكرة لا تموت، فكرة الثورة في داخلنا، ماذا أمامنا أن نفعل بعد كل هذا التخاذل الدولي تجاه الثورة السوريّة، بعد كل ما حدث من فواجع وقتل وكوارث، هل نصمت ويكون الثمن هو بقاء هذا الحاكم "الأرعن المستبد"؟ هنا السؤال، هل يمكن أن تعود سوريا إلى حظيرة الأسد؟ هل يمكن أن نكرر ما جرى في الثمانينات والإغلاق على ما جرى آنذاك بصفقة أمريكيّة إسرائيليّة؟ هل يمكن أن يبقى الحاكم؟ حتّى وإن حدث وبقي، فنحن أمامنا تاريخ يسجّل، حتّى لو بعد عشرات السنين سيأتي من يحمل راية الثورة، هذه هي ديالكتيكيّة الحياة، لن نسمح لهذا "الأرعن" أن يفلت من العقاب كما أفلت والده حافظ الأسد بعد مجازر الثمانينات.

لم تكن سكاف معنيّة بخساراتها في الحياة أو الفن طالما كان موقفها نبيلًا وداعمًا للحق الإنساني في الثورة والكرامة، تؤكد في حوارها مع "أنا برس": خلقت امرأة حرّة في عائلة حرّة، خلقت إنسانة ولست ممثلة، أنا ابنة عائلة رفضت قدريّة منظومة الحكم الواحد، أنا امرأة تربّت في عائلة تفكّر وتأخذ قرارًا مستقلًا، ولا تكون غنمة في قطيع، تتلمذت على يد سعدالله ونوس ووالدتي فيكتوريا عليان، كانت أمي تقول لجيراننا "إذا أردنا الخوف على أبنائنا فهذا يعني أننا نربّيهم على الجبن والذل، ومن يموت في سبيل الثوره ليس بأفضل من أبنائنا. (طالع/ي آخر حوار لـ "أنا برس" مع مي سكاف).

موهبة متقدّة

ولدت مي سكاف في إبريل عام 1969، درست الأدب الفرنسي في جامعة دمشق، وبدأت حياتها الفنية في المسرح إذ شاركت في أعمال مسرحية في الجامعة، ثم ظهرت في العديد من الأعمال التلفزيونية والسينمائية بدءًا من العام 1991، وهو العام الذي تم اختيارها فيه لبطولة فيلم "صهيل الجهات" للمخرج ماهر كدو، ثم اختارها المخرج عبد اللطيف عبد الحميد لبطولة فيلم "صعود المطر"، وأطلق عليها النقاد لقب "بطلة الأدوار الصعبة والمركبة".

 شاركت سكاف فيما يربو عن 30 مسلسلًا تلفزيزنيًا

على صعيد الأعمال التلفزيونية، فقد شاركت سكاف فيما يربو عن 30 مسلسلًا تلفزيزنيًا، ففي عام 1992 شاركت في مسلسل "جريمة في الذاكرة"، كما شاركت عام 2009 في مسلسل "أنا وإخوتي"، وكان ظهورها التلفزيوني الأول من خلال المخرج السوري نبيل المالح الذي اختارها لمسلسله "أسرار الشاشة"، كما شاركت في بطولة مسلسل "البواسل" للمخرج نجدت أنزور، ومع هند ميداني في مسلسل "بيت العيلة".

في السنوات العشر الأخيرة، كان لسكاف مشاركات في أعمال درامية بارزة منها "وعد الغريب"، "طوق الأسفلت"، "منبر الموتى"، "عمر"، "قيود روح"، "مواسم الخطر"، "زهرة النرجس". أمّا في المسرح فشاركت في "الموت والعذراء"، "سفينة الحب"، "النمور".

في أحد حواراتها القديمة قالت سكاف: "يجب ألا يقف الفنان عند دور معين إن كان دورًا ناجحًا أو فاشلاً، يجب أن يتجاوز نفسه وقدراته إلى الأفضل، وأن يعيش منطلقًا مع الجديد في حالة من التحدي الإيجابي".

معهد تياترو

في عام 2004 أسست سكاف “معهد تياترو” لفنون الأداء المسرحي في صالةٍ صغيرة في “ساحة الشهبندر”، وسط دمشق، وتم نقله فيما بعد  إلى "ساحة القنوات" بسبب ضيق المساحة، تحول المكان إلى معهد ثقلفي يُقدم الدعم للفرق المسرحية الشابة، ويقدم العديد من الأنشطة الفنية والمسرحية بدعم من جهات أهلية واجتماعية.

وداعًا مي

حلّ خبر وفاة مي سكاف كالفاجعة في قلوب السوريين، كانت مي بالنسبة لكثير منهم أيقونة للثورة وأمل معبر عن تطلعات هذا الشعب، هذا الأمل الذي خفت ويخفت مع كل رحيل لرمز من رموز هذه الثورة كان سببًا في صدور كثير من بيانات النعي من قبل المثقفين والفنانين.  كتب المترجم والكاتب السوري بدر الدين عرودكي ناعيًا سكاف: "عندما التقيتك للمرة الاولى بباريس، وكنت اشعر انني اعرف خفقان القلب الذي تطويه، رأيت في عينيك الام سورية وآمالها معًا.. فكيف لا تكوني أيقونتها؟".

وعلق القاص السوري على خبر وفاتها بقوله: " أتعبت الطاغية ولم تتعب.. وداعاً يا صديقتنا الكبيرة، وداعاً مي سكاف". فيما كتبت الأكاديمية والكاتبة آراء الجرماني: "شكرا للموت وليس للحمقى.. مي سكاف اليوم والبقية تأتي.. حزينة أنا كحال كل من أحب الثورة السورية وأحب أصوات من خرجوا ينادون بإسقاط نظام الأسد.. ويحلمون بالعدالة..حزينة لموتها وحزينة بسبب الحمقى الذين لا يقولوا كلمة طيبة بحق من اصطفوا مع ثورتنا إلا إن صفعهم الموت! الحمقى الذين ينكشون عقولهم باحثين عن السيء بشركاء ثورتهم أثناء حياتهم فيدونونه ويشيدون فوقه ابراجا من كراهية".

وعلق الكاتب السوري نجم الدين السمان بقوله: " يا إلهي.. لماذا تخطف المبدعين والشرفاء من بيننا؛ وتترك لنا القتلة والشبيحة وأمراء الحرب والسماسرة؟!. وداعاً.. مي سكاف".




كلمات مفتاحية