http://anapress.net/a/140420468274915
أفرزت الأحداث الدائرة في سوريا الكثير من الآثار السلبية على حياة من تبقى من سكانها أجبرت المواطن على التأقلم معها مجبراً لا مطاوعاً بسبب ظروف الحرب القاهرة وهجرة الأدمغة وأصحاب الخبرات منها، كان من بينها افتتاح عشرات الصيدليات من قبل أشخاص بعيدين عن المجال الطبي ولا يملكون الخبرة في هذا المجال.
الصيدليات غير المرخصة أو دكاكين بيع الأدوية كما بات يطلق عليها سكان المناطق المحررة انتشرت بشكل كبير في ظل الأحداث التي تمر بها البلاد، بسبب الفوضى الكبيرة والغياب التام للرقابة على المجال الطبي الذي يعد من أهم المجالات التي يجب الوقوف عندها مطولاً.
فقد انتشرت الصيدليات غير المرخصة التي يقوم عليها أشخاص غير مجازين بعضهم مثقف بشهادة بعيدة عن المجال الطبي وبعضهم الآخر لا تتعدى ثقافته الثانوية، باتت تشكل مخاوف كبيرة لدى سكان ريف ادلب التي انتشرت فيها هذه الصيدليات بنسبة تجاوزت الـ 40%، وكثيراً ما ارتكب هؤلاء أخطاءً قاتلة أودت بحياة أناس أبرياء.
يقول أحد أبناء المحافظة "محمد الأحمد" في تعليق هذا الموضوع "أخي شاب في الثلاثين من عمره ويعاني من مرض الربو منذ أعوام وكثيراً ما تأتيه نوبات شديدة تسفر عن ضيق في التنفس كنا نقوم بإسعافه إلى الصيدليات لأخذ حقنة دوائية سريعة، وفي أحد المرات توجه إلى أحد دكاكين بيع الأدوية التي تم افتتاحها من قبل شخص بعيد كل البعد عن مهنة الطب، وقام بإعطائه حقنة أدت إلى وفاته بعد ساعة، قمنا بتقديم شكوى للمحكمة الشرعية في المنطقة وكانت عقوبته غرامة مالية وإغلاق الصيدلية فحسب".
بات الصيادلة المرخصون من أكثر من تأثر في الموضوع مادياً ومعنوياً، حيث بات معظم الناس ينظرون لهم نظرة الإستغباء بسبب الأخطاء القاتلة التي يرتكبها أولئك متناسين التمييز بين هذا وذاك، كما أن انتشار الصيدليات الكبير قلل من عملهم وتراجع بشكل ملحوظ.
وفي تصريح من قبل الصيدلاني "موسى" لـ "أنا برس يقول: "دراسة خمسة أعوام في الجامعة اختصرها هؤلاء بمعهد انكليزي أو شهادة صغيرة أو بدون شهادة أصلاً من قبل البعض، ما أفرز تبعات سلبية كبية عادت علينا نحن الصيادلة بالدرجة الأولى، بسبب تراجع سمعة مهنتا أولا أو بسبب ضعف وتراجع العمل ثانية، ففي قريتنا مثلاً قبل الثورة كان هناك ثلاث صيدليات فقط معروفة كنت من بينها، أما حالياً فالقرية تعج بأكثر من عشر صيدليات اثنتان منها أصحابها مجازون وما تبقى ممن تعدوا على المهنة".
يضيف موسى: "تقدمنا بعدة شكاوى إلى مديرية الصحة الحرة التابعة للحكومة المؤقتة للنظر في الموضوع ووضع حدّ للموضوع، إلا أن النتائج وكما العادة لم تتعدّ الوعود التي لم تنفذ ولم يصدر عنها اي تصرّف رغم أنّها نصّبت نفسها المسؤولة عن الموضوع وعن كل الأمور الطبية في المناطق المحررة".
إن تسليط الضوء على الموضوع الطبي من أحوج الأمور التي يجب التركيز عليها من قبل كل الجهات المعنية وغير المعنية فالبلاد تمرّ حالياً بحرب تدخلت فيها دول العالم كله، والمدنيون الضعفاء هم من يحصد ثمارها كما العادة، ما جعل المجال الطبي أهم المجالات الحياتية في هذا الوضع حيث وجب تقديمه على العسكرة، فلا يجب أن تَفسد مهنة الطب وإنما يجب رغم الفوضى والحرب الحزم في هذا الموضوع واجبار أصحاب النفوس الضعيفة على العودة إلى الطريق القويم وترك هذا العمل لأهله.