http://anapress.net/a/246108567192145
فرضت الثورة السورية منذ انطلاقتها على أصحاب الكفاءات العلمية والطبية في الكثير من الأحيان أن يقفوا إلى جانب واحد في ظلّ الصراع الدائر منذ مطلع العام 2011 ليجبروا على اثرها بالبقاء في المناطق التي تشهد حاجة ملموسة لخبراتهم وجهودهم لاسيما بعد أن اتّخذت الأحداث الطابع المسلح ما أسفر عن سقوط جرحى بين الأهالي بفعل القصف المتبادل من قبل طرفي الصراع.
العاملون في المهنة الأكثر إنسانية في العالم "الطب" وقعت على عاتقهم مسؤوليات كبيرة عرّضت حياتهم للخطر في الكثير من الأحيان بعدما "أجبروا مهنياً واخلاقياً" على البقاء في دائرة الصراع والاشتباكات للقيام بواجبهم الإنساني، فضلاً عن ملاحقة معظم العاملين في القطاع الطبي "أمنياً" من قبل أجهزة المخابرات وغيرها من مرتّبات قوات الأسد إلا انهم آثروا البقاء في المكان الذي يحتاج جهودهم للحفاظ بالقدر المستطاع على حياة المدنيين في ظل فقدان أي منشأة طبية في المناطق الخارجة عن سيطرة الأسد داخل سوريا.
وبحسب ما أفاد به مدير الصحة الحرة في محافظة حمص الدكتور "طلال مردود" لـ "أنا برس" فقد كانت سوريا تعاني من تراجع في عدد الأطباء قبل اندلاع الثورة، ومع انطلاق الثورة السورية وكان الطبيب الذي يعمل على إسعاف جرحى المظاهرات ممن يستهدفهم الأمن بالرصاص، هو أكبر عدو للنظام، وعلى قائمة المطلوبين لديه. وكان من يحمل حقيبة طبية أو يحوز على القليل من الأدوية ”أخطر على النظام ممن يحمل السلاح“
وأغلب المناطق المحررة كانت تعاني من نقص في الأدوية بمختلف أنواعها، وكذلك الأجهزة الطبية، ونزيف يومي ومستمر للكوادر الطبية بمختلف تخصصاتها، وزاد المأساة دخول طيران روسيا على الخط حيث شكلت المستشفيات والمراكز الصحية أهم أهدافه غير مكترث بالقانون الدولي والمنظمات الدولية العاملة على الأرض،
وأضاف الدكتور طلال: لعل الحالة التي وصل إليها آلاف السوريين في المناطق المحررة، كان وراءه جهات هدفها ألا يقوم للقطاع الطبي في المناطق المحررة قائمة، فكانت المستشفيات والأطباء وسيارات الإسعاف والمراكز الصحية أهدافا مباشرة ومسار َح الأعمال العسكرية والقصف المنظم.
وأضاف: في الوقت ذاته أن أبرز معوقات نهوض الواقع الطبي ليواكب حجم المأساة السورية في ظل غياب أبرز مقوماته، وضمن بيئة عمل تصنف الأخطر عالميًا بسبب القصف العشوائي والمعارك الدائرة على مدار الساعة يمكن تلخيصها فيما يلي:
1ـ نقص الكادر الطبي وخصوصا الأطباء الجراحين والعينية
2ـ نقص الأجهزة الطبية النوعية
3ـ صعوبة إدخال المواد الطبية والأدوية بسبب الحصار من قبل قوات النظام
4ـ الاستهداف المتكرر للمنشآت الطبية
5ـ عدم وجود كليات طبية من أجل سد الحاجة بالتخصصات
وكان للمؤسسات الصحية الجديدة (مديريات صحة ومراكز طبية) نوعا من العمل التنظيمي بحيث تمكنت مديريات الصحة في المناطق المحررة من ربط جميع المشافي والمراكز الطبية بجسم واحد من خلال التنسيق بينهم، حيث عملت مديريات الصحة على تلبية بعض الاحتياجات للمشافي والمراكز الطبية،
واخختم مدير الصحة الحرة في حمص حديثه بالقول "ويزداد العجز بشكل مستمر ولا يمكن إيقافه، إلا من خلال إعادة تفعيل مؤسسات التعليم الطبي، مثل كليات الطب البشري والصيدلة والأسنان وتوفير الظروف الملائمة لعمل هذه الكوادر.