http://anapress.net/a/241323964988730
يبدو أن محادثات الاستانة وكما يرى الكثيرون بقدر ما هي مشاورات للتوصل لتثبيت قرار وقف إطلاق النار في سوريا، هي بنفس الوقت محطة هامة جدًا بالنسبة لروسيا التي تبحث عن دور لها في المنطقة والعالم، ولتثبت أنها مازالت قوة عظمى وضاربة؛ لذلك يرى كثير من المراقبين أن الاستانة ستنجح لأن الإرادة الروسية تريد لها النجاح، ورغمًا عن موقف أطراف النزاع.
قال الخبير بالشأنين التركي والروسي الدكتور باسل الحاج جاسم لـ "أنا برس": الدعوة إلى أستانة كانت بمبادرة روسية بالتوافق مع تركيا، وهذه أول مرة في التاريخ الحديث تختار مدينة لاستضافة حدث عالمي هو المحادثات السورية بعيدًا عن العواصم الغربية التقليدية والتي ظلت طويلا تحتكر كل الفعاليات الدولية.
وأوضح الحاج جاسم أن اختيار بوتين أستانة لم يكن بعيدًا عن ما يثار بين الحين و الآخر حول رغبة زعيم الكرملين رسم خارطة سياسية جديدة للعالم وكسر الاحتكار الغربي الذي تتصدره واشنطن على كل القضايا العالمية، مردفًا "في الحقيقة سوريا اليوم هي ساحة الاختبار لهذه الإرادة الروسية، والتي يبدو أنها ستمر عبر بوابة أستانة الكازاخستانية".
وأشار إلى أن نتائج مباحثات أستانة سوف تكون قاعدة لأي تحرك مقبل سواء في إطار جنيف أو ربما يكون هناك أستانة 2 وربما أكثر، بالإضافة لانعكاس ذلك على الخارطة العسكرية باعتبار أن قادة الفصائل العسكرية يشاركون في أستانة وهو ما يعطيها ميزة وآفاق تختلف عن كل المحادثات التي سبقت و ما بعدها حتما ليس كما قبلها.
نجاح أستانة –وفق جاسم- يعني نجاح موسكو بشراكة تركية؛ فموسكو أصلا لا تريد الانفراد بالمنطقة وربما هي غير قادرة على ذلك. هي تريد أن تحمي مصالحها ويأخذ الآخرون ذلك بعين الاعتبار؛ لذلك نراها تصر دوما على دعوة واشنطن إلى كل المنابر.
وبسؤاله حول ما إذا حصلت موسكو على ما تريد، وخاصة بعد الاتفاق الأخير الخاص بميناء طرطوس؟ أفاد الحاج جاسم بأن هذه الاتفاقيات كان يمكن لموسكو الحصول عليها في أي ظروف، فتواجدها في طرطوس ليس جديدًا. إن ما تريده موسكو هو الاعتراف بها كلاعب أساسي وشريك في الساحة الدولية. باختصار موسكو الروسية تريد أن تلعب دور موسكو السوفياتية على الساحة الدولية.
وإلى ذلك، قال المحلل السياسي حسام نجار لـ "أنا برس": البداية ما هي احتمالات نجاح أستانة؟ فعندما نعرف فرص نجاح أستانة والنقاط التي سيتم التركيز عليها نبني عندها حجم السياسة الروسية في المنطقة والعالم برمته، فالمعلن عن مؤتمر أستانة أنه لوقف وتثبيت إطلاق النار بين الطرفين الفصائل الثورية والعصابة الأسدية وتوابعها، ما هي ضمانات تثبيت وقف إطلاق النار هل سيتم معاقبة من يخترق هذا الوقف أم سيترك دون عقاب؟
وأوضح النجار أن نجاح أستانة مرتبط بالتنفيذ لوقف إطلاق النار فقط ولا يتعدى سوى مرحلة تفريغ ما حول دمشق من الفصائل الثورية، ومن ثم العودة للتهجير القسري والبدء بالخطة الاحتياطية الفيدراليات والتي من الممكن البحث بجزء منها الآن بأستانة، مثال ذلك أن تقول موسكو للفصائل تابعوا ما تم في إدلب من موضوع المجالس المحلية وتسلم الحياة العامة من قبل المدنيين ليتم تعميمها لاحقاً على بقية المناطق
وتابع: للعلم روسيا وعلى لسان شخصية دبلوماسية رفيعة قال نحن نتمنى أن يكون في سورية نظام يشبه الدولة الروسية الاتحادية التي تعتمد على الجمهوريات المتعددة داخل الدولية الاتحادية، والمصالح الروسية لا تقتصر على القواعد، روسيا لا تريد في سوريا دولة معادية لها أو لنقل تسير على غير منهجها، مؤكدًا أن روسيا تريد من سوريا أبعد من القواعد وأبعد العسكرة هناك خمسة مصالح روسية في سورية متعددة الأوجه، والأستانة -كما قلنا- وقف إطلاق النار ودراسة طلبات الفصائل و ما لديهم من أفكار.
واختتم النجار حديثه لـ "أنا برس" بقوله: من الواضح أن مصالح روسيا الظاهرة للعلن هي العسكرية من خلال تواجدها بالقاعدة العسكرية في طرطوس والآن في مطار حميميم ومطار التيفور ومطار كويرس والقناة المائية بين جبلة واللاذقية المخصصة للغواصة النووية الروسية. كذلك الناحية الاقتصادية بالغاز والنفط مع آبار الساحل السوري وتوريدها لأوروبا عبر تركيا.. الناحية الثالثة هي السيطرة على توريدات السلاح لسوريا. والرابعة الوجود الاستراتيجي للروس في موقعها جيوسياسي هام كسورية ضروري جداً لأن الروس خرجوا من جميع الدول في المنطقة بخفي حنين. الناحية الأخيرة لا تريد وجود حكومة مناهضة لها أو تسير في الركب الأمريكي في سوريا، بالخلاصة عبارة عن نفوذ متعدد الوجوه بالمنطقة وسوريا الوحيدة التي تستطيع تأمين هذا لهم.