محللون يرصدون لـ "أنا برس" تداعيات سيطرة "تحرير الشام" على إدلب

في خضم الأحداث المتسارعة التي حدثت وتحدث على الأرض السورية عموماً وإدلب خصوصاً، هل ما تم التوصل له من اتفاق خفض التصعيد في الجنوب وباقي المناطق والاتفاق الامريكي بوقف الدعم عن المعارضة المعتدلة والاقتتال الذي جرى في ادلب بين احرار الشام وهيئة تحرير الشام ومن ثم سيطرة الأخير على ادلب كل هذه الأمور هل تتم بمعزل عن بعضها أم أنها تسير بخطى متواكبة أو متسلسلة.

يبدو أن هذه الخطوات هي خطوات متسلسلة كما يرى الكثير من المراقبين، لذلك ما يجري في ادلب وما سيجري ليس بمعزل عما حدث في مناطق أخرى من سوريا. فهل سيطرة هيئة تحرير الشام على ادلب في هذا التوقيت هو للبحث عن تسوية يخرجها من مأزقها أم سيحول مدينة ادلب إلى موصل أخرى؟

يقول الباحث والمحلل السياسي أحمد الرمح لـ "أنا برس": إن هيئة تحرير الشام  أصبحت تعلم جيداً أن بقائها غير مسموح به دولياً رغم الدعم القطري لها من تحت الطاولة، لذلك هي تريد أن تسيطر على أكبر رقعة وتضغط على تركيا من خلال قتالها لأحرار الشام لكي تدخل في تسوية ما تنقذها من المحرقة

ويؤكد أن هناك جهود كبيرة من تركيا لإنقاذ ادلب، وعدم تحويلها إلى موصل أخر تحت ضربات التحالف الدولي بذريعة محاربة الإرهاب، وبالنسبة لهيئة تحرير الشام لا مستقبل لها على الإطلاق في سوريا ولا تفاوض معها تماماً لذلك تحاول إيجاد بيدها أوراق ضغط لتدخل في تسوية محددة تنقذها من الحرب التي ستشن عليها عاجلاً وليس آجلاً.

وفي السياق ذاته يقول المحلل السياسي حسام نجار لـ "أنا برس": الفكر الإيديولوجي القتالي التي تتبناه الهيئة لا يعترف بشيء اسمه ديمقراطية شعبية أو حل سياسي أو انتقال سياسي بل يعتمد على رفع راية التوحيد دون غيرها حتى وإن كان هذا الفعل يخالف العمل السياسي والوصول لحل توافقي.

فعند انكفاء الفصائل إلى ادلب كما يرى النجار أصبح موضوع تحرير سوريا من العصابة الأسدية ومن معها من الميليشيات الطائفية صعباً جداً فكان لابد للهيئة أن تبحث لنفسها عن موطئ قدم على الأرض السورية فما وجدت إلا إدلب منطقة خصبة لها لوجود عناصر كثيرة من تلك المنطقة تنتمي للهيئة.

ويتابع النجار: الهيئة حاولت السيطرة بكل الطرق السلمية وغير السلمية على المنطقة لكن فشلت سلمياً لعدم تقبل الأهالي لفكرها وطريقة عملها، هذا يكمل ما حصل داخل الأحرار من اختلافات عملية بين تيارين متواجدين فيها، التيار المتشدد والذي كان يمثله ابو جابر الشيخ والتيار الهادئ المدرك للعملية السياسية الذي يمثله أبو عمار العمر.

وهذا ما أدى لتعديلات كثيرة جداً في قيادة الأحرار وبالتالي خروج أبو جابر الشيخ منها والعمل ضمن الهيئة بالفكر نفسه الذي يحمله وقد حاول جاهداً من خلال تواجده بالهيئة منع الاقتتال وكان عنصر توازن لكن خرجت السهم من القوس.

ويوضح النجار أن وضع ادلب في ظل سيطرة الهيئة على معظم مناطقها أنها على صفيح ساخن بما معناه أن الهيئة قد تحيلها إلى دمار أو أن تكون عامل استقرار بالطبع ينبع من تصرفات الهيئة وطريقة عملها والتوافق على قتالها من دول التحالف أو القبول بها بعد تغيير في ايديولوجيتها القتالية القاعدية

ويعتقد بأن المخطط الدولي للفدرلة في سوريا والذي جاء تحت مسمى مناطق نفوذ أو مناطق خفض التصعيد سيستخدم الهيئة كشماعة لبقاء الحرب أو القبول بما يسعى له.

وحول الدور التركي في ادلب يقول النجار أن الدور التركي دور حساس فهي قد أخذت ضمانات دولية بعدم وصول الأكراد لحدودها الجنوبية مقابل الموافقة على كنتون لهم، لكن النقطة الهامة جداً وهي سيطرة الهيئة على معبر باب الهوى فهذا يعني ضرورة التعامل التركي مع الهيئة أو اغلاق المعبر وبالتالي تصبح ادلب كغزة منطقة معزولة.